أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 226

جلسة 3 من فبراير سنة 1986

برياسة السيد المستشار: محمد حلمي راغب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن عمار نائب رئيس المحكمة ومحمد الصوفي ومسعد الساعي وأحمد سعفان.

(47)
الطعن رقم 2568 لسنة 55 القضائية

(1) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
- التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن بإجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه. شرط صحته؟
(2) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عبارة الاتجار في المخدر. مدلولها. حيازة المخدر بقصد الاتجار.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(3) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. عدم جواز إثارته أمام النقض.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
حسب المحكمة أن تورد من أقوال الشهود ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
(5) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إحراز المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع. بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها.
- مثال لتسبيب سائغ لتوافر قصد الاتجار في المخدر.
(6) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم. حق لمحكمة الموضوع لها أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق متهم وتطرح ما عداه في حق آخرين.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(7) مواد مخدرة. قانون "تفسيره". عقوبة "تطبيقها". ظروف مخففة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون.
العقوبة المقررة لإحراز المخدر بقصد الاتجار. هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه. المادة 34/ أ من القانون 182 لسنة 1960.
المادة 17 من قانون العقوبات تجيز إبدال العقوبات المقيدة للحرية فحسب في مواد الجنايات بعقوبة مقيدة للحرية أخف.
إغفال الحكم بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 34/ أ سالفة الذكر. خطأ في القانون.
1 - من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية أو الشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو حرمة مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة.
2 - من المقرر أن الاتجار في المخدر لا يعدو أن يكون حيازة مصحوبة بقصد الاتجار فهو في مدلوله القانوني ينطوي على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة منه، وكان التفسير الذي أخذت به محكمة الموضوع لما ورد بمحضر التحريات من أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة وانتهت فيه إلى أن تحريات الضابط دلت على أن الطاعن كان يحوز ويحرز المواد المخدرة ويقوم بتوزيعها وقت صدور الإذن بالتفتيش يتفق مع ما تحمله هذا العبارة ولا خروج فيه على ظاهر معناها. لما كان ذلك، وكان الواضح من مدونات الحكم أن الجريمة التي دان الطاعن بها كانت قد وقعت حين إصدار النيابة العامة إذنها بالقبض والتفتيش، وكان ما أورده الحكم من ذلك سائغاً وله سنده في أوراق الدعوى، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
3 - إن الادعاء بشيوع التهمة هو من الأمور الموضوعية التي لا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
5 - من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها.
6 - إن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود وأخذت بتصويرهم للواقعة بالنسبة للطاعن وحده دون المتهم الآخر، الذي قضت ببراءته، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، كما أن لها أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها أن تجزئها فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في صدد تعارض صور الواقعة وما أخذ به الحكم وما أطرح من أقوال شهود الإثبات واعتماده على الدليل المستمد منها في حق الطاعن وحده دون المتهم الآخر، لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
7 - لما كانت العقوبة المقررة لجريمة حيازة المخدر بقصد الاتجار - طبقاً لما تنص عليه الفقرة ( أ ) من المادة 34 سالفة البيان هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه... وكان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات جواز تبديل عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها، لما هو مقرر من أن تلك المادة إنما تجيز تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف منها - إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاة - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في الفقرة ( أ ) من المادة 34 سالفة الذكر بالإضافة إلى عقوبتي الأشغال الشاقة والمصادرة المقضى بهما، يكون قد خالف القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون، ما دام تصحيح الخطأ لا يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً؛ حشيشاً "في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأمرت بإحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمرها. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966 والبند 57 من الجدول رقم/ 1 الملحق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وبمصادرة المخدر المضبوط وألزمته المصاريف.
فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه:
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون. وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال وقصور وتناقض في التسبيب، ذلك بأن الحكم اطرح ما دفع به الطاعن من بطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبله تأسيساً على أن التحريات دلت على أن الطاعن يحوز ويحرز المواد المخدرة مع أن ذلك لا معين له في محضر التحريات، كما اسند الحكم إلى الطاعن حيازة المخدر المضبوط على الرغم من شيوع التهمة بينه وبين المتهم الآخر ودون أن يعني بالتدليل على انبساط سلطان الطاعن عليه وعلمه بكنهه ومع أن شاهد الإثبات الأول قرر بمحضر جلسة المحاكمة بأنه يقطع بوضع المخدر المضبوط بالسيارة بعد وصولها إلى مكان الضبط، فضلاً عن أن الحكم قد أحال في بيان أقوال شاهد الإثبات الثاني إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول برغم اختلاف أقوالهما، هذا إلى أن الحكم لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر قصد الاتجار في حق الطاعن، وأخيراً فقد اتخذ الحكم من خلو التحريات من اسم المتهم الآخر ورقم سيارته دليلاً على براءته في الوقت الذي استند فيه إلى هذه التحريات ذاتها كمسوغ لإصدار الإذن بتفتيش الطاعن ووسيلة انتقاله، كما استند الحكم في قضائه ببراءة المتهم الآخر - من بين ما استند إليه - إلى ما قرره شاهد الإثبات بمحضر جلسة المحاكمة من أنهما لا يقطعان بوجود المخدر المضبوط بالسيارة قبل وصولها إلى مكان الضبط ومع ذلك فقد أدان الطاعن بحيازة المخدر على سند من أقوال الشاهدين المذكورين. وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة حيازة المخدر بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال العقيد..... والمقدم..... ومن تقرير المعامل الكيماوية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، عرض للدفع ببطلان الإذن بالتفتيش لصدوره عن جريمة مستقبله ورد عليه في قوله "أما عن الدفع الثاني ببطلان إذن التفتيش الصادر من النيابة العامة بمقوله أنه بشأن جريمة مستقبله فإنه مردود بأن الثابت من محضر الاستدلالات التي جاء بها التحريات أن العقيد..... قد ضمن محضره أن تحرياته قد دلته على أن المتهم - الطاعن - يحوز ويحرز المواد المخدرة ويقوم فعلاً بتوزيعها وذلك يكفي لاعتبار أن الإذن قد صدر عن جريمة قائمة وحالة ولم يصدر بشأن جريمة مستقبلة ومن ثم يكون الدفع غير سديد ويتعين الالتفات عنه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية أو الشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو حرمة مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة، وكان من المقرر أيضاً أن الاتجار في المخدر لا يعدو أن يكون حيازة مصحوبة بقصد الاتجار فهو في مدلوله القانوني ينطوي على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة منها، وكان التفسير الذي أخذت به محكمة الموضوع لما ورد بمحضر التحريات من أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة وانتهت فيه إلى أن تحريات الضابط دلت على أن الطاعن كان يحوز ويحرز المواد المخدرة ويقوم بتوزيعها وقت صدور الإذن بالتفتيش يتفق مع ما تحمله هذا العبارة ولا خروج فيه على ظاهر معناها. لما كان ذلك، وكان الواضح من مدونات الحكم أن الجريمة التي دان الطاعن بها كانت قد وقعت حين إصدار النيابة العامة إذنها بالقبض والتفتيش، وكان ما أورده الحكم من ذلك سائغاً وله سنده في أوراق الدعوى، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت في محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر الدفع بشيوع التهمة بينه وبين المتهم الآخر، وكان الادعاء بشيوع التهمة هو من الأمور الموضوعية التي لا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط وعلمه بكنهه تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن ما نقله الحكم عن أقوال الشاهدين.... و.... له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادتهما، بل إن البين مما أورده الطاعن في أسباب طعنه نقلاً عن أقوالهما أنها تتفق - في جملتها - مع ما استند إليه الحكم منها، فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الثاني إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول، ولا يؤثر فيه أن يكون للشاهد الثاني قول آخر لا يتفق وأقوال الشاهد الأول - على فرض صحة ذلك - إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول فيما اتفقا فيه أنه لم يستند في قضائه إلى تلك الأقوال المغايرة للشاهد الثاني، وطالما أن من حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمه على ما ينتجها، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الاتجار في قوله "وحيث إنه عن القصد من الإحراز فإن المحكمة ترى أنه إذ كانت التحريات قد دلت على أن المتهم - الطاعن - يتجر في المواد المخدرة وكانت الكمية التي ضبطت معه تزن 11.510 كيلو جرام من الحشيش فإنه لا شك في أن قصد المتهم في إحرازه لهذه الكمية تقطع في يقين المحكمة أنه يتجر فيها"، وكانت المحكمة قد اقتنعت - في حدود سلطتها في تقدير الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي - أن حيازة الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار، فإن ما يثيره الطاعن من القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال لا يكون سديداً، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود وأخذت بتصويرهم للواقعة بالنسبة للطاعن وحده دون المتهم الآخر، الذي قضت ببراءته.، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، كما أن لها أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها أن تجزئها فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في صدد تعارض صور الواقعة وما أخذ به الحكم وما أطرح من أقوال شهود الإثبات واعتماده على الدليل المستمد منها في حق الطاعن وحده دون المتهم الآخر، لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانيا:ً عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أغفل القضاء بالغرامة المنصوص عليها في الفقرة ( أ ) من المادة 34 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966، مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد أدلة ثبوتها في حق المطعون ضده انتهى إلى عقابه طبقاً للمواد 1/ 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 57 من الجدول رقم (1) المحلق ثم أوقع عليه عقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وبمصادرة المخدر المضبوط بالتطبيق للمادة 17 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لجريمة حيازة المخدر بقصد الاتجار - طبقاً لما تنص عليه الفقرة ( أ ) من المادة 34 سالفة البيان هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه... وكان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات جواز تبديل عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها، لما هو مقرر من أن تلك المادة إنما تجيز تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف منها - إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاة - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في الفقرة ( أ ) من المادة 34 سالفة الذكر بالإضافة إلى عقوبتي الأشغال الشاقة والمصادرة المقضى بهما، يكون قد خالف القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون، ما دام تصحيح الخطأ لا يقتضي التعرض لموضوع الدعوى..