أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 235

جلسة 3 من فبراير سنة 1986

برياسة السيد المستشار: محمد حلمي راغب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مسعد الساعي وأحمد سعفان والصاوي يوسف وعادل عبد الحميد.

(48)
الطعن رقم 5152 لسنة 55 القضائية

دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم. قوة الأمر المقضي. إثبات "قرائن قانونية". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
استنفاد المحكمة ولايتها بالحكم في الموضوع. أثره: عدم جواز إعادة نظر الدعوى إلا بالطعن في الحكم وفقاً للقانون.
حكم القضاء. عنوان الحقيقة. مؤدى ذلك: عدم جواز طرح الدعوى المحكوم فيها. عن ذات الفعل وضد ذات المحكوم عليه من جديد. مخالفة ذلك. خطأ في القانون.
لما كان من المقرر أنه متى أصدرت المحكمة حكمها في الدعوى فلا تملك إعادة نظرها إلا بالطعن فيه بالطرق المقررة في القانون على ما سجلته الفقرة الأخيرة من المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية، لأن حكم القضاء هو عنوان الحقيقة بل هو أقوى من الحقيقة ذاتها، ومتى كان الأمر كذلك فما كان يجوز طرح عنوان الدعوى من جديد أمام القضاء عن ذات الفعل وضد ذات المحكوم عليه. ومن ثم فإن المحكمة إذ عادت إلى نظر الدعوى وفصلت في موضوع الاستئناف من جديد بالنسبة للمطعون ضده بعد أن زالت ولايتها بإصدار حكمها الأول، يكون حكمها المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده...... بأنه أحدث عمداً بـ...... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت عقابه بالمواد 242/ 1، 3 عقوبات 1، 15 من القانون 30 لسنة 1974، ومحكمة أحداث...... قضت غيابياً بحبس المتهم شهراً مع الشغل في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ والمصاريف الجنائية فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم كما عارض المحكوم عليه وقضى في معارضته باعتبار المعارضة كأن لم تكن. ومحكمة...... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت في استئناف النيابة للحكم الغيابي..... بقبوله شكلاً وفي الموضوع بوضع المطعون ضده إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية لمدة شهر وإلغاء ما قضى به الحكم المستأنف من إلزامه بالمصاريف الجنائية كما استأنف المحكوم عليه الحكم الصادر في معارضته ومحكمة...... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً..... بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بوضع الحدث لمدة ثلاثة أشهر في مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ تصدى للفصل في موضوع الاستئناف المقام من المطعون ضده عن الحكم الصادر في الجنحة رقم 45 لسنة 1983 أحداث دار السلام قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه سبق أن فصلت المحكمة في استئناف النيابة العامة للحكم الصادر في ذات الدعوى وحاز حكمها لقوة الأمر المقضي، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الأوراق والمفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن محكمة أول درجة قضت غيابياً بإدانة المتهم - المطعون ضده - بجريمة الضرب وعاقبته من أجلها بالحبس مع الشغل لمدة شهر في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية وألزمته المصاريف الجنائية. فعارض هو في هذا الحكم، كما استأنفته النيابة العامة. وبجلسة 15 من يناير سنة 1984 قضى في معارضة المطعون ضده باعتبارها كأن لم تكن فاستأنف هذا الحكم. وإذ نظر استئناف النيابة العامة بجلسة 6 من مايو سنة 1984 أمام محكمة سوهاج الابتدائية قضت حضورياً بقبوله شكلاً وفي الموضوع بوضع المطعون ضده إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية لمدة شهر وإلغاء ما قضى به الحكم المستأنف من إلزامه بالمصاريف الجنائية. أما استئناف المطعون ضده فقد حدد لنظره جلسة 22 من إبريل سنة 1985 وفيه قضت محكمة سوهاج الابتدائية حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بوضع المطعون ضده لمدة ثلاثة أشهر في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية وأشارت في أسباب حكمها أنه لم يثبت لها أنه سبق أن فصل في الاستئناف المقام من النيابة العامة عن الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة على هذا الحكم الأخير بطريق النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الاستئنافية قد استنفدت ولايتها على الدعوى بعد أن قضت بحكمها السابق الصادر بتاريخ 6 من مايو سنة 1984 في موضوع استئناف النيابة بالنسبة للمطعون ضده بتعديل الحكم المستأنف إلى وضع المطعون ضده إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية مع إلغاء ما قضى به الحكم المستأنف من إلزامه بالمصاريف الجنائية، فما كان يصح لها من بعد عند تقديم القضية إليها لنظر استئناف المطعون ضده أن تعاود نظر استئنافه وكذلك استئناف النيابة العامة وتقضي في موضوعها، لزوال ولايتها. ذلك بأنه من المقرر أنه متى أصدرت المحكمة حكمها في الدعوى فلا تملك إعادة نظرها إلا بالطعن فيه بالطرق المقررة في القانون على ما سجلته الفقرة الأخيرة من المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية، لأن حكم القضاء هو عنوان الحقيقة بل هو أقوى من الحقيقة ذاتها، ومتى كان الأمر كذلك فما كان يجوز طرح الدعوى من جديد أمام القضاء عن ذات الفعل وضد ذات المحكوم عليه. ومن ثم فإن المحكمة إذ عادت إلى نظر الدعوى وفصلت في موضوع الاستئناف من جديد بالنسبة للمطعون ضده بعد أن زالت ولايتها بإصدار حكمها الأول، يكون حكمها المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه - وفقاً للمادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بالحكم بمقتضى القانون بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.