أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 239

جلسة 5 من فبراير سنة 1986

برياسة السيد المستشار: إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي نواب رئيس المحكمة وفتحي خليفة وسري صيام.

(49)
الطعن رقم 5058 لسنة 55 القضائية

(1) نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من أحكام". استئناف.
قصر الطعن بالنقض على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح.
صيرورة الحكم نهائياً وباتاً بقبوله ممن صدر عليه أو بتفويته على نفسه ميعاد استئنافه. أثره: عدم جواز الطعن فيه بالنقض. علة ذلك؟
(2) نيابة عامة. نقض "المصلحة في الطعن. والصفة فيه". طعن "الصفة في الطعن".
النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة. خصم عادل. تمثل الصالح العام وتسعى لتحقيق موجبات القانون ومصلحة المجتمع التي توجب أن تكون الإجراءات في كل مراحل الدعوى الجنائية صحيحة وأن تبنى الأحكام على تطبيق قانوني صحيح.
انتفاء مصلحة النيابة العامة والمحكوم عليه في الطعن. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(3) نيابة عامة. نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من أحكام". طعن.
عدم جواز طعن النيابة العامة في الأحكام لمصلحة القانون. علة ذلك؟
(4) عقوبة. استئناف. نقض "المصلحة في الطعن". محكمة أمن الدولة. طوارئ.
عدم جواز أن يضار المتهم باستئنافه.
انعدام مصلحة المتهم في محاكمته أمام محكمة أمن الدولة طوارئ. أثره؟
مثال.
1- حق الطعن بطريق النقض من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعى بها مقصور، على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح، دون غيرها، ومتى صار الحكم نهائياً وباتاً بقبوله ممن صدر عليه أو بتفويته على نفسه استئنافه في الميعاد، فقد حاز قوة الأمر المقضي ولم يجز الطعن فيه بطريق النقض، والعلة من ذلك أن النقض ليس طريقاً عادياً للطعن في الأحكام، وإنما هو طريق استثنائي لم يجزه الشارع إلا بشروط محددة، بغية تدارك خطأ الأحكام النهائية، في القانون، فإذا كان الخصم قد أوصد على نفسه باب الاستئناف - وهو طريق طعن عادي - حيث كان يسعه استدراك ما شاب الحكم نفسه من خطأ في الواقع أو القانون، لم يجز له من بعد أن ينهج سبيل الطعن بالنقض وإذ كان ذلك، وكانت النيابة العامة لم تستأنف الحكم الصادر من محكمة أول درجة فلا يجوز لها من بعد أن تطعن عليه بطريق النقض.
2- من المقرر أن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص إذ تمثل الصالح العام وتسعى في تحقيق موجبات القانون وفي تحقيق مصلحة المجتمع التي تقتضي أن تكون الإجراءات في كل مراحل الدعوى الجنائية صحيحة وأن تبنى الأحكام فيها على تطبيق قانوني صحيح خال مما يشوبه من الخطأ والبطلان، لأنها تتقيد في كل ذلك بقيد المصلحة، بحيث إذا لم يكن لها كسلطة اتهام ولا للمحكوم عليه مصلحة في الطعن، فإن طعنها لا يقبل عملاً بالمبادئ العامة المتفق عليها، من أن المصلحة أساس الدعوى فإن انعدمت فلا دعوى.
3- من المقرر أنه لا يجوز للنيابة العامة أن تطعن في الأحكام لمصلحة القانون، لأنه عندئذ تكون مصلحتها وطعنها تبعاً لذلك مسألة نظرية بحته لا يؤبه لها.
4- لما كانت النيابة، كسلطة اتهام قد قبلت الحكم فحاز قوة الأمر المقضي بالنسبة لها ولم يجز لها الطعن فيه بهذه الصفة، فإنها كذلك لا تنتصب عن المتهم في صورة الدعوى، لأنه لا مصلحة له في أن يحاكم أمام محكمة أمن الدولة المشكلة وفقاً لقانون الطوارئ لأن في ذلك إساءة إلى مركز المتهم (المطعون ضده) الذي لا يصح أن يضار بالاستئناف المرفوع منه وحده، على ما تنص بذلك المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية ذلك بأن مصلحته تستوجب - في صورة الدعوى - أن يحاكم أمام المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة في نظر كافة الجرائم والدعاوى - إلا ما استثنى بنص خاص - لأن الشارع وقد أحاط هذه المحاكم بضمانات، متمثلة في تشكيلها من عناصر قضائية صرف، ومن تعدد درجاتها، ومن ألحق في الطعن في أحكامها بطريق النقض متى توافرت شروطه، ولا تتوافر الضمانات تلك في قضاء الطوارئ، فإنه لا مراء في انعدام مصلحة المتهم في الطعن الماثل، وبالتالي انعدام صفة النيابة العامة في الانتصاب عنه في طعنها، وما دامت لم تنع على الحكم قضاءه بالإدانة لصالح المتهم ذاك، ومن ثم فإن طعن النيابة يكون قائماً على مجرد مصلحة نظرية صرف لا يؤبه لها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: ضبط حاملاً (مدية) بالطريق العام بدون إذن من السلطة المختصة. وطلبت عقابه بالمادة 25 مكرراً من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981. ومحكمة جنح الساحل الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر وكفالة عشرة جنيهات وتغريمه خمسين جنيهاً والمصادرة. استأنف المحكوم عليه - ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه، أنه خالف القانون، ذلك لأن الاختصاص بنظر الدعوى معقود لمحاكم أمن الدولة المشكلة وفقاً لقانون الطوارئ ومن ثم كان يتعين على محكمتي أول وثاني درجة القضاء من تلقاء نفسيهما بذلك وإذ عرضتا لموضوع الدعوى، فإن الحكم يكون باطلاً بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن النيابة العامة لم تطعن بالاستئناف في الحكم الصادر من محكمة أول درجة، وكان المتهم هو المستأنف الوحيد له. لما كان ذلك وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959، قد قصرت حق الطعن بطريق النقض من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعى بها مقصور، على الأحكام النهائية من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح، دون غيرها، متى صار الحكم نهائياً وباتاً بقبوله ممن صدر عليه أو بتفويته على نفسه استئنافه في الميعاد، فقد حاز قوة الأمر المقضي ولم يجز الطعن فيه بطريق النقض، والعلة من ذلك أن النقض ليس طريقاً عادياً للطعن في الأحكام، وإنما هو طريق استثنائي لم يجزه الشارع إلا بشروط محددة، بغية تدارك خطأ الأحكام النهائية، في القانون، فإذا كان الخصم قد أوصد على نفسه باب الاستئناف - وهو طريق طعن عادي - حيث كان يسعه استدراك ما شاب الحكم نفسه من خطأ في الواقع أو القانون، لم يجز له من بعد أن ينهج سبيل الطعن بالنقض وإذ كان ذلك، وكانت النيابة العامة لم تستأنف الحكم الصادر من محكمة أول درجة فلا يجوز لها من بعد أن تطعن عليه بطريق النقض، ولا يقدح في ذلك، ما هو مقرر من أن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص إذ تمثل الصالح العام وتسعى في تحقيق موجبات القانون وفي تحقيق مصلحة المجتمع التي تقتضي أن تكون الإجراءات في كل مراحل الدعوى الجنائية صحيحة وأن تبنى الأحكام فيها على تطبيق قانوني صحيح خال مما يشوبه من الخطأ والبطلان، لأنها تتقيد في كل ذلك بقيد المصلحة، بحيث إذا لم يكن لها كسلطة اتهام ولا للمحكوم عليه مصلحة في الطعن، فإن طعنها لا يقبل عملاً بالمبادئ العامة المتفق عليها، من أن المصلحة أساس الدعوى فإن انعدمت فلا دعوى. ومن ثم فلا يجوز للنيابة العامة أن تطعن في الأحكام لمصلحة القانون، لأنه عندئذ تكون مصلحتها وطعنها تبعاً لذلك مسألة نظرية بحته لا يؤبه لها، لما كان ذلك، وكانت النيابة، كسلطة اتهام قد قبلت الحكم فحاز قوة الأمر المقضي بالنسبة لها، ولم يجز لها الطعن فيه بهذه الصفة، فإنها كذلك لا تنتصب عن المتهم في صورة الدعوى، لأنه لا مصلحة له في أن يحاكم أمام محكمة أمن الدولة المشكلة وفقاً لقانون الطوارئ لأن في ذلك إساءة إلى مركز المتهم (المطعون ضده) الذي لا يصح أن يضار بالاستئناف المرفوع منه وحده، على ما تنص بذلك المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية ذلك بأن مصلحته تستوجب - في صورة الدعوى - أن يحاكم أمام المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة في نظر كافة الجرائم والدعاوى - إلا ما استثنى بنص خاص - لأن الشارع وقد أحاط هذه المحاكم بضمانات، متمثلة في تشكيلها من عناصر قضائية صرف، ومن تعدد درجاتها، ومن الحق في الطعن في أحكامها بطريق النقض متى توافرت شروطه، ولا تتوافر الضمانات تلك في قضاء الطوارئ، فإنه لا مراء في انعدام مصلحة المتهم في الطعن الماثل، وبالتالي انعدام صفة النيابة العامة في الانتصاب عنه في طعنها، وما دامت لم تنع على الحكم قضاءه بالإدانة لصالح المتهم ذاك، ومن ثم فإن طعن النيابة يكون قائماً على مجرد مصلحة نظرية صرف لا يؤبه لها.