أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 252

جلسة 6 من فبراير سنة 1986

برياسة السيد المستشار: أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مصطفى طاهر ومحمد زايد وصلاح البرجي وحسن عشيش.

(52)
الطعن رقم 5543 لسنة 55 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة. حق لمحكمة الموضوع.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها إغفالها لبعض الوقائع. مفاده اطراحها لها.
(3) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة موضوعي. الرد عليه صراحة. غير لازم.
(4) جريمة "أركان الجريمة". هتك عرض. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ركن القوة في جناية هتك العرض. توافره طالما وقع بغير رضاء المجني عليها. تقديم الطاعن للمجني عليها شراباً أفقدها وعيها. يتحقق به هذا الركن.
(5) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
1 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
2 - لما كان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله الوقائع التي أشار إليها بأسباب طعنه، وهي بعد وقائع ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها.
3 - من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
4 - من المقرر أن ركن القوة في جناية هتك العرض يتوافر كلما كان الفعل المكون لها قد وقع بغير رضاء من المجني عليها سواء باستعمال المتهم في سبيل تنفيذ مقصده من وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك مما يؤثر في المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها عن المقاومة وللمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه. وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أخذاً بأقوال المجني عليها التي اطمأن إليها أن الطاعن قدم لها شراباً ولما احتسته غابت عن الوعي وبعد إفاقتها وجدت نفسها عارية وقد أمسك بها الطاعن بعد أن جردها من ملابسها فإن هذا الذي أورده الحكم كاف لإثبات توافر جريمة هتك العرض بالقوة بأركانها بما فيها ركن القوة.
5 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخر (توفى إلى رحمة الله) بأنهما: أولاً: هتكا عرض........ بالقوة وذلك بأن قدم لها الأول (الطاعن) شراباً من مادة مخدرة أفقدتها الوعي ثم قام والمتهم الثاني بتجريدها من ملابسها عنوة حتى صارت عارية تماماً فقام المتهم الثاني بالتقاط صورة فوتوغرافية لها. ثانياً: ارتكبا في غير علانية أمراً مخلاً بالحياء مع المجني عليها سالفة الذكر على النحو المبين بالوصف أولاً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 268/ 1، 278، 279 عقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون. أولاً: بمعاقبة...... (الطاعن) بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما أسند إليه. ثانياً: بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم..... لوفاته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي هتك عرض بالقوة وارتكابه في غير علانية أمراً مخلاً بالحياء مع المجني عليها قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب ذلك بأنه أستدل على توافر الركن المادي لجريمة هتك العرض بالقوة من قول المجني عليها بأن الطاعن سبق له أن طلب منها مواقعتها ووجودها بمحله ليلة إبلاغها بالحادث واحتفاظها ببعض ملابسه وهو ما لا يؤدي عقلاً إلى صحة الاتهام وقد أغفل الحكم ما قررته المجني عليها أنها هي التي توجهت إلى محل الطاعن بمحض اختيارها لمطالبته بدين لها وأنها كانت في حالة غيبوبة أثناء الحادث نتيجة تناولها السائل المخدر الذي قدمه الطاعن لها وهو ما يتنافى مع حدوث إصابات بها أثبتها الطبيب الشرعي بما يحتمل معه أن تكون الواقعة ملفقة، كما لم يعرض لما أثبته تقرير التحليل من أنه لا يوجد سائل منوي بالمجني عليها، هذا وقد جاء الحكم خلواً من بيان الواقعة بياناً كافياً والأدلة على صحة الاتهام وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها والشاهد....... وما جاء بالتقرير الطبي الشرعي وتقرير المعمل الجنائي "قسم أبحاث التزييف والتزوير" وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها. وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال المجني عليها وسائر الأدلة التي أشارت إليها في حكمها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن نعي الطاعن على المحكمة في هذا الشأن يكون في غير محله إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً كما هو الحال في الدعوى المطروحة فلا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد ساقت من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها ما يكفي لحمل قضائها، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله الوقائع التي أشار إليها بأسباب طعنه، وهي بعد وقائع ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها لما كان ذلك. وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ركن القوة في جناية هتك العرض يتوافر كلما كان الفعل المكون لها قد وقع بغير رضاء من المجني عليها سواء باستعمال المتهم في سبيل تنفيذ مقصده من وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك مما يؤثر في المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها عن المقاومة وللمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه. وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أخذاً بأقوال المجني عليها التي أطمأن إليها أن الطاعن قدم لها شراباً ولما احتسته غابت عن الوعي وبعد أفاقتها وجدت نفسها عارية وقد أمسك بها الطاعن بعد أن جردها من ملابسها فإن هذا الذي أورده الحكم كاف لإثبات توافر جريمة هتك العرض بالقوة بأركانها بما فيها ركن القوة، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون. ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.