مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1955 إلى آخر يناير سنة 1956) - صـ 3

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وبحضور السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

(1)
القضية رقم 5 لسنة 1 القضائية

قواعد الإنصاف - الدرجات الاعتبارية والأقدميات المقررة بمقتضاها - تنتج آثارها القانونية سواء في الترقية إلى الدرجات التالية أو في حساب فترات العلاوات أياً كان نوعها - التقيد بهذا الأصل عند حساب مدة الثلاثين عاماً التي تستحق بها العلاوة الصادرة بقرار مجلس الوزراء في 25 من يونيه سنة 1950.
يبين من استقراء قرارات مجلس الوزراء الصادرة بالإنصاف أنها قد اعتبرت المنصفين من الموظفين ذوي المؤهلات في درجات معينة تناسب مؤهلاتهم وحددت أقدمياتهم في هذه الدرجات من تاريخ دخولهم الخدمة أو حصولهم على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً، ورتبت على هذه الدرجات الاعتبارية وأقدمياتهم فيها آثارها القانونية، سواء في الترقية إلى الدرجة التالية أو في حساب فترات العلاوات أياً كان نوعها وأياً كانت كيفية تعيينهم. ومن ثم فلا وجه لحرمان المتظلم من علاوة الثلاثين سنة المستحقة له وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من يونيه سنة 1950؛ بذريعة أن أقدميته الاعتبارية مصدرها قواعد الإنصاف وهي قواعد موقوتة الأثر لم يقصد بها إلا تسوية حالات الموظفين المستوفين لشرائطها في تاريخ معين ينتهي بعده تطبيقها.


إجراءات الطعن

في 6 من شهر يونيه سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة الإدارية العليا طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "هيئة ثالثة" بجلسة 7 من إبريل سنة 1955 في الطعن رقم 4524 لسنة 8 ق المرفوع من وزارة التربية والتعليم في القرار الصادر من اللجنة القضائية الثالثة لوزارة التربية والتعليم بجلستها المنعقدة في 26 من أكتوبر سنة 1953 وقد قضى هذا الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة المذكورة القاضي "باستحقاق المتظلم السيد/ محمد السيد فرج الله علاوة الثلاثين سنة تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من يونيه سنة 1950، وبرفض طلبات المطعون ضده وإلزامه بالمصروفات" وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب المبينة بصحيفة الطعن: "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء باستحقاق المتظلم علاوة الثلاثين سنة وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من يونيه 1950 مع إلزام وزارة التربية والتعليم بالمصروفات" - وقد أعلن الطعن إلى وزارة التربية والتعليم في 14 من يونيه سنة 1955 وإلى المتظلم في 19 من هذا الشهر - ثم قدم رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا التاريخ مذكرة أصر فيها على طلباته سالفة الذكر. وقد عينت لنظر الطعن جلسة 15 من أكتوبر سنة 1955 وفيها سمعت إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما يستفاد من أوراق الطعن تتحصل في أن السيد/ محمد السيد فرج الله قدم في 30 من مايو سنة 1953 إلى اللجنة القضائية الثالثة لوزارة التربية والتعليم التظلم رقم 9572 لسنة 1 القضائية طالباً منحه علاوة الثلاثين سنة وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من يونيه سنة 1950. وقال بياناً لتظلمه إنه أمضى ثلاثين عاماً في الدرجتين الثامنة والسابعة؛ إذ حسبت أقدميته في الدرجة الثامنة منذ بدء التحاقه بالخدمة في 19 من فبراير سنة 1919 تطبيقاً لقواعد الإنصاف لحصوله سنة 1918، أي قبل التحاقه بالخدمة، على شهادة كفاءة التعليم الأولى التي قدرت لها هذه القواعد الدرجة الثامنة - وفي أول يوليه سنة 1943 رقي إلى الدرجة السابعة تطبيقاً لقواعد إنصاف المنسيين - ثم رقي إلى الدرجة السادسة ترقية اسمية في أول نوفمبر سنة 1950 وترقية فعلية في أول ديسمبر من هذا العام - وقد نقل إلى وزارة التربية والتعليم في 28 من فبراير سنة 1951 تنفيذاً للقانون رقم 108 لسنة 1950 بنقل اختصاص مجالس المديريات بشئون التعليم الأولى إلى وزارة المعارف.
لم تقدم الحكومة دفاعاً أو رداً على التظلم فقررت اللجنة في 26 من أكتوبر سنة 1953 استحقاقه علاوة الثلاثين سنة تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من يونيه سنة 1950؛ وذلك استناداً إلى ما تبين لها من الأوراق من أن المتظلم قد أمضى في الدرجتين الثامنة والسابعة في الفترة من أول يوليه سنة 1943 إلى 25 من يونيه سنة 1950 أكثر من ثلاثين سنة إذا أنه لم يمنح الدرجة السادسة إلا في أول نوفمبر سنة 1950.
طعنت وزارة التربية والتعليم في هذا القرار بصحيفة أودعتها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 24 من فبراير سنة 1954 طالبة إلغاءه وإلزام المتظلم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقيد الطعن برقم 4524 لسنة 8 قضائية، وقد بنت طعنها على أن المتظلم لم يستوف شرط استحقاق علاوة الثلاثين عاماً وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 25 يونيه سنة 1950؛ ذلك لأنه التحق بخدمة مجلس مديرية القليوبية معلماً براتب مقداره جنيهان شهرياً، فلما صدر كادر سنة 1923 لموظفي مجالس المديريات وضع المتظلم في الدرجة الثامنة من 3.500 مجـ إلى 8 ج براتب شهري مقداره أربعة جنيهات وذلك اعتباراً من أول إبريل سنة 1923، ولما كانت فترة الثلاثين عاماً لم تنقض منذ هذا التاريخ حتى صدور قرار مجلس الوزراء في 25 من يونيه سنة 1950 فإنه لا يستحق علاوة الثلاثين سنة التي نص هذا القرار على منحها لكل موظف من الدرجة الخامسة فأقل أتم في درجتين متتاليتين بعد 30 من يونيه سنة 1943 علاوة من علاوات درجته. وفي 7 من إبريل سنة 1955 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وبرفض طلبات المطعون ضده وإلزامه بالمصروفات، وبنت حكمها على أنه: "ليس من أثر الأقدميات الرجعية أن يستفيد الموظف من القواعد الواردة في قواعد الإنصاف الموقوتة الأثر والتي قصد بها تسوية حالات الموظفين المستوفين لشرائطها في تاريخ معين ينتهي بعده تطبيقها، ولما كان المطعون ضده لم يعين في الدرجة الثامنة المخفضة إلا في أول إبريل سنة 1923 وقد انتفع بعلاوة مبدأ مربوط درجته في كادر سنة 1923 بمنحه أربعة جنيهات بدلاً من ثلاثة فإن شرائط قرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من يونيه سنة 1950 لا تتوافر فيه إذ لم يمض ثلاثين سنة في الدرجتين الثامنة والسابعة من أول إبريل سنة 1923 حتى 25 من يونيه سنة 1950".
ومن حيث إن مبنى الطعن أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من يونيه سنة 1950 في شأن علاوة الثلاثين عاماً لم يحظر أن تكون الأقدمية في الدرجتين، إحداهما أو كلتيهما، رجعية أو اعتبارية، ولم يشترط أن تكون الأقدمية حقيقية أو فعلية، وهذا القرار مستقل عن قواعد الإنصاف وقد صدر تيسيراً على الموظفين، ولما كانت أقدمية المتظلم في الدرجة الثامنة رجعت إلى تاريخ التحاقه بالخدمة في فبراير سنة 1919 على أساس حصوله على شهادة كفاءة التعليم الأولى قبل هذا التاريخ، كما أنه حصل على الدرجة السابعة في أول يوليه سنة 1943 ولم يرق إلى الدرجة السادسة إلا في أول نوفمبر سنة 1950 فإنه يكون قد استوفى الشروط التي شرطها قرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من يونيه سنة 1950 لاستحقاق علاوة الثلاثين عاماً، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء قرار اللجنة القضائية مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من يونيه سنة 1950 يقضي بمنح كل موظف أو مستخدم من الدرجة الخامسة فأقل أتم ثلاثين سنة في درجتين متتاليتين بعد 30 من يونيه سنة 1943 علاوة من علاوات درجته ولو تجاوز بها نهاية مربوط درجته.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 بإنصاف ذوي المؤهلات من الموظفين طبقاً للقواعد التنظيمية التي رسمها، قدر للمؤهلات الواردة به درجات ورواتب محددة أوجب منحها للحاصلين عليها كما أرجع أقدمياتهم في هذه الدرجات إلى تاريخ التحاقهم بالخدمة أو تاريخ حصولهم على المؤهلات أيهما أقرب تاريخاً، وقضى بتسوية حالاتهم برفع رواتبهم عن طريق علاوات دورية منتظمة تحسب مواعيدها ابتداء من هذا التاريخ. وقد كانت شهادة الدراسة الثانوية قسم أول "كفاءة" بين المؤهلات التي تناولها القرار فقدر لها الدرجة الثامنة براتب شهري مقداره ستة جنيهات، كما عهد إلى وزيري المعارف والمالية تقدير معادلات تلك المؤهلات على أن يقرها المجلس. وبناء على ذلك صدرت قرارات عدة منها القرار الصادر في 29 من أغسطس سنة 1944 الذي صدر بتنفيذه كتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 1/ 302 في 6 من سبتمبر سنة 1944 وقد تضمن فيما تضمنه تقدير شهادة كفاءة التعليم الأولى واعتبرها معادلة لشهادة الدراسة الثانوية قسم أول "كفاءة" المقدر لها الدرجة الثامنة براتب شهري مقداره ستة جنيهات "على أن تحسب أقدمية الحاصلين عليها قبل تاريخ التحاقهم بالخدمة من هذا التاريخ حتى ولو كان تعيينهم ابتداء في وظائف خارجة عن هيئة العمال أو باليومية أو بمكافأة أو بمربوط ثابت - وتسوى حالاتهم على أساس افتراض تعيينهم ابتداء بالراتب المذكور ثم زيد بمقدار خمسمائة مليم كل سنتين "مع مراعاة مايو" إلى أن بلغ الراتب عشرة جنيهات ثم منحوا بعد ذلك العلاوات التي كانت مقررة في كل عهد مع مراعاة أن تكون فئة العلاوة في جميع مراحل التسوية 500 مليم وتكون التسوية من تاريخ الحصول على الشهادة بالنسبة إلى من حصلوا عليها أثناء الخدمة" كما جاء بهذا الكتاب "أن حملة شهادة الدراسة الثانوية بقسميها الأول والثاني وما يعادلهما الذين حصلوا على الدرجة الثامنة فعلاً قبل 30 من يناير سنة 1944 ورجعت أقدمياتهم في هذه الدرجة بمقتضى قواعد الإنصاف إلى تاريخ سابق بخمس عشرة سنة على أول يوليه سنة 1943 يعاملون كمنسيين ويمنحون الدرجة السابعة الشخصية من هذا التاريخ وتصرف لهم علاوة الترقية من هذا التاريخ أيضاً". وقد تضمن الكتاب أحكاماً مماثلة بالنسبة إلى حملة المؤهلات الأخرى ومعادلاتها التي بينتها الكشوف الملحقة به.
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن قرارات مجلس الوزراء المشار إليها قد اعتبرت المنصفين من الموظفين ذوي المؤهلات في درجات معينة تناسب مؤهلاتهم وحددت أقدمياتهم في هذه الدرجات من تاريخ دخولهم الخدمة أو حصولهم على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً، ورتبت على هذه الدرجات الاعتبارية وأقدمياتهم فيها آثارها القانونية سواء في الترقية إلى الدرجة التالية أو في حساب فترات العلاوات أياً كان نوعها وأياً كانت كيفية تعيينهم أو كما جاء بالقرارات: "حتى ولو كان تعيينهم ابتداء في وظائف خارجة عن هيئة العمال أو باليومية أو بمكافأة أو بمربوط ثابت".
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم وبالتطبيق للقرارات سالفة الذكر يكون المتظلم قد استوفى مدة الثلاثين عاماً في الدرجتين الثامنة والسابعة باعتبار أقدميته في الدرجة الثامنة من تاريخ تعيينه معلماً بمجلس مديرية القليوبية في 19 من فبراير سنة 1919 وفي الدرجة السابعة من أول يوليه سنة 1943، وإذ لم يرق إلى الدرجة السادسة إلا في أول نوفمبر سنة 1950 فمن ثم يكون مستحقاً علاوة الثلاثين عاماً وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من يونيه سنة 1950، ويكون الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المتظلم (محمد السيد فرج الله) علاوة الثلاثين سنة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من يونيه سنة 1950، وبإلزام الحكومة بالمصروفات.