أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 455

جلسة 26 من مارس سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة، أحمد نصر الجندي، د. محمد بهاء الدين باشات ومحمد خيري الجندي.

(101)
الطعن رقم 681 لسنة 54 القضائية

(1) حيازة. تقادم "انقطاع التقادم".
مدة السنة اللازمة لرفع دعوى الحيازة. مدة تقادم. مؤدى ذلك. سريان قواعد وقف وانقطاع التقادم المسقط عليها.
(2) نقض "السبب الجديد". نظام عام. تقادم. دفوع.
الدفع بالتقادم. عدم تعلقه بالنظام العام. وجوب التمسك به أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) عقد "العقد الإداري". اختصاص "الاختصاص الولائي".
العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد. اعتبارها عقوداً إدارية. شرطه.
(4) ملكية "اكتساب الملكية بالتقادم". حيازة. محكمة الموضوع.
وضع اليد. واقعة مادية. جواز إثباتها بكافة الطرق من أي مصدر يستقي القاضي منه الدليل.
1 - مدة السنة المعينة لرفع دعوى الحيازة - هي مدة تقادم خاص تسري عليه قواعد الوقف والانقطاع التي تسري على التقادم المسقط العادي.
2 - إذ كان التقادم لا يتعلق بالنظام العام ويجب التمسك به أمام محكمة الموضوع فإن ما أثاره الطاعن بسبب النعي من انقضاء حق المطعون ضدها الأولى في رفع الدعوى لمضي أكثر من سنة من تاريخ سلب الحيازة - يكون دفاعاً جديداً لم يسبق له التمسك به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد لا تعتبر عقوداً إدارية إلا إذا تعلقت بتسيير مرفق عام وأظهرت الإدارة نيتها في الأخذ في شأنها بأسلوب القانون العام بأن تضمن عقدها شروطاً استثنائية وغير مألوفة تنأى بها عن أسلوب القانون الخاص أو تحيل فيها الإدارة على اللوائح الخاصة بها.
4 - وضع اليد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة الطرق من أي مصدر يستقي القاضي منه دليله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 4209 سنة 1977 مدني كلي الزقازيق على المرحوم...... "مورث الطاعن وباقي المطعون ضدهم" بطلب الحكم بكف منازعته لها في مساحة 1 سهم، 20 قيراط، 1 فدان أرضاً زراعية مبينة بالصحيفة وعدم تعرضه لها فيها، وقالت بياناً لها أنها تضع اليد على هذه الأرض بنية التملك وقد تعرض لها المورث المذكور بأن وضع يده عليها بالقوة بتاريخ 29/ 10/ 1974 وحرر في شأن ذلك الشكوى رقم 2749 سنة 1974 إداري أبو كبير، ثم عدلت المطعون ضدها الأولى طلباتها إلى طلب الحكم برد حيازتها للمساحة سالفة البيان ومنع تعرض الطاعن وباقي المطعون ضدهم لها فيها - ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 30/ 5/ 1983 برد حيازة مساحة 5 أسهم، 22 قيراط إلى المطعون ضدها الأولى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة - مأمورية الزقازيق - بالاستئناف رقم 404 سنة 26 ق طالباً إلغاءه ورفض الدعوى - بتاريخ 6/ 2/ 1984 قضت المحكمة بالتأييد - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. أودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيانه يقول أن المطعون ضدها الأولى أقامت دعواها ابتداء باعتبارها دعوى ملكية ثم عدلت الطلبات فيها إلى استرداد الحيازة وقد تم هذا التعديل بعد مضي أكثر من سنة على تاريخ التعرض فتكون الدعوى غير مقبولة لأن ميعاد رفع دعوى الحيازة يتعلق بالنظام العام وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، كما أنه لا يجوز تعديل الطلبات من دعوى أصل الحق إلى دعوى حيازة لتعارضه مع قاعدة عدم الجميع بينهما، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون معيباً بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول في شقه الأول ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مدة السنة المعينة لرفع دعوى الحيازة هي مدة تقادم خاص تسري عليه قواعد الوقف والانقطاع التي تسري على التقادم المسقط العادي وكان التقادم لا يتعلق بالنظام العام ويجب التمسك به أمام محكمة الموضوع. فإن ما أثاره الطعن بسبب النعي من انقضاء حق المطعون ضدها الأولى في رفع الدعوى لمضي أكثر من سنة على تاريخ سلب الحيازة يكون دفاعاً جديداً لم يسبق له التمسك به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. والنعي المردود في شقه الثاني ذلك أن الثابت أن المطعون ضدها الأولى عدلت طلباتها إلى استرداد الحيازة بصحيفة أودعتها قلم كتاب محكمة أول درجة فأصبح المطروح على المحكمة هو طلب استرداد الحيازة كدعوى مبتدأه دون الدعوى المستندة إلى أصل الحق بما لا يكون معه في النزاع الماثل ثمة جمع بين دعوى الحيازة ودعوى الحق. ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بوجهيه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيانه يقول إنه تمسك أمام محكمة أول درجة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى على سند من أن التعرض الحاصل منه للمطعون ضدها الأولى يستند إلى قرار إداري صادر من هيئة الأوقاف المالكة بتأجيرها إليه الأرض محل النزاع مما لا تختص المحاكم العادية بنظره غير أن الحكم الابتدائي قضى على خلاف القانون برفض هذا الدفع الذي يحق له التمسك به أمام محكمة النقض لتعلقه بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول في شقه الأول ذلك أن الطاعن لم يقدم ما يدل على صدور قرار إداري من هيئة الأوقاف بشأن وضع اليد على الأرض محل النزاع ومردود في شقه الثاني ذلك أنه لما كان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد لا تعتبر عقوداً إدارية إلا إذا تعلقت بتسيير مرفق عام وأظهرت الإدارة نيتها في الأخذ في شأنها بأسلوب القانون العام بأن تضمن عقدها شروطاً استثنائية وغير مألوفة تنأى بها عن أسلوب القانون الخاص أو تحيل فيها الإدارة على اللوائح الخاصة بها وكان الثابت من عقد الإيجار المؤرخ 12/ 10/ 1975 الصادر من هيئة الأوقاف إلى الطاعن أنه تضمن تأجيرها إليه أرضاً زراعية من أملاكها الخاصة ولم يتضمن أي شرط استثنائي يخالف المألوف في القانون الخاص فإن هذا العقد يعتبر عقداً مدنياً يحكمه القانون الخاص، ومن ثم فإن دعوى استرداد الحيازة المرفوعة من المطعون ضدها الأولى بشأن تعرض الطاعن المستند إلى العقد سالف الذكر تكون مما تختص به المحاكم العادية وإذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه برفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى لا يكون قد خالف قواعد الاختصاص الولائي ويكون النعي عليه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيانه يقول أنه طلب أمام محكمة الاستئناف إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أنه دون المطعون ضدها الأولى يضع اليد على الأرض محل النزاع غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن طلبه وعول في إثبات وضع يد المطعون ضدها الأولى على تقرير الخبير وهو ما يعيبه بالإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وضع اليد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة الطرق من أي مصدر يستقي القاضي منه دليله وأن لمحكمة الموضوع الالتفات عن طلب الإحالة إلى التحقيق متى وجدت في الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه على تقريري الخبيرين المقدمين في الدعوى في إثبات وضع يد المطعون ضدها الأولى على الأرض محل النزاع ورتب على ذلك قضاءه برد حيازتها لها ويكفي لحمل قضائه فلا عليه أن التفت عن طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق ويكون النعي عليه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وكفايته مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.