أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 44 - صـ 46

جلسة 3 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا ومحمد شتا وحسام عبد الرحيم نواب رئيس المحكمة وعبد الله المدني.

(2)
الطعن رقم 6460 لسنة 61 القضائية

(1) أمر إحالة. بطلان. إعلان. نظام عام. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم إعلان أمر الإحالة. لا ينبني عليه بطلانه.
أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور. ليست من النظام العام. مؤدى ذلك؟
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "إعادة المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الإعادة.
إعادة المحاكمة الجنائية طبقاً للمادة 395 إجراءات. طبيعتها. محاكمة مبتدأة. أثر ذلك: لمحكمة الإعادة الفصل في الدعوى بكامل حريتها غير مقيدة بما جاء بالحكم الغيابي.
(3) مواد مخدرة. وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. حقها في تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم.
استبعاد المقابل كظرف مشدد في جريمة إدارة وتهيئ مكان لتعاطي المخدرات. لا يستلزم تنبيه الدفاع. أساس ذلك؟
(4) إثبات "بوجه عام" "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة. وإيراد مؤدى أقوالها شهود الإثبات وتقرير المعامل الكيماوية في بيان واف. لا قصور.
(5) جريمة "أركانها". مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة تسهيل تعاطي المخدرات. مناط تحققها؟.
القصد الجنائي في جريمة تسهيل تعاطي المخدرات. مناط تحققه؟ تقدير توافره. موضوعي.
1 - من المقرر أن عدم إعلان أمر الإحالة لا ينبني عليه بطلانه، وإن أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور ليست من النظام العام فإذا حضر المتهم الجلسة بنفسه أو بوكيل عنه فليس له أن يتمسك بهذا البطلان، وإنما له أن يطلب تصحيح التكليف واستيفاء أي نقص فيه وإعطاءه ميعاداً ليحضر دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى.
2 - من المقرر أن إعادة المحاكمة طبقاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية ليس مبناها تظلم يرفع من المحكوم عليه بل هي بحكم القانون بمثابة محاكمة مبتدأة، وبالتالي فإن لمحكمة الإعادة أن تفصل في الدعوى بكامل حريتها غير مقيدة بشيء مما جاء بالحكم الغيابي ودون أن تكون ملزمة بالإشارة إليه في حكمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل.
3 - من المقرر أن الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على أن الطاعن أدار وهيأ المقهى لتعاطي المخدرات بمقابل واستبعاد هذا الظرف المشدد للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد، وكانت جريمة تسهيل تعاطي المخدرات بغير مقابل وهو الوصف الذي نزلت إليه المحكمة - أخف من تهيئة المكان لتعاطي المخدرات فإن ذلك لا يقتضى تنبيه الدفاع ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى أقوال شاهدي الإثبات وتقرير المعامل الكيماوية في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير مقبول.
5 - لما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه سمح لأحد رواد مقهاه بتدخين المخدرات في "جوزة" دخان المعسل، وهو الذي كان يحمل الجوزة وقت دخول رجال البوليس، وإنه ضبط على منضده في ذات المكان أحجار فخارية على كل منها كمية من دخان المعسل تعلوها قطعة من مخدر الحشيش وكان هذا الذي أثبته الحكم - بما ينطوي عليه من تحلل الطاعن من التزامه القانوني بمنع تعاطي المخدرات في محله العام وتغاضيه عن قيام أحد رواد مقهاه بتدخين المخدرات تحت أنفه وبصره ثم تقديمه "جوزة" دخان المعسل له وهو على بصيرة من استخدامها في هذا الغرض - تتوافر به في حق الطاعن عناصر جريمة تسهيل تعاطي المخدرات كما هي معرفة في القانون فإنه لا محل لما يحاج به الطاعن من تخلف القصد الجنائي فيها، وهو ما لا يجوز مصادرة محكمة الموضوع في عقيدتها بشأنه ولا المجادلة في تقديرها توافره أمام محكمة النقض، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة (الطاعن وآخران) بأنهم حازوا وأحرزوا بقصد التعاطي جوهراً مخدراً "حشيش" بدون تذكرة طبية وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً "المتهم الأول أيضاً أدار وهيأ مكاناً مقهى" لتعاطي المخدرات وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 35، 42/ 1، 47/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 40 لسنة 1966 و61 لسنة 1977 والبند 57 من الجدول رقم 1 المرفق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 وأعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثة ألاف جنيه وبمصادرة المخدرات والأدوات المضبوطة وبغلق المقهى وذلك عن التهمة الثانية "التسهيل" وببراءته من التهمة الأولى. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تسهيل تعاطي الغير للمواد المخدرة قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال كما أخل بحق الدفاع. ذلك بأن الطاعن لم يعلن بقرار الإحالة، ولم تشر المحكمة إلى مصير الحكم الغيابي السابق صدوره ضده، وعدلت المحكمة وصف التهمة المسندة إلى الطاعن من إدارة مكان لتعاطي المخدرات إلى تسهيل تعاطي المخدرات للغير بغير مقابل دون أن تنبهه إلى ذلك، وأغفل الحكم بيان مضمون الأدلة التي عول عليها في إدانة الطاعن، واستخلص الحكم القصد الجنائي لدى الطاعن استخلاصاً غير سائغ معرضاً عن دفاعه القائم على انتفاء ذلك القصد لديه والأدلة التي ساقها تأييداً لذلك، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة تسهيل تعاطي الغير للمواد المخدرة بغير مقابل التي دان بها الطاعن، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن عدم إعلان أمر الإحالة لا ينبني عليه بطلانه، وأن أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور ليست من النظام العام فإذا حضر المتهم الجلسة بنفسه أو بوكيل عنه فليس له أن يتمسك بهذا البطلان، وإنما له أن يطلب تصحيح التكليف واستيفاء أي نقص فيه وإعطاءه ميعاداً ليحضر دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى، وإذ كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن حضر بها ولم يثر شيئاً عن أمر الإحالة فإن منعاه في هذا الخصوص يكون غير مقبول، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إعادة المحاكمة طبقاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية ليس مبناها تظلم يرفع من المحكوم عليه بل هي بحكم القانون بمثابة محاكمة مبتدأة، وبالتالي فإن لمحكمة الإعادة أن تفصل في الدعوى بكامل حريتها غير مقيدة بشيء مما جاء بالحكم الغيابي ودون أن تكون ملزمة بالإشارة إليه في حكمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل، لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على أن الطاعن أدار وهيأ المقهى لتعاطي المخدرات بمقابل واستبعاد هذا الظرف المشدد للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد، وكانت جريمة تسهيل تعاطي المخدرات بغير مقابل وهو الوصف الذي نزلت إليه المحكمة - أخف من تهيئة المكان لتعاطي المخدرات فإن ذلك لا يقتضى تنبيه الدفاع ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى أقوال شاهدي الإثبات وتقرير المعامل الكيماوية في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير مقبول لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه سمح لأحد رواد مقهاه بتدخين المخدرات في "جوزه" دخان معسل، وهو الذي كان يحمل "الجوزة" وقت دخول رجال البوليس، وأنه ضبط على منضده في ذات المكان أحجار فخارية على كل منها كمية من دخان المعسل تعلوها قطعة من مخدر الحشيش وكان هذا الذي أثبته الحكم - بما ينطوي عليه من تحلل الطاعن من التزامه القانوني بمنع تعاطي المخدرات في محله العم وتغاضيه عن قيام "جوزه" دخان المعسل له وهو على بصيرة من استخدامها في هذا الغرض - تتوافر به في حق الطاعن عناصر جريمة تسهيل تعاطي المخدرات كما هي معرفة في القانون فإنه لا محل لما يحاج به الطاعن من تخلف القصد الجنائي فيها، وهو ما لا يجوز مصادرة محكمة الموضوع في عقيدتها بشأنه ولا المجادلة في تقديرها توافره أمام محكمة النقض، فإن النعي على حكم في هذا الصدد يكون غير مقبول، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون من غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.