أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 44 - صـ 73

جلسة 14 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب الخياط نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي نائبي رئيس المحكمة ومحمود شريف فهمي وإبراهيم الهنيدى.

(7)
الطعن رقم 18266 لسنة 59 القضائية

(1) تهريب جمركي. جمارك. عقوبة "تطبيقها". تعويض. مصادرة. دعوى جنائية. دعوى مدنية.
المادة 122 من القانون 66 لسنة 1963 إيجابها القضاء إلى جانب الحبس والغرامة. الحكم بتعويض يعادل مثلى الضرائب الجمركية المستحقة أو بتعويض يعادل مثلى قيمة البضائع.
التعويضات المنصوص عليها في قوانين الضرائب والرسوم. عقوبة تنطوي على عنصر التعويض. أثر ذلك؟
(2) دعوى جنائية. دعوى مدنية. محكمة استئنافية "نظرها الدعوى والحكم فيها". حكم "حجيته". قوة الأمر المقضي. إثبات "قرائن قانونية".
حق المدعي بالحقوق المدنية استئناف الحكم الصادر من المحكمة الجزئية فيما يختص بحقوقه المدنية وحدها. متى جاوزت النصاب الجزئي. رفعه الاستئناف يوجب على المحكمة الاستئنافية بحث عناصر الجريمة وثبوتها في حق المتهم. عدم تقيدها بحكم أول درجة ولو حاز قوة الأمر المقضي. علة ذلك؟
(3) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". دعوى جنائية. قوة الأمر المقضي. حكم "حجيته". استئناف "نظره والحكم فيه". إثبات "قرائن قانونية". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
قوة الأمر المقضي للحكم الجنائي الصادر في موضوع الدعوى الجنائية. المحاجة به تكون أمام المحاكم المدنية وليس أمام المحاكم الجنائية نفسها عند نظر الدعوى المدنية التابعة. المادة 456 إجراءات.
(4) نقض "الطعن للمرة الثانية".
نقض الحكم للمرة الثانية. وجوب تحديد جلسة لنظر الموضوع. أساس ذلك؟.
1 - لما كان نص المادة 122 من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963 المنطبق على واقعة الدعوى يجرى بأنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضى بها قانون آخر يعاقب على التهريب أو الشروع فيه بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيهاً ولا تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويحكم على الفاعلين والشركاء متضامنين بتعويض يعادل مثلى الضرائب الجمركية المستحقة فإذا كانت البضائع موضوع الجريمة من الأصناف الممنوعة كان التعويض معادلاً لمثلى قيمتها...... وفى حالة العود يجوز الحكم بمثلى العقوبة والتعويض". ومقتضى هذا أن التعويضات المنصوص عليها في المادة آنفة الذكر هي من قبيل العقوبات التكميلية التي تنطوي على عنصر التعويض وهى بهذه الصفة المختلطة يختلط فيها معنى الزجر والردع المستهدف من توقيع العقوبة، بالتعويض المدني للخزانة جبراً للضرر وهى بالصفة الأولى تجعل من المتعين أن يطبق في شأنها القواعد القانونية العامة في شأن العقوبات، وهى بالصفة الثانية تجيز للجهة الممثلة للخزانة العامة صاحبة الصفة والمصلحة في طلب الحكم بهذه التعويضات أن تتدخل أمام المحكمة الجنائية طالبة الحكم بها، وذلك إعمالاً للأصل العام المقرر في المادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - لما كانت المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز للمدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف الحكم الصادر من المحكمة الجزئية في المخالفات والجنح فيما يختص بحقوقه المدنية وحدها إذ كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائياً، وحق المدعي بالحقوق المدنية في ذلك هو حق مستقل عن حق كل من النيابة العامة والمتهم، ومتى رفع استئنافه كان على المحكمة الاستئنافية أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وصحة نسبتها إلى المتهم لترتب على ذلك آثاره القانونية غير مقيدة بما قضت به محكمة أول درجة في هذا الخصوص، ولا يمنعها من ذلك كون الحكم في الدعوى الجنائية قد حاز قوة الأمر المقضي لأن الدعويين - الجنائية والمدنية - وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في كل منهما يختلف عنه في الأخرى مما لا يكون معه التمسك بحجية الحكم الجنائي وإلا لعطل حق الاستئناف المقرر للمدعي بالحقوق المدنية ولعطلت وظيفة محكمة الجنح المستأنف في شأنه إذا كان المدعي بالحقوق المدنية هو المستأنف وحده.
3 - لما كانت المحاجة بقوة الأمر المقضي للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية لا تكون - وفق المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية - إلا لدى المحاكم المدنية، وليس لدى المحاكم الجنائية نفسها وهى تنظر الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجنائية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وحجب نفسه عن بحث مدى توافر أركان الجريمة في حق المطعون ضده متقيداً بالحكم الصادر بالبراءة من محكمة أول درجة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يعيبه ويوجب نقضه.
4 - لما كان الطعن مقدماً للمرة الثانية فإنه يتعين أن تقضي محكمة النقض في موضوع الدعوى طبقاً للمادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 مما يتعين أن يكون مع الحكم بالنقض تحديد جلسة لنظر الموضوع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه شرع في تهريب البضائع الأجنبية المبينة بالأوراق دون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 3، 4، 121، 122، 124/ 1 من القانون 66 لسنة 1963 المعدل والمادتين 45، 47 من قانون العقوبات وادعى وزير المالية بصفته مدنياً قبل المتهم مبلغاً 6205.480 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنح قسم الميناء قضت حضورياً ببراءة المتهم مما نسب إليه. استأنف المدعي بالحقوق المدنية ومحكمة بور سعيد الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً اعتباراً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت هيئة قضايا الدولة - نيابة عن وزير المالية بصفته - في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم......) وقضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة بور سعيد الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى.
ومحكمة الإعادة (بهيئة استئنافية أخرى) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه. فطعنت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير المالية بصفته - في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)....... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن - بصفته - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض دعواه المدنية قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه قضى برفض الدعوى المدنية تأسيساً على أن المطعون ضده قد قضى ببراءته وذلك دون أن يعرض لتحديد مسئوليته وذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
حيث إنه لما كان نص المادة 122 من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963 المنطبق على واقعة الدعوى يجرى بأنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضى بها قانون آخر يعاقب على التهريب أو الشروع فيه بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيهاً ولا تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويحكم على الفاعلين والشركاء متضامنين بتعويض يعادل مثلى الضرائب الجمركية المستحقة فإذا كانت البضائع موضوع الجريمة من الأصناف الممنوعة كان التعويض معادلاً لمثلى قيمتها...... وفى حالة العود يجوز الحكم بمثلى العقوبة والتعويض". ومقتضى هذا أن التعويضات المنصوص عليها في المادة آنفة الذكر هي من قبيل العقوبات التكميلية التي تنطوي على عنصر التعويض وهى بهذه الصفة المختلطة يختلط فيها معنى الزجر والردع المستهدف من توقيع العقوبة، بالتعويض المدني للخزانة جبراً للضرر وهى بالصفة الأولى تجعل من المتعين أن يطبق في شأنها القواعد القانونية العامة في شأن العقوبات، وهى بالصفة الثانية تجيز للجهة الممثلة للخزانة العامة صاحبة الصفة والمصلحة في طلب الحكم بهذه التعويضات أن تتدخل أمام المحكمة الجنائية طالبة الحكم بها، وذلك إعمالاً للأصل العام المقرر في المادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية. ولما كان البين من مطالعة الأوراق أن محكمة أول درجة قضت ببراءة المطعون ضده وبرفض الدعوى المدنية فاستأنف الطاعن وحده بالنسبة لحقوقه المدنية ومحكمة ثان درجة قضت بحكمها المطعون فيه برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف مؤسسة قضاءها على أنها مقيدة بالحكم الصادر من محكمة أول درجة ببراءة المطعون ضده، والذي أصبح حائزاً لقوة الأمر المقضي، لما كان ذلك وكانت المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز للمدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف الحكم الصادر من المحكمة الجزئية في المخالفات والجنح فيما يختص بحقوقه المدنية وحدها إذ كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائياً، وحق المدعي بالحقوق المدنية في ذلك هو حق مستقل عن حق كل من النيابة العامة والمتهم، ومتى رفع استئنافه كان على المحكمة الاستئنافية أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وصحة نسبتها إلى المتهم لترتب على ذلك آثاره القانونية غير مقيدة بما قضت به محكمة أول درجة في هذا الخصوص، ولا يمنعها من ذلك كون الحكم في الدعوى الجنائية قد حاز قوة الأمر المقضي لأن الدعويين - الجنائية والمدنية - وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في كل منهما يختلف عنه في الأخرى مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي وإلا لعطل حق الاستئناف المقرر للمدعي بالحقوق المدنية ولعطلت وظيفة محكمة الجنح المستأنفة في شأنه إذا كان المدعي بالحقوق المدنية هو المستأنف وحده، هذا إلى أن المحاجة بقوة الأمر المقضي للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية لا تكون - وفق المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية - إلا لدى المحاكم المدنية، وليس لدى المحاكم الجنائية نفسها وهى تنظر الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجنائية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وحجب نفسه عن بحث مدى توافر أركان الجريمة في حق المطعون ضده متقيداً بالحكم الصادر بالبراءة من محكمة أول درجة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يعيبه ويوجب نقضه. ولما كان الطعن مقدماً للمرة الثانية فإنه يتعين أن تقضي محكمة النقض في موضوع الدعوى طبقاً للمادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 مما يتعين أن يكون مع الحكم بالنقض تحديد جلسة لنظر الموضوع.