أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 516

جلسة 31 من مارس سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين جرجس اسحق نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، السيد السنباطي ومحمد وليد النصر.

(111)
الطعن رقم 1405 لسنة 53 القضائية

(1) وقف. بيع. بطلان. قرار إداري.
استبدال أو بيع عقارات الأوقاف. الأصل فيه أن يكون بطريق المزاد العلني. الاستثناء. جوازه بطريق الممارسة في الأحوال المبينة حصراً بالمادة 11 من القرار الجمهوري 1141 لسنة 1972. سلوك طريق الممارسة في غير تلك الأحوال. أثره. بطلان التصرف. علة ذلك.
(2) بيع "التزامات البائع: ضمان التعرض". بطلان "بطلان التصرفات". دفوع. دعوى.
التزام البائع بضمان التعرض. م 439 مدني. مناطه. ألا يكون عقد البيع باطلاً. لكل من المتعاقدين التمسك بالبطلان بطريق الدفع أو الدعوى.
1 - النص في المادة الحادية عشرة من القانون 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن "يصدر رئيس الجمهورية قراراً بتنظيم العمل بالهيئة وتشكيل مجلس إدارتها وبيان اختصاصاته..." وفى المادة الأولى من القرار الجمهوري 1141 لسنة 1972 الصادر بتنظيم العمل بهيئة الأوقاف على أن تقوم الهيئة بإدارة واستثمار الأوقاف على الوجه الذي يحقق لها أكبر عائد للمعاونة في تحقيق أهداف نظام الوقف ورسالة وزارة الأوقاف، ويكون للهيئة أن تتعاقد وتجري جميع التصرفات والأعمال التي من شأنها تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله" وفي المادة الحادية عشرة من القرار ذاته على أن يكون "للهيئة أن تشتري الأعيان التي تتولى لجان القسمة بيعها طبقاً لأحكام القانون 55 لسنة 1960 المشار إليه أو غيرها من الأعيان التي تحقق لها عائداً، وكذلك لها استبدال أو بيع العقارات بطريق المزاد العلني، ويجوز للهيئة الاستبدال أو البيع بالممارسة في الأحوال الآتية ( أ ): للملاك على الشيوع في العقارات التي بها حصص خيرية بشرط ألا تزيد الحصة الخيرية على نصف العقار. (ب) لمستأجري الأراضي الفضاء التي أقام عليها مستأجروها مبان لأكثر من خمس عشرة سنة. (جـ) لمستأجري الوحدات السكنية بعمارات الأوقاف بالنسبة للوحدات المؤجرة لهم. (د) للجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة والجمعيات التعاونية لبناء المساكن والجمعيات الخيرية وذلك كله بالشروط والأوضاع التي يحددها مجلس إدارة الهيئة بقصد إعادة استثمار هذه الأموال". يدل على أن الأصل في الاستبدال أو بيع العقارات أن يكون بطريق المزاد العلني - دفعاً لكل مظنة وضماناً لحسن التصرف في هذه العقارات - وأن المشرع أجاز للهيئة على سبيل الاستثناء أن تسلك طريق الممارسة في الأحوال المبينة حصراً بهذا النص، تقديراً منه لاعتبارات تدل عليها كل حالة بذاتها، ومؤدى ذلك ألا يكون للهيئة أن تسلك طريق الممارسة في غير هذه الأحوال وإلا كان تصرفها باطلاً، سواء كان التصرف للأفراد أو لغيرهم، وسواء كانت ملكية الأوقاف متنازعاً عليها أو لم تكن كذلك - إذ لو أراد المشرع استثناء الأوقاف المتنازع على ملكيتها لنص عليها صراحة ضمن هذه الأحوال، ولا يغير من ذلك أنه نص في المادة الثانية من قانون إنشاء الهيئة على أن "تختص وحدها بإدارة واستثمار أموال الأوقاف"، وفي المادة الثالثة عن أن "تنتقل إلى مجلس إدارة الهيئة الاختصاصات المخولة للجنة شئون الأوقاف بالقانون 272 لسنة 1959، وكذلك الاختصاصات المخولة للمجالس المحلية بالقانون 44 لسنة 1962 وذلك بالنسبة إلى البدل والاستبدال والاستثمار" وفي المادة الخامسة على أن "تتولى الهيئة نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية بقصد تنمية أموال الأوقاف". إذا أن ذلك كله ينبغي تحقيقيه طبقاً للقواعد التي وضعها المشرع بالقرار الجمهوري المشار إليه لتنظيم العمل بالهيئة وحدد فيها اختصاصات مجلس إدارتها بما لا يتعارض مع القواعد المنصوص عليها بالقوانين سالفة الذكر، كما لا يغير من ذلك أن القرار التنظيمي الذي أصدرته الهيئة بجواز الاستبدال بالممارسة لواضعي اليد من الأفراد والقرارات الفردية التي أصدرتها على أساسه بإبرام العقود محل النزاع لم يتم سحبها أو إلغاءها طالما كانت تلك القرارات منفصلة عن هذه العقود وصدرت متجاوزه الرخصة التي أعطيت لمجلس الإدارة في الأحوال المنصوص عليها حصراً.
2 - مناط التزام البائع بضمان التعرض المنصوص عليه في المادة 439 من القانون المدني ألا يكون عقد البيع ذاته باطلاً، فإذا كان كذلك كان لكل من المتعاقدين عملاً بنص المادة 141 من القانون المذكور أن يتمسك بهذا البطلان سواء عن طريق الدفع أو عن طريق الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعاوى 5001، 5002، 5003 سنة 1977 كلي الجيزة وطلب كل منهم الحكم في دعواه بصحة ونفاذ عقد الاستبدال الصادر له من الهيئة المطعون ضدها عن قطعة الأرض المبينة بالصحيفة وقال بياناً لذلك أن الهيئة بصفتها ناظرة على وقف........ تعاقدت معه على أن تستبدل له تلك القطعة لقاء ثمن قدره جنيه واحد للمتر، إلا أنها امتنعت بعد ذلك عن التوقيع على العقد النهائي فأقام دعواه بتلك الطلبات - تدخل...... في كل هذه الدعاوى طالباً رفضها تأسيساً على أن الأرض مملوكة له، كما طلبت الهيئة فرعياً الحكم ببطلان عقود الاستبدال المدعى بها لانعقادها بطريق الممارسة مع الأفراد بالمخالفة القرار الجمهوري 1141 سنة 1972 الذي يوجب إتباع طريق المزاد العلني، ومحكمة أول درجة حكمت في الدعاوى الثلاث بعدم تدخل........ وبرفض هذه الدعاوى وببطلان العقود الثلاثة. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف 1667 سنة 96 ق القاهرة وبتاريخ 17/ 4/ 1983 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالأسباب الأول والثاني والرابع منها على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أن نص المادة الحادية عشرة من القرار الجمهوري الصادر برقم 1141 سنة 1972 يحظر الاستبدال للأفراد بطريق الممارسة في غير الأحوال المحددة به، في حين أن هذه الأحوال مقصورة على الأعيان التي لا نزاع على ملكيتها للأوقاف أما الأعيان المتنازع على ملكيتها ومنها العقارات موضوع النزاع فإن القرار سكت عنها، وإذ كان مجلس إدارة هيئة الأوقاف - عملاً بنصوص المواد الثانية والثالثة والرابعة من قانون الهيئة والمادتين الأولى والرابعة من القرار الجمهوري المشار إليه - هو المختص وحده بوضع القواعد الواجبة الإتباع في هذا الخصوص باعتباره السلطة المهيمنة على إدارة الأوقاف واستثمارها لتحقيق أكبر عائد لها قد وضع لذلك بتاريخ 13/ 7/ 1975 قراراً تنظيمياً أجاز فيه التعاقد بالممارسة للأفراد في هذه الحالة، وأصدر بناء عليه ثلاثة قرارات فردية بالاستبدال بالممارسة للطاعنين وعلى أساسها أبرمت عقودهم وكانت هذه القرارات قد تحصنت ضد السحب والإلغاء وكان خطأ الجهة الإدارية المطعون ضدها في تحديد طريقة الاستبدال بالممارسة أم بالمزاد لا يؤثر على صحة انعقاد هذه العقود، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على ما يخالف ذلك يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي برمته مردود، ذلك أن النص في المادة الحادية عشرة من القانون 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن يصدر رئيس الجمهورية قراراً بتنظيم العمل بالهيئة وتشكيل مجلس إدارتها وبيان اختصاصاته وفي المادة الأولى من القرار الجمهوري 1141 سنة 1972 الصادر بتنظيم العمل بهيئة الأوقاف على أن "تقوم الهيئة بإدارة واستثمار الأوقاف على الوجه الذي يحقق لها أكبر عائد للمعاونة في تحقيق أهداف نظام الوقف ورسالة وزارة الأوقاف، ويكون للهيئة أن تتعاقد وتجرى جميع التصرفات والأعمال التي من شأنها تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله". وفي المادة الحادية عشرة من القرار ذاته على أن يكون "للهيئة أن تشتري الأعيان التي تتولى لجان القسمة بيعها طبقاً لأحكام القانون 55 سنة 1960 المشار إليه أو غيرها من الأعيان التي تحقق بها عائداً، وكذلك لها استبدال أو بيع العقارات بطريق المزاد العلني. ويجوز للهيئة الاستبدال أو البيع بالممارسة في الأحوال الآتية: ( أ ) للملاك على الشيوع في العقارات التي بها حصص خيرية بشرط ألا تزيد الحصة الخيرية على نصف العقار. (ب) لمستأجري الأراضي الفضاء التي أقام عليها مستأجروها مبان لأكثر من خمس عشرة سنة. (جـ) لمستأجري الوحدات السكنية بعمارات الوقف بالنسبة للوحدات المؤجرة لهم. (د) للجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة والجمعيات التعاونية لبناء المساكن والجمعيات الخيرية. وذلك كله بالشروط والأوضاع التي يحددها مجلس إدارة الهيئة بقصد إعادة استثمار هذه الأموال" يدل على أن الأصل في استبدال أو بيع العقارات أن يكون بطريق المزاد العلني - دفعاً لكل مظنة وضماناً لحسن التصرف في هذه العقارات - وأن المشرع أجاز للهيئة على سبيل الاستثناء أن تسلك طريق الممارسة في الأحوال المبينة حصراً بهذا النص، تقديراً منه لاعتبارات تدل عليها كل حالة بذاتها، ومؤدى ذلك ألا يكون للهيئة أن تسلك طريق الممارسة في غير هذه الأحوال وإلا كان تصرفها باطلاً سواء كان التصرف للأفراد أو لغيرهم، وسواء كانت ملكية الأوقاف متنازعاً عليها أو لم تكن كذلك - إذ لو أراد المشرع - استثناء الأوقاف المتنازع على ملكيتها لنص عليها صراحة ضمن هذه الأحوال. ولا يغير من ذلك أنه نص في المادة الثانية من قانون إنشاء الهيئة على أن تختص وحدها بإدارة واستثمار أموال الأوقاف وفي المادة الثالثة على أن "تنتقل إلى مجلس إدارة الهيئة الاختصاصات المخولة للجنة شئون الأوقاف بالقانون 272 سنة 1959 وكذلك الاختصاصات المخولة للمجالس المحلية بالقانون رقم 44 سنة 1962 وذلك بالنسبة إلى البدل والاستبدال والاستثمار". وفي المادة الخامسة على أن "تتولى الهيئة نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية بقصد تنمية أموال الأوقاف...". إذ أن ذلك كله ينبغي تحقيقه طبقاً للقواعد التي وضعها المشرع بالقرار الجمهوري المشار إليه - لتنظيم العمل بالهيئة وحدد فيها اختصاصات مجلس إدارتها بما لا يتعارض مع القواعد المنصوص عليها بالقوانين سالفة الذكر كما لا يغير من ذلك أن القرار التنظيمي الذي أصدرته الهيئة بجواز الاستبدال بالممارسة لواضعي اليد من الأفراد، والقرارات الفردية التي أصدرتها على أساسه بإبرام العقود محل النزاع لم يتم سحبها أو إلغائها طالما كانت تلك القرارات منفصلة عن هذه العقود وصدرت متجاوزة الرخصة التي أعطيت لمجلس الإدارة في الأحوال المنصوص عليها حصراً، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في قضائه فإن النعي عليه بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن الهيئة المطعون ضدها بوصفها بائعة تلتزم بالامتناع عن منازعة المشتري أو التعرض له تعرضاً قانونياً أو مادياً وإذ كانت مطالبتها بإبطال العقود التي وافقت على إبرامها مع الطاعنين تنطوي على تعرض لهم وهو ما يمتنع عليها بنص المادة 439 من القانون المدني فإن الحكم إذ أجابها لطلب إبطال هذه العقود يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي بدوره مردود، ذلك أنه لما كان مناط التزام البائع بضمان التعرض المنصوص عليه في المادة 439 من القانون المدني ألا يكون عقد البيع ذاته باطلاً، فإذا كان كذلك كان لكل من المتعاقدين عملاً بنص المادة 141 من القانون أن يتمسك بهذا البطلان سواء عن طريق الدفع أو عن طريق الدعوى، لما كان ذلك، وكانت العقود موضوع النزاع وعلى ما سلف في الرد على أسباب الطعن الأخرى باطلة، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما ورد بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.