أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 527

جلسة أول إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ أحمد كمال سالم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ماهر قلادة واصف، مصطفى زعزوع نائبي رئيس المحكمة، حسين علي حسين وحمدي محمد علي.

(113)
الطعن رقم 1382 لسنة 56 القضائية

(1) استئناف "أثر الاستئناف: الأثر الناقل".
الأثر الناقل للاستئناف. ماهيته. م 232 مرافعات. التزام محكمة الاستئناف بالتصدي لما لم تفصل فيه محكمة أول درجة من أسباب لطلبات أبديت أمامها طالما لم يتنازل مبديها عن التمسك بها. علة ذلك.
(2) دعوى "سبب الدعوى" "الطلب في الدعوى".
الطلب في الدعوى وسببها. ماهية كل منهما.
(3) عقد "فسخ العقد وانفساخه". إيجار "سبب الإخلاء". دعوى. استئناف "الأثر الناقل".
طلب الإخلاء للتأخير من الباطن ولاحتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد بغير مقتضى. سببان لطلب واحد. هو الإخلاء لانحلال العقد. القضاء ابتدائياً بالإخلاء لأحدهما. اعتبار الطلب الآخر مطروحاً على محكمة الاستئناف. أثر ذلك.
(4) نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد".
النعي على أسباب الحكم الابتدائي دون الحكم النهائي. غير مقبول.
(5) نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد". صورية.
دفاع قانوني يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض (مثال في صورية).
(6) حكم "ما لا يعد قصوراً". دفاع "الدفاع غير الجوهري".
محكمة الموضوع. إغفال الحكم الرد على دفاع غير جوهري. لا يعد قصوراً.
(7) نقض "أسباب الطعن: السبب المجهل".
أسباب الطعن. وجوب تحديدها للعيب المنسوب للحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه. مخالفة ذلك. أثره. عدم القبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين ما الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى 711 لسنة 1982 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الطاعن والمطعون ضده الثاني من العين المؤجرة لأولهما بالعقد المؤرخ 1/ 8/ 1978 لقيامه بتأجيرها من الباطن للمطعون ضده الثاني بغير إذن كتابي منها، ولاحتجازه أكثر من سكن في بلد واحد بغير مقتضى. أحالت محكمة الدرجة الأولى الدعوى إلى التحقيق، وبعد تنفيذه، قضت بالإخلاء للاحتجاز. استأنف الطاعن بالاستئناف 26 لسنة 102 القاهرة، وبتاريخ 19/ 3/ 1986 حكمت المحكمة برفضه وتأييد الحكم المستأنف على سند من ثبوت واقعة التأجير من الباطن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل النعي بالرابع منها الخطأ في تطبيق القانون وفي بيانه يقول الطاعن أنه لما كان الاستئناف وإعمالاً للمادة 232 من قانون المرافعات بنقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط، وكان الحكم الابتدائي قد أقام قضاءه بالإخلاء على ما خلص إليه من احتجازه أكثر من مسكن في بلد واحد بغير مقتضى، وكان هو الذي طعن بالاستئناف، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي استناداً إلى ثبوت تأجيره عين النزاع من الباطن - دون الاحتجاز - يكون قد تجاوز نطاق الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 232 من قانون المرافعات على أن "الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط" يدل على أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية في حدود الطلبات التي فصلت فيها محكمة أول درجة وما أقيمت عليه تلك الطلبات من أسباب سواء ما تعرضت له وما لم تتعرض له منها، وذلك طالما أن مبديها لم يتنازل عن التمسك بها، ولا يحول دون ترتيب هذا الأثر أن محكمة الاستئناف في هذه الحالة تتصدى لما لم تفصل فيه محكمة أول درجة من تلك الأسباب، ذلك أن المشرع أجاز للخصوم وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 235 من قانون المرافعات أن يغيروا سبب الدعوى أمام محكمة الاستئناف وأن يضيفوا إليه أسباباً أخرى لم يسبق طرحها أمام محكمة أول درجة مع بقاء الطلب الأصلي على حاله، فمن باب أولى أن تلتزم محكمة الاستئناف بالتصدي للأسباب السابق التمسك بها في الدعوى والتي أعرض الحكم الابتدائي عن التعرض لها مكتفياً بإجابة الطلب على سند من إحداها. ولما كان الطلب هو القرار الذي يطلبه المدعي من القاضي حماية للحق أو المركز القانوني الذي يستهدفه بدعواه، وكان سبب الدعوى هو الواقعة أو الوقائع التي يستمد منها المدعي الحق في موضوع الطلب، وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية، وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضدها قد أقامتها بطلب الإخلاء للتأجير من الباطن بغير إذن كتابي منها ولاحتجاز المستأجر أكثر من سكن في بلد واحد بغير مقتضى، وكان طلب الإخلاء للتأجير من الباطن هو في حقيقته طلب بفسخ العقد، كما أن طلب إخلاء للاحتجاز التالي لإبرام العقد هو طلب بانفساخه، وكان الفسخ والانفساخ يؤديان إلى انحلال العقد، ومن ثم فإنهما يمثلان سببين لطلب واحد هو الإخلاء لانحلال العقد، لما كان ما تقدم وكان الحكم الابتدائي قد قضى بالإخلاء على سند من أحد السببين وهو الاحتجاز ولم لم يعرض للسبب الآخر وهو التأجير من الباطن، فإن هذا السبب الأخير يعد مطروحاً على محكمة الاستئناف في الاستئناف المرفوع من الطاعن طالما أن المطعون ضدها الأولى. بوصفها مستأنف ضدها - لم تتنازل عن التمسك به، ويكون لمحكمة الاستئناف أن تتصدى له وأن تقيم قضاءها عليه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن حاصل النعي بالشق الأول من كل من السببين الأول والثالث وبالسبب الثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإخلائه من عين النزاع على ما خلص إليه من احتجازه لأكثر من مسكن في ذات البلد، وأن قيامه بتأجير شقة النزاع مفروشة لا يعد مقتض لهذا الاحتجاز، حالة أن المسكن الآخر ملك زوجته وهي شخصية مستقلة بما لا تتوافر به حالة الاحتجاز، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر والتفت عن المستندات التي قدمها تدليلاً عليه فإنه يكون إلى جانب مخالفته للقانون قد شابه قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه وإن كان الحكم الابتدائي قد أقام قضاءه بالإخلاء على ما انتهى إليه من تحقق احتجاز الطاعن لأكثر من مسكن في بلد واحد بغير مقتض، إلا أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه بتأييد منطوق الحكم الابتدائي إلى ثبوت قيام الطاعن بتأجير عين النزاع من الباطن بغير إذن كنابس من المالك، معرضاً عن أسباب الحكم الابتدائي غير محيل إليها، ومن ثم يكون النعي موجه إلى قضاء الحكم الابتدائي - ولما كان مرمى الطعن بالنقض هو مخاصمة الحكم النهائي الصادر من محاكم الاستئناف، ومن ثم يكون النعي قد انصرف إلى قضاء الحكم الابتدائي غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالشق الثاني من كل من السببين الأول والثالث الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه لم يتنازل عن شقة النزاع ولم يؤجرها من الباطن وإنما حرر لشقيقه عقد بتأجيرها مفروشة حفاظاً على حقوقه فيها بعد أن قرر الإقامة بمسكن زوجته، وأنه بافتراض قيامه بتأجيرها من الباطن فقد أقرت المطعون ضدها الأولى حقه في ذلك بقبض وكيلها الأجرة دون تحفظ في تاريخ تال لرفع الدعوى الراهنة، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفع فإنه يكون إلى جانب خطئه في تطبيق القانون قد شابه قصور في التسبيب.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير مقبول، وذلك أنه لما كانت الأوراق خلو مما يفيد تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بأن قيامه بتأجيرها شقة النزاع مفروشة إلى شقيقه المطعون ضده الثاني كانا حفاظاً على حقوقه فيها، وكان هذا الدفع الذي ينطوي على ادعاء بصورية العقد يقوم على واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، والنعي في شقه الثاني في غير محله ذلك أن إغفال الحكم الرد على دفاع غير جوهري لا يتغير ببحثه وجه الرأي في الدعوى لا يعيبه القصور، ولما كان ما أثاره الطاعن من دفاع أمام محكمة الموضوع بشأن إقرار المطعون ضدهما الأولى أحقيته في تأجير العين من الباطن بقبض وكيلها الأجرة دون تحفظ في تاريخ لاحق لإقامة الدعوى الماثلة، وتقديمه تدليلاً على ذلك إيصالاً مؤرخاً 1/ 7/ 1982 لم تجحد المطعون ضدها الأولى صدوره من وكيلها، إلا أنه لما كان هذا الإيصال قد تضمن تحفظاً إذا احتفظ فيه مصدره بكافة الحقوق القانونية قبل الطاعن ومن ثم فإنه لا يعد إقراراً بأحقية للطاعن في التأجير من الباطن، ولا يعيب الحكم عدم الرد على هذا الدفاع بأسباب مستقلة، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالشق الأخير من السبب الثالث بالسبب الخامس القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه لم يناقش دفاعه الذي ضمنه صحيفة استئنافه ومذكرته المقدمة لجلسة 21/ 10/ 1982، وأن مؤدى أقوال شاهدي المطعون ضدها الأولى أن شقيقه المطعون ضده الثاني كان مقيماً معه بشقة النزاع عدة سنوات وحتى تركه إياها وإقامته بمسكن زوجته، ومن ثم يمتد العقد إلى شقيقه عملاً بحكم المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه إعمالها فإنه يكون إلى جانب ما شابه من قصور قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير مقبول، ذلك أن الطاعن لم يبين العيب المنسوب للحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه مكتفياً بالإحالة إلى ما تضمنته صحيفة استئنافه ومذكرته المقدمة أمام محكمة الاستئناف من دفاع، فجاء نعيه مجهلاً، والنعي في شقه الثاني بدوره غير مقبول إذ لم يسبق للطاعن التمسك أمام محكمة الموضوع بامتداد العقد بعد الترك، وهو دفاع قانوني يخالطه واقع لا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.