أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 44 - صـ 86

جلسة 17 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا ومحمد شتا وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس نواب رئيس المحكمة.

(9)
الطعن رقم 7344 لسنة 61 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب" "ميعاده".
دخول الطعن في حوزة محكمة النقض. مناطه. التقرير به في الميعاد.
تقديم أسباب الطعن. لا يغني عن التقرير به. ولو قدمت هذه الأسباب في الميعاد.
(2) خطف. جريمة "أركانها". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". هتك عرض. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة خطف أنثى يزيد عمرها على ست عشرة سنة بالتحيل والإكراه المؤثمة بالمادة 290 عقوبات. مناط تحققها؟
تقدير توافر ركني التحيل والإكراه. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) هتك عرض. جريمة "أركانها". إكراه. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ركن القوة في جريمة هتك العرض. توافره بارتكاب الفعل ضد إرادة المجني عليها وبغير رضاها.
رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة هتك العرض. تقديره موضوعي.
تحدث الحكم استقلالاً عن ركن القوة في جريمة هتك العرض. غير لازم. ما دام ما أورده من وقائع وظروف كافياً للدلالة على قيامه.
(4) نقض "المصلحة في الطعن". عقوبة "العقوبة المبررة". ارتباط. خطف. هتك عرض. إكراه.
اعتبار الحكم الجرائم المسندة إلى الطاعن وآخر جريمة واحدة ومعاقبتهما بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 عقوبات وهى جريمة الخطف بالتحيل. انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن جريمة هتك العرض.
(5) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة. استدلالات. مأمورو الضبط القضائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن بإجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه. شرط صحته؟.
حق مأمور الضبط القضائي في الاستعانة برجال السلطة العامة. والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه بما وقع بالفعل من جرائم. أساس ذلك؟.
عدم اشتراط تحديد فترة زمنية لإجراء التحريات.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش. موضوعي.
(6) تفتيش "إذن التفتيش". دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. دفاع موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن. رداً عليه.
(7) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محضر الجلسة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطلب الجازم. ماهيته؟.
مثال.
(8) نقض "أثر الطعن". محكمة الإعادة "نظرها الدعوى والحكم فيها".
نقض الحكم. أثره: يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها قبل صدور الحكم المنقوض دون وسائل الدفاع. أساس ذلك؟.
(9) اشتراك "طرقه". إثبات "بوجه عام". اتفاق. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاشتراك بالاتفاق يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. هذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس. جواز الاستدلال عليه بأي دليل مباشر أو بطريق الاستنتاج. أو من فعل لاحق للجريمة.
التدليل على حصول الاشتراك بالاتفاق بأدلة محسوسة. غير لازم. كفاية استخلاص حصوله من وقائع الدعوى وملابستها.
(10) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". بطلان. خطف. هتك عرض. إثبات "بوجه عام" "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟.
تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلاصه سائغاً.
تقدير الأدلة. تستقل به محكمة الموضوع.
(11) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(12) إجراءات "إجراءات التحقيق". استجواب. بطلان. اعتراف. إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أخذ الحكم باعتراف الطاعن والمحكوم عليه الآخر بالتحقيقات وأقوال شهود الإثبات دون غيرها من الأدلة. النعي على الحكم بخصوص تلك الأدلة. لا محل له.
(13) نقض "المصلحة في الطعن". عقوبة "العقوبة المبررة". ارتباط. خطف. سرقة بإكراه.
اعتبار الحكم الجرائم المسندة إلى الطاعن وآخر جريمة واحدة ومعاقبتهما بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 عقوبات وهى جريمة الخطف بالتحيل. انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن جريمة السرقة بالإكراه.
1 - لما كان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إفصاح ذوي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة فلا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه تقديم أسباب له ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً.
2 - جريمة خطف الأنثى التي يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالتحايل والإكراه المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 290 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 214 لسنة 1980 تتحقق بأبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها، وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مرافقة الجاني لها، أو باستعمال أي وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن التحيل والإكراه والقصد الجنائي في هذه الجريمة وتساند في قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى ورداً على ما دفع به الطاعن من انتفاء أركان جريمة الخطف - يتحقق به كافة العناصر القانونية لسائر الجرائم التي دان الطاعن بارتكابها كما هي معرفة به في القانون، كما أن تقدير ركن التحيل أو الإكراه أو توافر القصد الجنائي في جريمة الخطف كلها مسائل موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استدلالها سليماً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - من المقرر أنه يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليها وبغير رضائها سواء باستعمال المتهم في سبيل تنفيذ مقصده من وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك مما يؤثر في المجني عليها فيعدم لها الإرادة - ويقعدها عن المقاومة، كما أن من المقرر أن مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة هتك العرض مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً وليس محكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم، وأنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن القوة في جريمة هتك العرض متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفى للدلالة على قيامه. وهو الحال في الدعوى المطروحة على ما سلف بيانه - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
4 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه إنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن وآخر جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد - وهى جريمة الخطف بالتحيل - فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة هتك العرض ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات.
5 - من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن بإجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة "جناية أو جنحة" قد وقعت من شخص معين، وأن يكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحرمة مسكنه أو ما يتصل بشخصه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة، ولا يوجب القانون حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في هذه التحريات، إذ له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات دون تحديد فترة زمنية لإجراء التحريات. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت على ما سلف بيانه بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر، وردت على الدفع ببطلانه - وهي على بينة من كافة الإجراءات التي سبقته وبني عليها - وأطرحته بما يكفي لإطراحه، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
6 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع بما يسوغ وانتهى إلى القول بأن المحكمة تلتفت عن هذا الدفع لأنه غير قائم على ما يسانده، وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً لإطراحه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
7 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمة ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن كان قد طلب لدى مرافعته بجلسة 3/ 11/ 1990 ضم دفتر أحوال القسم يوم 16/ 12/ 1986 إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه في الجلسات اللاحقة واقتصر في ختام مرافعته بجلسة 4/ 3/ 1991 - والتي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه - على طلب البراءة واحتياطياً استعمال الرأفة، ولما كان هذا الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته، فإن ما ينعاه الطاعن من الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.
8 - الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض، فإن هذا الأصل المقرر لا يتناهى إلى وسائل الدفاع التي لا مشاحه في أن ملاك الأمر فيها يرجع أولاً وأخيراً إلى المتهم وحده يختار منها - هو أن المدافع عنه - ما يناسبه ويتسق مع خطته في الدفاع ويدع منها ما قد يرى - من بعد - أنه ليس كذلك ومن هذا القبيل مسلك الطاعن في الدعوى في المحاكمة الأولى ولدى محكمة الإعادة.
9 - من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية وإذ كان القاضي الجنائي حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء فإن له - إن لم يقم على هذا الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره - أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره، كما له أن يستدل عليه من فعل لاحق للجريمة يشهد به، وإذ استخلص الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى التي ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق بأسباب مؤدية إلى ما قصده الحكم منها أن اتفاقاً مسبقاً تم بين الطاعن والمحكوم عليه الثاني على خطف المجني عليها بالتحيل والإكراه إلى مسكن الطاعن الأول حيث قام بهتك عرضها بالقوة وقام المحكوم عليه الثاني بالتقاط عدة صور لها وهى في وضع مخل مع الطاعن الأول وراحا يبتزان أموالها عن طريق تهديدها بنشر هذه الصور وفضح أمرها، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه، ذلك أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك بطريق الاتفاق بأدلة محسوسة بل يكفي للقول بقيام الاشتراك أن تستخلص المحكمة حصوله من وقائع الدعوى وملابساتها ما دام في تلك الوقائع ما يسوغ الاعتقاد بوجوده وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
10 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها، كما لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وكانت المحكمة قد بينت - على النحو المار بيانه - واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها بما لا تناقض فيه، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على اعترافات الطاعن والمحكوم عليه الآخر وأقوال المجني عليها بدعوى تضاربها أو تنافرها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
11 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وكان مؤدى قضاء محكمة الموضوع بإدانة الطاعن والمحكوم عليه الآخر استناداً إلى أقوال المجني عليها وأدلة الثبوت الأخرى التي أوردها هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه من الطعن يكون غير مقبول.
12 - لما كان ما يثيره الطاعن من بطلان استجوابه والمحكوم عليه الثاني بمحضر الضبط، فإنه مردود بأن الحكم أخذ الطاعن والمحكوم عليه الثاني باعترافاتهما بالتحقيقات وأقوال شهود الإثبات ولم يؤاخذهما بغيره من الأدلة حتى يصح له أن يشكو منها، وكانت أقوال كل من المتهمين - الطاعن والمحكوم عليه الآخر - بمحضر جمع الاستدلالات خارجة عن دائرة استدلال الحكم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل.
13 - لما كان ما يثيره الطاعن من أن الحكم المطعون فيه قد دانه بجريمة السرقة بالإكراه - التي ارتكبها المحكوم عليه الآخر والتي لم تكن محل اتفاقهما أو نتيجة محتملة للخطف كما أن المسروقات التي قيل بسرقتها من حقيبة يد المجني عليها ليس لها قيمة مالية وأن نية تملكها منتفية بدلالة ردها للمجني عليها، فإن ذلك مردود بأن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن والمحكوم عليه الآخر جريمة واحدة وعاقبة بالعقوبة المقررة لأشدها بعد تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن السرقة بإكراه ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة الخطف بالتحيل وأوقعت عليه عقوبتها بوصفها الجريمة الأشد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: خطفاً بالتحايل أنثى هي..... بأن طلب المتهم الأول من...... الاتصال بها تليفونياً وأوعز إليها إخبارها بأن زوجته في حالة وضع وتطلب مساعدتها فتوجهت إلى مسكنه حيث كان هو والمتهم الثاني في انتظارها وما أن طرقت الباب حتى جذبها الأخير إلى الداخل واحتجزها بالمنزل وقد وقعت جريمة الخطف بناء على هذا الإيهام على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: هتكا عرض المجني عليها سالفة الذكر بالقوة والتهديد بأن صوب الثاني سلاحاً نارياً (طبنجة) إلى رأسها وأشهر سكيناً في وجهها وقام بتمزيق ملابسها وناولها مشروباً به مادة مخدرة وقام الأول بخلع ملابسها واحتضانها وتقبيلها بوجنتيها رغماً عنها والتقط الثاني لها صوراً مخلة بالآداب العام على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً: سرقا الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق المملوكة للمجني عليها سالفة الذكر بالإكراه بأن قام المتهم الثاني بإشهار سكين في وجهها واستولى على الأشياء سالفة البيان من حقيبة يدها على النحو المبين بالتحقيقات. رابعاً: هددا المجني عليها المذكورة شفهياً بواسطة شقيقتها....... بإفشاء أمور مخلة بالشرف هي عرض الصور المبينة بالتهمة الثانية على أهلية بلدتها وكان ذلك التهديد مصحوباً بطلب المبالغ المبينة بالتحقيقات. خامساً: هددا المجني عليها سالفة الذكر بإفشاء أمر من الأمور تم التحصل عليها بجهاز (كاميرا) بأن قام المتهم الثاني بالتقاط عدة صور فوتوغرافية لها مع المتهم الأول في مكان خاص (حجرة نوم المتهم الأول) وهدداها بتسليم تلك الصورة الفوتوغرافية لزوجها وذلك لحملها على إعطائهما المبالغ النقدية المبينة القدر بالأوراق. وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 268/ 1، 290/ 1، 309 مكرراً "ب"، 309 مكرراً/ 2، 324/ 1، 327/ 1، 3، بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعية بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.
ومحكمة النقض قضت: أولاً: عدم قبول طعن المحكوم عليه..... شكلاً: ثانياً: بقبول طعن....... شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة له وللمحكوم عليه الآخر وإعادة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
ومحكمة الإعادة قضت حضورياً عملاً بالمواد 32، 268/ 1، 290/ 1، 309 مكرراً/ 2، 314/ 1، 327/ 1 - 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشرة سنوات ومصادرة المضبوطات وإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعية بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)....... إلخ.


المحكمة

حيث إن المحكوم عليه الثاني....... لئن قدم أسبابه في الميعاد المقرر إلا أنه لم يقرر بالطعن بالنقض، ولما كان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إفصاح ذوي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة فلا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه تقديم أسباب له ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الطاعن....... ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الخطف بالتحيل والإكراه وهتك العرض بالقوة والسرقة بالإكراه والتهديد المصحوب بطلب مبالغ نقدية والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال كما ران عليه الإخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم المطعون فيه لم يستظهر القصد الجنائي في جناية الخطف وركنها ولم يدلل على توافر التحيل، والتفت عن دفاع الحاضر معه القائم على أساس أن هتك عرض المجني عليها تم برضائها، وقام دفاعه ببطلان الإذن بالضبط والتفتيش على عدم سبقه بتحريات تسوغه وساق تدليلاً على ذلك أن الفارق الزمني بين تحرير محضر التحريات وبين الإذن كان وجيزاً لا يتسع للإجراءات التي اتخذت بيد أن الحكم أخطأ تحصيل الدفع وفهم مراميه. ما أساسه إلى الخطأ في الرد عليه، وأنه دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما وأحال في بيان ذلك وشرحه إلى أسباب الطعن السابق وقد طلب تحقيقاً لدفعه ضم دفتر أحوال قسم مصر الجديدة غير أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب وردت على الدفع بما لا يصلح، ولم يدلل الحكم تدليلاً سائغاً على اتفاق الطاعن مع المحكوم عليه الآخر على جريمة الخطف، وأقام قضاءه بالإدانة على أدلة متناقضة متنافرة يستحيل الجمع بينها، كما عول الحكم على أقوال المجني عليها رغم أن الثابت بتلك الأقوال أن المحكوم عليه الآخر أعطاها مخدراً فأفقدها الوعي والإدراك - وأنه من غير المتصور أن يكون المحكوم عليه الآخر ممسكاً بطبنجة وسكين ويعبث بمحتويات حقيبتها، كما عول الحكم المطعون فيه على أقوال الطاعن والمحكوم عليه الآخر بمحضر الاستدلالات رغم بطلان استجوابهما بذلك المحضر، ودان الطاعن عن جريمة السرقة بالإكراه التي ارتكبها المحكوم عليه الثاني مع أنها لم تكن محل اتفاقهما أو نتيجة محتمله للخطف فضلاً عن أن الصور والأوراق التي قالت المجني عليها بسرقتها من حقيبتها ليس لها قيمة مالية وأن نية تملكها منتفية بدلالة ردها لها، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أثبت بياناً للواقعة مما محصله "أن المجني عليها...... تربطها صلة بالمتهم...... وزوجته وفي يوم...... اتصلت بها هاتفياً إحدى السيدات وأبلغتها بأن زوجة المتهم...... في حالة وضع وأنها في حاجة ضرورية لمساعدتها، ولكون المجني عليها تعلم بأن زوجة المتهم في حالة وضع فتوجهت إلى مسكن المتهم فوجدت باب المسكن "موارباً" وقامت بالنداء على من بداخل المسكن فوجئت بالمتهم...... قام بجذبها داخل المسكن وأغلق الباب وهددها بطبنجة وسكين بأن وضعهما صوب رأسها ورقبتها وتمكن بهذه الطريقة بالاتفاق مع المتهم..... من خطفها بالتحايل وإحضارها إلى منزل المتهم الأخير بعيداً عن زوجها ثم قام بالاعتداء عليها بالضرب المبرح وجذب القميص والسترة التي ترتديهما وقام بشد وثاقها بأحد المقاعد وأعد كوبين من الشاي وأجبرها على احتسائها تحت تهديد الطبنجة والسكين اللذين كانا يشهرهما صوب رأسها، ثم شعرت بالدوار وقام باصطحابها إلى غرفة النوم حيث كان يوجد بها المتهم...... الذي قام بخلع سترة البيجامة التي كان يرتديها بناء على طلب المتهم الآخر وقام بهتك عرضها بأن قام باحتضانها وتقبيلها بالقوة بينما قام المتهم...... بتصويرها في هذا الوضع وبعد ذلك قام وهو ما زال ممسكاً بالسكين والطبنجة بفتح حقيبة المجني عليها وأخذ يعبث بمحتوياتها وسرق منها صور وأوراق علاج، ثم قام بإعطائها ملابسها وأوقفاً سيارة لتوصيلها إلى مسكنها وهى ما زالت في حالة دوار، وبعد ذلك اتصل بها تليفونياً المتهم...... وأفهمها بأن المتهم...... يطلب منها مبلغ ألف جنيه حتى لا يقوم ينشر الصور التي التقطت له معها ويفضح أمرها ونظراً لعدم تواجد هذا المبلغ وقتها معها فاصطحبته والمتهم الثاني إلى منزل شقيقتها...... بشارع...... وأحاطتها علماً بما حدث لها وأخذت منها مبلغ ألف جنيه وسلمت هذا المبلغ للمتهمين في يوم...... وتمكن المتهمان بذلك من ابتزاز أموال المجني عليها وبعد ذلك طلبت منه باقي الصور فأبلغها بأن المتهم...... سوف لا يسلمها باقي الصور إلا بعد أن تعطيه باقي المبلغ، واتصل بها المتهم.... يوم...... لدى شقيقتها وطلب منها باقي المبلغ فحددت لهما يوم...... موعداً لتسليمهما باقي المبلغ مقابل أن يسلماها الصور الخاصة بها، وبتاريخ...... توجهت شقيقة المجني عليها لمقابلة المتهمين حسب الموعد المتفق عليه وقدمت لهما مبلغ خمسمائة جنيه فسلماها صورتين فقط وحددا موعداً يوم...... أمام سينما روكسي لكي تعطيهما باقي المبلغ على أن يسلماها باقي الصور وأصل الفيلم المصور وأبلغت المجني عليها وزوجها شرطة مصر الجديدة بالواقعة، وفى الموعد المتفق عليه حضر المتهمان وتقابلا مع شقيقة المجني عليها أمام سينما روكسي، وقامت بتسليم المتهم...... باقي المبلغ المتفق عليه وهو ألفين وخمسمائة جنيه بداخل ورقة إحدى الصحف وسلمها الثلاث صور وأصل الفيلم المصور لها، وتوجه إلى حيث ينتظره المتهم الثاني على بعد حوالي خمسين متراً وتم ضبط المتهمين بمعرفة القوة التي كانت تعد لهما كميناً وأن هذا الضبط كان بناء على تحريات سابقة وإذن من النيابة العامة". ودلل الحكم على هذا الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة وهى شهادة كل من....، ....، .... ، والنقيب...... ومن اعتراف كل من المتهمين بالتحقيقات. لما كان ذلك، وكانت جريمة خطف الأنثى التي يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالتحايل والإكراه المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 290 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 214 لسنة 1980 تتحقق بأبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها، وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مرافقة الجاني لها، أو باستعمال أي وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن التحيل والإكراه والقصد الجنائي في هذه الجريمة وتساند في قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى ورداً على ما دفع به الطاعن من انتفاء أركان جريمة الخطف - يتحقق به كافة العناصر القانونية لسائر الجرائم التي دان الطاعن بارتكابها كما هي معرفة به في القانون، كما أن تقدير ركن التحيل أو الإكراه أو توافر القصد الجنائي في جريمة الخطف كلها مسائل موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استدلالها سليماً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليها وبغير رضائها سواء باستعمال المتهم في سبيل تنفيذ مقصده من وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك مما يؤثر في المجني عليها فيعدم لها الإرادة - ويقعدها عن المقاومة، كما أن من المقرر أن مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة هتك العرض مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم، وأنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن القوة في جريمة هتك العرض متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. وهو الحال في الدعوى المطروحة على ما سلف بيانه - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. هذا فضلاً عن أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن وآخر جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد - وهى جريمة الخطف بالتحيل - فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة هتك العرض ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن بإجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة "جناية أو جنحة" قد وقعت من شخص معين، وأن يكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحرمة مسكنه أو ما يتصل بشخصه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة، ولا يوجب القانون حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في هذه التحريات، إذ له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات دون تحديد فترة زمنية لإجراء التحريات. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت على ما سلف بيانه بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر، وردت على الدفع ببطلانه - وهى على بينة من كافة الإجراءات التي سبقته وبني عليها - وأطرحته بما يكفى لإطراحه، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع بما يسوغ وانتهى إلى القول بأن المحكمة تلتفت عن هذا الدفع لأنه غير قائم على ما يسانده، وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً لإطراحه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمة ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن كان قد طلب لدى مرافعته بجلسة 3/ 11/ 1990 ضم دفتر أحوال القسم يوم 16/ 12/ 1986 إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه في الجلسات اللاحقة واقتصر في ختام مرافعته بجلسة 4/ 3/ 1991 - والتي اُختتمت بصدور الحكم المطعون فيه على طلب البراءة واحتياطياً استعمال الرأفة، ولما كان هذا الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته، فإن ما ينعاه الطاعن من الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل، ولا يغير من ذلك أن يكون المدافع عن الطاعن قد أثار هذا الطلب أمام محكمة الموضوع قبل صدور الحكم المنقوض أو أثاره بمذكرة أسباب طعنه السابق وأشار بصدد مرافعته لدى محكمة الإعادة إلى ما ورد بتلك المذكرة من دفاع ودفوع وقدم صورة منها، لأنه وإن كان الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض، فإن هذا الأصل المقرر لا يتناهى إلى وسائل الدفاع التي لا مشاحة في أن ملاك الأمر فيها يرجع أولاً وأخيراً إلى المتهم وحده يختار منها - هو أو المدافع عنه - ما يناسبه ويتسق مع خطته في الدفاع ويدع منها ما قد يرى - من بعد - أنه ليس كذلك ومن هذا القبيل مسلك الطاعن في الدعوى في المحاكمة الأولى ولدى محكمة الإعادة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق بإتحاد نية إطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية وإذ كان القاضي الجنائي حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء فإن له - إن لم يقم على هذا الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره - أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره، كما له أن يستدل عليه من فعل لاحق للجريمة يشهد به، وإذ استخلص الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى التي ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق بأسباب مؤدية إلى ما قصده الحكم منها أن اتفاقاً مسبقاً تم بين الطاعن والمحكوم عليه الثاني على خطف المجني عليها بالتحيل والإكراه إلى مسكن الطاعن الأول حيث قام بهتك عرضها بالقوة وقام المحكوم عليه الثاني بالتقاط عدة صور لها وهى في وضع مخل مع الطاعن الأول وراحا يبتزان أموالها عن طريق تهديدها بنشر هذه الصور وفضح أمرها، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه، ذلك أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك بطريق الاتفاق بأدلة محسوسة بل يكفي للقول بقيام الاشتراك أن تستخلص المحكمة حصوله من وقائع الدعوى وملابساتها ما دام في تلك الوقائع ما يسوغ الاعتقاد بوجوده وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها، كما لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وكانت المحكمة قد بينت - على النحو المار بيانه - واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها بما لا تناقض فيه، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على اعترافات الطاعن والمحكوم عليه الآخر وأقوال المجني عليها بدعوى تضاربها أو تنافرها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه عول على أقوال المجني عليها مع أن الثابت بتلك الأقوال أن المحكوم عليه الثاني أعطاها مخدراً أفقدها الوعي والإدراك، وأنه من غير المتصور أن يكون - المحكوم عليه الثاني ممسكاً بطبنجة وسكين ويعبث بمحتويات حقيقتها. فإنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وكان مؤدى قضاء محكمة الموضوع بإدانة الطاعن والمحكوم عليه الآخر استناداً إلى أقوال المجني عليها وأدلة الثبوت الأخرى التي أوردها هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه من الطعن يكون غير مقبول. وأما بخصوص ما يثيره الطاعن من بطلان استجوابه والمحكوم عليه الثاني بمحضر الضبط، فإنه مردود بأن الحكم أخذ الطاعن والمحكوم عليه الثاني باعترافاتهما بالتحقيقات وأقوال شهود الإثبات ولم يؤاخذهما بغيره من الأدلة حتى يصح له أن يشكو منها، وكانت أقوال كل من المتهمين - الطاعن والمحكوم عليه الآخر - بمحضر جمع الاستدلالات خارجة عن دائرة استدلال الحكم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. وأما بشأن ما يثيره الطاعن من أن الحكم المطعون فيه قد دانه بجريمة السرقة بالإكراه - التي ارتكبها المحكوم عليه الآخر والتي لم تكن محل اتفاقهما أو نتيجة محتملة للخطف كما أن المسروقات التي قيل بسرقتها من حقيبة يد المجني عليها ليس لها قيمة مالية وأن نية تملكها منتفية بدلالة ردها للمجني عليها، فإن ذلك مردود بأن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن والمحكوم عليه الآخر جريمة واحدة وعاقبة بالعقوبة المقررة لأشدها بعد تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن السرقة بالإكراه ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة الخطف بالتحيل وأوقعت عليه عقوبتها بوصفها الجريمة الأشد لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.