أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 338

جلسة 4 من مارس سنة 1986

برياسة السيد المستشار: محمد عبد الرحيم نافع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن غلاب ومحمد أحمد حسن ومحمود رضوان والسيد عبد المجيد العشري.

(69)
الطعن رقم 5333 لسنة 54 القضائية

(1) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "شهادة" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الشهادة. تعريفها؟ اقتضاؤها القدرة على التمييز. جواز رد الشاهد لعدم قدرته على التمييز. المادتان 287 إجراءات جنائية. 82 إثبات.
تمسك المتهم بعدم قدرة المجني عليه على التمييز وتقديمه تقريراً يظاهر ذلك. دفاع جوهري. التعويل على أقواله دون تحقيق ذلك. قصور.
(2) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
1 - لما كان الأصل في الشهادة هو تقدير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه، فهي تقتضي بداهة فيمن يؤديها القدرة على التمييز لأن مناط التكليف بأدائها هو القدرة على تحملها ولذا فقد أجازات المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية - التي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية - رد الشاهد إذا كان غير قادر على التمييز لهرم أو حداثة أو مرض أو لأي سبب آخر، مما مقتضاه أنه يتعين على محكمة الموضوع إن هي رأت الأخذ بشهادة شاهد قامت منازعة جدية على قدرته على التمييز أن تحقق هذه المنازعة بلوغاً إلى غاية الأمر فيها للاستيثاق من قدرة هذا الشاهد على تحمل الشهادة أو ترد عليها بما يفندها، وإذا ما كان الطاعن قد طعن على شهادة المجني عليه.... بأنه مصاب بالجنون وسبق الحكم بالحجر عليه وقدم صورة لكشف طبي صادرة من الوحدة المحلية يظاهر هذا الدفاع، وقعدت المحكمة عن تحقيق قدرته على التمييز أو بحث خصائص إرادته وإدراكه العام استيثاقاً من تكامل أهليته لأداء الشهادة، وعولت في الوقت نفسه على شهادته في قضائها بإدانة الطاعن بالرغم من قيام منازعته الجدية حول قدرته على الإدلاء بشهادته بتعقل ودون تعرض لهذه المنازعة في حكمها المطعون فيه، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الفساد في الاستدلال.
2 - إن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً فإذا استبعد أحدها تعذر التعرف على مبلغ ما كان له من أثر في عقيدة المحكمة، لا سيما وأن البين من الحكم أن أقوال المجني عليه كانت الدعامة الأساسية لقضائه بإدانة الطاعن مما لا يمكن معه التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: تقاضى من.... و.... المبالغ النقدية المبينة بالأوراق كمقدم إيجار، وطلبت عقابه بالمواد 1، 24، 26، 26 مكرراً من القانون رقم 49 لسنة 1977، ومحكمة جنح.... قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة ألف جنيه لوقف التنفيذ وتغريمه أربعة آلاف جنيه ورد مبلغ ألف جنيه لكل من المجني عليهما. فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة.... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل العقوبة والاكتفاء بتغريم المتهم أربعة آلاف جنيه وإلزامه برد مبلغ ألف جنيه لكل من المجني عليهما.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقاضي مبالغ كمقدم إيجار يزيد عن الحد المقرر قانوناً فقد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه عول في الإدانة فيما عول عليه على الدليل المستمد من أقوال المجني عليه الأول..... دون تحقيق منازعة الطاعن الجدية بأنه مصاب بالجنون وسبق الحجر عليه أو الرد عليها بما يفندها. مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
حيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة وما حصله الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن تمسك بأن المجني عليه..... سبق الحكم بالحجر عليه للجنون. ومن ثم فلا يعتد بأقواله كشاهد إثبات في الواقعة المسندة إلى الطاعن وقدم تأييداً لدفاعه شهادة طبية تظاهره في اعتلال الشاهد بهذه العلة العقلية. لما كان ذلك، وكان الأصل في الشهادة هو تقدير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه، فهي تقتضي بداهة فيمن يؤديها القدرة على التمييز لأن مناط التكليف بأدائها هو القدرة على تحملها ولذا فقد أجازات المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية - التي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية - رد الشاهد إذا كان غير قادر على التمييز لهرم أو حداثة أو مرض أو لأي سبب آخر، مما مقتضاه أنه يتعين على محكمة الموضوع أن هي رأت الأخذ بشهادة شاهد قامت منازعة جدية على قدرته على التمييز أن تحقق هذه المنازعة بلوغاً إلى غاية الأمر فيها للاستيثاق من قدرة هذا الشاهد على تحمل الشهادة أو ترد عليها بما يفندها، وإذا ما كان الطاعن قد طعن على شهادة المجني عليه..... بأنه مصاب بالجنون وسبق الحكم بالحجر عليه وقدم صورة لكشف طبي صادرة من الوحدة المحلية يظاهر هذا الدفاع، وقعدت المحكمة عن تحقيق قدرته على التمييز أو بحث خصائص إرادته وإدراكه العام استيثاقاً من تكامل أهليته لأداء الشهادة، وعولت في الوقت نفسه على شهادته في قضائها بإدانة الطاعن بالرغم من قيام منازعته الجدية حول قدرته على الإدلاء بشهادته بتعقل ودون تعرض لهذه المنازعة في حكمها المطعون فيه، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الفساد في الاستدلال. ولا يعصمه من هذا العيب كونه قد عول في قضائه على أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً فإذا استبعد أحدها تعذر التعرف على مبلغ ما كان له من أثر في عقيدة المحكمة، لا سيما وأن البين من الحكم أن أقوال المجني عليه كانت الدعامة الأساسية لقضائه بإدانة الطاعن مما لا يمكن معه التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.