أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 537

جلسة 2 من إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة، محمد حسن العفيفي، ممدوح السعيد، ولطفي عبد العزيز.

(115)
الطعن رقم 1200 لسنة 52 القضائية

(1) تأميم "لجان التقييم".
لجان التقييم. نطاق اختصاصها، م 3 ق 117، 118 لسنة 1961. نهائية قرارها وعدم قابليته للطعن. شرطه. التزامها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت التأميم. قرارها بالفصل في نزاع بين المنشأة المؤممة وبين الغير بشأن الأموال والحقوق المتنازع عليها أو متعلق بالتقييم. لا حجية له. اختصاص المحاكم بتحقيقه والفصل فيه.
(2) تأميم "لجان التقييم".
تحديد لجنة التقييم لعنصر من عناصر المنشأة المؤممة على نحو مؤقت. أثره. استبقاء هذا العنصر في نطاق التأميم. تحديده من بعد بصفة نهائية. أثره. ارتداد التحديد إلى وقت التأميم.
(3) تأميم.
النص على أداء قيمة المنشآت المؤممة بموجب سندات اسمية على الدولة. مؤداه. التزام الدولة ممثلة في وزارة المالية بهذه القيمة. م 2 ق 117 لسنة 1961 وم 4 ق 118 لسنة 1961.
1 - اختصاص لجان التقييم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وبينته المادة الثالثة من القانونين 117، 118 لسنة 1961 - هو تقييم رؤوس أموال الشركات المساهمة المؤممة التي لم تكن أسهمها متداولة في البورصة أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور وكذلك تقييم المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة، وتقييم رأس مال المنشأة يكون بتحديد الحقوق والأموال المملوكة لها وقت تأميمها وتقدير قيمتها وتحديد مقدار ديونها في ذلك التاريخ وعلى ضوء ذلك يتحدد صافي رأس مال المنشأة المؤممة ويكون قرار لجنة التقييم في هذا الشأن نهائياً وغير قابل للطعن فيه متى التزمت اللجنة في تقييمها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت تأميمها، وأما إذا خرجت لجنة التقييم عن هذا النطاق الذي رسمه لها المشرع بأن أضافت إلى أموال وحقوق المنشأة ما ليس لها أو استبعدت منها شيئاً أو حملتها بديون ليست ملزمة بها، فإن قرارها في هذا الصدد لا يكتسب أية حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن، كما أنه ليس للجان التقييم أن تفصل في أي نزاع يثور بشأن الأموال والحقوق المتنازع عليها بين المنشأة المؤممة وبين الغير أو أن تتعرض لأي نزاع آخر يتعلق بالتقييم في ذاته ذلك أن تحقيق المنازعات والفصل فيها من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة في ذلك إلا ما استثنى بنص خاص، فإذا تعرضت لجنة التقييم للفصل في تلك المنازعات فإن قرارها لا يكتسب حصانة تحول دون طرح تلك المنازعات على المحاكم المختصة لتحقيقها والفصل فيها ولا يعد ذلك طعناً في قرارات لجان التقييم وإنما هو سعي إلى الجهة ذات الولاية العامة للحصول على قضاء يحسم تلك المنازعات.
2 - تحديد لجنة التقييم لعنصر من عناصر المنشأة المؤممة على نحو مؤقت لا يخرج هذا العنصر من عناصر المنشأة سواء كان من الخصوم أو الأصول ولا يبعده عن نطاق التأميم ومن ثم إذا تم تحديد هذا العنصر بصفة نهائية بمعرفة الجهة المختصة ارتد أثر هذا التحديد إلى وقت التأميم فإن ترتب عليه زيادة في رأس مال المنشأة جرت على تلك الزيادة ما يجري على قيمة المنشأة المؤممة من أحكام.
3 - إذ كانت المادة الثانية من القانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت والمادة الرابعة من القانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة في بعض الشركات والمنشآت قد نصتا على أن تؤدى قيمة المنشآت الموضحة بموجب سندات اسمية على الدولة، فإن مؤداه التزامها ممثلة في وزارة المالية بهذه القيمة على هذا النحو.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأولين أقاما الدعوى رقم 4921 سنة 1974 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة والمطعون ضده الثالث بصفته (وزير المالية) وآخرين أن يدفعوا متضامنين إليهما مبلغ 6003.005 ج وقالا بياناً لذلك أنه بموجب القانون رقم 151 سنة 1963 الملحق بالقانون رقم 117 سنة 61 أممت الدولة النجدة النهرية "عاكف" المملوكة لهما، وإذ قدرت لجنة التقييم المختصة تلك الوحدة بمبلغ 6532.927 ج وسددت الطاعنة - بعد التأميم - الضرائب وأجور العمال المستحقة عليها، فإنهما يستحقان المبلغ المطالب به باعتباره الباقي من ثمن الوحدة بعد هذا السداد مضافاً إليه الفائدة القانونية المقررة بقانون التأميم، وبتاريخ 28/ 12/ 1975 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 25/ 11/ 1979 بإلزام الطاعنة أن تدفع إلى المطعون ضدهما الأولين مبلغ 3223.973 ج والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة في 9/ 11/ 1974 حتى السداد، استأنفت الطاعنة والمطعون ضدهما الأولان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئناف الطاعنة برقم 91 سنة 97 ق والمطعون ضدهما سالفي الذكر برقم 120 سنة 97 ق وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت بتاريخ 22/ 2/ 1982 في أولهما برفضه وفي الثاني بتعديل الحكم المستأنف إلى جعل الفوائد القانونية من تاريخ التأميم الحاصل في 6/ 11/ 1963، وأيدته فيما عدا ذلك، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض على هذه الدائرة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالخامس منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أنها دفعت أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى استناداً إلى أن النزاع المطروح يعد طعناً في قرار لجنة تقييم الوحدة النهرية المؤممة الذي انتهى إلى تقييمها بصفر وقت التأميم، وإذ كان هذا القرار يعد من أعمال السيادة ولا يجوز الطعن فيه بأي وجه من الوجوه إعمالاً لحكم المادة الثالثة من القانون رقم 117 لسنة 1961، فإن الحكم المطعون فيه وقد رفض هذا الدفع وتصدى لموضوع النزاع على سند من أنه لا يعدو أن يكون مجرد مطالبة بدين مدني يحق المطالبة به - يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن اختصاص لجان التقييم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وبينته المادة الثالثة من القانونين 117، 118 لسنة 1961 هو تقييم رؤوس أموال الشركات المساهمة المؤممة التي لم تكن أسهمها متداولة في البورصة أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور، وكذلك تقييم المنشآت غير المتخذة بشكل شركات مساهمة، وتقييم رأس مال المنشاة يكون بتحديد الحقوق والأموال المملوكة لها وقت تأميمها وتقدير قيمتها وتحديد مقدار ديونها في ذلك التاريخ وعلى ضوء ذلك يتحدد صافي رأس مال المنشأة المؤممة ويكون قرار لجنة التقييم في هذا الشأن نهائياً وغير قابل للطعن فيه متى التزمت اللجنة في تقييمها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت تأميمها، أما إذا خرجت لجنة التقييم عن هذا النطاق الذي رسمه لها المشرع بأن أضافت إلى أموال وحقوق المنشأة ما ليس لها أو استبعدت منها شيئاً أو حملتها بديون ليست ملزمة بها، فإن قرارها في هذا الصدد لا يكتسب أية حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن، كما أنه ليس للجان التقييم أن تفصل في أي نزاع يثور بشأن الأموال والحقوق المتنازع عليها بين المنشأة المؤممة وبين الغير أو أن تتعرض لأي نزاع آخر يتعلق بالتقييم في ذاته ذلك أن تحقيق المنازعات والفصل فيها من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة في ذلك إلا ما استثنى بنص خاص، فإذا تعرضت لجنة التقييم للفصل في تلك المنازعات فإن قرارها لا يكتسب حصانة تحول دون طرح تلك المنازعات على المحاكم المختصة لتحقيقها والفصل فيها ولا يعد ذلك طعناً في قرارات لجان التقييم وإنما هو سعي إلى الجهة ذات الولاية العامة للحصول على قضاء بحسم تلك المنازعات، لما كان ذلك، وكان المطعون ضدهما الأولان باعتبارهما مالكي الوحدة النهرية المؤممة "عاكف" ينازعان في مقدار المبلغ الذي خصصته لجنة التقييم لمطلوبات مصلحة الضرائب وأجور العمال ومكافأة نهاية الخدمة، لأنه يزيد على ما استحق عليهم بالفعل، فإن هذه المنازعة لا تنطوي على طعن في قرار لجنة التقييم ولا شأن لها بالتقييم ولا تدخل في اختصاص تلك اللجنة، وقرارها لا يحوز حجية في شأن المبلغ المذكور، ومن ثم لا يمنع المحاكم ذات الاختصاص العام بنظر المنازعة السالف ذكرها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول إن القانون رقم 117 لسنة 1961 قد تكفل بجعل الدولة - ممثلة في وزارة المالية وليست الشركة الطاعنة - هي المسئولة عن تعويض أصحاب المنشآت المؤممة إن كانت لهم ثمة مستحقات ناتجة عن التأميم، على أن يتم سدادها بإصدار سندات لصالح أصحاب هذه المنشآت، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلص إلى إلزامها دون الدولة بالمبلغ المطالب به فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلزام الطاعنة نقداً بقيمة الفرق بين ما خصصته لجنة التقييم لحساب الضرائب المستحقة على الوحدة المؤممة ومكافأة نهاية الخدمة وأجور العمال المستحقة وبين ما استحق منها بالفعل على قوله: "إن الشركة المستأنفة (الطاعنة) قد آلت إليها بموجب قانون التأميم رقم 117 لسنة 1961 والقانون رقم 151 لسنة 1963 حقوق الوحدة المؤممة (عاكف) موضوع الدعوى الحالية، ومن ثم تصبح مسئوليتها عنها مسئولية كاملة عن الالتزامات المترتبة عليها في حدود الحقوق التي آلت إليها ومطلب الدعوى الماثلة لا يخرج عن الحدود التي تلتزم بها الشركة المذكورة" وهذا الذي أورده الحكم خطأ في القانون ذلك أن تحديد لجنة التقييم لعنصر من عناصر المنشأة المؤممة على نحو مؤقت لا يخرج هذا العنصر من عناصر المنشأة سواء كان من الخصوم أو الأصول ولا يبعده عن نطاق التأميم ومن ثم إذا تم تحديد هذا العنصر بصفة نهائية بمعرفة الجهة المختصة ارتد أثر هذا التحديد إلى وقت التأميم فإن ترتب عليه زيادة في رأس مال المنشأة جرت على تلك الزيادة ما يجري على قيمة المنشأة المؤممة من أحكام، ولما كانت المادة الثانية من القانون رقم 117 سنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت والمادة الرابعة من القانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة في بعض الشركات والمنشآت قد نصتا على أن تؤدى قيمة المنشآت المؤممة بموجب سندات اسمية على الدولة بما مؤداه التزامها ممثلة في وزارة المالية بهذه القيمة على هذا النحو، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.