مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1955 إلى آخر يناير سنة 1956) - صـ 165

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

(21)
القضية رقم 287 لسنة 1 القضائية

( أ ) موظف - علاقته بالحكومة علاقة تنظيمية - جواز تعديل مركزه القانوني وفق المصلحة العامة - عدم سريان التنظيم الجديد بأثر رجعي يهدر المراكز القانونية الذاتية إلا بنص خاص في قانون وليس في أداة أدنى.
(ب) جيش - الأفراد العسكريون بالقوات المسلحة - عدم استحقاقهم للعلاوة الاجتماعية المقررة بقواعد الإنصاف - أساس ذلك.
(ج) تقادم خمسي - قيامه على قرينة قانونية مفادها افتراض أداء المدين لتلك الديون من إيراده وأن تراكمها أكثر من خمس سنوات تكليف بما يجاوز السعة - هذه القرينة لا تقبل الدليل العكسي - انطباقه على علاوات الموظفين - منازعة الحكومة في أصل استحقاق العلاوة لا تمنع من سريان هذا التقدم - معنى الدورية والتجدد المنصوص عليهما بالمادة 375 من القانون المدني.
1 - إن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، ومركز الموظف هو مركز قانوني عام يجوز تعديله وتغييره وفقاً لمقتضات المصلحة العامة بتنظيم جديد يسري عليه بأثر حال مباشر من تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت لصالح الموظف في ظل النظام القديم إلا بنص خاص في قانون وليس في أداة أدنى منه.
2 - إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 متضمناً قواعد الإنصاف التي استند إليها الحكم المطعون فيه في قضائه للمطعون عليه باستحقاق العلاوة الاجتماعية، هو قرار خاص بتقدير شهادات ومؤهلات دراسية، ومن ثم فإنه يدخل ضمن القرارات التي لا تسري على الأفراد العسكريين بالقوات المسلحة من تاريخ العمل بها وفقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 599 لسنة 1953.
3 - إن الدورية والتجدد المنصوص عليهما بالمادة 375 من القانون المدني هما من الخصائص المتفرعة عن طبيعة الحق في ذاته؛ إذ يقصد بالدورية أن يكون الحق مستحقاً في مواعيد متتالية، وبالتجدد أن ما يؤدى من الدين لا ينتقص من أصله. وكلا الوصفين قائم بالعلاوات عامة، فشأنها في ذلك شأن المرتبات التي أوردتها المادة 375 سالفة الذكر فيما أوردته من أمثلة لهذا النوع من الحقوق التي تسقط بمضي خمس سنوات... والعلاوة في حقيقتها جزء من المرتب، ولا يغير من طبيعة المرتب أو العلاوة، كحق دوري متجدد، قيام المنازعة في أصل استحقاقه، إذ لا شأن لذلك بمدة التقادم كما أشارت إلى ذلك المادة 375 حين نصت على أن الحق الدوري المتجدد يسقط بمضي خمس سنوات ولو أقر به المدين فتسري هذه المدة من باب أولي إذا نازع فيه. ومرد ذلك إلى أن التقادم الخمسي لا يقوم على قرينة الوفاء، كما هو الشأن فيما عداه من ضروب التقادم، وإنما يرجع في أساسه إلى أن المدين يفرض فيه أداء الديون الدورية المتجددة من إيراده، فلو أجبر على الوفاء بما تراكم منها بعد انقضاء خمس سنوات فأكثر من تاريخ استحقاقها لأفضى ذلك إلى تكليفه بما يجاوز السعة. وقد جعل للمدين، تفريعاً على ذلك، أن يتمسك بانقضاء تلك المدة ولو بعد إقراره بقيام الدين في ذمته. هذا ومما يجب التنبيه إليه أن القرينة التي يقوم عليها التقادم الخمسي هي قرينة قانونية قاطعة لا تقبل الدليل العكسي.


إجراءات الطعن

في 21 من أغسطس سنة 1955 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة الإدارية العليا صحيفة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بمدينة الإسكندرية بجلستها المنعقدة في 21 من يونيه سنة 1955 في القضية رقم 587 لسنة 2 قضائية المرفوعة من الصول سعد محمد أحمد حسن مرعي ضد وزارة الحربية والبحرية، وهو يقضي باستحقاق المدعي للإعانة الاجتماعية المقررة بقواعد الإنصاف اعتباراً من أول إبريل سنة 1946 حتى 30 من يونيه سنة 1952 وإلزام المدعى عليها بالمصاريف ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وطلب رئيس هيئة مفوضي الدولة قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلزام المدعي بالمصروفات.
وقد أعلن الطعن إلى المطعون عليه في 31 من أغسطس سنة 1955، وإلى وزارة الحربية والبحرية في 27 من هذا الشهر.
وعين لنظر الطعن جلسة 5 من نوفمبر سنة 1955 وفيها سمعت إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن الصول سعد محمد أحمد حسن مرعي رفع إلى المحكمة الإدارية بمدينة الإسكندرية الدعوى رقم 587 لسنة 2 ق بصحيفة مؤرخة 14 من نوفمبر سنة 1954 طالباً الحكم بأحقيته في صرف الإعانة الاجتماعية المستحقة له عن المدة من أول إبريل سنة 1946 "تاريخ تنفيذ قواعد الإنصاف على متطوعي الجيش الحاصلين على مؤهلات دراسية". إلى 30 من يونيه سنة 1952 وهو "التاريخ السابق على تطبيق القانون رقم 168 لسنة 1952 في شأن مرتبات صولات وصف ضباط وعساكر القوات المسلحة" - وقال بياناً لدعواه إن وزارة الحربية والبحرية لم تطبق قواعد الإنصاف عليه كما لم تطبقها على زملائه متطوعي الجيش من حملة المؤهلات الدراسية مما أثار شكواهم، فاستصدرت الوزارة قراراً من مجلس الوزراء يقضي بتطبيق هذه القواعد عليهم ابتداء من أول إبريل سنة 1946، ولكن الوزارة لم تطبق القواعد المذكورة عليهم تطبيقاً كاملاً؛ إذا أغفلت صرف العلاوات الدورية والاجتماعية إليهم رغم النص عليها بقواعد الإنصاف.
وقد دفعت الوزارة الدعوى بمذكرة جاء بها أن قواعد الإنصاف تسري على المدنيين فقط دون العسكريين، كما أن مجلس الوزراء أصدر في 17 من أغسطس سنة 1952 قراراً تضمن أحكاماً جديدة في شأن العلاوة الاجتماعية المستحقة للصولات وضباط الصف والعساكر، وقد حلت هذه الأحكام محل قواعد الإنصاف في هذا الخصوص، ونص على سريانها اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 دون صرف فروق عن الماضي - وإزاء صراحة هذا النص لا يستحق المدعي صرف الفروق التي يدعيها - وأخيراً دفعت الوزارة بسقوط حق المدعي في هذه الفروق بالتقادم الخمسي لانقضاء أكثر من خمس سنوات من تاريخ استحقاقها حتى تاريخ رفع الدعوى. وعقب المدعي على دفاع الوزارة بمذكرة حاصلها أن مجلس الوزراء قرر صراحة سريان قواعد الإنصاف على متطوعي الجيش من حملة المؤهلات اعتباراً من أول إبريل سنة 1946، فلا محل للاجتهاد مع صراحة هذا النص. أما قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من أغسطس سنة 1952 فليس من شأنه أن يهدر الحقوق التي اكتسبت في ظل القرار السابق. وقال، رداً على الدفع بسقوط حقه بالتقادم الخمسي، إنه يشترط لقبول هذا الدفع أن يكون الدين دورياً متجدداً خالياً من النزاع، وقد امتنعت هذه الشروط جميعاً في الحق المدعى به؛ ذلك أنه لم يصدر قراراً من جهة الإدارة بمنحه العلاوة الاجتماعية حتى يصدق عليها وصفاً الدورية والتجدد، كما أن الوزارة تصر على منازعته هذا الحق. وقد ردت الحكومة بمذكرة أخرى على تعقيب المدعي، كما عقب هذا الرد المذكور، وأصر كل طرف على وجهة نظره سالفة الذكر. وفي 21 من يونيه سنة 1955 قضت المحكمة باستحقاق المدعي للإعانة الاجتماعية المقررة بقواعد الإنصاف اعتباراً من أول إبريل سنة 1946 حتى 30 من يونيه سنة 1952 وإلزاما المدعى عليها بالمصاريف وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وقد بنت قضاءها على أن حق المدعي وزملائه في الإفادة من قواعد الإنصاف قد نشأ بقرار مجلس الوزراء الذي قضى بتطبيقها عليهم اعتباراً من أول إبريل سنة 1946، وليس من شأن قرار 17 من أغسطس 1952 اللاحق أن يهدر هذا الحق. أما الدفع بسقوط حق المدعي بالتقادم الخمسي فمردود بأن الحقوق التي يسري في شأنها هذا النوع من التقادم يجب أن تكون دورية متجددة خالية من النزاع، وقد كان الأمر يقتضي إصدار قرار تنفيذي بمنح المدعي العلاوة الاجتماعية حتى تندمج في المرتب ويصدق عليها وصفاً الدورية والتجدد، ولكن الوزارة لم تصدر هذا القرار، كما أنها ظلت تنازع المدعي حقه في هذه العلاوة مما يجعل هذا الحق قلقاً غير مستقر. كما أن المنازعة في الحق إنما تصدر عن سوء نية فلا يجوز أن يترتب عليها إفادة المنازع من التقادم الخمسي القصير، وإنما تسري في هذه الحالة أحكام التقادم العادي. وقد طعن رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم للأسباب المبينة بصحيفة الطعن.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن منح الإعانة الاجتماعية مقصور على الموظفين والمستخدمين المدنيين دون العسكريين الذين اختصوا بكادر ذي نظام مستقبل عن نظام الدرجات المدنية. والتحدي في هذا الصدد بقرار مجلس الوزراء الصادر في أول إبريل سنة 1946 مردود بأن القانون رقم 599 لسنة 1953 يقضي في مادته الأولى بأن لا تسري على الأفراد العسكريين بالقوات المسلحة أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 أو أي قانون أو قرار سابق بتقدير شهادة أو مؤهل وذلك من تاريخ العمل بها، ولما كانت قواعد الإنصاف تتضمن تقدير مؤهلات علمية فإنها تعتبر ملغاة غير سارية الأفراد العسكريين بالقوات المسلحة من تاريخ العمل بها، ويكون الحكم المطعون فيه، إذ ذهب إلى غير هذا المذهب، قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله. أما الدفع بالتقادم الخمسي فإنه يقوم على أساس قانوني سليم؛ ذلك أن المادة 375 من القانون المدني التي نصت على الحقوق التي تتقادم بمضي خمس سنوات تشترط في هذه الحقوق أن تكون دورية متجددة. والعبرة في تحديد هذين الوصفين بأصل الاستحقاق، ولما كانت المبالغ المطالب بها هي في أصلها علاوات وهذه تعتبر جزءاً من الراتب الذي يؤدى بصفة دورية متجددة - فإن هذين الوصفين يتوافران في شأنها، ومن ثم يخضع للتقادم الخمسي، وذلك دون حاجة لقرار فردي تنفيذي يصدر بمنح المدعي العلاوة الاجتماعية، ويكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى برفض ذلك الدفع استناداً إلى عدم توافر وصفي الدورية والتجدد، قد خالف القانون.
ومن حيث إن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، ومركز الموظف هو مركز قانوني عام يجوز تعديله وتغييره وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة بتنظيم جديد يسري عليه بأثر حال مباشر من تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت لصالح الموظف في ظل النظام القديم إلا بنص خاص في قانون وليس في أداة أدنى منه.
ومن حيث إنه يبين من تقصي قواعد منح الإعانة الاجتماعية للأفراد العسكريين بالقوات المسلحة أن قواعد إنصاف ذوي المؤهلات من الموظفين الصادرة بقرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 وبالقرارات التالية لم تكن تسري على من يشغلون وظائف عسكرية بالقوات المسلحة من ذوي المؤهلات. ولما كان من هؤلاء فريق تطوع في خدمة الجيش على مقتضى شروط أقرها مجلس الوزراء من بينها الحصول على مؤهل دراسي خاص فقد رأت وزارة المالية، بناء على طلب وزير الحربية، تطبيق قواعد الإنصاف على هذا الفريق من أفراد القوات المسلحة، وتقدمت إلى مجلس الوزراء بمذكرة في هذا الشأن أقرها في 30 من ديسمبر سنة 1944، ثم اعتمد المبلغ اللازم لإنصافهم على أن يكون الصرف اعتباراً من أول إبريل سنة 1946، وطبقت هذه القواعد عليهم عدا ما تضمنته من أحكام خاصة بمنح الإعانة الاجتماعية. ثم رأت وزارة الحربية والبحرية رفع مستوى الصولات وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة بزيادة مرتباتهم ومنحهم علاوات دورية، كما رأت تعديل قواعد منح الإعانة الاجتماعية على نحو يتفق ونظام الخدمة في الجيش، وأعدت مشروع قانون بزيادة المرتبات ومنح العلاوات الدورية أقره مجلس الوزراء في 17 من أغسطس سنة 1952 وصدر به القانون رقم 168 لسنة 1952، كما أقر مقترحاتها في شأن تعديل قواعد منح الإعانة الاجتماعية في الجلسة ذاتها على أن يعمل بها اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 وهو تاريخ نفاذ القانون المشار إليه وذلك دون صرف فروق عن الماضي، وأخيراً استصدرت وزارة الحربية والبحرية القانون رقم 599 لسنة 1953، وقد نصت الفقرة الثانية من المادة الأولى منه على أن "لا تسري على الأفراد العسكريين بالقوات المسلحة أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 (الخاص بالمعادلات الدراسية) أو أي قانون أو قرار سابق بتقدير شهادة أو مؤهل وذلك من تاريخ العمل بها". وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن ظروف الخدمة العسكرية تحتاج إلى تحديد القيمة المالية للعمل الذي يؤديه الفرد العسكري بالقوات المسلحة وليس إلى تحديد القيمة المالية للمؤهل الدراسي، كما أن للقوات المسلحة في ترقية أفرادها العسكريين نظاماً خاصاً يسير طبقاً للرتب العسكرية لا وفقاً للدرجات المدنية التي يعين فيها ويرقى إليها الموظفون المدنيون.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 متضمناً قواعد الإنصاف التي استند إليها الحكم المطعون فيه في قضائه للمطعون عليه باستحقاق العلاوة الاجتماعية هو قرار خاص بتقدير شهادات ومؤهلات دراسية، ومن ثم فإنه يدخل ضمن القرارات التي لا تسري على الأفراد العسكريين بالقوات المسلحة من تاريخ العمل بها وفقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 599 لسنة 1953 المشار إليه - ولما كان المدعي أحد أفراد هذه الطائفة فإن قواعد الإنصاف لا تسري عليه.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من أغسطس سنة 1952 بتعديل قواعد منح الإعانة الاجتماعية لأفراد القوات المسلحة دون صرف فروق عن الماضي فإن بحث أثره في مركز المدعي بالنسبة إلى العلاوة الاجتماعية المقررة بقواعد الإنصاف أصبح غير مجد بعد صدور القانون رقم 599 لسنة 1953 ناصاً على عدم سريان أي قانون أو قرار سابق بتقدير شهادة أو مؤهل على الأفراد العسكريين بالقوات المسلحة - وذلك من تاريخ العمل بها.
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه، إذ قضى للمطعون عليه باستحقاق العلاوة الاجتماعية المقررة بقواعد الإنصاف، قد جاء مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الدفع بسقوط حق المطعون عليه في متجمد العلاوة الاجتماعية بالتقادم الخمسي، فإن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن الدورية والتجدد هما من الخصائص المتفرعة عن طبيعة الحق في ذاته؛ إذ يقصد بالدورية أن يكون الحق مستحقاً في مواعيد متتالية، وبالتجدد أن ما يؤدى من الدين لا ينتقص من أصله، وكلا الوصفين قائم بالعلاوات عامة، فشأنها في ذلك شأن المرتبات التي أوردتها المادة 375 القانون المدني فيما أوردته من أمثلة لهذا النوع من الحقوق التي تسقط بمضي خمس سنوات. والعلاوة في حقيقتها جزء من المرتب، ولا يغير من طبيعة المرتب أو العلاوة، كحق دوري متجدد، قيام المنازعة في أصل استحقاقه؛ إذ لا شأن لذلك بمدة التقادم كما أشارت إلى ذلك المادة 375 حين نصت على أن الحق الدوري المتجدد يسقط بمضي خمس سنوات ولو أقر به المدين فتسري هذه المدة من باب أولى إذا نازع فيه. ومرد ذلك إلى أن التقادم الخمسي لا يقوم على قرينة الوفاء، كما هو الشأن فيما عداه من ضروب التقادم، وإنما يرجع في أساسه إلى أن المدين يفرض فيه أداء الديون الدورية المتجددة من إيراده فلو أجبر على الوفاء بما تراكم منها بعد انقضاء خمس سنوات فأكثر من تاريخ استحقاقها لأفضى ذلك إلى تكليفه بما يجاوز السعة. وقد جعل للمدين، تفريعاً على ذلك، أن يتمسك بانقضاء تلك المدة ولو بعد إقراره بقيام الدين في ذمته. هذا ومما يجب التنبيه إليه أن القرينة التي يقوم عليها التقادم الخمسي هي قرينة قانونية قاطعة لا تقبل الدليل العكسي.
ومن حيث إنه يخلص من جميع ما تقدم أن الحكم المطعون فيه - إذ قضى برفض الدفع بالتقادم الخمسي استناداً إلى عدم توافر وصفي الدورية والتجدد في العلاوة الاجتماعية، وإذ قضى باستحقاق المطعون عليه لهذه العلاوة وفقاً لقواعد الإنصاف - يكون قد خالف القانون، ويتعين لذلك إلغاؤه والحكم برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.