مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1955 إلى آخر يناير سنة 1956) - صـ 173

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم البغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

(22)
القضية رقم 304 لسنة 1 القضائية

( أ ) موظف - علاقته بالحكومة علاقة تنظيمية - عدم سريان التنظيم الجديد عليه بأثر رجعي يمس المراكز القانونية الذاتية إلا بنص خاص في قانون وليس في أداة أدنى - مثال.
(ب) مؤهل دراسي - شهادة مدرسة المحصلين والصيارف - رفع علاوتها من 500 م إلى 1500 م بقرار مجلس الوزراء في 7 من يناير سنة 1951 - لا يفيد منه إلا من يتولى أو سيتولى مهنة الصيارف - أساس ذلك.
1 - إن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، ومركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت وليس له أن يحتج بأن له حقاً مكتسباً في أن يعامل بمقتضى النظام القديم الذي عين في ظله. ومرد ذلك إلى أن الموظفين هم عمال المرافق العامة، وبهذه المثابة يخضع نظامهم القانوني للتعديل والتغيير وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة. ويتفرع عن ذلك أن النظام الجديد يسري على الموظف بأثر حال مباشر من تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت لصالح الموظف في ظل النظام القديم، قانوناً كان أو لائحة، إلا بنص خاص في قانون وليس في أداة أدنى منه. فإذا كان الثابت في شأن المدعي أنه قد اكتسب في ظل قواعد الإنصاف حقاً في علاوة مدرسة المحصلين والصيارف وقدرها 500 م بحكم كونه من حملة هذا المؤهل، فلا يجوز المساس بحقه في هذه العلاوة إلا بنص خاص في قانون.
2 - وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 7 من يناير سنة 1951 على تعديل لائحة مدرسة المحصلين والصيارف تعديلاً من مقتضاه رفع علاوة شهادة المدرسة من 500 م - 1500 م وذلك إجابة للمذكرة رقم 547 - 31/ 1 (282) التي تقدمت بها اللجنة المالية والتي جاء بها "أن المدرسة تعاني نقصاً كبيراً في الحصول على الطلاب إذ لم يتقدم لها لغاية الآن سوى ما يقرب من ثلث ما تحتاجه بالرغم من كثرة الإعانات والنشر عنها بالصحف والإذاعة وقد مضى على افتتاحها شهران وما زال الباب مفتوحاً على مصراعيه لمن يريد الالتحاق بها دون جدوى. وعلاجاً لهذه الحالة، وتلافياً لقلة عدد المتقدمين بهذه المدرسة التي تعتبر من أهم المدارس الحكومية اللازمة لجباية ضرائبها، تطلب مصلحة الأموال المقررة إدخال تعديلات على اللائحة تشجيعاً للطلاب على الإقبال عليها أسوة بما أتبع نحو لائحة مدرسة الحركة والتلغراف بسكك حديد وتليفونات الحكومة" ويبين من هذا أن التنظيم الجديد الصادر به قرار مجلس الوزراء سالف الذكر قام أساساً على تشجيع الالتحاق بمدرسة المحصلين والصيارف التي تعتبر من أهم المدارس الحكومية اللازمة لجباية ضرائبها، فمن ثم لا يفيد من هذا التعديل إلا من يتولى أو سيتولى هذه الوظيفة، أما من انقطعت صلتهم بجباية الأموال فلا حق لهم في تلك العلاوة؛ إذ هي لم تقرر إلا لمن يتولى مهنة الصيارف. ولما كان المدعي قد انقطعت صلته بأعمال الصيارف منذ أن نقل من مصلحة الأموال المقررة إلى جهة أخرى في مايو سنة 1946، فمن ثم لا حق له في المطالبة بالعلاوة المعدلة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1951.


إجراءات الطعن

في 25 من أغسطس سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية للقصر الجمهوري ورياسة مجلس الوزراء بجلسة 26 من يونيه سنة 1955 في الدعوى رقم 1967 لسنة 2 ق المرفوعة من عبد الفتاح أحمد كشك ضد مجلس الدولة، القاضي "برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين، للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن، "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وقبول دعوى المدعي". وأعلن المدعي بالطعن في 30 من أغسطس سنة 1955، وأعلن به المجلس في 31 من أغسطس سنة 1955، فأودع الأول مذكرة برده، ثم عين لنظر الدعوى جلسة 5 من نوفمبر سنة 1955 وفيها سمعت ملاحظات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الملاحظات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي حصل على شهادة كفاءة التعليم الأولى سنة 1931 ثم على دبلوم مدرسة المحصلين والصيارف سنة 1933 والتحق بخدمة مصلحة الأموال المقررة في 16 من يوليه سنة 1933 بوظيفة صراف في الدرجة الثانية الممتازة براتب قدره خمسة جنيهات. وعند صدور قواعد الإنصاف وضع في الدرجة الثامنة منذ التحاقه بالخدمة براتب قدره ستة جنيهات ونصف بما في ذلك 500 م علاوة مدرسة المحصلين والصيارف. وفي 30 من مايو سنة 1946 نقل إلى وزارة العدل بحالته، وفي 11 من سبتمبر سنة 1946 نقل إلى مجلس الدولة بدرجته وماهيته، ثم رقي بعد ذلك إلى الدرجة السابعة اعتباراً من أول يوليه سنة 1946 ثم إلى الدرجة السادسة اعتباراً من 28 من إبريل سنة 1954. وقد قدم المدعي تظلماً إلى اللجنة القضائية للقصر الجمهوري ولرياسة مجلس الوزراء قيد تحت رقم 1967 سنة 2 قضائية طالباً تقرير "أحقيته في رفع علاوة المدرسة التي تصرف إليه من 500 م إلى 1500 م تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1951 مع صرف الفروق المالية إليه اعتباراً من تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء سالف الذكر"؛ مستنداً في ذلك إلى قرار مجلس الوزراء المشار إليه وإلى كتاب ديوان الموظفين إلى الإدارة العامة والتوريدات والخزانة بوزارة المالية المؤرخ 6 من إبريل سنة 1954 في صدد أحقية خريجي مدرسة المحصلين والصيارف للعلاوة الجديدة والذي أشار فيه الديوان إلى "أن حق خريجي المدرسة الموجودين في الخدمة وقت صدور قرار مجلس الوزراء في 7 من يناير سنة 1951 ويمنحون العلاوة المذكورة بالفئة القديمة في الإفادة من هذه القاعدة مستمد مباشرة من القرار آنف الذكر، ولا تملك جهة الإدارة حياله منحاً أو منعاً، ومن ثم وجب تنفيذ ما قضى به القرار على من تتوافر فيهم شرائط تطبيقه دون توقف ذلك على صدور قرارات من اللجان القضائية. أما عن كيفية الخصم بالمبالغ التي تترتب على التنفيذ فيرجع في ذلك إلى الإدارة العامة للميزانية". وقد أحيل التظلم إلى المحكمة الإدارية المختصة إثر إلغاء اللجان القضائية، وقد قضت المحكمة بجلسة 26 من يونيه سنة 1955 "برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات" وأقامت قضاءها على أنه في 4 من أكتوبر سنة 1947 صدر كتاب المالية الدوري رقم 234 - 5/ 45 وهو يقضي "بمنح الزيادة للدبلوم أو الشهادة الإضافية إذا كان الموظف في الدرجة المقررة لمؤهله الدراسي الأصلي وتمنح هذه الزيادة في حدود ربط الدرجة التي يشغلها الموظف، وفي حالة عدم وجود متسع في الدرجة لمنح علاوة الشهادة الإضافية بالكامل يقتصر الصرف على الجزء الذي يسمح به مدى الدرجة" وأنه لما كان "مناط استحقاق الزيادة التي قررها مجلس الوزراء في 7/ 1/ 1951 أن يكون الموظف في الدرجة المقررة لمؤهله الدراسي الأصلي وقت صدوره بحسب القاعدة التنظيمية السابق تقريرها في هذا الصدد" وأنه لما كان المدعي باعترافه قد رقي إلى الدرجة السابعة في سنة 1946 فإنه يكون وقت صدور قرار مجلس الوزراء في 7 من يناير سنة 1951 في درجة أعلى من الدرجة المقررة لمؤهله، ومن ثم تكون دعواه على غير أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه في 7 من يناير سنة 1951 وافق مجلس الوزراء على رفع علاوة شهادة المحصلين والصيارف من 500 م إلى 1500 م، وظاهر أن هذه العلاوة - إزاء عموم النص وإطلاقه - تستحق لخريجي المدرسة جميعاً دون تفرقة بينهم وأن الاستمرار في تقاضيها غير مقيد بالبقاء في الدرجة الثامنة، ولا محل للاحتجاج في هذا الصدد بما ورد بكتاب المالية الدوري رقم 234 - 5/ 45 المؤرخ 4 من أكتوبر سنة 1947 السابق الإشارة إليه، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى برفض الدعوى، قد خالف القانون.
ومن حيث إنه لما صدرت قواعد الإنصاف في 30 من يناير سنة 1944 تقرر منح خريجي مدرسة المحصلين والصيارف الماهيات التي حددت لشهاداتهم مضافاً إليها 500 م قيمة العلاوة التي تقررت لهم. وفي 23 من نوفمبر سنة 1944 صدر قرار من مجلس الوزراء بوضع جميع الصيارف في الدرجة الثامنة المؤقتة اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1944، سواء منهم من يحمل مؤهلاً ومن لا يحمل، وفي سنة 1948 وضعوا جميعاً في الدرجة الثامنة اعتباراً من أول مارس سنة 1948 بدون تحسين في الراتب.
ومن حيث إنه في 4 من أكتوبر سنة 1947 أصدرت وزارة المالية الكتاب الدوري رقم ف 234 - 5/ 45 في شأن علاوات الشهادات الإضافية، وقد ورد بذلك الكتاب ما يأتي: "تضمنت قواعد الإنصاف المدونة بالكتاب الدوري رقم ف 234 - 1/ 302 المؤرخ 6 من سبتمبر سنة 1944 منح الشهادات الإضافية والدبلومات الممتازة علاوات تتراوح بين خمسمائة مليم وجنيهين، بصرف النظر عن نوع العمل الذي يؤدونه بالشروط الواردة بذلك الكتاب. ولما كانت الدبلومات الممتازة والشهادات الإضافية تؤهل لأنواع خاصة من الوظائف تتفق وطبيعة مواد الدراسة الخاصة بها، وبناء على قرار مجلس الوزراء الصادر في 28 من نوفمبر سنة 1946 وقرار اللجنة المالية الصادرة في يونيه سنة 1947 ترى وزارة المالية - في صرف العلاوات المشار إليها - اتباع القواعد الآتية مع مراعاة باقي الشروط الواردة بالكتاب الدوري سالف الذكر:
1 - لا يمنح الحاصلون على الدبلومات الممتازة أو الشهادات الإضافية العلاوات المقررة لها إلا إذا كان تعيينهم في وظائف تتفق وطبيعة مواد الدراسة التي تخصصوا فيها، فيما عدا شهادة تكميلية التجارة المتوسطة ودبلوم التجارة العليا من ليون وما يماثلها؛ إذ المفروض أن الحاصلين على هاتين الشهادتين يعينون في الوظائف الكتابية، وعلى ذلك يجوز منح الحاصلين عليها الزيادة المقررة لها ما دام تعيينهم في وظائف كتابية.
2 - تمنح الزيادة للدبلوم أو الشهادة الإضافية إذا كان الموظف في الدرجة المقررة لمؤهله الدراسي الأصلي، وتمنح هذه الزيادة في حدود ربط الدرجة التي يشغلها الموظف، وفي حالة عدم وجود متسع في الدرجة لمنح علاوة الشهادة الإضافية بالكامل يقتصر الصرف على الجزء الذي يسمح به مدى الدرجة".
ومن حيث إنه في 28 من نوفمبر سنة 1948 صدر قرار من مجلس الوزراء بعدم منح الحاصلين على الدبلومات الممتازة العلاوات المقررة لها إلا إذا كان تعيينهم في وظائف تتفق وطبيعة مواد الدراسة التي تخصصوا فيها، وذلك أسوة بحملة الشهادات الإضافية، وقد استطلعت بعض الوزارات والمصالح رأي وزارة المالية فيما إذا كان يجوز منح حملة الشهادات الممتازة العلاوات المقررة بمقتضى قواعد الإنصاف ومع مراعاة باقي الشروط الواردة بهذه القواعد بغض النظر عن نوع العمل الذي يزاولونه أو الوظائف التي يشغلونها، فأصدرت وزارة المالية الكتاب الدوري رقم ف 234 - 5/ 45 المؤرخ 3 من إبريل سنة 1950، ومما ورد بذلك الكتاب ما يأتي "قررت اللجنة المالية بجلستها المنعقدة في 21 من ديسمبر سنة 1949 الموافقة على ما يأتي:
منح الزيادة المقررة في الإنصاف لحملة الشهادات الإضافية بغض النظر عما إذا كان العمل يتفق أو لا يتفق مع نوع الدراسة للشهادة الإضافية وذلك بالنسبة للموظفين الذين عينوا قبل 28 من نوفمبر سنة 1946 وكانوا حاصلين على شهاداتهم الإضافية قبل التعيين، وكذلك بالنسبة للموظفين الذين حصلوا على تلك الشهادات أثناء خدمتهم وكان حصولهم عليها قبل ذلك التاريخ. أما الحاصلون على شهادات إضافية وعينوا بعد 28 من نوفمبر سنة 1946 أو كانوا معينين قبل هذا التاريخ ولكن لم يحصلوا على الشهادات المذكورة إلا بعده، فيشترط لمنحهم الزيادة المقررة أن تتفق طبيعة أعمالهم مع الدراسة". "وتراعي في جميع الحالات باقي الشروط المنصوص عليها بالكتاب الدوري رقم ف 234 - 5/ 45 المؤرخ 4 من أكتوبر سنة 1947 فيما تقدم وفي الكتاب الدوري رقم 234 - 1/ 302 المؤرخ 6 من سبتمبر سنة 1944".
ومن حيث إنه في سنة 1950 اقترحت مصلحة الأموال المقررة تعديل لائحة مدرسة المحصلين والصيارف المصدق عليها من مجلس الوزراء في 17 من مايو سنة 1938، وقد عرضت هذه التعديلات على اللجنة المالية فأقرتها ورفعتها إلى مجلس الوزراء فوافق عليها في 27 من أغسطس سنة 1950. وقد جرى نص المادة 13 من اللائحة المعدلة بما يأتي "يعين الطلبة الناجحون بحسب ترتيب نجاحهم في وظائف التحصيل أولاً بأول سواء في مصلحة الأموال المقررة أو في غيرها من المصالح الحكومية الأخرى بناء على ترشيح مصلحة الأموال المقررة بالدرجة الثامنة الدائمة بالماهية المقررة لشهاداتهم الدراسية، وبماهية ستة جنيهات شهرياً أول مربوط هذه الدرجة للناجحين في امتحان النقل من السنة الثالثة للرابعة الثانوية من الأزهر مضافاً إليها 500 مليم شهرياً علاوة شهادة مدرسة المحصلين والصيارف".
ومن حيث إن اللجنة المالية تقدمت إلى مجلس الوزراء بمذكرة رقم 547 - 31/ 1 (282) في شأن تعديل لائحة مدرسة المحصلين والصيارف تعديلاً جديداً من مقتضاه رفع علاوة شهادة المدرسة من 500 م إلى 1500 م، ومنح الطلاب في فترتي الدراسة مكافأة شهرية قدرها 3 جنيه في الفترة الأولى بدلاً من 2 جنيه، و5 جنيه في الفترة الثانية بدلاً من 3 جنيه، واعتبار الأقدمية في الدرجة من تاريخ الالتحاق بالمدرسة، وضم مدتي الدراسة والتمرين إلى مدة الخدمة واحتسابها في الأقدمية وتسوية الماهية على هذا الأساس. فوافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 7 من يناير سنة 1951 على رفع علاوة الشهادة من 500 م - 1500 م وعلى المكافآت الشهرية، ورفض النص الخاص بالأقدمية، وضم مدتي الدراسة والتمرين. وقد ضمنت اللجنة المالية مذكرتها إلى مجلس الوزراء الأسباب التي حدت بها إلى إجراء هذا التعديل، فقالت ما مؤداه إنه عندما صدرت قواعد الإنصاف تقرر منح خريجي مدرسة المحصلين والصيارف الماهيات التي قدرت لشهاداتهم مضافاً إليها 500 م قيمة العلاوة التي تقررت لهم، وفي 23 من نوفمبر سنة 1944 صدر قرار من مجلس الوزراء بوضع جميع الصيارف في الدرجة الثامنة المؤقتة اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1944، سواء منهم من يحمل مؤهلاً ومن لا يحمل وفي سنة 1948 وضعوا جميعاً في الدرجة الثامنة الدائمة الكاملة. وقد أعرض حملة المؤهلات المقررة لدخول المدرسة عن الدخول في السنوات الأخيرة؛ مما دعا إلى تعديل اللائحة في 27 من أغسطس سنة 1950 حسبما سبق بيانه. وبالرغم من النشر على صفحات الجرائد وبكافة الطرق الممكنة لم يتقدم إلى الالتحاق بالمدرسة العدد الكافي، "وبما أن المدرسة تعاني نقصاً كبيراً في الحصول على الطلاب، إذ لم يتقدم لها لغاية الآن سوى ما يقرب من ثلث ما تحتاجه، بالرغم من كثرة الإعلانات والنشر عنها بالصحف والإذاعة، وقد مضي على افتتاحها شهران وما زال الباب مفتوحاً على مصراعيه لمن يريد الالتحاق بها دون جدوى. وعلاجاً لهذه الحالة وتلافياً لقلة عدد المتقدمين لهذه المدرسة التي تعتبر من أهم المدارس الحكومية اللازمة لجباية ضرائبها، تطلب مصلحة الأموال المقررة إدخال تعديلات على اللائحة تشجيعاً للطلاب على الإقبال عليها أسوة بما اتبع نحو لائحة مدرسة الحركة والتلغراف بسكك حديد وتليفونات الحكومة".
ومن حيث إن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، ومركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت، وليس له أن يحتج بأن له حقاً مكتسباً في أن يعامل بمقتضى النظام القديم الذي عين في ظله. ومرد ذلك إلى أن الموظفين هم عمال المرافق العامة، وبهذه المثابة يخضع نظامهم القانوني للتعديل والتغيير وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة. ويتفرع عن ذلك أن النظام الجديد يسري على الموظف بأثر حال مباشر من تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت لصالح الموظف في ظل النظام القديم، قانوناً كان أو لائحة، إلا بنص خاص في قانون، وليس في أداة أدنى منه.
ومن حيث إنه ظاهر مما سبق بيانه في شأن المدعي أنه وإن كان قد اكتسب في ظل قواعد الإنصاف حقاً في علاوة مدرسة المحصلين والصيارف وقدرها 500 مليم بحكم كونه من حملة هذا المؤهل، ومن ثم فلا يجوز المساس بحقه في هذه العلاوة إلا بنص خاص في قانون - إلا أنه فيما يتعلق بما يطالب به المدعي من رفع علاوة المدرسة من 500 مليم إلى 1500 مليم بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1951 فإنه يبين مما سبق إيضاحه في صدد تعديل لائحة المحصلين والصيارف الصادر به في قرار مجلس الوزراء المشار إليه أن التنظيم الجديد قام أساساً على تشجيع الالتحاق بمدرسة المحصلين والصيارف التي تعتبر من أهم المدارس الحكومية اللازمة لجباية ضرائبها، فمن ثم لا يفيد من هذا التعديل إلا من يتولى أو سيتولى هذه الوظيفة. أما من انقطعت صلتهم بجباية الأموال فلا حق لهم في تلك العلاوة؛ إذ هي لم تقرر إلا لمن يتولى مهنة الصيارف.
ومن حيث إن المدعي كان قد انقطعت صلته بأعمال الصيارف منذ أن نقل من مصلحة الأموال المقررة إلى جهة أخرى في مايو سنة 1946، فمن ثم فلا حق له في المطالبة بالعلاوة المعدلة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1951، ويكون الطعن، والحالة هذه، على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بالرفض.