مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1955 إلى آخر يناير سنة 1956) - صـ 257

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

(30)
القضية رقم 12 لسنة 1 القضائية

( أ ) عمال الجيش البريطاني - القواعد المنظمة لشئونهم - قرارا مجلس الوزراء في 18/ 11/ 1951 و2/ 12/ 1951 وكتاب المالية الدوري رقم 234 - 1/ 77.
(ب) عمال الجيش البريطاني - إلحاقهم بالحكومة عقب إلغاء معاهدة سنة 1936 - المركز الذي اكتسبوه بهذا التعيين مركز مؤقت لا نهائي - المركز النهائي هو الذي يطبق عليهم بعد نفاذ القواعد التنظيمية التي وضعت لإعادة توزيعهم بصفة نهائية.
1 - على أثر إعلان إلغاء معاهدة سنة 1936 ترك العمال المصريون بالجيش البريطاني بمنطقة القنال أعمالهم، فكان لزاماً على الحكومة أن تدبر لهم سبل العيش. ولما كانت الحالة تستدعي علاجاً سريعاً، ونظراً إلى كثرة هؤلاء العمال، فقد ألحقوا بالوزارات والمصالح المختلفة دون مراعاة حاجة العمل بالمصالح ودون مراعاة حرف هؤلاء العمال. وفي 18 من نوفمبر سنة 1951 قرر مجلس الوزراء تشكيل لجنة في وزارة المالية تمثل فيها جميع الوزارات لإعادة توزيع العمال على المصالح الحكومية بحسب حرفهم وبحسب احتياجات المصالح المختلفة، كما صدر قرار من مجلس الوزراء في 2 من ديسمبر سنة 1951 بتخويل اللجنة المشار إليها الحق في إعادة النظر في أجور العمال. وفي 19 من مارس سنة 1952 وضعت اللجنة تقريراً تضمن القواعد التنظيمية في شأن إعادة توزيع هؤلاء العمال وإعادة تقدير أجورهم ودرجاتهم، وهي القواعد التي اصطلح على تسميتها بكادر عمال القنال، وقدرت فيه أجور أرباب الحرف بما يطابق درجات كادر عمال الحكومة، وكان من القواعد الجوهرية التي وضعتها اللجنة قاعدة تقضي بأن "الأجور المقدرة تمنح إلى العمال الذين يقومون فعلاً بأعمال الحرف التي قدرت لها هذه الأجور في الكادر أما العمال الذين لا توجد لهم أعمال حكومية تتفق وحرفهم الأصلية فهؤلاء يكلفون بأعمال تقرب من حرفهم بقدر المستطاع أو بأية أعمال أخرى بحسب مقتضيات الأحوال، ويمنحون إذاً أجوراً تتفق والأعمال المكلفين بها أو القائمين بها فعلاً"، كما كان مما قررته اللجنة عدم نفاذ هذه التقديرات والأجور إلا بعد إقرارها واعتمادها، بدون أثر رجعي. وقد اعتمدت الجهات المختصة تقرير اللجنة بما تضمنه من قواعد، ونشرت وزارة المالية بذلك كتابها الدوري رقم 234 - 1/ 77 إلى الوزارات والمصالح لتنفيذه ابتداءً من أول إبريل سنة 1952.
2 - إن مركز العمال المصريين بالجيش البريطاني بمنطقة القنال عند إلحاقهم على عجل بوزارات الحكومة ومصالحها عقب تركهم أعمالهم بالجيش البريطاني على أثر إلغاء معاهدة سنة 1936 إنما كان مركزاً مؤقتاً اقتضته وقتذاك الضرورة الملحة لعلاج هذه المشكلة على وجه السرعة، فلا يكسبهم هذا المركز المؤقت الحق في الدرجات التي وضعوا فيها أو الأجور التي منحت لهم، وإنما العبرة في هذا الشأن بالمركز النهائي الذي يطبق عليهم بعد نفاذ القواعد التنظيمية التي وضعت لإعادة توزيعهم بصفة نهائية حسب حاجة العمل في الوزارات والمصالح ومقتضيات المصلحة العامة وتقدير أجورهم على هذا الأساس؛ إذ مراكزهم عندئذ تعتبر المراكز القانونية النهائية التي تتحدد على مقتضاها درجاتهم وأجورهم.


إجراءات الطعن

في 9 من يونيه سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين بجلسة 10 من إبريل سنة 1955 في الدعوى رقم 108 لسنة 2 ق، القاضي "باستحقاق المدعي للأجر اليومي المقرر لمهنته (ترزي) مع صرف الفروق المالية الناتجة عن هذه التسوية وما يترتب على ذلك من آثار". وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض طلبات المدعي وإلزامه بالمصروفات". وأعلن المدعي بالطعن في 20 من يونيه سنة 1955، وأعلنت به الحكومة في 16 من يونيه سنة 1955 ثم عين لنظر الطعن جلسة 19 من نوفمبر سنة 1955، وفيها سمعت إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من الأوراق، تتحصل في أن المدعي كان من عمال الجيش البريطاني في منطقة القنال، فترك عمله على أثر إلغاء معاهدة سنة 1936، والتحق بإدارة أسلحة ومهمات البوليس في نوفمبر سنة 1951 في حرفته (ترزي) - بعد اختباره - بأجر يومي قدره 300 م. وفي 17 من إبريل سنة 1952 كشف عليه طبيباً ووجد لائقاً، واستمر في عمله في الإدارة المذكورة إلى أن نقل إلى مصلحة الأموال المقررة في 26 من أكتوبر سنة 1952 ليعمل فرازاً، وظل يتناول الأجر اليومي الذي قدر له عند التحاقه بإدارة أسلحة ومهمات البوليس وهو 300 م في درجة صانع دقيق إلى 3 من أغسطس سنة 1954، حيث صدر قرار من المصلحة بتسوية حالته ومنحه أجراً شهرياً يعادل 3.500 مجـ بأجر يومي قدره 140 م بخلاف إعانة الغلاء وهو الأجر المقرر للوظيفة التي يشغلها. وفي 24 من نوفمبر سنة 1955 صدر قرار من مدير عام مصلحة الأموال المقررة بتعيين المدعي قياساً براتب قدره ثلاثة جنيهات، فتقدم بالتماس يطلب إعادته إلى إدارة أسلحة ومهمات البوليس للعمل في مهنته الأصلية فأحالت المصلحة ملتمسة إلى لجنة تنظيم عمال القنال بوزارة الشئون الاجتماعية "لإفادتها عما إذا كان من الجائز إلغاء تعيينه في وظيفة قياس وإبقاؤه ضمن عمال القنال، وفي الحالة الثانية إلحاقه بعمل يتفق مع مهنته كترزي" فأشارت اللجنة بنقله إلى سلاح الأسلحة والمهمات بالمعادي لشدة حاجة السلاح إلى عمال ترزية، فأصدرت المصلحة قراراً في 10 من فبراير سنة 1955 بإلغاء تعيين المدعي قياساً بالمصلحة وبفصله من الخدمة اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1955 نقلاً إلى سلاح الأسلحة والمهمات بالمعادي. وقد تسلم المدعي عمله في الإدارة الجديدة في 15 من فبراير سنة 1955 وأعيد اختباره في مهنته ووضع في درجة صانع دقيق بأجر يومي قدره 300 م. وفي 18 من سبتمبر سنة 1954، وقبل أن ينقل المدعي إلى سلاح الأسلحة والمهمات، أقام الدعوى رقم 108 لسنة 2 ق أمام المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين طالباً إلغاء القرار الإداري الصادر بتخفيض أجره من 300 م إلى 140 م بحجة أن نقله من ترزي إلى فراز نقل نوعي، وقد ترتب عليه خفض أجره ودرجته وتغيير في نوع الوظيفة التي كان يشغلها دون أن يرتكب ذنباً يخول للسلطة الإدارية اتخاذ هذا الإجراء. وقد دفعت الحكومة الدعوى بأن العجلة مع الرغبة الملحة في إيجاد عمل لعمال القنال أفضت إلى توزيعهم في مختلف الجهات توزيعاً عاجلاً دون التزام مراعاة حاجيات العمل ومقتضياته ودون مراعاة حرفهم أو الأعمال التي كانوا يؤدونها أو التي تتفق وحالتهم، ومن أجل ذلك صدر قرار من مجلس الوزراء في 18 من نوفمبر سنة 1951 بتشكيل لجنة بوزارة المالية والاقتصاد لإعادة توزيع عمال الجيش البريطاني على وزارات الحكومة ومصالحها بحسب حرفهم، كما خول لها الحق في إعادة النظر في تقدير أجورهم. وبمناسبة الجرد السنوي بمحافظة مصر طلبت مصلحة الأموال المقررة من وزارة الداخلية بكتابها رقم 2 - 12/ 36 م 1 المؤرخ أكتوبر سنة 1951 اختيار عدد من عمال الجيش البريطاني الذين يعملون بها للمساعدة في هذه العملية. وقد أجابت وزارة الداخلية المصلحة إلى طلبها ونقلت إليها بعض هؤلاء العمال بأجورهم التي كانوا يتقاضونها ومن بينهم المدعي وكان يتقاضى أجراً يومياً قدره 300 م. ولما كانت مصلحة الأموال المقررة تعين مستخدمين للقيام بالأعمال التي يؤديها هؤلاء العمال لمدد مؤقتة براتب شهري قدره خمسة جنيهات للحاصلين على مؤهلات وأربعة جنيهات لغير الحاصلين على مؤهلات مع عدم صرف إعانة غلاء لأن تعيينهم كان لمدة مؤقتة، فقد رأت المصلحة إزاء هذا التناقض في وضع هؤلاء العمال ونظراً إلى أن بعضهم كان قد تظلم إلى اللجان القضائية من تقدير أجورهم - رأت المصلحة الاستفهام من وزارة الداخلية عما إذا كان الأجر الذي يتقاضاه العمال الذين نقلوا من وزارة الداخلية إلى المصلحة هو الأجر النهائي المقرر بقواعد لجنة إعادة توزيع عمال الجيش البريطاني أم أنه أجر مؤقت، وحررت بذلك الكتاب رقم 2 - 12/ 36 م 1 في 16 من نوفمبر سنة 1953، فردت وزارة الداخلية بالكتاب المؤرخ 29 من ديسمبر سنة 1953 بأن أجر هؤلاء العمال - ومن بينهم المدعي - هو أجر مؤقت، وأنه نظراً لزيادة هؤلاء العمال عن حاجة العمل بالوزارة فقد وافقت على نقلهم إلى المصلحة. وقد استطلعت المصلحة بعد ذلك رأي وزارة المالية عما إذا كانت تمنح هؤلاء العمال الأجور التي كان يتقاضاها المعينون لعملية الجرد أم يطبق عليهم كادر عمال الجيش البريطاني بمنحهم أجوراً تتفق والأعمال القائمين بها فعلاً أم يستمر منحهم الأجور المؤقتة التي يتقاضونها، فأشارت وزارة المالية بكتابها رقم 61 - 31/ 55 المؤرخ 29 من مارس سنة 1954 بالرجوع إلى القواعد العامة التي وضعتها لجنة توزيع عمال الجيش البريطاني. ولما كانت مهنة المدعي ترزياً، ولا يوجد لهذا النوع من العمل وظائف بالمصلحة، ووظيفته الحالية "خدمة سايرة" وهي مدرجة تحت الدرجة 140/ 300 م بتقرير اللجنة، فقد صدر قرار المصلحة في 3 من أغسطس سنة 1954 برقم 2 - 12/ 36 م 3 متضمناً تسوية حالته بمنحه أجراً شهرياً يعادل 3.500 مجـ بأجر يومي 140 م بخلاف إعانة الغلاء اعتباراً من أغسطس سنة 1954". وخلصت الحكومة من ذلك إلى طلب رفض الدعوى. وقد قضت المحكمة الإدارية في الدعوى بجلسة 10 من إبريل سنة 1955 "باستحقاق المدعي للأجر اليومي المقرر لمهنته "ترزي" مع صرف الفروق المالية الناتجة عن هذه التسوية وما يترتب على ذلك من آثار"، وأقامت قضاءها على أنه "ثابت من الأوراق أن المدعي كان يعمل بالجيش البريطاني في مهنة "ترزي" وألحق بالعمل بالحكومة في نفس مهنته الأصلية، واستمر يؤدي أعمال مهنته مما يؤكد كفايته في العمل وبالتالي استحقاقه للدرجة المقررة لها؛ ومن ثم فإن عودة المصلحة إلى المنازعة في استحقاقه لذلك الأجر أو صلاحيته لأداء أعمال تلك الحرفة لا يقوم على أسباب جدية مقنعة؛ إذ لا يجديها في هذا المجال المحاجة بأن حالة العمل لا تحتمل وجود أمثال هذا الصانع؛ إذ أن المدعي لا يضيره تراخي الجهة الإدارية أو إهمالها في اتباع الطريق الذي رسمه لها القانون وأوجب عليها وحدها مراعاته، فكان مجال ذلك من جهة الإدارة عند إعادة توزيع العمال بحسب حاجة العمل لدى تطبيق القواعد الخاصة بهم في 1/ 4/ 1952، ولا يسوغ لها - بعد أن أسندت إليه عملاً معينا فتحدد بذلك مركزه القانوني بصفة نهائية، وثبتت صلاحيته للقيام بأعمال مهنته الأصلية - أن تسند إليه عملاً آخر يختلف في طبيعته عن عمله الأول ويترتب عليه تخفيض أجره؛ إذ لا يجوز لها أن تسعى إلى نقض ما تم على يديها، وإلا ارتد سعيها إليها؛ لما في ذلك من مساس بالحقوق المكتسبة في ظل المراكز القانونية التي استقر بها وضع المدعي في نطاق العلاقة التنظيمية التي تربطه بالجهة الإدارية".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه لا سند للمدعي فيما يطلبه من رفع أجره إلى ما كان عليه؛ لأن الأجر الأول منح إليه قبل تطبيق قواعد كادر عمال القنال، فهو أجر منح إليه بصفة مؤقتة فلا يجوز للمدعي التحدي بأنه، إذ منح أجراً قدره 300 م عند التحاقه بالعمل، قد اكتسب مركزاً قانونياً غير قابل للتعديل، كما لا يجوز له التحدي بأن العمل الذي أسند إليه بعد تطبيق قواعد الكادر يختلف عن حرفته الأصلية؛ إذ أن جهة الإدارة بمقتضى قواعد هذا الكادر تترخص في تكليف العمال القيام بأعمال تتفق وحرفهم الأصلية أو أعمال تقرب من حرفهم بقدر المستطاع أو أية أعمال أخرى بحسب مقتضيات الأحوال. فإذا أفصحت الإدارة عن إرادتها في هذا الشأن فإن الأجر المقدر في الكادر لعمل الحرفة التي رأت جهة الإدارة تكليف العامل بها هو الأجر الذي يصبح دون غيره حقاً للعامل. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه على أثر إعلان إلغاء معاهدة سنة 1936 ترك العمال المصريون بالجيش البريطاني بمنطقة القنال أعمالهم، فكان لزاماً على الحكومة أن تدبر لهم سبل العيش. ولما كانت الحالة تستدعي علاجاً سريعاً، ونظراً إلى كثرة هؤلاء العمال، فقد ألحقوا بالوزارات والمصالح المختلفة دون مراعاة حاجة العمل بالمصالح، ودون مراعاة حرف هؤلاء العمال. وفي 18 من نوفمبر سنة 1951 قرر مجلس الوزراء تشكيل لجنة في وزارة المالية تمثل فيها جميع الوزارات لإعادة توزيع العمال على المصالح الحكومية بحسب حرفهم وبحسب احتياجات المصالح المختلفة، كما صدر قرار من مجلس الوزراء في 2 من ديسمبر سنة 1951 بتحويل اللجنة المشار إليها الحق في إعادة النظر في أجور العمال. وفي 19 من مارس سنة 1952 وضعت اللجنة تقريراً تضمن القواعد التنظيمية في شأن إعادة توزيع هؤلاء العمال وإعادة تقدير أجورهم ودرجاتهم، وهي القواعد التي اصطلح على تسميتها بكادر عمال القنال، وقدرت فيه أجور أرباب الحرف بما يطابق درجات كادر عمال الحكومة. وكان من القواعد الجوهرية التي وضعتها اللجنة قاعدة تقضي "بأن الأجور المقدرة تمنح إلى العمال الذين يقومون فعلاً بأعمال الحرف التي قدرت لها هذه الأجور في الكادر، أما العمال الذين لا توجد لهم أعمال حكومية تتفق وحرفهم الأصلية فهؤلاء يكلفون بأعمال تقرب من حرفهم بقدر المستطاع أو بأية أعمال أخرى بحسب مقتضيات الأحوال ويمنحون إذاً أجوراً تتفق والأعمال المكلفين بها أو القائمين بها فعلاً"، كما كان مما قررته اللجنة عدم نفاذ هذه التقديرات والأجور إلا بعد إقرارها واعتمادها، بدون أثر رجعي. وقد اعتمدت الجهات المختصة تقرير اللجنة بما تضمنه من قواعد، ونشرت وزارة المالية بذلك كتابها الدوري رقم 234 - 1/ 77 إلى الوزارات والمصالح لتنفيذه ابتداء من أول إبريل سنة 1952.
ومن حيث إنه يظهر من ذلك أن مركز العمال المذكورين عند إلحاقهم على عجل بوزارات الحكومة ومصالحها عقب تركهم أعمالهم بالجيش البريطاني على أثر إلغاء معاهدة سنة 1936 إنما كان مركزاً مؤقتاً اقتضته وقتذاك الضرورة الملحة لعلاج هذه المشكلة على وجه السرعة، فلا يكسبهم هذا المركز المؤقت الحق في الدرجات التي وضعوا فيها أو الأجور التي منحت لهم، وإنما العبرة في هذا الشأن بالمركز النهائي الذي يطبق عليهم، بعد نفاذ القواعد التنظيمية التي وضعت لإعادة توزيعهم بصفة نهائية حسب حاجة العمل في الوزارات والمصالح ومقتضيات المصلحة العامة وتقدير أجورهم على هذا الأساس؛ إذ مراكزهم عندئذ تعتبر المراكز القانونية النهائية التي تتحدد على مقتضاها درجاتهم وأجورهم.
ومن حيث إنه ليس للمطعون عليه، والحالة هذه، أن يتمسك بأن مركزه القانوني كصانع دقيق بأجر يومي قدره 300 م كان قد تحدد بهذه الدرجة وهذه الأجر عند إلحاقه بإدارة أسلحة ومهمات البوليس في نوفمبر سنة 1951؛ لأن هذا المركز كان مركزاً مؤقتاً - اقتضته الضرورة الملحة لعلاج مشكلة عمال منطقة القنال كما سلف القول - لا يمنع من إعادة النظر فيه، ونقل المطعون عليه إلى عمل آخر بأجر آخر بحسب مقتضيات المصلحة العامة. فلما خلت درجة صانع دقيق في حرفة ترزي بسلاح الأسلحة والمهمات بالمعادي نقل إليه بصفة نهائية اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1955، بالتطبيق للقواعد التنظيمية المشار إليها المصطلح عليها باسم كادر عمال القنال، فيكون الحكم المطعون فيه، إذ ذهب غير هذا المذهب، قد جاء مخالفاً للقانون فيتعين إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.