مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1955 إلى آخر يناير سنة 1956) - صـ 264

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

(31)
القضية رقم 76 لسنة 1 القضائية

( أ ) مرتب الصحراء - الحكمة التي دعت إلى تقريره.
(ب) مرتب الصحراء - قصر منحه على غير أهل الجهة المقرر فيها - قرارا مجلس الوزراء في 16/ 12/ 1945 و2/ 5/ 1951 - ليس فيهما خروج على هذه القاعدة - دليل ذلك.
1 - إن الحكمة التي دعت إلى تقرير مرتب الصحراء هي تشجيع الموظفين والمستخدمين على الإقبال على العمل بالجهات النائية والاستمرار فيه بروح طيبة، وذلك بتعويضهم عما يلاقونه من مشقة البعد وشظف العيش وقسوة الطبيعة في هذه المناطق القاصية عن العمران المجردة من وسائل الراحة والمواصلات، حيث يكافحون في ظروف عسيرة لم يألفوها من قبل في بلادهم الأصلية. وفي ضوء هذه الحكمة يتعين فهم وتفسير مدلول قرارات مجلس الوزراء الخاصة بتقرير هذا المرتب. وقد أفصحت القرارات المذكورة عن هذه الحكمة من جهة عندما أبانت ذلك مذكرات اللجنة المالية التي صدرت على أساسها هذه القرارات، ومن جهة أخرى عندما استثنت من استحقاق صرف مرتب الصحراء من الموظفين الذين تنطبق عليهم شروط منحه أولئك الذين انتخبوا محلياً للخدمة في إحدى المناطق التي عينتها لكون قيامهم بالعمل في بلادهم لا تتحقق معه علة تقرير هذا المرتب، ومن جهة ثالثة عندما منحت مزايا وتسهيلات فيما يتعلق بالانتقال والإجازات لا ينصرف تطبيقها إلى المعينين محلياً، وأخيراً عندما خولت وزارة المالية سلطة التعديل في أحكامها كلما تراءت لها ضرورة ذلك، الأمر الذي أصدرت الوزارة بناء عليه منشورات بإلغاء مرتب الإقامة أو بتخفيضه بالنسبة لبعض المناطق التي توافرت فيها سبل المعيشة وامتد إليها العمران.
2 - إن قاعدة حرمان الموظفين المنتخبين محلياً من مرتب الصحراء وردت بالنص الصريح في تقرير لجنة تعديل الدرجات في سنة 1921 الذي صدق عليه مجلس الوزراء في 30 من يونيه سنة 1921 كما رددها تأكيداً لها قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من فبراير سنة 1925؛ ومن ثم أصبحت هذه القاعدة أصلاً واجب الاتباع ومبدأ مطرداً ما لم تلغ بنص لاحق يقضي بنسخ حكمها. وإذا كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1945 قد خلا من تكرار الإشارة إليها فإنه لم يتضمن نصاً بإبطال العمل بها، وقد كان في غنى عن هذا التكرار؛ لأنه إنما جاء مستصحباً لأحكام القرار السابق عليه ومكملاً له في شأن فئة معينة من الموظفين والمستخدمين الذين تناولهم، بل إن ما اشتمل عليه من منح تسهيلات خاصة لهذه الفئة بتقرير انتقال أفرادها وعائلاتهم على نفقة الحكومة في الذهاب والإياب وحساب بدء إجازاتهم من يوم وصولهم إلى القاهرة وانتهائها عند قيامهم منها، والنص على عدم جواز الجمع بين مرتب الصحراء الذي يصرف لهم وبين بدل الإقامة أو بدل السفر القانوني - وهما لا يمنحان إلا لغير أهل الجهة - كل أولئك واضح في دلالته على انصراف الحكم فيه إلى غير المعينين محلياً. أما قرار مجلس الوزراء الصادر في 2 من مايو سنة 1951، فلئن بدا ظاهر عبارته بصيغة التعميم؛ إذ قضى بتطبيق قرار المجلس الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1945 على موظفي ومستخدمي المحاكم الابتدائية والشرعية من جميع الدرجات بالصحراء وبلاد النوبة وبسريان هذا الحكم على جميع موظفي الدولة في تلك المناطق - إلا أن مجال تطبيقه يتحدد من حيث المكان بالمناطق المبينة بالكشفين الملحقين به، ومن حيث الأشخاص بموظفي الدولة ومستخدميها التابعين لمختلف الوزارات الذين يعملون بالمناطق المشار إليها - بعد أن كان الأمر مقصوراً في قرار 16 من ديسمبر سنة 1945 على موظفي ومستخدمي المساحة والمناجم - وذلك كله بشرط توافر شروط تطبيق هذا القرار الأخير بطبيعة الحال بالنسبة إلى أولئك وهؤلاء، وأخصها أن يكون الموظف أو المستخدم غير منتخب محلياً. وبذا ينحصر التعميم في طائفة الموظفين والمستخدمين غير المنتخبين محلياً، دون مساس بالأصل المقيد للمنح. وقد جاءت مذكرة اللجنة المالية التي أقرها مجلس الوزراء في 26 من مارس سنة 1952 مؤيدة لهذا النظر؛ إذ أن وزارة المالية اقترحت إما تقرير ما إذا كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 2 من مايو سنة 1951 ينطبق على الموظفين والمستخدمين المنتخبين محلياً، وإما النظر في منح مكافآت ومرتبات لهؤلاء الموظفين بفئات أقل من الفئات المقررة لغيرهم، فلم تلق اللجنة المالية بالاً للاقتراح الأول لعدم صحة التفسير الذي يقوم عليه، ورأت "للتيسير" على الموظفين والمستخدمين المذكورين أن يمنحوا مرتب صحراء بواقع ربع الفئات المقررة بقرار مجلس الوزراء الصادرين في 16 من ديسمبر سنة 1945 و2 من مايو سنة 1951، على أن يكون منح هذا المرتب اعتباراً من تاريخ قرار مجلس الوزراء بالموافقة على ذلك. ولو كان لهؤلاء الموظفين حق في مرتب إضافي قبل ذلك لما أعوزهم التيسير وما كان التيسير عليهم بتخفيض هذا الحق إلى الربع، وإنما استحدث لهم قرار 26 من مارس سنة 1952، منذ تاريخ صدوره، حقاً لم يكن ثابتاً لهم من قبل. ونظراً إلى ما في ذلك من خروج على الحكمة التي اقتضت تقرير مرتب الصحراء فقد منحوا مكافأة مخفضة؛ إذ رأى المشرع أنهم لا يستوون في استحقاقها وغير المحليين، وإنما منحهم إياها لاعتبارات نفسية أفصح عنها هي التقريب في المعاملة وإزالة الفارق بين أبناء الوطن الواحد لدفع شعور السخط وعدم الرضا لدى الموظف المحلي حتى لا يحس بأن بلده ليست قطعة من مصر. وهذه الاعتبارات لم يسبق الاعتداد بها في قرار 2 من مايو سنة 1951 لتبرير التجاوز عن حكمة عدم المنح التي كانت متحققة فيه. ثم لم يلبث، بعد أن زادت أعباء الميزانية، أن صدر قرار مجلس الوزراء في 4 من يونيه سنة 1952 بإلغاء قرار 26 من مارس سنة 1952 ضمن قرارات أخرى رجوعاً إلى الحكمة الأولى. ووصف مجلس الوزراء هذا القرار الأخير بأنه الصادر "بشأن منح مرتب إقامة للموظفين والمستخدمين المنتخبين محلياً" مؤكداً بذلك أنه هو القرار المنشئ لهذا الحق دون ما سبقه من قرارات.


إجراءات الطعن

في 7 من يوليه سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين بجلسة 8 من مايو سنة 1955 في الدعوى رقم 1134 لسنة 2 القضائية المقامة من السيد/ محمد حسن محمد حسن ضد مصلحة الأموال المقررة، والقاضي: "باستحقاق المدعي لصرف مرتب إضافي بالتطبيق لأحكام قرارات مجلس الوزراء الصادرة في هذا الشأن وبالفئات الواردة بها، وذلك اعتباراً من 2 من مايو سنة 1951 حتى 3 من يونيه سنة 1952". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضته "القضاء بقبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من منح المتظلم مرتباً إضافياً عن المدة من 2 من مايو سنة 1951 لغاية 25 من مارس سنة 1952 ورفض هذا الشطر من طلبات المتظلم - والاجتزاء بمنح المتظلم مرتباً إضافياً وبالفئة المقررة للموظفين المنتخبين محلياً بقرار مجلس الوزراء الصادر في 26 من مارس سنة 1952، وذلك عن المدة من 26 من مارس سنة 1952 لغاية 3 من يونيه سنة 1952 وإلزام المتظلم بالمصروفات". وقد أعلن كل من الجهة الإدارية والمطعون عليه بعريضة الطعن في 13 و18 من يوليه سنة 1955 على التوالي. ولم يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته في الميعاد القانوني. وقد عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 19 من نوفمبر سنة 1955، وأخطر الطرفان بموعد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة الإدارية، كما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه تقدم إلى اللجنة القضائية لوزارة المالية بصحيفة أودعها سكرتيرية اللجنة في 25 من فبراير سنة 1954 طالباً فيها الحكم بأحقيته في صرف علاوة صحراء عن المدة من 2 من مايو سنة 1951 حتى 3 من يونيه سنة 1952 بنسبة 100% من مرتبه، استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 2 من مايو سنة 1951 بحجة أن هذا القرار شمل جميع موظفي الدولة ومستخدميها في مناطق الصحراء وبلاد النوبة بلا قيد ولا شرط ومنحهم علاوة بنسبة 100% تقريباً، وأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 26 من مارس سنة 1952 قضى بصرف علاوة الصحراء بنسبة 25% تقريباً من المرتب للنوبيين ومع أنه يعمل في وظيفة مراجع مالية بمركز عنيبة ببلاد النوبة فضلاً عن كونه من مواليد ناحية قتة التابعة لمركز الدر سابقاً، فإن مصلحة الأموال المقررة - التي هو تابع لها - رفضت منحه هذا المرتب الإضافي عن المدة من 2 من مايو سنة 1951 إلى 3 من يونيه سنة 1951 تاريخ إلغاء هذه العلاوة في بلاد النوبة. وقد ردت مصلحة الأموال المقررة على هذا بأن المتظلم من أهالي الجهة التي يعمل بها ومن مواليد مركز عنيبة، ومن ثم فهو لا يستحق علاوة صحراء وفقاً لكتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 245 - 1/ 73 م 5 الصادر في 7 من أغسطس سنة 1952 مفسراً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 4 من يونيه سنة 1952 الذي قضى بمنح مرتب إقامة للموظفين والمستخدمين المعينين ببعض جهات بالصحراء وبلاد النوبة بشرط أن يكونوا مقيمين بها وألا يكونوا من أهالي الجهة التي يعملون بها. وانتهت المصلحة من هذا إلى طلب رفض التظلم وإلزام المتظلم بالرسوم المقررة. ولما صدر القانون رقم 147 لسنة 1954 بإنشاء المحاكم الإدارية أحيل هذا التظلم بحالته إلى المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين التي قضت فيه بجلسة 8 من مايو سنة 1955: "باستحقاق المدعي لصرف مرتب إضافي بالتطبيق لأحكام قرارات مجلس الوزراء الصادرة في هذا الشأن وبالفئات الواردة بها وذلك اعتباراً من 2 من مايو سنة 1951 حتى 3 من يونيه سنة 1952"، وأسست المحكمة قضاءها على أن مرتب الصحراء كان ممنوعاً صرفه للموظفين المحليين بالصحراء وبلاد النوبة بنص صريح في تقرير لجنة تعديل الدرجات في سنة 1921 وفي قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من فبراير سنة 1925، ثم أطلق النص بعد ذلك في قراري 16 من ديسمبر سنة 1945 و2 من مايو سنة 1951، فلم يستثن الموظفين المحليين بل جاء عاماً مطلقاً ينطبق على الموظفين والمستخدمين بالصحراء الغربية وبلاد النوبة المنتخبين منهم وغير المنتخبين، والمطلق يجرى على إطلاقه ما لم يرد عليه قيد بنص آخر، ودللت المحكمة على ذلك بما جاء بالمذكرة التي وافق عليها مجلس الوزراء في 26 من مارس سنة 1952 من أن قرار 2 من مايو سنة 1951 لم يحدد ما إذا كان المقصود أن يشمل من ناحية المبدأ جميع موظفي الدولة الذين يعملون بالصحراء وفي بلاد النوبة سواء أكانوا منتخبين محلياً أم غير منتخبين محلياً. وقد عدل قرار 26 من مارس سنة 1952 الفئات السابق تقديرها دون ما مساس بأصل الحق الذي نشأ للموظفين المحليين بقرار 2 من مايو سنة 1951، وذهبت إلى أن الحكمة التي اقتضت تعميم بدل الإقامة هي عدم إيجاد تفرقة في المعاملة بين أبناء وادي النيل، وتيسير أعباء المعيشة لجميع الموظفين الذين يعملون بالصحراء وبلاد النوبة لا فرق بين المحليين منهم وغير المحليين، وذلك لتسهيل سبل الإقامة بتلك الجهات النائية وتشجيع الموظفين على الإقبال على أعمالهم بروح الجد. وأضافت أن ما دفعت به مصلحة الأموال المقررة من أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 4 من يونيه سنة 1952 وكتاب وزارة المالية الدوري المؤرخ 7 من أغسطس سنة 1952 والصادر تنفيذاً لهذا القرار لا يمنحان مرتب إقامة للموظفين والمستخدمين المعينين بتلك الجهات إلا بشرط ألا يكونوا من أهالي الجهة التي يعملون بها - هذا الدفع مردود بأن طلب المدعي لا يحكمه قرار مجلس الوزراء المشار إليه؛ إذ أن طلبه مقصور على المدة من 2 من مايو سنة 1951 حتى 3 من يونيه سنة 1952. وقد طعن السيد رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم بعريضة مودعة سكرتيرية هذه المحكمة في 7 من يوليه سنة 1955، بانياً طعنه على أن المادة 125 من تقرير لجنة تعديل الدرجات سنة 1921 قضت بعدم صرف مرتب الصحراء لموظف انتخب محلياً للخدمة في إحدى الجهات التي نص عليها هذا التقرير، وأن مجلس الوزراء صدق على هذه القاعدة بجلسته المنعقدة في 30 من يونيه سنة 1921 وأيدها بقراره الصادر في 15 من فبراير سنة 1925، ثم أصدر في 16 من ديسمبر سنة 1945 قراراً بمنح الموظفين والمستخدمين الذين يعملون بالمساحة والمناجم بالصحراء تسهيلات ومكافآت نص عليها. وفي 2 من مايو سنة 1951 وافق المجلس على ما طلبته وزارة العدل من سريان أحكام قرار 16 من ديسمبر سنة 1945 على موظفي ومستخدمي المحاكم الابتدائية والشرعية من جميع الدرجات التي يعملون أو يندبون للعمل ببعض مناطق الصحراء وبلاد النوبة التي عينتها الوزارة في كشفين أرفقتهما بمذكرتها، على أن يطبق هذا الحكم على جميع موظفي الدولة في تلك المناطق. وبجلسة 26 من مارس سنة 1952 أقر المجلس ما ارتأته اللجنة المالية من منح الموظفين والمستخدمين المنتخبين محلياً بالصحراء وبلاد النوبة مرتب صحراء بواقع ربع الفئات المقررة بقراري المجلس الصادرين في 16 من ديسمبر سنة 1945 و2 من مايو سنة 1951، على أن يكون منحهم هذا المرتب بالقدر المذكور اعتباراً من تاريخ صدور القرار بالموافقة على ذلك. ولما تبين أن تطبيق قراري 2 من مايو سنة 1951 و26 من مارس سنة 1952 يزيد في أعباء الميزانية زيادة كبيرة صدر قرار مجلس الوزراء في 4 من يونيه سنة 1952 بإلغاء هذين القرارين وكذا قرار 5 من إبريل سنة 1951 بشأن منح مرتب إقامة لأطباء قسم طبي الحدود وبتعديل قرار 15 من فبراير سنة 1925 واستمرار العمل بقرار 16 من ديسمبر سنة 1945 بالنسبة إلى مهندسي مصلحة المناجم والمحاجر ومهندسي مصلحة المساحة الذين يقومون بمسح الصحراء، وكذا بقرار 14 من يناير سنة 1951 بالنسبة إلى موظفي محطة الأحياء المائية الفنيين. ويبين من هذا كله أن بدل الصحراء لم يقرر أصلاً للموظفين المنتخبين محلياً حتى صدور قرار مجلس الوزراء في 26 من مارس سنة 1952، وأن عبارة جميع موظفي الدولة التي وردت بقرار 2 من مايو سنة 1951 إنما قصد بها تعميم الحكم على طوائف الموظفين الذين لم تكن تشملهم القواعد السابقة دون مساس بالأصل الذي يقيد منح المرتب بشرط ألا يكون الموظف من المنتخبين محلياً، وهو الشرط الذي لم يتناوله قرار 2 من مايو سنة 1951 بالإلغاء. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد بني على مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله. وانتهى السيد رئيس هيئة المفوضين من هذا إلى طلب القضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من منح المتظلم مرتباً إضافياً عن المدة من 2 من مايو سنة 1951 لغاية 25 من مارس سنة 1952، ورفض هذا الشطر من طلبات المتظلم والاجتزاء بمنح المتظلم مرتباً إضافياً بالفئة المقررة للموظفين المنتخبين محلياً بقرار مجلس الوزراء الصادر في 26 من مارس سنة 1952، وذلك عن المدة من 26 من مارس سنة 1952 لغاية 3 من يونيه سنة 1952 وإلزام المتظلم بالمصروفات.
ومن حيث إنه يبين من استعراض القواعد التي صدرت في شأن مرتبات الإقامة في المناطق الصحراوية وبلاد النوبة أن المادة 125 من تقرير لجنة تعديل الدرجات في سنة 1921 نصت على إلغاء المرتبات التي كانت تصرف كمرتب صحراء أو مرتب مناخ أو مرتب إقامة ابتداء من تنفيذ ترتيب الدرجات الجديدة وقبول المعاملة به، وعلى عدم صرف أية مكافأة من هذا القبيل نظير شغل وظيفة في وادي النيل أو الدلتا أو في أية جهة أخرى واقعة على خطوط السكة الحديد المصرية (ما عدا الواحات الخارجة)، وعلى ألا يصرف مرتب إقامة للموظفين المعاملين بالترتيب الجديد الذين يشغلون وظائف في جهات بعيدة عن خطوط السكك الحديدية كالبحر الأحمر أو كالصحراء غرب السكك الحديدية أو جنوبها، وبطريق الاستثناء في جهات الدر والبرلس والعريش، وأن يكون المرتب باعتبار 20% من الماهية مع حد أدنى لا يقل عن ثلاثة جنيهات في الشهر، "ولا يصرف هذا المرتب لموظف انتخب محلياً من إحدى الجهات المذكورة للخدمة فيها" أو منح راتباً خاصاً بالنظر إلى الجهة التي يؤدي عمله فيها. وقد صدق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 30 من يونيه سنة 1921 على هذه القواعد. وبجلسة 15 من فبراير سنة 1925 وافق المجلس على مشروع جديد معدل لأحكام تقرير لجنة تعديل الدرجات، وهو يقضي بأن يمنح مرتب إقامة بفئات معينة للموظفين والمستخدمين الدائمين والمؤقتين المعينين في جهة من الجهات المبينة به "بشرط أن يكونوا غير منتخبين منها، ولا يمنح لمن يؤدي الخدمة في جهة انتخب منها". أو لمن لوحظ في تحديد ماهيته موقع الجهة التي يؤدي الخدمة فيها، مع تخويل وزارة المالية سلطة تعديل هذا المشروع مستقبلاً كلما تراءى لها ضرورة ذلك. ثم وافق المجلس بجلسته المنعقدة في 16 من ديسمبر سنة 1945 على منح الموظفين والمستخدمين بمصلحة المناجم والمحاجر ومصلحة المساحة الذين يعملون أو يندبون للعمل بالجهات الصحراوية تسهيلات ومكافآت منها أن يكون انتقالهم هم وعائلاتهم على نفقة الحكومة في الذهاب والإياب، وأن تحسب الإجازة ابتداء من وصول الموظف إلى القاهرة وتنتهي عند قيامه منها، وأن يمنح الذين يعملون منهم بالصحراء بصفة مستديمة مرتباً إضافياً بفئات معينة بشرط ألا يتعدى الماهية الأصلية، على ألا يصرف لهم بدل إقامة، وألا يجمع بين هذا المرتب وبدل السفر القانوني بل يصرف أيهما أزيد، مع منحهم مرتباتهم الإضافية أثناء الإجازات في حدود شهرين على الأكثر سنوياً. وفي 14 من يناير سنة 1951 وافق مجلس الوزراء على تطبيق قراره سالف الذكر على موظفي مصلحة العمل الذين يعملون بمنطقة البحر الأحمر وكذا على موظفي محطة الأحياء المائية. كما وافق بجلسة 15 من إبريل سنة 1951 على منح أطباء قسم طبي الحدود بوزارة الصحة العمومية الذين يعملون بالصحراء المكافآت التي نص عليها هذا القرار على أن يشمل ذلك بلاد النوبة. كذلك وافق المجلس في 2 من مايو سنة 1951 على ما طلبته وزارة العدل من تطبيق القرار المشار إليه على موظفي ومستخدمي المحاكم الابتدائية والشرعية من جميع الدرجات الذين يعملون أو يندبون للعمل ببعض مناطق الصحراء وبلاد النوبة المحددة بالكشفين اللذين أرفقتهما الوزارة بمذكرتها "على أن يسري ما في هذا الحكم على جميع موظفي الدولة في تلك المناطق". وفي 18 من مارس سنة 1952 تقدمت اللجنة المالية إلى مجلس الوزراء بمذكرة وافق عليها المجلس في 26 من مارس سنة 1952 جاء فيها أنه "يؤخذ من مذكرة لوزارة المالية والاقتصاد أنه تقدمت لها عدة شكاوى من الموظفين والمستخدمين المحليين بالصحراء الغربية وبالواحات الخارجة والداخلة النوبيين منهم ببلاد النوبة يتظلمون فيها من أن الوزارات والمصالح التابعين لها لم تنفذ أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 2 من مايو سنة 1951 عليهم على اعتبار أنهم محليون، في حين أن القرار المذكور عام يجب تطبيقه على جميع موظفي الجهات المنصوص عنها بدون استثناء المحليين منهم وغير المحليين..... - وتذكر وزارة المالية والاقتصاد أن مرتب الإقامة قرر أصلاً منذ بدء تقريره للآن للموظفين والمستخدمين الغير منتخبين محلياً. ونظراً لأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 2 من مايو سنة 1951 الذي يقضي بمنح التسهيلات والمكافآت التي أقرها المجلس في 16 من ديسمبر سنة 1945 لجميع موظفي الدولة يعملون بالصحراء وفي بلاد النوبة كان بدون تحديد لأنه لم يحدد ما إذا كان المقصود أن يشمل من ناحية المبدأ جميع موظفي الدولة التابعين لجميع الوزارات الذين يعملون بالصحراء وفي بلاد النوبة بشرط أن يكونوا غير منتخبين منها - أو منح هذه المرتبات لجميع الموظفين الذين يعملون بالصحراء أو في بلاد النوبة بصفة عامة سواء أكانوا منتخبين محلياً أم غير منتخبين محلياً. فبناء عليه تقترح عليه وزارة المالية والاقتصاد تقرير ذلك أو النظر في صرف مكافآت ومرتبات للموظفين والمستخدمين المنتخبين محلياً بفئات أقل من الفئات المقررة لغيرهم. وقد بحثت اللجنة المالية هذا الموضوع ورأت للتيسير على هؤلاء الموظفين والمستخدمين أن يمنح إليهم مرتب صحراء بواقع ربع الفئات المقررة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1945 و2 من مايو سنة 1951، على أن يكون منحهم هذا المرتب بالقدر المذكور اعتباراً من تاريخ قرار مجلس الوزراء بالموافقة على ذلك". وفي 31 من مايو سنة 1952 تقدمت اللجنة المالية إلى مجلس الوزراء بمذكرة ورد بها أنه "في 26 من مارس سنة 1952 وافق مجلس الوزراء على منح الموظفين والمستخدمين المنتخبين محلياً بالجهات النائية مرتب إقامة بواقع ربع الفئات الواردة بقراري مجلس الوزراء الصادرين في 16 من ديسمبر سنة 1945 و2 من مايو سنة 1951 على أن يكون منحهم هذا المرتب بالفئات المذكورة من تاريخ موافقة مجلس الوزراء. إلا أنه تبين أن تطبيق قراري مجلس الوزراء الصادرين في 2 من مايو سنة 1951 وفي 26 من مارس سنة 1952 بشأن مرتب الإقامة يزيد في أعباء الميزانية زيادة كبيرة تصل في مصلحة الحدود وحدها إلى 93000 جنيه سنوياً"، ومن أجل هذا أعادت اللجنة المالية بحث الموضوع، وانتهى رأيها إلى إلغاء قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 2 من مايو سنة 1951 بشأن تعميم صرف مرتب الإقامة و26 من مارس سنة 1952 بشأن منح مرتب إقامة للموظفين والمستخدمين المنتخبين محلياً و15 من إبريل سنة 1951 بشأن منح مرتب إقامة لأطباء قسم طبي الحدود، وإلى تعديل قرار المجلس الصادر في 15 من فبراير سنة 1925 بشأن مرتب الإقامة على الوجه الذي اقترحته فيما يتعلق بفئات هذا المرتب بحسب المناطق، مع مراعاة القواعد التي نصت عليها ومن بينها أن "يمنح مرتب الإقامة للموظفين والمستخدمين المعينين بتلك الجهات وبشرط أن يكونوا مقيمين بها وألا يكونوا من أهالي الجهة التي يعملون بها"، على أن يستمر العمل بقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1945 استثناء من هذه القواعد بالنسبة إلى مهندسي مصلحة المناجم والمحاجر ومهندسي مصلحة المساحة الذين يقومون بمسح الصحراء، وكذا بقرار 14 من يناير سنة 1951 بالنسبة إلى موظفي محطة الأحياء المائية الفنيين. وقد وافق مجلس الوزراء على اقتراحات اللجنة المالية هذه بجلسته المنعقدة في 4 من يونيه سنة 1952. وتنفيذاً لهذا القرار صدر كتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 245 - 1/ 7073 في 25 من أغسطس سنة 1952، ثم صدر قرار مجلس الوزراء في 10 من ديسمبر سنة 1952 بالموافقة على ما ارتأته اللجنة المالية من منح موظفي ومستخدمي الحكومة الذين يعملون ببلاد النوبة مرتب الإقامة بواقع 30% من الماهية الشهرية بحد أدنى وحد أقصى لكل من الموظفين الدائمين والمؤقتين ومن المستخدمين الخارجين عن هيئة العمال، وذلك مع توافر باقي الاشتراطات الأخرى الواردة في قرار مجلس الوزراء الصادر في 4 من يونيه سنة 1952 على أن يكون الصرف اعتباراً من أول يوليه سنة 1952. وصدر بذلك كتاب ديوان الموظفين الدوري رقم 2 لسنة 1953 في 4 من يناير سنة 1953.
ومن حيث إنه يستخلص مما تقدم أن الحكمة التي دعت إلى تقرير مرتب الصحراء هي تشجيع الموظفين والمستخدمين على الإقبال على العمل بالجهات النائية والاستمرار فيه بروح طيبة؛ وذلك بتعويضهم عما يلاقونه من مشقة البعد وشظف العيش وقسوة الطبيعة في هذه المناطق القاصية عن العمران المجردة من وسائل الراحة والمواصلات، حيث يكافحون في ظروف عسيرة لم يألفوها من قبل في بلادهم الأصلية. وفي ضوء هذه الحكمة يتعين فهم وتفسير مدلول قرارات مجلس الوزراء الخاصة بتقرير هذا المرتب. وقد أفصحت القرارات المذكورة عن هذه الحكمة من جهة عندما أبانت ذلك مذكرات اللجنة المالية التي صدرت على أساسها هذه القرارات، ومن جهة أخرى عندما استثنت من استحقاق صرف مرتب الصحراء من الموظفين الذين تنطبق عليهم شروط منحه أولئك الذين انتخبوا محلياً للخدمة في إحدى المناطق التي عينتها، لكون قيامهم بالعمل في بلادهم لا تتحقق معه علة تقرير هذا المرتب، ومن جهة ثالثة عندما منحت مزايا وتسهيلات فيما يتعلق بالانتقال والإجازات لا ينصرف تطبيقها إلى المعينين محلياً، وأخيراً عندما خولت وزارة المالية سلطة التعديل في أحكامها كلما تراءت لها ضرورة ذلك، الأمر الذي أصدرت الوزارة بناء عليه منشوراتها رقم 11 لسنة 1931 ملف رقم 162/ 79 في 27 من إبريل سنة 1931 بإلغاء مرتب الإقامة الذي يمنح للموظفين والمستخدمين في جهات القنطرة وبلطيم وعزبة البرج بعد إذ كثرت المواصلات المؤدية إلى هذه الجهات مما أدى إلى توافر سبل المعيشة فيها، ورقم 40 لسنة 1931 ملف رقم ف 245 - 1/ 73 في 12 من نوفمبر سنة 1931 بتخفيض هذا المرتب في المناطق الأخرى، ورقم 7 لسنة 1932 بحرمان جهات بئر العبد والضبعة وخط مريوط وهي العامرية والحمام وبرج العرب وبهيج من المرتب المشار إليه، ورقم 35 لسنة 1932 ملف رقم ف 245 - 1/ 73 في 10 من سبتمبر 1922 بإلغاء المرتب المذكور في الجهات الواقعة في حدود منطقة البرلس بأكملها بعد أن امتد إليها العمران.
ومن حيث إن قاعدة حرمان الموظفين المنتخبين محلياً من مرتب الصحراء وردت بالنص الصريح في تقرير لجنة تعديل الدرجات في سنة 1921 الذي صدق عليه مجلس الوزراء في 30 من يونيه سنة 1921، كما رددها تأكيداً لها قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من فبراير سنة 1925؛ ومن ثم أصبحت هذه القاعدة أصلاً واجب الاتباع ومبدأ مطرداً ما لم تلغ بنص لاحق يقضي بنسخ حكمها. وإذا كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1945 قد خلا من تكرار الإشارة إليها فإنه لم يتضمن نصاً بإبطال العمل بها، وقد كان في غنى عن هذا التكرار؛ لأنه إنما جاء مستصحباً لأحكام القرار السابق عليه ومكملاً له في شأن فئة معينة من الموظفين والمستخدمين الذين تناولهم، بل إن ما اشتمل عليه من منح تسهيلات خاصة لهذه الفئة بتقرير انتقال أفرادها وعائلاتهم على نفقة الحكومة في الذهاب والإياب، وحساب بدء إجازاتهم من يوم وصولهم إلى القاهرة وانتهائها عند قيامهم منها، والنص على عدم جواز الجمع بين مرتب الصحراء الذي يصرف لهم وبين بدل الإقامة أو بدل السفر القانوني - وهما لا يمنحان إلا لغير أهل الجهة - كل أولئك واضح في دلالته على انصراف الحكم فيه إلى غير المعينين محلياً. أما قرار مجلس الوزراء الصادر في 2 من مايو سنة 1951 فلئن بدا ظاهر عبارته بصيغة التعميم، إذ قضى بتطبيق قرار المجلس الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1945 على موظفي ومستخدمي المحاكم الابتدائية والشرعية من جميع الدرجات بالصحراء وبلاد النوبة وبسريان هذا الحكم على جميع موظفي الدولة في تلك المناطق، إلا أن مجال تطبيقه يتحدد من حيث المكان بالمناطق المبينة بالكشفين الملحقين به، ومن حيث الأشخاص بموظفي الدولة ومستخدميها التابعين لمختلف الوزارات الذين يعملون بالمناطق المشار إليها - بعد أن كان الأمر مقصوراً في قرار 16 من ديسمبر سنة 1945 على موظفي ومستخدمي المساحة والمناجم - وذلك كله بشرط توافر شروط تطبيق هذا القرار الأخير بطبيعة الحال بالنسبة إلى أولئك وهؤلاء، وأخصها كون الموظف أو المستخدم غير منتخب محلياً. وبذا ينحصر التعميم في طائفة الموظفين والمستخدمين غير المنتخبين محلياً، دون مساس بالأصل المقيد للمنح. وقد جاءت مذكرة اللجنة المالية التي أقرها مجلس الوزراء في 26 من مارس سنة 1952 مؤيدة لهذا النظر؛ إذ أن وزارة المالية اقترحت إما تقرير ما إذا كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 2 من مايو سنة 1951 ينطبق على الموظفين والمستخدمين المنتخبين محلياً، وإما النظر في منح مكافآت ومرتبات لهؤلاء الموظفين بفئات أقل من الفئات المقررة لغيرهم، فلم تلق اللجنة المالية بالاً للاقتراح الأول لعدم صحة التفسير الذي يقوم عليه، ورأت "للتيسير" على الموظفين والمستخدمين المذكورين أن يمنحوا مرتب صحراء بواقع ربع الفئات المقررة بقراري مجلس الوزراء الصادرين في 16 من ديسمبر سنة 1945 و2 من مايو سنة 1951، على أن يكون منح هذا المرتب اعتباراً من تاريخ قرار مجلس الوزراء بالموافقة على ذلك. ولو كان لهؤلاء الموظفين حق في مرتب إضافي قبل ذلك لما أعوزهم التيسير، وما كان التيسير عليهم بتخفيض هذا الحق إلى الربع، وإنما استحدث لهم قرار 26 من مارس سنة 1952، منذ تاريخ صدوره، حقاً لم يكن ثابتاً لهم من قبل. ونظراً إلى ما في ذلك من خروج على الحكمة التي اقتضت تقرير مرتب الصحراء فقد منحوا مكافأة مخفضة؛ إذ رأى المشرع أنهم لا يستوون في استحقاقها وغير المحليين، وإنما منحهم إياها لاعتبارات نفسية أفصح عنها وهي التقريب في المعاملة وإزالة الفارق بين أبناء الوطن الواحد لدفع شعور السخط وعدم الرضا لدى الموظف المحلي حتى لا يحس بأن بلده ليست قطعة من مصر. وهذه الاعتبارات لم يسبق الاعتداد بها في قرار 2 من مايو سنة 1951 لتبرير التجاوز عن حكمة عدم المنح التي كانت متحققة فيه، ثم لم يلبث، بعد أن زادت أعباء الميزانية، أن صدر قرار مجلس الوزراء في 4 من يونيه سنة 1952 بإلغاء قرار 26 من مارس سنة 1952 ضمن قرارات أخرى رجوعاً إلى الحكمة الأولى. ووصف مجلس الوزراء هذا القرار الأخير بأنه الصادر "بشأن منح مرتب إقامة للموظفين والمستخدمين المنتخبين محلياً" مؤكداً بذلك أنه هو القرار المنشئ لهذا الحق دون ما سبقه من قرارات.
ومن حيث إنه ثابت من ملف خدمة المطعون عليه أنه من مواليد قتة مركز عنيبة مديرية أسوان في 12 من أكتوبر سنة 1923، وأنه يعمل مراجع مالية مركز عنيبة تبع مصلحة الأموال المقررة ويشغل الدرجة السابعة حالياً، ومن ثم فإنه لا يفيد إلا من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 26 من مارس سنة 1952 دون أي قرار آخر سابق، وبالفئة المخفضة المحددة في هذا القرار للموظفين المنتخبين محلياً، وذلك اعتباراً من تاريخ صدوره حتى 3 من يونيه سنة 1952 وهو اليوم السابق على صدور قرار مجلس الوزراء في 4 من يونيه سنة 1952 بإلغائه. ويكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى باستحقاق المدعي لصرف مرتب إضافي بالتطبيق لأحكام قرارات مجلس الوزراء الصادرة في هذا الشأن وبالفئات الواردة بها وذلك اعتباراً من 2 مايو سنة 1951، قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه، ويتعين الحكم بإلغائه فيما قضى به من منح المدعي مرتباً إضافياً عن المدة من 2 من مايو سنة 1951 حتى 25 من مارس سنة 1952.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من استحقاق المدعي لمرتب إقامة ببلاد النوبة في المدة من 2 من مايو سنة 1951 لغاية 25 من مارس سنة 1952، وتأييده فيما عدا ذلك، وألزمت المدعي بالمصروفات المناسبة.