أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 377

جلسة 11 من مارس سنة 1986

برياسة السيد المستشار: فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الرحيم نافع نائب رئيس المحكمة ومحمود البارودي ومحمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري.

(79)
الطعن رقم 7068 لسنة 55 القضائية

(1) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات "بوجه عام" "تسجيلات صوتية". دفوع "الدفع ببطلان إجراءات التسجيل".
الدفع ببطلان إجراءات التسجيل. دفاع جوهري لاتصاله بمشروعية مصدر الدليل المطروح في الدعوى. إغفال المحكمة له إيراداً ورداً - رغم التعويل على الدليل المستمد منه. قصور.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى أقوال شاهد آخر. لا عيب. متى كانت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(3) إثبات "بوجه عام".
الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها البعض الآخر.
1 - لما كان الدفع ببطلان إجراءات التسجيل - وفي صورة الدعوى - يعد دفاعاً جوهرياً لاتصاله بمشروعية مصدر الدليل المطروح فيها - بما كان يتعين على المحكمة أن تعرض له وتعني بتمحيصه وتقسطه حقه فتأخذ به أو تفنده بأسباب سائغة، أما وهي لم تفعل وأغفلت ذكره إيراداً له أو رداً عليه رغم أنها عولت على الدليل المستمد منه فإن حكمها يكون معيباً بالقصور.
2 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر - إلا أن شرط ذلك أن تكون أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
3 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها البعض الآخر ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته موظفاً عمومياً مهندس تنظيم بحي شرق القاهرة. طلب لنفسه وأخذ عطيه للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب من..... مبلغ خمسمائة جنيه مقابل التغاضي عن اتخاذ الإجراءات القانونية قبل والدته لقيامها ببناء بدون ترخيص. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات أمن الدولة العليا قضت حضورياً عملاً بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه ألفي جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة طلب رشوة فقد اعتراه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد، ذلك أن الدفاع عن الطاعن تمسك ببطلان إجراءات تسجيل الحديث الذي دار بين الطاعن والشاهد الأول (المبلغ) وبطلان الدليل المستمد منه، لأن من أجراه وهو المبلغ نفسه - ليس من بين المأذون لهم باتخاذه في الإذن الصادر من النيابة والذي اقتصر على ضباط مباحث قسم مكافحة جرائم الأموال العامة ومن يعاونهم من مأموري الضبط والفنيين المختصين قانوناً بتسجيل الأحاديث - إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفع إيراداً أو رداً رغم أنه عول على الدليل المستمد من هذا التسجيل فيما أورده بياناً لمضمون شهادة الشاهدين الأول والثاني. هذا إلى أن الحكم عول بين ما عول عليه في الإدانة على ما شهد به الرقيب السري... وأحال في بيان مضمون شهادته إلى ما أورده من شهادة المقدم..... رغم اختلاف أقوالهما اختلافاً كلياً. وكل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة في الثالث من أكتوبر سنة 1985 أن الدفاع عن الطاعن استهل مرافعته بالدفع ببطلان إجراءات تنفيذ إذن النيابة بتسجيل الحديث بين الطاعن والمبلغ إذ أن هذا الأخير وقد ثبت أنه شارك في هذا الإجراء لم يكن من بين المأذون لهم بذلك، كما اختتم مرافعته بهذا الدفع أيضاً. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد صورة الواقعة كما استقرت في عقيدة المحكمة، انتقل إلى بيان مضمون الأدلة التي عول عليها في الإدانة - فنقل عن الشاهد الأول (المبلغ) أن رجال الضبط قد زودوه بمبلغ الرشوة الذي طلبه المتهم (الطاعن) وبالأجهزة الفنية لتسجيل الأحاديث التي ستدور بينهما وأنه بعد تمام إجراءات الضبط عادوا فتسلموا منه أجهزة التسجيل وما رده إليه الطاعن من مبلغ الرشوة، كما نقل الحكم عن الشاهد الثاني المقدم.... ما يؤيد أقوال الشاهد الأول في شأن تزويده بأجهزة التسجيل ثم ما دار بين الطاعن والشاهد الأول من أحاديث أخذ بما سجلته تلك الأجهزة، وأحال الحكم أيضاً في بيان مضمون شهادة باقي الشهود الذين عول على أقوالهم في الإدانة إلى ما أورده بياناً لمضمون شهادة هذين. لما كان ذلك، وكان الدفع ببطلان إجراءات التسجيل على هذا النحو - وفي صورة الدعوى - يعد دفاعاً جوهرياً لاتصاله بمشروعية مصدر الدليل المطروح فيها - بما كان يتعين على المحكمة أن تعرض له وتعني بتمحيصه وتقسطه حقه فتأخذ به أو تفنده بأسباب سائغة، أما وهي لم تفعل وأغفلت ذكره إيراداً له أو رداً عليه رغم أنها عولت على الدليل المستمد منه فإن حكمها يكون معيباً بالقصور، وفضلاً عن ذلك فإنه ولئن كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر - إلا أن شرط ذلك أن تكون أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول بين ما عول عليه في الإدانة على ما شهد به الرقيب السري..... في تحقيقات النيابة، وأحال في بيان ذلك إلى ما أورده بياناً لمضمون شهادة المقدم......، وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة - أن ما شهد به الرقيب السري المذكور في تحقيقات النيابة يختلف كلية عما أورده الحكم نقلاً عن المقدم..... إذ لم يرد بأقوال الرقيب السري في خصوص واقعة الضبط سوى أنه سمع المبلغ يقول للطاعن أهلاً ياباشمهندس مصطفى..... وكان فيه كلام بينهم على فلوس وحاجات ثانية مش فاكرها. وهو ما لا يتفق مع ما نقله الحكم من أقوال المقدم من أن الحديث دار بين الطاعن والمبلغ حول موضوع الرشوة.. وأن مبلغ الرشوة مقابل ألا يقوم المتهم باتخاذ أي إجراء قانوني قبل والدته التي قامت ببناء العقار بدون ترخيص... لما كان ذلك - فإن ما ذكره الحكم المطعون فيه من أن الشاهد الرابع (الرقيب السري) قد شهد بمضمون ما شهد به الشاهد الثاني (المقدم....) - يكون فوق قصوره - قد خالف الثابت بالأوراق، بما يعيبه ولا يغير من ذلك كله - أن يكون الحكم المطعون فه قد عول في الإدانة على أدلة أخرى لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها البعض الآخر ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة وذلك دون حاجة إلى بحث باقي ما يثيره الطاعن.