أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 635

جلسة 28 من إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جرجس اسحق نائب رئيس المحكمة د. رفعت عبد المجيد، السيد السنباطي، ومحمد وليد النصر.

(138)
الطعن رقم 1685 لسنة 56 القضائية

(1) بيع. شفعة. حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
الحكم بعدم قبول دعوى الشفعة لوجود بيع ثان. غير مانع من نظر دعوى الشفعة التي يرفعها الشفيع ذاته عن البيع الثاني في مواعيده وبشروطه ما لم توجد مسألة أساسية مشتركة بينهما فصل فيها الحكم السابق بحكم تتوافر فيه شروط المنع من إعادة نظرها في الدعوى الجديدة.
(2) شفعة. "سقوط الحق في الشفعة".
علم الشفيع بالبيع. عدم ثبوته إلا من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري. عدم سريان ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يسقط حق الشفيع إذا لم يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة قبل انقضائه إلا من تاريخ هذا الإنذار. لا عبرة بعلمه بأية ورقة أخرى.
(3) شفعة "عدم تجزئة الشفعة".
قاعدة عدم تجزئة الشفعة. مفادها. ليس للشفيع الأخذ بالشفعة في صفقة واحدة بعض المبيع دون البعض الآخر. علة ذلك. جواز الأخذ بالشفعة في بعض صفقات بيع العقار دون بعض إذا تعددت وتوافرت شروطها.
1 - الحكم بعدم قبول دعوى الشفعة لوجود بيع ثان يحاج به الشفيع لأنه سابق على تسجيل طلب الشفعة المبدى بها - لا يمنع من نظر دعوى الشفعة التي يرفعها الشفيع ذاته عن هذا البيع الثاني في مواعيده وبشروطه لاختلاف الموضوع في الدعوتين، وهو البيع المشفوع فيه لكل منهما، ما لم يكن ثمة مسألة أساسية مشتركة بينهما فصل فيها الحكم السابق بحكم تتوافر فيه شروط المنع من إعادة نظرها في الدعوى الجديدة.
2 - مؤدى نص المادة 940 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن علم الشفيع بالبيع لا يعتبر ثابتاً قانوناً إلا من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري ولا يسري ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يسقط حق الشفيع إذا لم يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة قبل انقضائه إلا من تاريخ هذا الإنذار الذي لا تغني عنه في سريان ذلك الميعاد أية ورقة أخرى.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قاعدة أن الشفعة لا تتجزأ تعني أنه لا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة في صفقة واحدة بعض المبيع دون البعض الآخر حتى لا يضار المشتري بتعويض الصفقة، وإنما يجوز له إذا تعددت الصفقات ببيع العقار أجزاء مفرزة - أن يأخذ بالشفة في بعض هذه الصفقات دون بعض إذا توافرت شروط الشفعة فيما يؤخذ بالشفعة فيه دون أن يكون في ذلك تجزئه لها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى 2036 لسنة 1983 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعنين بطلب الحكم بأحقيته في أخذ كامل قطعة الأرض المبينة في الصحيفة بالشفعة مقابل ما أودعه من ثمن. وقال شرحاً لدعواه أنه يملك العقار المجاور لتلك الأرض وقد علم أن مالكها باع ستة عشر قيراطاً شائعة فيها إلى الطاعنين الثاني والثالث بعقد مسجل برقم 8065 القاهرة في 2/ 11/ 1976 فأقام عليهم الدعوى 648 لسنة 1977 مدني كلي جنوب القاهرة بطلب الشفعة في ذلك العقد، وإذ قضى نهائياً بعدم قبولها لبيع المشتريين كامل تلك الأرض إلى الطاعن الأول بعقد مؤرخ 10/ 9/ 1976 قبل تسجيل طلب الشفعة - فقد أعلن هؤلاء الثلاثة برغبته في الشفعة في هذا العقد الثاني وأودع الثمن في الميعاد وأقام دعواه بالطلبات السالفة. دفع الطاعنون بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى 648 لسنة 1977 مدني كلي جنوب القاهرة، وبعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد، ولقيام الشفيع بتجزئة الصفقة. ومحكمة أول درجة حكمت في 17/ 11/ 1985 برفض هذه الدفوع وبإجابة الشفيع إلى طلباته. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف 8185 لسنة 102 ق القاهرة وبتاريخ 16/ 4/ 1986 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على تسعة أسباب ينعى الطاعنون بالسببين الثاني والثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ويقولون في بيان ذلك أنهم تمسكوا بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى 648 لسنة 1977 كلي جنوب القاهرة إذ أقام ذلك الحكم قضاءه على أن الشفيع لم يوجه تلك الدعوى إلى البيع الثاني، وأن هذا البيع نافذ في حقه مما مؤداه أن يمتنع على الشفيع الحلول محل المشتري في هذا البيع وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع بالرغم من وحدة الموضوع في الدعويين.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الحكم بعدم قبول دعوى الشفعة - لوجود بيع ثان يحاج به الشفيع لأنه سابق على التسجيل طلب الشفعة المبدى فيها - لا يمنع من نظر دعوى الشفعة التي يرفعها الشفيع ذاته عن هذا البيع الثاني في مواعيده وبشروطه لاختلاف الموضوع في الدعويين، وهو البيع المشفوع فيه بكل منهما ما لم يكن ثمة مسألة أساسية مشتركة بينهما فصل فيها الحكم السابق بحكم تتوافر فيه شروط المنع من إعادة نظرها في الدعوى الجديدة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في قضائه ولم يفصل في مسألة أساسية مشتركة بين الدعويين بما يخالف الحكم السابق فإن النعي عليه بما ورد بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الأول والتاسع على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع المبدى منهم بسقوط الحق في الشفعة على أن الميعاد المنصوص عليه في المادة 940 من القانون المدني لا ينفتح إلا بالإنذار الرسمي بالشفعة، وأنه لا يقوم مقام هذا الإنذار أية ورقة أخرى وأن الشفيع لم يتلق إنذاراً رسمياً بالعقد البيع موضوع الشفعة، في حين أن المشرع لم يفرض الشكلية في دعوى الشفعة وأنه يقوم مقام هذا الإنذار أن الطاعن الأول أودع هذا العقد بجلسة 13/ 5/ 1978 في دعوى الشفعة السابقة - 648 لسنة 1977 كلي جنوب القاهرة - وأن إيداع ذلك العقد وكل إجراء لاحق في تلك الدعوى يعتبر إعلاناً للشفيع تحققت به الغاية من ذلك الإنذار بما يغني عن إجرائه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه لما كان مؤدى النص في المادة 940 من القانون المدني على أنه "على من يريد الأخذ بالشفعة أن يعلن رغبته فيها إلى كل من البائع والمشتري خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري وإلا سقط حقه وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن علم الشفيع بالبيع لا يعتبر ثابتاً قانوناً إلا من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري ولا يسري ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يسقط حق الشفيع إذا لم يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة قبل انقضائه إلا من تاريخ هذا الإنذار الذي لا تغني عنه في سريان ذلك الميعاد أية ورقة أخرى، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في قضائه فإن النعي عليه بما ورد بهذين السببين يكون بدوره على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون بباقي أسباب الطعن أنهم دفعوا أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى لتجزئة الشفيع للصفقة، إذ شمل البيع كامل الأرض والمباني وذلك بالعقدين المؤرخين 10/ 9/ 1976, 5/ 10/ 1976 فقضى الحكم بالشفعة في الأرض فقط دون تمحيص هذا الدفاع مغفلاً ما يؤدي إليه ذلك من آثار ضارة بهم، فشابه بذلك قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قاعدة أن الشفعة لا تتجزأ تنعي أنه لا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة في صفقة واحدة بعض المبيع دون البعض الآخر حتى لا يضار المشتري بتبعيض الصفقة، وإنما يجوز له إذا تعددت الصفقات ببيع العقار أجزاء مفرزه - أن يأخذ بالشفعة في بعض هذه الصفقات دون بعض إذا توافرت شروط الشفعة فيما يأخذ بالشفعة فيه أن يكون في ذلك تجزئة لها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن عقد شراء الأرض المشفوع فيها مستقل عن عقد شراء ما كان عليها من مبان، وكان لهذا الذي أقام قضاءه عليه أصل ثابت من الأوراق فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بهذه الأسباب في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.