مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1955 إلى آخر يناير سنة 1956) - صـ 393

جلسة 21 من يناير سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

(47)
القضية رقم 143 لسنة 1 القضائية

موظف - المناط في استحقاق راتبه هو بتاريخ تسلمه العمل وليس بتاريخ صدور قرار التعيين - أساس ذلك.
إن الفقرة الأخيرة من المادة 21 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن الموظف يستحق مرتباً من تاريخ تسلمه العمل، فالمناط في الاستحقاق هو بهذا التاريخ وليس بتاريخ القرار ذاته، وهذا النص هو ترديد لأصل طبعي عادل متسق وقاعدة عدم جواز الإثراء على حساب الغير بلا سبب قانوني، فإن كان قرار التعيين قد صدر، ولكن الموظف لم يتسلم عمله إلا بعد ذلك، فلا يستحق مرتبه إلا من التاريخ الأخير، وكذلك إذا كان الموظف قد تسلم عمله بناء على تكليف الجهة المختصة ثم تراخي صدور قرار تعيينه استيفاء لإجراءات أو أوضاع يتطلبها إصداره، فإنه يستحق مرتبه منذ التاريخ الأول الذي تسلم فيه العمل.


إجراءات الطعن

في 6 من أغسطس سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الدائرة الأولى) بجلسة 7 من يونيه سنة 1955 في الدعوى رقم 4803 لسنة 8 القضائية المرفوعة من وزارة التربية والتعليم ضد السيد/ أحمد مسعود الغيوري، القاضي: "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع (أولاً) بإلغاء قرار اللجنة القضائية فيما قضى به من استحقاق المطعون ضده لمرتب الوظيفة التي يقوم بأنه كان قائماً بالعمل فيها بكلية الهندسة في المدة من أول نوفمبر سنة 1945 إلى 16 من إبريل سنة 1946 ورفض تظلمه بالنسبة لهذا الطلب. (ثانياً) بتأييد قرار اللجنة فيما عدا ذلك وجعلت المصروفات مناصفة بين الطرفين والمقاصة في أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء قرار اللجنة القضائية من استحقاق المطعون ضده لمرتب الوظيفة التي يقول بأنه كان قائماً بالعمل فيها بكلية الهندسة في المدة من أول نوفمبر سنة 1945 إلى 16 من إبريل سنة 1946 والقضاء بتأييد قرار اللجنة القضائية في هذا الشطر من الدعوى وإلزام الحكومة بالمصروفات". وأعلن السيد/ أحمد مسعود الغيوري بالطعن في 11 من أكتوبر سنة 1955، وأعلن به السيد وزير التربية والتعليم في 7 من أغسطس سنة 1955، ثم عين لنظر الطعن جلسة 10 من ديسمبر سنة 1955، وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه تقدم إلى اللجنة القضائية لجميع الوزارات والمصالح بالإسكندرية بالتظلم رقم 1880 لسنة 1 القضائية أبان فيه أنه حصل على دبلوم الفنون والصناعات عام 1939، وألحق بخدمة شركة الغزل بكفر الدوار في 27 من إبريل سنة 1940 إلى 21 من أكتوبر سنة 1945، ثم التحق بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية في أول نوفمبر سنة 1945، ولم يصدر أمر تعيينه إلا في 17 من إبريل سنة 1946 بعد أن ألحق بكلية الزراعة، ولم يصرف مرتبه عن المدة من أول نوفمبر سنة 1945 إلى 16 من إبريل سنة 1946. وطلب الحكم بصرف مرتبه عن المدة سالفة الذكر، وضم مدة خدمته بشركة الغزل بكفر الدوار إلى مدة خدمته الحالية. وردت جامعة الإسكندرية بأن كلية الهندسة وافقت على ترشيح المتظلم لوظيفة عامل معمل درجة أولى صناع إلا أن التعليمات كانت تقضي بعدم تعيين حملة مؤهل المتظلم في أقل من الدرجة السابعة، ثم صدر قرار الجامعة بتعيينه في وظيفة من الدرجة السابعة بكلية الزراعة في 17 من إبريل سنة 1946، وإذا كان المتظلم قد تردد على كلية الهندسة دون صدور قرار بتعيينه فإن هذا لا يرتب له أي حق. وأما عن طلبه ضم مدة خدمته بالشركة فإن طبيعة العمل الذي يقوم به في كلية الزراعة يختلف عن العمل الذي كان يقوم به في الشركة. وفي أول أكتوبر سنة 1953 أصدرت اللجنة القضائية قراراً: "(أولاً) باستحقاق المتظلم لمرتب الوظيفة التي كان يقوم بعملها في كلية الهندسة من أول نوفمبر سنة 1945 إلى 16 من إبريل سنة 1946 (ثانياً) استحقاق المتظلم في أن تضم إلى مدة خدمته الحالية نصف مدة خدمته بشركة الغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار، وما يترتب على ذلك من آثار". وأسست اللجنة قرارها على "أن المتظلم قدم أوراق تعيينه إلى كلية الهندسة على اعتبار أنها الكلية التي سيقوم بالعمل فيها، وأن الكلية المذكورة قد سلمته العمل فعلاً وقام به"، وقالت في موضع آخر "بأنه لا احتجاج بما تدعيه الجامعة من أن العبرة بصدور قرار من الجامعة ذاتها، وهي السلطة المختصة بالتعيين؛ إذ أن هذا الخطأ لا يقع على عاتق المتظلم، وإنما يتحمله الموظف المسئول عن تسليم المتظلم العمل إن كان هناك ثمة خطأ، إذ أن الأمر في ذلك يدق على المتظلم". وبعريضة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 4 من مارس سنة 1954 طعنت وزارة التربية والتعليم في قرار اللجنة القضائية طالبة إلغاءه، وإلزام المطعون عليه بالمصروفات والأتعاب، وبنت طعنها على أن كلية الهندسة لا تملك تعيين المطعون عليه إلا بعد موافقة إدارة الجامعة، وأن تردده على كلية الهندسة دون صدور قرار بتعيينه لا يكسبه أي حق، وأما عن ضم مدة خدمته بشركة الغزل بكفر الدوار إلى مدة خدمته الحالية فإنه على غير حق؛ لأن طبيعة العمل الذي يقوم به في كلية الزراعة يختلف عن العمل الذي كان يقوم به في الشركة، وانتهت إلى طلب الحكم بإلغاء قرار اللجنة القضائية. وقد قضت محكمة القضاء الإداري بحكمها الصادر في 7 من يونيه سنة 1955 "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع (أولاً) بإلغاء قرار اللجنة القضائية فيما قضى به من استحقاق المطعون ضده لمرتب الوظيفة التي يقول بأنه كان قائماً بالعمل فيها بكلية الهندسة في المدة من أول نوفمبر سنة 1945 إلى 16 من إبريل سنة 1946 ورفض تظلمه بالنسبة لهذا الطلب. (ثانياً) بتأييد قرار اللجنة فيما عدا ذلك وجعلت المصروفات مناصفة بين الطرفين والمقاصة في أتعاب المحاماة"، وأسست قضاءها على "أنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المطعون ضده أنه خال مما يفيد تعيينه بكلية الهندسة وأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد ترشيح للتعيين في إحدى الدرجات التي تخلو، ولما خلت درجة بكلية الزراعة عين فيها، أما قيام المطعون ضده بالعمل في كلية الهندسة بناء على تكليفها فلا يترتب عليه ملزومية الحكومة بالمرتب ما دام أنه لم يصدر قرار بالتعيين من الجهة المختصة التي تملك التعيين"، وقالت في موضع آخر "إنه فيما يتعلق بطلب أحقية المطعون ضده في أن تضم نصف مدة خدمته بشركة الغزل بكفر الدوار إلى مدة خدمته الحالية، فإن ما تدفع به الحكومة من اختلاف عمله في الشركة عن عمله بكلية الزراعة مردود بما استبان للمحكمة من أن عمل المطعون ضده في الجهتين وإن لم يتحد فهو متفق في طبيعته الأمر الذي يتوافر به شرط اتحاد العمل الوارد في قواعد ضم مدد الخدمة".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه ما دام المطعون عليه قد قام بالعمل في كلية الهندسة بناء على تكليفها فلا محل للتحلل من آثار هذا التصرف بدعوى عدم صدور قرار بالتعيين من الجهة المختصة التي تملك التعيين؛ إذ أن القاعدة هي استحقاق الأجر مقابل العمل بحيث يحق لمن قام بالعمل بناء على تكليف جهة الإدارة، ودون أن تنصرف نيته إلى التبرع بخدماته، أن يستأديها الراتب المقرر قانوناً للوظيفة التي قام بأعبائها، فيكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى بإلغاء قرار اللجنة القضائية فيما قضى به من استحقاق المطعون عليه لمرتب الوظيفة التي كان قائماً بالعمل فيها بكلية الهندسة - قد أخطأ في تطبيق القانون".
ومن حيث إن الفقرة الأخيرة من المادة 21 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن الموظف يستحق مرتبه من تاريخ تسلمه العمل، فالمناط في الاستحقاق هو بهذا التاريخ وليس بتاريخ القرار ذاته، وهذا النص هو ترديد لأصل طبعي عادل يتسق وقاعدة عدم جواز الإثراء على حساب الغير بلا سبب قانوني، فإن كان قرار التعيين قد صدر، ولكن الموظف لم يتسلم عمله إلا بعد ذلك، فلا يستحق مرتبه إلا من التاريخ الأخير، وكذلك إذا كان الموظف قد تسلم عمله بناء على تكليف الجهة المختصة ثم تراخى صدور قرار تعيينه استيفاء لإجراءات أو أوضاع يتطلبها إصداره، فإنه يستحق مرتبه منذ التاريخ الأول الذي تسلم فيه العمل.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه - إذ ذهب غير هذا المذهب - قد جاء مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه في هذا الخصوص فقط، وذلك على الوجه المبين بالمنطوق.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المطعون عليه لمرتب الوظيفة التي كان قائماً بالعمل فيها بكلية الهندسة في المدة من أول نوفمبر سنة 1945 إلى 16 من إبريل سنة 1946، وألزمت الحكومة بالمصروفات.