مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1955 إلى آخر يناير سنة 1956) - صـ 419

جلسة 21 من يناير سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

(50)
القضية رقم 296 لسنة 1 القضائية

( أ ) إجراءات - المنازعات الخاصة بمرتبات ومعاشات ومكافآت الموظفين العموميين - وجوب طرحها أولاً على اللجان القضائية طبقاً للمرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 - رفعها ابتداء أمام محكمة القضاء الإداري - عدم قبول الدعوى - قانون إنشاء المحاكم الإدارية لم يغير الوضع من حيث عدم قبول الدعاوى إذا رفعت مباشرة لمحكمة القضاء الإداري.
(ب) دفع - عدم قبول الدعوى - صدور قانون بعدم ولاية المحكمة بنظر الدعوى - صيرورة الدفع بعدم القبول غير مجد - أساس ذلك - مثال.
(ج) اختصاص - القانون الجديد المعدل للاختصاص - سريانه على الدعاوى السابقة التي لم يقفل فيها باب المرافعة - المادة الأولى بند (1) من قانون المرافعات - القضايا المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري وأصبحت طبقاً للقانون رقم 165 لسنة 1955 من اختصاص المحاكم الإدارية - إحالتها إلى المحاكم الأخيرة ما دامت غير مهيأة للحكم - المادة 73 من القانون سالف الذكر.
1 - إن المرسوم بقانون رقم 160 سنة 1952 بإنشاء وتنظيم اللجان القضائية قد نص في مادته الثانية على اختصاص هذه اللجان بالنظر في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين أو لورثتهم، كما قضى في الفقرة الثانية من مادته التاسعة بوجوب طرح المنازعة أولاً على اللجنة القضائية وامتناع عرضها على محكمة القضاء الإداري إلا بعد صدور قرار فيها من اللجنة المذكورة. ومن ثم فقد كان سبق استصدار قرار من اللجنة القضائية هو مناط قبول الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري، ووسيلة رفعها إلى هذه المحكمة هي الطعن في القرار الصادر من تلك اللجنة. ثم صدر القانون رقم 147 لسنة 1954 بإنشاء وتنظيم المحاكم الإدارية، ونص في مادته الرابعة على أن "تختص المحكمة الإدارية بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين الداخلين في الهيئة وطوائف العمال والمستخدمين الخارجين عن الهيئة أو لورثة كل منهما"، وبذلك أسند إلى هذه المحاكم اختصاص اللجان القضائية في هذا الضرب من المنازعات. كما قضى في مادته الخامسة بأنه "لا يجوز رفع المنازعات والطلبات المبينة بالمادة السابقة إلى محكمة القضاء الإداري لمجلس الدولة إلا بعد صدور حكم فيها من المحكمة الإدارية وبشرط أن يكون الحكم قابلاً للاستئناف على الوجه المبين بالمادة العاشرة."، وبذلك استمرت هذه المنازعات غير جائز رفعها ابتداء أمام محكمة القضاء الإداري وإلا كانت غير مقبولة. ومن ثم فإن رفع الدعوى بعد نفاذ المرسوم بقانون سالف الذكر والعمل بأحكامه وذلك دون سبق عرضها على اللجنة القضائية المختصة مع أن موضوعها يتناول منازعة مما يدخل في اختصاص هذه اللجنة، يجعل هذه الدعوى غير مقبولة سواء في ظل قيام اللجنة القضائية أو بعد إنشاء المحاكم الإدارية التي حلت محل هذه اللجان.
2 - إذا كانت الدعوى غير مقبولة عند رفعها أمام المحكمة ثم أصبحت المحكمة المذكورة غير مختصة بنظرها وانعدمت بذلك ولايتها بالنسبة إليها، فإنه بانعدام هذه الولاية يصبح التصدي للدفع بعدم قبول الدعوى غير مجد؛ إذ أن فقدان الولاية مانع أصلاً من نظر الدعوى شكلاً وموضوعاً؛ لأن التطرق إلى نظر الدعوى هو من مقتضيات الولاية فإذا امتنعت الولاية أصلاً سقط المقتضى.
فإذا ثبت أن الدعوى كانت غير مقبولة لرفعها ابتداء أمام محكمة القضاء الإداري دون سبق عرضها على اللجنة القضائية المختصة، وبعد نفاذ القانون رقم 165 سنة 1955 بتنظيم مجلس الدولة أصبحت هذه الدعوى من اختصاص المحاكم الإدارية دون محكمة القضاء الإداري، فإن الدفع بعدم قبول الدعوى يصبح غير مجد، لما تقدم من أسباب، ولأن مقتضى هذا الدفع - لو صح - هو إعادة رفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية المختصة، وقد أصبح يغنى عن هذا نص المادة 73 من القانون سالف الذكر.
3 - تقضي المادة 73 من القانون رقم 165 سنة 1955 بإحالة القضايا المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري التي أصبحت من اختصاص المحاكم الإدارية بحالتها إلى هذه الأخيرة، واستثنت من ذلك حالة ما إذا كانت الدعوى مهيأة للفصل فيها. والأصل في القوانين المعدلة للاختصاص أن يسري حكمها على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات طبقاً لما نصت عليه المادة الأولى بند (1) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، ما لم يكن تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى. فإذا ثبت أن الدعوى كانت مؤجلة أجلاً عادياً أمام محكمة القضاء الإداري وقت العمل بأحكام القانون رقم 165 لسنة 1955 الذي نص على أن أمثال هذه الدعوى يصبح من اختصاص المحاكم الإدارية، فإن الحكم المطعون فيه - إذ قضى في موضوعها - يكون قد خالف القانون فيما يتعلق بالاختصاص ويتعين الحكم بإلغائه وبإحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية المختصة.


إجراءات الطعن

في 22 من أغسطس سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة 30 من يونيه سنة 1955 في الدعوى رقم 79 لسنة 7 القضائية المقامة من السيد/ حسان علي شلبي ضد وزارتي العدل والمالية، والقاضي "بتسوية حالة المدعي على أساس ضم مدة خدمته باليومية إلى المدة المحسوبة له في المعاش وألزمت الحكومة بالمصاريف". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضته "القضاء بقبول الطعن شكلاً، والحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية المختصة، واحتياطياً بعدم قبول الدعوى وإلزام رافعها بالمصروفات. ومن باب الاحتياط الكلي رفضها موضوعاً وإلزام رافعها بالمصروفات". وقد أعلنت عريضة الطعن إلى وزارة العدل في 27 من أغسطس سنة 1955، وإلى وزارة المالية في 28 منه وإلى المطعون عليه في 30 منه، ولم يقدم أي من الطرفين مذكرة بما لديه من ملاحظات في الميعاد القانوني. وقد عين لنظر الطعن أمام المحكمة جلسة 17 من ديسمبر سنة 1955، وأبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المطعون عليه أقام أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 79 لسنة 7 القضائية بصحيفة أودعها سكرتيريتها في 16 من أكتوبر سنة 1952، طالباً فيها - للأسباب التي استند إليها - الحكم بتسوية حالته، أسوة بمن شملهم قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 من مايو سنة 1950، وذلك بحساب المدة من 14 من نوفمبر سنة 1914 إلى 5 من نوفمبر سنة 1919 التي قضاها في الخدمة باليومية ضمن معاشه، مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبجلسة 30 من يونيه سنة 1955 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) "بتسوية حالة المدعي على أساس ضم مدة خدمته باليومية إلى المدة المحسوبة له في المعاش وألزمت الحكومة بالمصاريف". وكانت الحكومة قد طلبت - للأسباب التي أبدتها في مذكرتها - الحكم برفض الدعوى وبإلزام رافعها بالمصروفات وبأتعاب المحاماة. وفي 22 من أغسطس سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في هذا الحكم بناء على أوجه ثلاثة: هي عدم اختصاص المحكمة، وعدم قبول الدعوى، والخطأ في تأويل القانون وتطبيقه من حيث الموضوع. واستند فيما ذهب إليه من عدم اختصاص المحكمة إلى أن المدعي ليس من طائفة الموظفين الداخلين في الهيئة من الفئة العالية، ومن ثم يكون الفصل في دعواه من اختصاص المحكمة الإدارية بالتطبيق لحكم المادة 13 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة، ذلك أن الدعوى لم تكن مهيأة للفصل فيها؛ إذ لم يكن قد قفل فيها باب المرافعة ولم تحجز للحكم وقت العمل بالقانون المشار إليه، وهو الذي قضى في المادة 73 منه بإحالة جميع القضايا المنظورة وقتذاك أمام محكمة القضاء الإداري وأصبحت من اختصاص المحاكم الإدارية والعكس، بحالتها إلى المحكمة المختصة بقرار من رئيس المحكمة المنظورة أمامها الدعوى ما لم تكن مهيأة للفصل فيها. أما فيما يختص بعدم قبول الدعوى فقد ذكر السيد رئيس هيئة المفوضين أن المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 بإنشاء وتنظيم لجان قضائية في الوزارات للنظر في المنازعات الخاصة بموظفي الدولة صدر في 18 من أغسطس سنة 1952 ونشر بالوقائع المصرية في 29 منه. وقد اشترط المشرع في المادة التاسعة من هذا المرسوم بقانون، لجواز عرض المنازعات المنصوص عليها في المادة الثانية منه على محكمة القضاء الإداري، وجوب رفعها إليها بطريق الطعن في القرارات النهائية الصادرة من اللجان القضائية في هذه المنازعات. ومن ثم فإن الدعوى - إذ رفعت ابتداء أمام محكمة القضاء الإداري بعد العمل بأحكام المرسوم بقانون المشار إليه الذي أصبح نافذاً منذ 2 من أكتوبر سنة 1952 تاريخ نشر قرار رئيس مجلس الوزراء اللازم لتنفيذه بالجريدة الرسمية - تكون غير مقبولة؛ ذلك أن صحيفتها لم تودع سكرتيرية المحكمة إلا في 16 من أكتوبر سنة 1952. وأما من ناحية الموضوع فإن القاعدة في شأن جواز ضم مدد الخدمة المؤقتة في المعاش هي عدم جواز إدخال أية مدة خدمة لم يجر عليها حكم الاستقطاع في حساب معاش الموظف وفقاً لما قضت به المادة التاسعة من قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909. وقد عدلت هذه القاعدة تباعاً فيما بعد بالقانون رقم 22 لسنة 1922، ثم بالمرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929، ثم بالمرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929، ثم بالمرسوم بقانون رقم 30 لسنة 1930. وقد درج مجلس الوزراء على إصدار قرارات مختلفة، عامة وفردية، من شأنها إفساح المجال أمام الموظفين لإدخال مدد في المعاش ما كانت تجيزها القوانين المعمول بها، مما حدا بالمشرع إلى إصدار القانون رقم 86 لسنة 1951 لتصحيح هذه القرارات، ومن بينها قرار 24 من مايو سنة 1950 الذي يتمسك به المطعون عليه، دون أن يخلع عليها صفة القاعدة التنظيمية العامة المجردة التي تطبق على الحالات المماثلة في المستقبل. أما قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من أغسطس سنة 1951 فقد صدر في تاريخ لاحق للقانون رقم 86 لسنة 1951 فضلاً عن أن مجلس الوزراء لا يملك أن يقرر قاعدة من مقتضاها حساب مدة خدمة مؤقتة أو باليومية في المعاش، فإذا فعل ذلك كان مجانباً للقانون متجاوزاً حدود سلطته ووقع قراره باطلاً. هذا إلى أن القرار المذكور إنما هو قرار فردي لا يفيد منه إلا من عناهم بالذات دون غيرهم بوصفه قراراً بمنح معاش استثنائي صدر بالتطبيق لحكم المادة 38 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الأمر الذي يمتنع معه الأخذ بالقياس. وانتهى السيد رئيس هيئة المفوضين من هذا إلى طلب "القضاء بقبول الطعن شكلاً، والحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية المختصة، واحتياطياً بعدم قبول الدعوى وإلزام رافعها المصروفات، ومن باب الاحتياط الكلي رفضها موضوعاً وإلزام رافعها المصروفات".
ومن حيث إنه في 18 من أغسطس سنة 1952 صدر المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 بإنشاء وتنظيم لجان قضائية في الوزارات للنظر في المنازعات الخاصة بموظفي الدولة، ونص في مادته الثانية على اختصاص هذه اللجان بالنظر في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين أو لورثتهم، كما قضى في الفقرة الثانية من مادته التاسعة بأنه "لا يجوز رفع المنازعات والطلبات المبينة بالمادة الثانية إلى محكمة القضاء الإداري لمجلس الدولة إلا بطريق الطعن في هذه القرارات". ومقتضى هذا هو وجوب طرح المنازعة أولاً على اللجنة القضائية وامتناع عرضها على محكمة القضاء الإداري إلا بعد صدور قرار فيها من اللجنة المذكورة. ومن ثم فقد كان سبق استصدار قرار من اللجنة القضائية هو مناط قبول الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري، ووسيلة رفعها إلى هذه المحكمة هي الطعن في القرار الصادر من تلك اللجنة. وقد ظل هذا الوضع قائماً بعد صدور القانون رقم 105 لسنة 1953 في 12 من مارس سنة 1953 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون سالف الذكر. وفي 20 من مارس سنة 1954 صدر القانون رقم 147 لسنة 1954 بإنشاء وتنظيم محاكم إدارية في الوزارات للنظر في المنازعات الخاصة بالموظفين والمستخدمين، ونص في مادته الرابعة على أن "تختص المحكمة الإدارية بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين الداخلين في الهيئة وطوائف العمال والمستخدمين الخارجين عن الهيئة أو لورثة كل منهما". وبذلك أسند إلى هذه المحاكم اختصاص اللجان القضائية السابق في هذا الضرب من المنازعات. كما قضى في مادته الخامسة بأنه "لا يجوز رفع المنازعات والطلبات المبينة بالمادة السابقة إلى محكمة القضاء الإداري لمجلس الدولة إلا بعد صدور حكم فيها من المحكمة الإدارية، وبشرط أن يكون الحكم قابلاً للاستئناف على الوجه المبين في المادة العاشرة...". وبذلك استمرت هذه المنازعات غير جائز رفعها ابتداء أمام محكمة القضاء الإداري وإلا كانت غير مقبولة. وقد ناطت المادة 11 من المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 برئيس مجلس الوزراء إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ هذا المرسوم بقانون، وصدر قراره في هذا الشأن في 25 من سبتمبر سنة 1952 ناصاً في المادة الثامنة منه على أن يعمل به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية وتم هذا النشر في عدد الوقائع المصرية رقم 138 الصادر في 2 من أكتوبر سنة 1952، بينما رفعت الدعوى رقم 79 لسنة 7 القضائية المطعون في الحكم الصادر فيها إلى محكمة القضاء الإداري مباشرة بإيداع صحيفتها سكرتيرية المحكمة في 16 من أكتوبر سنة 1952، أي بعد نفاذ المرسوم بقانون سالف الذكر والعمل بأحكامه، وذلك دون سبق عرضها على اللجنة القضائية المختصة مع أن موضوعها يتناول منازعة مما يدخل في اختصاص هذه اللجنة. ومن ثم فإنها كانت غير مقبولة سواء في ظل قيام اللجنة القضائية أو بعد إنشاء المحاكم الإدارية التي حلت محل هذه اللجان. بيد أنه في 29 من مارس سنة 1955 صدر القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة، ونص في المادة 13 منه على اختصاص المحاكم الإدارية بنظر المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت عدا ما يتعلق منها بالموظفين الداخلين في الهيئة من الفئة العالية. كما أورد في المادة 73 منه حكماً وقتياً بأن "جميع القضايا المنظورة الآن أمام محكمة القضاء الإداري وأصبحت من اختصاص المحاكم الإدارية والعكس تحال بحالتها إلى المحكمة المختصة بقرار من رئيس المحكمة المنظورة أمامها الدعوى ما لم تكن مهيأة للفصل فيها".
ومن حيث إنه ولئن كانت الدعوى غير مقبولة عند رفعها أمام محكمة القضاء الإداري إلا أنه بعد نفاذ القانون رقم 165 لسنة 1955 بتنظيم مجلس الدولة أصبحت المحكمة المذكورة غير مختصة بنظرها لكون المدعي فيها ليس من الموظفين الداخلين في الهيئة من الفئة العالية، وبذلك انعدمت ولاية المحكمة بالنسبة إليها، وبانعدام هذه الولاية أصبح التصدي للدفع بعدم قبول الدعوى غير مجد، إذ أن فقدان الولاية مانع أصلاً من نظر الدعوى شكلاً وموضوعاً؛ لأن التطرق إلى نظر الدعوى هو من مقتضيات الولاية فإذا امتنعت الولاية أصلاً سقط المقتضى، ولأن مقتضى هذا الدفع - لو صح - هو إعادة رفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية المختصة، وقد أصبح يغنى عن هذا نص المادة 73 من القانون رقم 165 لسنة 1955 التي تقضي بإحالة القضايا المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري والتي أصبحت من اختصاص المحاكم الإدارية بحالتها إلى هذه الأخيرة، واستثنت من ذلك حالة ما إذا كانت الدعوى مهيأة للفصل فيها. والأصل في القوانين المعدلة للاختصاص أن يسري حكمها على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات طبقاً لما نصت عليه المادة الأولى بند (1) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، ما لم يكن تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى. وقد كانت الدعوى غير مهيأة للفصل فيها وقت العمل بأحكام القانون رقم 165 لسنة 1955، إذا كانت مؤجلة أجلاً عادياً. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى في موضوعها بتسوية حالة المدعي على أساس ضم مدة خدمته باليومية إلى المدة المحسوبة في المعاش - قد خالف القانون فيما يتعلق بالاختصاص، ويتعين الحكم بإلغائه، وبإحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية المختصة لموظفي وزارة العدل للفصل فيها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها إلى المحكمة الإدارية المختصة للفصل فيها.