أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 708

جلسة 13 من مايو سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ أحمد كمال سالم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى زعزوع نائب رئيس المحكمة، حسين علي حسين، عبد الحميد سليمان، ومحمد بكر غالي.

(152)
الطعن رقم 394 لسنة 55 القضائية

(1 - 3) نقض. حكم.
1 - نقض الحكم والإحالة، التزام المحكمة المحال إليها بالمسألة القانونية التي فصل فيها الحكم الناقض. م 269 مرافعات. المقصود بالمسألة القانونية. ما طرح على محكمة النقض وأدلت برأيها فيه فاكتسب حجية الأمر المقضي. امتناع محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى عن المساس بهذه الحجية. لها بناء حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى.
2 - نقض الحكم لقصور في التسبيب ولو تطرق لبيان أوجه القصور. لا يتضمن حسماً لمسألة قانونية تلتزم محكمة الإحالة باتباعها.
3 - وجوب شمول الحكم على خلاصة موجزة لدفاع الخصوم ودفوعهم. م 178 مرافعات.
(4) حكم. نقض. استئناف.
نقض الحكم الاستئنافي لا يمتد إلى الحكم الابتدائي ولو كان الحكم المنقوض قد قضى بتأييده. أثر ذلك. لمحكمة الإحالة أن تحيل في بيان الوقائع ودفاع الخصوم ودفوعهم إلى أسباب الحكم الابتدائي.
(5) حكم "التناقض".
التناقض الذي يعيب الحكم - ماهيته.
(6) إثبات "شهادة الشهود". محكمة الموضوع.
الشهادة السماعية. جوازها حيث تجوز الشهادة خضوعها لتقدير محكمة الموضوع.
(7) محكمة الموضوع. حكم.
محكمة الموضوع لها السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن إليه ومنها شهادة الشهود. شرطه. عدم الخروج بأقوال الشاهد عما قد يؤدي إليه مدلولها.
1 - نصت الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات على أنه "يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها" إلا أنه لما كان المقصود بالمسألة القانونية في هذا المجال - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصر فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه في حدود المسألة أو المسائل التي تكون قد بتت فيها بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض، ولمحكمة الإحالة بهذه المثابة أن تبني حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حرة من جميع عناصرها.
2 - نقض الحكم لقصور في التسبيب - أياً كان وجه هذا القصور - لا يعدو أن يكون تعييباً للحكم المنقوض لإخلاله بقاعدة عامة فرضتها المادة 176 من قانون المرافعات التي أوجبت أن "تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطله" بما لا يتصور معه أن يكون الحكم الناقض قد حسم مسألة قانونية بالمعنى المشار إليه آنفاً حتى ولو تطرق لبيان أوجه القصور في الحكم المنقوض"، لما كان ذلك وكان الحكم الناقض قد عاب على الحكم المنقوض قصوراً في التسبيب لإغفاله الرد على دفاع الطاعن المتمثل في ترك المطعون ضده شقة النزاع واستقلاله دونه بالانتفاع بها، ولالتفاته عن المستندات التي قدمها الطاعن تأييداً لدفاعه رغم ما لها من دلائل، ولعدم كفاية ما أورده بشأن صدور إيصالات سداد الأجرة باسم طرفي النزاع رداً على دفاع الطاعن، فضلاً عن أنه لم يبين المصدر الذي استقى منه عدم انقطاع صلة المطعون ضده بشقة التداعي، وكان هذا الذي أورده الحكم الناقض لا يتضمن فصلاً في مسألة قانونية اكتسبت قوة الأمر المقضي بحيث تحول بين محكمة الإحالة وبين معاودة النظر في دفاع الطاعن ومستنداته، أو تحول بينها وبين الرد على هذا الدفاع بما يكفي لحمله مع تبيان مصدرها في ذلك من الأوراق، أو تحول بينها وبين دحض دلالة مستندات الطاعن بدلالة أقوى منها، بل لا تحول بينها وبين أن تبني حكمها على فهم جديد تحصله حرة من جميع عناصر الدعوى، وهي في ذلك لا يقيدها إلا التزامها بتسبيب حكمها خضوعاً لحكم المادة 176 من قانون المرافعات، فإن النعي بعدم إتباع قضاء النقض السابق صدوره في الدعوى يكون على غير أساس.
3 - أوجبت المادة 178 من قانون المرافعات شمول الحكم على بيانات معنية من بينها خلاصة موجزة لدفوع الخصوم ودفاعهم الجوهري، الحكم باعتباره ورقة شكلية من أوراق المرافعات يجب أن يكون مشتملاً بذاته على جميع أسبابه.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يعيب الحكم الاستئنافي أن يحيل في بيان الوقائع ودفاع الخصوم ودفوعهم إلى الحكم الابتدائي الذي اشتمل على بيان ما استند إليه الخصوم من دفوع وأوجه دفاع ونقض الحكم الاستئنافي لا يمتد إلى الحكم الابتدائي الذي يظل قائماً ولو كان الحكم المنقوض قد قضى بتأييده.
5 - التناقض الذي يعيب الحكم وهو ما تتماحى به الأسباب ويعارض بعضها بعضاً بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه ولا يمكن معه فهم الأساس الذي أقام عليه قضاءه.
6 - الشهادة السماعية جائزة حيث تجوز الشهادة الأصلية وتخضع مثلها لتقدير قاضي الموضوع.
7 - لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة في موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه منها وفي استخلاص ما يرى أنه واقعة الدعوى دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً، كما أن له أيضاً تقدير الشهادة والأخذ بما يطمئن إليه وجدانه منها طالما لم يخرج بأقوال الشاهد عما قد يؤدي إليه مدلولها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى 3929 لسنة 1979 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتمكينه من الانتفاع بشقة النزاع واستعمالها على قدم المساواة مع الطاعن والتي استأجراها سوياً بموجب عقد مؤرخ 11/ 6/ 1958 لاستعمالها مكاتب للمحاسبة ثم كونا فيها شركة بينهما لممارسة ذات النشاط واضطرا وفي إثر صدور قوانين التأميم إلى تجميد نشاطها والتحق كل منهما بعمل بالقطاع العام واستمر انتفاعهما بشقة التداعي كاستراحة، وأنه تغيب عن البلاد في إعارة لعدة سنوات، وبعد عودته منعه الطاعن من الانتفاع بعين الخلف فأقام دعواه. أحالت محكمة الدرجة الأولى الدعوى إلى التحقيق، وبعد تنفيذه، قضت للمطعون ضده بطلباته. استئناف الطاعن بالاستئناف 200 لسنة 98 ق القاهرة، وبتاريخ 7/ 12/ 1981 حكمت المحكمة برفض وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في ذلك الحكم بطريق النقض في الطعن 2358 لسنة 51 ق، وبتاريخ 19/ 5/ 1983 نقضت المحكمة الحكم وأعادت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة التي حكمت في 23/ 1/ 1985 بتمكين المطعون ضده من الانتفاع بشقة النزاع واستعمالها على قدم المساواة مع الطاعن كمستأجر لها بحق النصف لكل منهما. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في الطعن الماثل، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه عدم التزامه حكم المادة 269/ 2 من قانون المرافعات التي توجب على محكمة الإحالة إتباع قضاء النقض في المسألة القانونية التي قررها في القضية بما لازمه أن تمثل محكمة الإحالة لمضمون الحكم الناقض ومعناه، بحيث إذا كان قضاء النقض في المسألة القانونية مبنياً على تقدير معين للوقائع تعين على محكمة الإحالة ألا تخرج عن هذا التقدير لأن إهدارها له يتضمن إهدار للمسألة القانونية التي قررتها محكمة النقض بالبناء عليه. ولما كان الحكم الناقض وبعد أن استعرض في تفصيل أوجه دفاع الطاعن ومستنداته التي قدمها للتدليل على ترك المطعون ضده شقة النزاع قد أورد بمدوناته "أن الطاعن يكون قد عزز دفاعه بالمستندات التي لها دلالتها" وبهذا يكون الحكم الناقض قد قرر أن ما تمسك به الطاعن من أدلة له اعتبار في إثبات ترك المطعون ضده عين النزاع، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الإشارة إلى هذه المستندات والتفت عن دلالتها، فإنه يكون قد خالف قضاء النقض الذي عاب على الحكم المنقوض كذلك إغفاله الرد على دفاع الطاعن الجوهري المتمثل في استقلاله بالانتفاع بشقة الخلف بعد إنهاء الشركة التي افترض الحكم الابتدائي قيامها بين طرفي النزاع بالتحاق المطعون ضده بعمل بالقطاع العام منذ 14/ 11/ 1961 وقيام الطاعن بسداد أجرتها من ماله الخاص، ورغم ذلك فإن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع رغم وصف الحكم الناقض له بأنه جوهري، واكتفى القول بأن سداد الطاعن للأجرة من ماله الخاص لا يفيد إنهاء المطعون ضده للإيجار أو تنازله عنه لشريكه فيه استناداً إلى ما أورده بمدوناته من أنه "لا زال المستأجران يسددان الأجرة للشركة المؤجرة ولازالت إيصالات السداد تصدر باسميهما معاً" وهو ما يعد مخالفة صريحة لقضاء الحكم الناقض الذي قطع بأسبابه "أنه لا يكفي رداً على هذا الدفاع" ما أورده الحكم المنقوض "من أن عقد الإيجار لا زال قائماً تسدد الأجرة فيه باسم عاقديه" هذا إلى أن الحكم الناقض عاب على الحكم المنقوض قصوراً في التسبيب لعدم بيان المصدر الذي استقى منه ما أورده بمدوناته من أن "صلة المطعون ضده لم تنقطع بشقة النزاع ولم يأت من التصرفات ما يكشف عن تركه لها" ورغم ذلك يعود الحكم المطعون فيه إلى ترديد ذات العبارات دون أن يوضح مصدره فيما قرره.
وحيث إن هذا النعي غير سديد - ذلك أنه ولئن كانت الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات قد نصت في عجزها على أنه "يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها" إلا أنه لما كان المقصود بالمسألة القانونية في هذا المجال - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصر فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه وبصر في حدود المسألة أو المسائل التي تكون قد بتت فيها بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض، ولمحكمة الإحالة بهذه المثابة أن تبني حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حرة من جميع عناصرها، وكان نقض الحكم لقصور في التسبيب أياً كان وجه هذا القصور - لا يعدو أن يكون تعييباً للحكم المنقوض لإخلاله بقاعدة عامة فرضتها المادة 176 من قانون المرافعات التي أوجبت أن "تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة"، بما لا يتصور معه أن يكون الحكم الناقض قد حسم مسألة قانونية بالمعنى المشار إليه آنفاً حتى ولو تطرق لبيان أوجه القصور في الحكم المنقوض، ولما كان ذلك وكان الحكم الناقض قد عاب على الحكم المنقوض قصوراً في التسبيب لإغفاله الرد على دفاع الطاعن المتمثل في ترك المطعون ضده شقة النزاع واستقلاله دونه بالانتفاع بها، ولالتفاته عن المستندات التي قدمها الطاعن تأييداً لدفاعه رغم ما لها من دلالة، ولعدم كفاية ما أورده بشأن صدور إيصالات سداد الأجرة باسم طرفي النزاع رداً على دفاع الطاعن فضلاً عن أنه لم يبين المصدر الذي استقى منه عدم انقطاع صلة المطعون ضده بشقة التداعي وكان هذا الذي أورده الحكم الناقض لا يتضمن فصلاً في مسألة قانونية اكتسبت قوة الأمر المقضي بحيث تحول بين محكمة الإحالة وبين معاودة النظر في دفاع الطاعن ومستنداته، أو تحول بينها وبين الرد على هذا الدفاع بما يكفي لحمله مع تبيان مصدرها في ذلك من الأوراق، أو تحول بينها وبين دحض دلالة مستندات الطاعن بدلالة أقوى منها، بل لا تحول بينها وبين أن تبني حكمها على فهم جديد تحصله حرة من جميع عناصر الدعوى، وهي في ذلك لا يقيدها إلا التزامها بتسبيب حكمها خضوعاً لحكم المادة 176 من قانون المرافعات، فإن النعي بعدم إتباع قضاء النقض السابق صدوره في الدعوى يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني البطلان، وفي بيانه يقول أن الحكم المطعون فيه خلا من خلاصة موجزة لدفوع الخصوم ودفاعهم الجوهري بالمخالفة لما تقضي به المادة 178 من قانون المرافعات مكتفياً بالإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي وهي إحالة غير جائزة بعد أن ألغي بنقض الحكم الاستئنافي المؤيد له.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كانت المادة 178 من قانون المرافعات قد أوجبت شمول الحكم على بيانات معينة من بينها خلاصة موجزة لدفوع الخصوم ودفاعهم الجوهري، وكان الحكم باعتباره ورقة شكلية من أوراق المرافعات يجب أن يكون مشتملاً بذاته على جميع أسبابه، إلا أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يعيب الحكم الاستئنافي أن يحيل في بيان الوقائع ودفاع الخصوم ودفوعهم إلى الحكم الابتدائي الذي اشتمل على بيان ما استند إليه الخصوم من دفوع وأوجه دفاع، ولما كان المقرر أيضاً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن نقض الحكم الاستئنافي لا يمتد إلى الحكم الابتدائي الذي يظل قائماً ولو كان الحكم المنقوض قد قضى بتأييده، وكان الطاعن لم يتحد بأن الحكم الابتدائي قد خلا من خلاصة موجزة لدفوع الخصوم ودفاعهم الجوهري ومن ثم فلا يعيب الحكم المطعون فيه الإحالة إلى أسبابه الواقعية في هذا الشأن ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الأول من السبب الثالث والشق الأول من الوجه الأول من السبب الخامس إهدار دفاع جوهري وقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه أورد بمدوناته أنه "لم تكن شركة المحاصة هي السبب في الإيجار ومن ثم فصفة المستأجر لا تدور وجوداً وعدماً مع الشركة التي تكونت بعد الإيجار بعدة سنوات" دون أن يوضح سبب اعتباره الشركة شركة محاصة، وعدد السنين التي مرت بين إبرام عقد إيجار وبين قيامها، ودون أن يبين المصدر الذي اعتمد عليه في القول بأسبقية عقد الإيجار على عقد الشركة وبأنها لم تكن السبب في الإيجار، هذا إلى أن ذلك التقدير من جانب الحكم قد أهدر دفاعه الذي ضمنه مذكرته الأخيرة أمام محكمة الإحالة وحاصله أنه والمطعون ضده كونا شركة فيما بينهما، وأنهما كشريكين استأجرا شقة النزاع لمباشرة نشاطها المشترك، وخالف الثابت بمستنداته التي تقطع بصدق دفاعه مهدراً دلالتها، إذ يكشف دفتر الحساب المشترك - المقدم منه والمؤشر عليه من قبل مصلحة الضرائب في 31/ 7/ 1957 من مباشرتهما العمل سوياً في مقر سابق على استئجارهما عين التداعي في سنة 1958، ويدلل إقفاله في أكتوبر سنة 1960 بسبب انتهاء صحائفه على استمرار هذا النشاط المشترك بينهما، كما أن ما أثبت بعقد الشركة المكتوب والمحرر بينهما في 1/ 1/ 1960 يؤكد هذا الأمر، وبما مفاده أن الشركة التي قامت بين الطرفين - وعلى عكس ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه - كانت هي السبب في الإيجار، ويكون من المنطقي أن يؤدي إنهاء الشركة التي ترك المطعون ضده العين التي استؤجرت لكي تباشر فيها الشركة نشاطها.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير مقبول، ذلك أن الحكم المطعون فيه وإن ذهب مذهب الطاعن وخلع على الشركة وصف شركة محاصة - وهو ما جاء بمذكراته العديدة المقدمة لمحكمة الدرجة الأولى وبصحيفة استئنافه إلا أن هذا الوصف - وأياً ما كان وجه الرأي فيه - غير منتج في النزاع الذي لا يغير وجه النظر فيه تحديد نوع الشركة هذا إلى أن الحكم المطعون فيه وقد أورد بأسبابه الواقعية التي سطرها والتي أحال فيها إلى أسباب الحكم الابتدائي إلى أن عقد الإيجار قد حرر في 11/ 6/ 1958 وأن عقد الشركة قد أبرم في 10/ 1/ 1960 ومن ثم يكون قد أفصح عن المصدر الذي اعتمد عليه فيما قرره من أن عقد الإيجار سابق على عقد الشركة، ولا يعيبه إن لم يحدد الفترة الزمنية بينهما حصراً واقتصر على ذكرها في عبارة مجملة بسنوات عديدة، والنعي في شقه الثاني في غير محله، ذلك أن دفاع الطاعن الذي سطره بمذكرته الختامية المقدمة لمحكمة الإحالة بجلسة 23/ 1/ 85 والتي وإن كان قد عبر في صدرها عن الرابطة بينه وبين المطعون ضده بلفظ الشركة، وبلفظ المشاركة إلا أنه تمسك في الصفحات الأخيرة منها بعدم وجود شركة بينهما حتى بعد تحرير عقدها المؤرخ 1/ 1/ 1960 وإنما هي مجرد مشاركة، وما جاء بالمذكرة حول قيام شركة بينهما كان مجرد رد من جانبه على ما قد يثار بافتراض وجودها وهذا الذي استمسك به الطاعن في مذكرته الختامية أمام محكمة الإحالة يجد ما يسانده في الفترة السابقة على تحرير عقد الشركة والذي أثبت في التمهيد الذي صدر به ذلك العقد أنه "قامت بينهما منذ فترة قصيرة شاركه في استقلال نشاطهما".، وإذ كانت المشاركة لا تنفي استغلال كل منهما عن الآخر، وكان هذا الاستقلال قد بدا جلياً في عقد إيجار شقة النزاع التي أوجرت لهما باسميهما وليس بصفتهما شريكين ولاستعمالهما "مكاتب" وليس مكتباً، وكان هذا العقد قد حرر في 11/ 6/ 1958 أي في تاريخ سابق على إبرام عقد الشركة بينهما في 1/ 1/ 1960، فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه بأن الشركة التي تكونت بعد الإيجار لم تكن هي السبب فيه ورتب على ذلك أن صفة المستأجر - المطعون ضده لا تدور وجوداً وعدماً مع الشركة، فإنه لا يكون قد خالف الثابت بالأوراق أو أهدر دفاع الطاعن أو شابه قصور في التسبيب.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بالوجهين الثاني والثالث من السبب الثالث وبالشق الثاني من الوجه الأول من السبب الخامس وبالسبب السادس مخالفة الثابت بالأوراق وإهدار دفاع جوهري وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن ما أورده الحكم المطعون فيه بمدوناته "وقد خلت الأوراق مما يؤكد انصراف نية المطعون ضده إلى إحداث الترك على المبنى القانوني الصحيح..." يخالف الثابت بالأوراق ويهدر دلالة المستندات المقدمة منه والتي تؤكد انصراف إرادة المطعون ضده إلى ترك عين النزاع وهي واقعة مادية تثبت بكافة الطرق. والتي تتمثل في قيام المطعون ضده بإخطار مصلحة الضرائب في 2/ 8/ 1962 بالتحاقه بعمل القطاع العام وتركه العمل بمهنة المحاسبة وتغير محل إقامته، وفي إقفال دفتر الحساب المشترك للشركة على آخر قيود سنة 1961 واعتداد مصلحة الضرائب بذلك، وفي توقف العمل بالحساب المشترك لهما بالبنك، وفي قيام المطعون ضده قبل قفل هذا الحساب بسحب مبلغ ألف وخمسمائة جنيه تمثل نصيبه بعد تصفية الشركة، وفي استمرار الطاعن منفرداً بمباشرة النشاط بشقة الخلف بافتتاحه دفتر يومية مستقل والتأشير عليه من قبل مأمورية الضرائب المختصة وقيامه بسداد اشتراكات هيئة التأمينات الاجتماعية عن العاملين بالمكتب، وتوقيع مصلحة الضرائب استيفاء لمستحقاتها قبلهما حجزاً عليه بشقة النزاع وحجزاً على المطعون ضده بمحل إقامته بالإسكندرية، وفي قيامه دون المطعون ضده بسداد الأجرة منذ سنة 1961، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بمدوناته من أن "علاقة المطعون ضده بالشقة المستأجرة لا زالت قائمة يتردد عليها منجزاً عملاً خاصاً" لا يكفي رداً على دفاعه المؤيد بمستنداته، لأنه ليس من المقبول بعد أن توقف المطعون ضده عن مباشرة نشاطه في شقة النزاع أن يتردد عليها منجزاً عملاً خاصاً وأنه وإن صح تردده فلا يكون ذلك إلا من قبيل الضيافة وليس كشريك في الانتفاع، كما لا يدحض دلالة هذه المستندات ما أورده الحكم المطعون فيه بأسبابه من أنه "إذا كان المطعون ضده قد توظف بالقطاع العام فإن الطاعن بدوره قد توظف بالقطاع العام" لأن الطاعن أذن له إلى جانب عمله بالقطاع العام بمباشرة مهنة المحاسبة التي مارسها فعلاً بشقة النزاع بخلاف المطعون ضده الذي توقف عن مزاولتها كما جاء بإقرار وكيله بالشكوى 6485 لسنة 1978 إداري عابدين هذا إلى أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه ".... في مواجهة ما تقدم من معاملات مالية وانعقاد شركة والخلاف حول تجديدها أو انقضائها - فإن المحكمة - لتطمئن تماماً إلى أن موضوع سداد الأجرة من جانب الطاعن - لا يفيد إنهاء - المطعون ضده - الإيجار فلا زال المستأجران يسددان الأجرة للشركة المؤجرة ولازالت إيصالات السداد تصدر باسميهما معاً كما في التعاقد الأصلي وسداد نصف الإيجار عن الشريك فيه تشمله هذه الحسابات" فضلا عن أنه يخالف الثابت بالمستندات التي تقطع بانفراده بسداد الأجرة من ماله الخاص منذ سنة 1961، وفضلاً عن أن الحكم لم يبين المصدر الذي اعتمد عليه سواء في إثبات وجود تعاملات مالية بين الطرفين وأن هذه المعاملات تشمل سداد الأجرة، أو في نفي انتهاء المطعون ضده لعلاقة الإيجار أو تنازله عنه لشريكه فيه بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تسبيب الحكم، فإنه ينطوي على فساد في الاستدلال لأن صدور إيصالات سداد الأجرة باسم الطرفين تبعاً لما هو ثابت بعقد الإيجار لا تنفي إنفراد الطاعن بسدادها منذ عام 1961.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وقد انتهت المحكمة في الرد على سبب النعي السابق إلى صحة استخلاص الحكم المطعون فيه بأن عقد الإيجار الذي حرر في 11/ 6/ 1958 يخرج عن نطاق عقد الشركة الذي أبرم بين طرفي التداعي في 1/ 1/ 1960، وكان الطاعن قد تمسك صراحة بمذكرته الختامية أمام محكمة الإحالة بأن شقة النزاع لم يكن من عناصر الشركة بل كانت مقراً تباشر فيه الشركة نشاطها، وأن حق الانتفاع بعين النزاع لم يذكر كحصة لأحد الطرفين في الشركة، فإن المستندات المقدمة من الطاعن للتدليل على انتهاء الشركة سواء لعدم مباشرة المطعون ضده نشاطاً فيها وبتوقفه عن مزاولة مهنة المحاسبة، أو لإنفراد الطاعن بمباشرة هذا النشاط بشقة الخلف - أياً كان وجه الرأي فيها - تكون غير منتجة في إثبات واقعة ترك المطعون ضده شقة النزاع وإنهائه عقد الإيجار أو تنازله عنها لشريكه الطاعن، لئن كان ما تقدم إلا أن الثابت في الأوراق أن ثمة شركة قامت بين الطرفين أبرم عقدها في 1/ 1/ 1960 واتخذ من عين النزاع مقراً لها، وأنه كنتيجة لازمة لقيام هذه الشركة نشأت بين الطرفين معاملات مالية فتح لها حساب مشترك في البنك ولم يقفل إلا في سنة 1963 وهو تاريخ لاحق لإنفراد الطاعن بسداد الأجرة من حسابه المستقل، وأنه وبغض النظر عن انتهاء الشركة كما يذهب الطاعن أو مجرد تجميد نشاطها كما يذهب المطعون ضده، فإن الطاعن لم يقدم لمحكمة الموضوع دليلاً يثبت به صدق مدعاه ويرد به دفاع خصمه على أن المعاملات التي نشأت بينهما بقيام الشركة والتي كانت أجرة شقة النزاع تسدد منها قد صفيت وأن المطعون ضده قد قبض مستحقاته فيها أو أن المبلغ الذي قام بسحبه من الحساب المشترك في فبراير 1962 يمثل كامل نصيبه بعد تصفية الشركة، وهو ما يستعصى معه القول بعقود المطعون ضده عن سداد حصته في أجرة شقة النزاع للطاعن الذي قام بسدادها للشركة المؤجرة، واستنباط قرينة من هذا القعود على تركه العين أو تنازله عنها لشريكه فيها، لما كان ما تقدم فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الأوراق قد خلت مما يؤكد انصراف نية المطعون ضده إلى إحداث الترك على المبنى القانوني الصحيح... وأنه في مواجهة ما تقدم من معاملات مالية وانعقاد شركة والخلاف حول تجديدها أو انقضائها. فإن المحكمة لتطمئن تماماً إلى أن موضوع سداد الأجرة من جانب الطاعن - لا يفيد إنهاء - المطعون ضده - الإيجار..." يكون سائغاً وكافياً لإقامة قضائه، ولا ينطوي على مخالفة للثابت بالأوراق أو فساد في الاستدلال أو إهدار لدفاع جوهري أو قصور في التسبيب، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الرابع التناقض وعدم وضوح الأساس القانوني للحكم، وفي بيانه يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه إذ أورد بمدوناته أنه "لا تثريب على المستأجر إن هو لم ينتفع بالعين فعلاً ما دام قائماً بالتزاماته تجاه المؤجر" وهو ما ينعى أن الحكم بني على أساس معين هو أن المطعون ضده لم يكن ينتفع بشقة النزاع ولكنه لا يعد تاركاً لها لأنه كان يقوم بالتزاماته قبل المؤجر وأهمها دفع الإيجار، إلا أنه عند تطبيق هذا المبدأ استند الحكم إلى أدلة استخلص منها أن المطعون ضده كان ينتفع بالعين وأنه ليس المهم سداد الإيجار وأورد في هذا الخصوص قوله "أن المحكمة لتطمئن تماماً إلى أن موضوع سداد الإيجار لا يفيد إنهاء العقد...، وبهذا لم يعد واضحاً ما إذا كان الحكم قد اعتد بالانتفاع الفعلي للعين أم بسداد الأجرة، هذا إلى أنه في الوقت الذي حرص فيه الحكم على عدم الربط بين عقد إيجار شقة النزاع وبين الشركة التي قامت بين طرفيه مقرراً أن الخصومة بين طرفين كل منهما مستأجراً أصلي ولم تكن شركة المحاصة هي السبب في الإيجار ومن ثم فصفة المستأجر لا تدور وجوداً وعدماً مع الشركة التي تكونت بعد الإيجار بسنوات عديدة" فإن الحكم يعود ويربط بين بقاء المطعون ضده كمستأجر وبين بقاء الشركة بينه وبين الطاعن إذ يذكر رداً على دلالة سداد الأجرة من حساب الطاعن وحده أن موضوع سداد الإيجار تشمله هذه الحسابات "أي حسابات الشركة، وأنه بهذا لا يتضح ما إذا كان الحكم قد اعتد بقيام شركة بين الطرفين واستمرارها وسداد الأجرة من حساباتها، أو أن إيجار الشقة لا صلة له بوجود شركة بين الطرفين، إذ في الحالة الأولى كان يتعين على الحكم أن يبين سنده في بقاء الشركة وأن يوضح حساباتها الدالة على سداد الأجرة، وفي الحالة الثانية كان يتعين عليه أن يبين ما اعتمد عليه للقول بأن المطعون ضده كان يدفع نصف الأجرة بعيداً عن الشركة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما تتماحي به الأسباب ويعارض بعضها بعضاً بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو لا يمكن معه فهم الأساس الذي أقام الحكم عليه قضاؤه، ولما كان المبدأ القانوني الذي أورده الحكم المطعون فيه للتفرقة بين انعقاد الإيجار وبين الانتفاع بالعين المؤجرة كأثر للعقد، ولإيضاح التباين بين عدم انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة وبين تركه لها، لا يتعارض مع تطبيقه لهذا المبدأ الذي تعرض فيه لواقعة انتفاع المطعون ضده بالعين المؤجرة وانتهى فيه إلى أنه لا زال يتردد عليها منجزاً عملاً خاصاً. ولواقعة الترك التي خلص فيها إلى أن الأوراق قد خلت مما يؤكد انصراف قصد المطعون ضده إلى إحداث الترك، هذا إلى أن ما انتهى إليه الحكم من أن الشركة التي تكونت بعد إبرام عقد الإيجار لم تكن هي السبب في الإيجار وما رتبه على ذلك من أن صفة المستأجر لا تدور وجوداً وعدماً مع الشركة لا يتعارض مع ما ذهب إليه الحكم من أن قيام شركة بين الطرفين - في تاريخ لاحق لعقد الإيجار - أدى إلى وجود معاملات مالية بينهما، وما رتبه على ذلك من أن سداد الطاعن للأجر من حسابه الخاص لا يعني إنهاء المطعون ضده للإيجار أو تنازله عنه لشريكه الطاعن باعتبار أن حسابات الشركة تشمل سداد حصة المطعون ضده في الأجرة، وبالتالي فإن النعي بالتناقض يكون على غير أساس. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يقطع في أمر انقضاء الشركة أو تجميد نشاطها، ولم يبين قضاءه على قيام المطعون ضده بدفع حصته في الأجرة بعيداً عن الشركة، ومن ثم فإن النعي عليه لعدم تبيان سنده فيما لم يقيم عليه قضاءه ويكون بدوره على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الخامس القصور في التسبيب وفي بيانه يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه إلى أقوال شاهدي المطعون ضده واستخلص منها أن علاقته بشقة التداعي لا زالت قائمة يتردد عليها منجزاً عملاً خاصاً رغم أن شهادتهما سماعية ولا تعد شهادة بالمعنى القانوني الصحيح ورغم تناقض أقوال أولهما بين ما قرره من زيارته للمطعون ضده بشقة التداعي في سنة 1978 وبين علمه أن المطعون ضده لم يعد يتردد عليها منذ 1978، وإذ كان لا يعرف على أي أقوال اعتمدت المحكمة في تكوين عقيدتها بما يؤدي إلى اختلال الأساس الذي أقامت عليه قضاءها، هذا إلى الحكم المطعون فيه أغفل الإشارة إلى شهوده الذين أدلو بأقوالهم في الشكوى الإداري رغم صلتهم بالنزاع، بما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير سديد، ذلك أن الشهادة السماعية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - جائزة حيث تجوز الشهادة الأصلية وتخضع مثلها لتقدير قاضي الموضوع، والنعي في شقه الثاني غير صحيح إذ ليس ثمة تناقض في أقوال الشاهد الأول للمطعون ضده ذلك أن زيارته له بشقة النزاع في غضون 1978 لا تتعارض مع امتناع هذا الأخير عن التردد عليها في تاريخ لاحق من ذات العام بعد حصول الخلف بينه وبين الطاعن والنعي في شقه الثالث غير مقبول ذلك أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة وفي موازنة بعضها بالبعض الأخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه منه وفي استخلاص ما يرى أنه واقعة الدعوى دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً كما أن لقاضي الموضوع تقدير الشهادة والأخذ بما يطمئن إليه وجدانه منها طالما لم يخرج بأقوال الشاهد عما يؤدي إليه مدلولها، ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وبعد أن استعرض أقوال شهود الطرفين، قد انتهى في حدود سلطته الموضوعية إلى الأخذ بأقوال شاهدي المطعون ضده وترجيحها وكان لم يخرج بتلك الأقوال عما يؤدي إليه مدلولها، فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع سلطة تحصيله وتقديره بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، والنعي في شقه الأخير غير صحيح، وذلك أن الحكم المطعون فيه لم يغفل الإشارة إلى أقوال شهود الطاعن التي انتظمتها الشكوى الإداري، إذ أحال في شأن المستندات والمذكرات إلى ما أورده الحكم الابتدائي الذي أشار إلى الشكوى 6485 لسنة 1978 إداري عابدين التي تضمنت تلك الأقوال، ولا على الحكم المطعون فيه إن لم يتناول هذه الأقوال بأسباب مستقلة، إذ لا إلزام عليه في أن يتتبع الخصوم في مناحي دفاعهم ومختلف حججهم الرد على كل منها استقلالاً وحسبه أن يقيم قضاءه على ما يكفي على حمله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.