مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1955 إلى آخر يناير سنة 1956) - صـ 427

جلسة 21 من يناير سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

(51)
القضية رقم 347 لسنة 1 القضائية

( أ ) بدل التخصص - قرار مجلس الوزراء في 3/ 7/ 1949 - اقتصاره على تقدير بدل التخصص لمهندسي الدرجة السادسة وما فوقها - مهندسو الدرجة السابعة - تعليق أمرهم على صدور قرار من مجلس الوزراء في شأنهم.
(ب) بدل التخصص - المنازعة في استحقاقه من عدمه تعتبر منازعة في راتب - اختصاص المحاكم الإدارية بالفصل فيها بالنسبة لمن عدا الموظفين الداخلين في الهيئة من الفئة العالية والضباط - عدم صدور قرار مجلس الوزراء بتحديد فئة بدل التخصص - لا أثر له في تحديد الاختصاص.
(ج) تعويض - حدود اختصاص المحاكم الإدارية بدعاوى التعويض - عدم اختصاصها بتعويض الضرر الناشئ عن عدم تقرير فئة بدل التخصص - أساس ذلك.
1 - يبين من الاطلاع على قرار مجلس الوزراء في 3 من يوليه سنة 1949 أنه اقتصر على تقدير فئات بدل التخصص لمهندسي الدرجة السادسة وما فوقها فلم يقدر فئة بدل التخصص لمهندسي الدرجة السابعة وظل أمرهم معلقاً حتى يصدر في شأنهم قرار من مجلس الوزراء بتحديد فئة بدل التخصص لهم، ولما يصدر هذا القرار بعد.
2 - متى كان الثابت أن مثار المنازعة هو في الواقع من الأمر ما إذا كان المطعون عليه يستحق بدل تخصص أو لا يستحقه، فإن الدعوى تكون في حقيقتها منازعة في راتب؛ إذ أن هذا البدل هو في حقيقته من الرواتب الإضافية، وبذلك تختص المحاكم الإدارية بالفصل في المنازعات الخاصة بها بالنسبة إلى من عدا الموظفين الداخلين في الهيئة من الفئة العالية والضباط طبقاً للبندين الأول والثاني من المادة 13 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة، وذلك سواء أصدر قرار من مجلس الوزراء بتحديد فئة بدل التخصص الذي يستحقه المطعون عليه وزملاؤه أم لم يصدر، ولا أثر لذلك في تحديد الاختصاص الذي يقوم على تكييف الدعوى باعتبارها منازعة في راتب، وإنما تستظهر المحكمة المختصة إثر عدم صدور هذا القرار كعنصر من عناصر المنازعة عند الفصل في موضوعها، وهل هو من المقومات الأساسية لمثل هذا الراتب الذي لا يقوم إلا به، أم لا.
3 - إن التعويض الذي لا يترتب على قرار من القرارات الإدارية المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً وخامساً من المادة 8 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة يخرج عن اختصاص المحكمة الإدارية. ومن ثم فلا اختصاص لها بطلب تعويض الضرر الناشئ عن عدم تقرير فئة بدل التخصص.


إجراءات الطعن

في 17 من سبتمبر سنة 1955 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة صحيفة طعن في الحكم الصادر في 19 من يوليه سنة 1955 من المحكمة الإدارية لجميع الوزارات والمصالح بمدينة الإسكندرية في القضية رقم 825 لسنة 2 القضائية المرفوعة من محمد محرم ضد وزارتي الأشغال والشئون البلدية والقروية، وهو يقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص. وطلب رئيس هيئة المفوضين، للأسباب المبينة بصحيفة الطعن، قبوله شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء باختصاص المحكمة الإدارية بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل فيها من جديد. وقد أعلنت صحيفة الطعن إلى وزارتي الأشغال والشئون البلدية والقروية في 11 من أكتوبر سنة 1955، وإلى المطعون عليه في 19 من هذا الشهر. وعينت لنظر الدعوى جلسة 17 من ديسمبر سنة 1955، وفيها سمعت إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على أوراق الطعن وسماع إيضاحات ذوي الشأن والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن محمد محرم أقام الدعوى رقم 825 لسنة 2 القضائية ضد وزارتي الأشغال والشئون البلدية والقروية أمام المحكمة الإدارية لجميع الوزارات والمصالح بمدينة الإسكندرية يطلب الحكم بأحقيته في صرف بدل التخصص المقرر للمهندسين طبقاً للقانون رقم 67 لسنة 1950 في المدة ما بين أول فبراير سنة 1950 وأول يناير سنة 1953 مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأثناء نظر الدعوى طلب احتياطياً الحكم له بتعويض نظير عدم صرف بدل التخصص أخذاً بما قضت به محكمة القضاء الإداري في دعاوى مماثلة، وقال - بياناً لدعواه - إنه حصل على دبلوم مدرسة الفنون والصنائع سنة 1936، ثم عين في 14 من مارس سنة 1936 بمصلحة المباني الأميرية. وفي أول يناير سنة 1949 حصل على لقب مهندس وقيد اسمه بسجل المهندسين. وفي 29 من أغسطس سنة 1953 أصدر وزير الأشغال قراراً باعتبار أقدميته في الدرجة السادسة الشخصية اعتباراً من أول إبريل سنة 1939 تنفيذاً لقانون المعادلات الدراسية، وكان قد أصدر قبل ذلك في 18 من ديسمبر سنة 1952 قراراً بصرف بدل تخصص له اعتباراً من أول يناير سنة 1953 في حين أنه يستحق هذا البدل اعتباراً من أول فبراير سنة 1950 وفقاً لأحكام المادة الأولى من القانون رقم 67 لسنة 1950، ومن أجل ذلك لجأ إلى إقامة الدعوى. وقد دفعتها الحكومة قائلة إن بدل التخصص يصرف للمهندسين طبقاً لأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950، ولكتاب ديوان الموظفين الدوري رقم 81 لسنة 1953 الصادر في 22 من نوفمبر سنة 1953، ويشترط لصرفه توافر أحد شروط ثلاثة: إما أن يكون المهندس حاصلاً على شهادة جامعية أو ما يعادلها وهي ما تؤهل للتعيين في الدرجة السادسة، أو أن يكون حاصلاً على لقب مهندس، أو أن يشغل بالفعل وظيفة من الوظائف المخصصة في الميزانية للمهندسين. ولما كان المدعي لم يمنح لقب مهندس إلا من 21 من يناير سنة 1950، كما أنه كان معيناً في الدرجة السابعة عند صدور القانون رقم 67 لسنة 1950، فلهذا لم يمنح بدل التخصص طبقاً لأحكام هذا القانون. وفي 19 من يوليه سنة 1955 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص، وقد بنت قضاءها هذا على أن حق المدعي في بدل التخصص، وإن كان ثابتاً بمقتضى القانون رقم 67 لسنة 1950، إلا أن هذا القانون قد أحال في تحديد فئات بدل التخصص الذي يستحقه المدعي وزملاؤه إلى قرار يصدر من مجلس الوزراء. ولما كان هذا القرار لم يصدر بعد فإن المحكمة لا تأخذ بتكييف المدعي للدعوى باعتبارها منازعة في راتب، وإنما يتحدد تكييفها باعتبارها طلب تعويض عما أصاب المدعي من ضرر وما فاته من كسب بسبب عدم تقرير فئة بدل التخصص التي يستحقها قانوناً. والدعوى بهذا التكييف تخرج عن حدود اختصاصها على النحو المبين بالبند الأول من المادة 13 من القانون رقم 165 لسنة 1955؛ ذلك أن طلب التعويض - موضوع الدعوى - لا يترتب على قرار مما تختص جهات القضاء الإداري بطلب إلغائه حسبما نص عليه بالبنود ثالثاً ورابعاً وخامساً من المادة 8 من هذا القانون. وقد طعن رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم للأسباب المبينة بصحيفة الطعن.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الطلب الأصلي للمطعون عليه وموضوعه طلب الحكم باستحقاقه لبدل التخصص، وكذلك الطلب الاحتياطي وموضوعه طلب الحكم بتعويض لعدم تقرير فئة بدل التخصص التي يستحقها، كلاهما مما تختص المحاكم الإدارية بالفصل فيها طبقاً للمادة 13 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة. ولما كان الحكم المطعون فيه، قد قضى بعدم اختصاص المحكمة الإدارية بمدينة الإسكندرية بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري لاختصاصها بنظرها، فإنه يكون مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 67 لسنة 1950 بتقرير بدل تخصص للمهندسين تقضي بأن يمنح - اعتباراً من أول فبراير سنة 1950 - بدل التخصص طبقاً للفئات التي أقرها مجلس الوزراء في 3 من يوليه سنة 1949 لجميع المهندسين المشتغلين بأعمال هندسية بحتة الحاصلين على شهادة جامعية أو ما يعادلها وهي ما تؤهل للتعيين في الدرجة السادسة أو الحاصلين على لقب مهندس.....
ويبين من الاطلاع على قرار مجلس الوزراء المشار إليه أنه اقتصر على تقدير فئات بدل التخصص لمهندسي الدرجة السادسة وما فوقها، فلم يقدر فئة بدل التخصص لمهندسي الدرجة السابعة، ومنهم المطعون عليه، وظل أمرهم معلقاً حتى يصدر في شأنهم قرار من مجلس الوزراء بتحديد فئة بدل التخصص لهم، ولما يصدر هذا القرار بعد.
ومن حيث إن مثار هذه المنازعة هو، في الواقع من الأمر، ما إذا كان المطعون عليه يستحق بدل تخصص أولاً يستحقه. وغنى عن البيان أن هذا البدل هو في حقيقته من الرواتب الإضافية التي تختص المحاكم الإدارية بالفصل في المنازعات الخاصة بها بالنسبة إلى من عدا الموظفين الداخلين في الهيئة من الفئة العالية والضباط طبقاً للبندين الأول والثاني من المادة 13 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة، وذلك سواء أصدر قرار من مجلس الوزراء بتحديد فئة بدل التخصص الذي يستحقه المطعون عليه وزملاؤه أم لم يصدر، فلا أثر لذلك في تحديد الاختصاص الذي يقوم على تكييف الدعوى باعتبارها منازعة في راتب، وإنما تستظهر المحكمة المختصة إثر عدم صدور هذا القرار كعنصر من عناصر المنازعة عند الفصل في موضوعها وهل هو من المقومات الأساسية لمثل هذا الراتب الذي لا يقوم إلا به، أم لا.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالطلب الاحتياطي، وموضوعه طلب تعويض عما أصاب المطعون عليه من ضرر بسبب عدم تقرير فئة بدل التخصص الذي يستحقه بمقتضى القانون رقم 67 لسنة 1950، فإن المحكمة الإدارية، وإن أصابت فيما انتهت إليه في خصوصه من أن التعويض المطلوب غير مترتب على قرار من القرارات الإدارية المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً وخامساً من المادة 8 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة مما يخرج هذا الطلب عن اختصاصها، إلا أنها أخطأت في إغفال الطلب الأصلي الذي تختص - دون سواها - بالفصل فيه بوصفه منازعة في راتب موظف من غير الموظفين الداخلين في الهيئة من الفئة العالية.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن الحكم المطعون فيه، إذ قضى بعدم اختصاص المحاكم الإدارية بالفصل في الدعوى، يكون مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه، مع إعادة القضية إلى المحكمة الإدارية لوزارات الحكومة ومصالحها بمدينة الإسكندرية للفصل فيها موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباختصاص المحكمة الإدارية لوزارات الحكومة ومصالحها بمدينة الإسكندرية بنظر الدعوى، وبإعادتها إليها للفصل فيها.