مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1955 إلى آخر يناير سنة 1956) - صـ 433

جلسة 21 من يناير سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة/ بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

(52)
القضية رقم 356 لسنة 1 القضائية

موظفون منسيون - الموظف المنسي الذي يفيد من قرار مجلس الوزراء الصادر في 8/ 7/ 1943 - يجب أن يقضي قبل 30/ 6/ 1943 خمس عشرة سنة في درجته الفعلية - لا عبرة بالأقدميات الاعتبارية في حساب هذه المدة - دليل ذلك.
إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 بشأن إنصاف الموظفين المنسيين قصد به معالجة فئة معينة من الموظفين هم الذين عنتهم مذكرة اللجنة المالية المرفوعة للمجلس في 6 من يوليه سنة 1943 فوافق عليها. وقد حصرت تلك المذكرة عدد الموظفين المستوفين للشروط المطلوبة والذين يفيدون من الإنصاف المذكور لغاية التاريخ المعين وهو 30 من يونيه سنة 1943، كما وافق البرلمان على القانون رقم 88 لسنة 1944 بفتح الاعتماد اللازم لإنصاف مستخدمي الحكومة المذكورين، ونص في مادته الأولى: "يفتح لإنصاف مستخدمي الحكومة من الدرجة الخامسة فما دونها ممن قضوا لغاية آخر يونيه سنة 1943 خمس عشرة سنة في درجاتهم وذلك بترقيتهم ترقيات شخصية". فالموظف المنسي الذي يفيد من قرار مجلس الوزراء سالف الذكر هو الموظف الذي قضى فعلاً قبل 30 من يونيه سنة 1943 في درجته الحالية أي الفعلية - لا الاعتبارية - خمس عشرة سنة، وآية ذلك أن الأقدميات الاعتبارية لم يكن لها وجود عند صدور هذا القرار وغيره من قرارات الإنصاف؛ إذ لم تنظم إلا بالقرار الصادر في 30 من يناير سنة 1944 وما تلاه. ولا اعتداد بالقول بأن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 371 لسنة 1953 أكدت الإفادة من الأحكام المقررة لقدامى الموظفين؛ لأن ما أشارت إليه تلك المذكرة لا ينصرف إلا إلى قدامى الموظفين الذين أشار إليهم القانون رقم 210 لسنة 1951 في المادة 40 مكررة.


إجراءات الطعن

في 18 من سبتمبر سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين بجلسة 20 من يوليه سنة 1955 في الدعوى رقم 30 لسنة 1 القضائية المرفوعة من السيدين/ أحمد سلامة ومحمد محمد مطاوع، والقاضي "بإرجاع أقدمية المدعيين في الدرجة السادسة إلى أول يوليه سنة 1943 وبأحقيتهما في الترقية إلى الدرجة الخامسة بصفة شخصية من 7 من مارس سنة 1953 وما يترتب على ذلك من آثار على ألا تصرف إليهما فروق مالية إلا اعتباراً من 22 من يوليه سنة 1953 وألزمت الحكومة مصروفات الدعوى ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين، للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن، "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المدعيين وإلزامهما بالمصروفات". وأعلن السيدان/ أحمد سلامة ومحمد محمد مطاوع بالطعن في 17 من نوفمبر سنة 1955، وأعلن به السيد وزير المالية في 13 منه، ثم عين لنظر الدعوى جلسة 31 من ديسمبر سنة 1955، وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليهما أقاما دعواهما أمام المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين، وأبانا في صحيفتها أنهما حاصلان على شهادة المدارس الصناعية نظام قديم، الأول عام 1922 والثاني عام 1926، ثم عينا باليومية في خدمة المطبعة الأميرية، الأول في 14 من يونيه سنة 1924 والثاني في 6 من ديسمبر سنة 1927، ثم منحا الدرجة الثامنة الفنية في أول مارس سنة 1948، ثم رقيا إلى الدرجة السابعة الأول في 28 من فبراير سنة 1951 والثاني في 28 من مارس سنة 1951، وسويت حالتهما بعد ذلك طبقاً لقانون المعادلات رقم 371 لسنة 1953، ولكن هذه التسوية حرمتهما من الاستفادة بالأقدمية الاعتبارية في تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 بشأن الموظفين المنسيين الذين قضوا إلى أول يوليه سنة 1943 أكثر من خمس عشرة سنة في درجة واحدة في حين أن أحكام قانون المعادلات تبيح تطبيق قواعد المنسيين تبعاً للأقدمية الاعتبارية. وانتهيا إلى طلب الحكم بصفة أصلية بعدم رجعية القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية بالنسبة إلى حالتهما وبقاء حقهما المقرر بقرارات مجلس الوزراء الملغاة بهذا القانون، والحكم بصفة احتياطية بتطبيق القانون رقم 371 لسنة 1953 فيما تضمنه من الإفادة بقواعد المنسيين بمنحهما الدرجة السادسة من أول يوليه سنة 1943 والدرجة الخامسة من 7 من مارس سنة 1953. ودفعت الحكومة الدعوى بأن المدعيين قد سويت حالتهما طبقاً لقانون المعادلات، واعتبرا في الدرجة السابعة من بدء التعيين، ثم رقيا إلى الدرجة السادسة بصفة شخصية اعتباراً من 7 من مارس سنة 1953 عملاً بالمادة 40 مكررة من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام الموظفين؛ إذ أمضيا أكثر من خمس عشرة سنة في الدرجة السابعة نتيجة للأقدمية الاعتبارية الناشئة عن التسوية، وأضافت أنها لم تدرج المرتب إلا من تاريخ حصولهما على الدرجة الثامنة في أول مارس سنة 1948، لأن المدة السابقة كانت باليومية، وذلك إعمالاً لكتاب ديوان الموظفين الدوري رقم 82 لسنة 1953. وقد قضت المحكمة الإدارية لوزارة المالية بحكمها الصادر في 20 من يوليه سنة 1955 "بإرجاع أقدمية المدعيين في الدرجة السادسة إلى أول يوليه سنة 1943 وبأحقيتهما في الترقية إلى الدرجة الخامسة بصفة شخصية من 7 من مارس سنة 1953 وما يترتب على ذلك من آثار على ألا تصرف إليهما فروق مالية إلا اعتباراً من 22 من يوليه سنة 1953 وألزمت الحكومة مصروفات الدعوى ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأسست قضاءها على "أنه يبين من المادة الثامنة من القانون رقم 371 لسنة 1953 ومن المذكرة الإيضاحية أن المشرع حدد، على سبيل الحصر، الأحوال التي لا يجوز الاستناد فيها إلى الأقدمية الاعتبارية أو الدرجة الرجعية، وتلك الأحوال هي الطعن في القرارات الإدارية الخاصة بالترقيات أو التعيينات أو النقل، مستهدفاً في هذا الحظر استقرار الأوضاع؛ بإنتاج القرارات المذكورة لآثارها. ومفهوم المخالفة لهذا النص يقضي بأن ينتفع الموظف من الأقدمية الاعتبارية والدرجة الرجعية في غير الأحوال التي تناولها النص بالمنع. وقد أكدت المذكرة الإيضاحية هذا المفهوم في وضوح وصراحة بالنسبة إلى الاستفادة بالأحكام المقررة لقدامى الموظفين". وقالت في موضوع آخر "ومن حيث إن القول بخلاف ذلك من شأنه أن يهدر الآثار المترتبة على الأقدمية الاعتبارية وأن يحرم الموظف من الانتفاع بها على الوجه الذي أراده المشرع والذي يبين بوضوح من المذكرة الإيضاحية؛ إذ لو كان المشرع يبغى هذا الحرمان لما أعوزه النص على ذلك وهو بصدد تحديد الأحوال التي لا يجوز التمسك بالأقدمية الاعتبارية فيها".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الموظف المنسي الذي يعينه قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 هو الموظف الذي قضى فعلاً قبل 30 من يونيه سنة 1943 في درجته الحالية الفترة المقررة للإفادة من الإنصاف المنشود. ولما كان الثابت أن المدعيين لم يكونا أصلاً على درجة من الدرجات في 30 من يونيه سنة 1943، فإنهما بهذه المثابة لا يفيدان من قواعد إنصاف المنسيين سالفة الذكر، وليس من شأن الدرجات الرجعية والأقدميات الاعتبارية المقررة وفقاً لقانون المعادلات رقم 371 لسنة 1953 الصادر في 22 من يوليه سنة 1953 - ليس من شأنها إحياء قواعد سنة 1943 التي صدرت مقصورة الأثر على من توافرت فيهم شروطها حقيقية لا حكماً في التاريخ المحدد فيها. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 بشأن إنصاف الموظفين المنسيين قصد به معالجة فئة معينة من الموظفين هم الذين عنتهم مذكرة اللجنة المالية المرفوعة للمجلس في 6 من يوليه سنة 1943 فوافق عليها، فلا يكون ثمة وجه لإفادة المطعون عليهما من أحكامه، وهما ليسا من تلك الفئة، ولا يبقى بعد ذلك إلا أن تطبق في حقهما المادة 40 مكررة من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة اعتباراً من تاريخ صدور القانون رقم 371 لسنة 1953 ونفاذ أحكامه، وهو القانون الذي حدد مركزهما القانوني وأقدميتهما الاعتبارية - يؤيد هذا النظر أن مذكرة اللجنة المالية المشار إليها قد حصرت عدد الموظفين المستوفين للشروط المطلوبة والذين يفيدون من الإنصاف المذكور لغاية التاريخ المعين وهو 30 من يونيه سنة 1943، كما وافق البرلمان على القانون رقم 88 لسنة 1944 بفتح الاعتماد اللازم لإنصاف مستخدمي الحكومة المذكورين، ونص في مادته الأولى "يفتح لإنصاف مستخدمي الحكومة من الدرجة الخامسة فما دونها ممن قضوا لغاية آخر يونيه سنة 1943 خمس عشرة سنة في درجاتهم وذلك بترقيتهم ترقيات شخصية". فالموظف المنسي الذي يفيد من قرار مجلس الوزراء سالف الذكر هو الموظف الذي قضى فعلاً قبل 30 من يونيه سنة 1943 في درجته الحالية أي الفعلية خمس عشرة سنة؛ وآية ذلك أن الأقدميات الاعتبارية لم يكن لها وجود عند صدور هذا القرار وغيره من قرارات الإنصاف؛ إذ لم تنظم إلا بالقرار الصادر في 30 من يناير سنة 1944 وما تلاه. ولا اعتداد بالقول بأن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 371 لسنة 1953 أكدت الإفادة من الأحكام المقررة لقدامى الموظفين؛ لأن ما أشارت إليه تلك المذكرة لا ينصرف إلا إلى قدامى الموظفين الذين أشار إليهم القانون رقم 210 لسنة 1951 في المادة 40 مكررة، وقد سويت حالة المطعون عليهما وفقاً لأحكام هذه المادة.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما سلف بيانه يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى باستحقاق المطعون عليهما لتسوية حالتهما على غير هذا الأساس - قد خالف القانون، ومن ثم يتعين إلغاؤه ورفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعيين بالمصروفات.