مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1955 إلى آخر يناير سنة 1956) - صـ 438

جلسة 21 من يناير سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة/ بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

(53)
القضية رقم 357 لسنة 1 القضائية

بدل التخصص - استحقاقه منوط بتوافر شرطين - اشتغال المهندس بأعمال هندسية بحتة - وحصوله على شهادة تؤهل للتعيين في الدرجة السادسة أو حصوله على لقب مهندس من نقابة المهن الهندسية.
إن استحقاق بدل التخصص منوط بتوافر شرطين، أولهما: أن يكون المهندس مشتغلاً بأعمال هندسية بحتة. وثانيهما: أن يكون حاصلاً على شهادة جامعية أو ما يعادلها مما يؤهل للتعيين في الدرجة السادسة أو حاصلاً على لقب مهندس، على أن يكون الحصول على هذا اللقب صادراً من نقابة المهن الهندسية وفقاً لأحكام القانون رقم 89 لسنة 1946 الخاص بنقابة المهن الهندسية. وهذا ما تؤكده المناقشات البرلمانية والأعمال التحضيرية الأخرى للقانون رقم 67 لسنة 1950 بتقرير بدل تخصص للمهندسين.
فإذا كان الثابت أن المدعي شغل وظيفة مساعد مفتش بمصلحة الأملاك ثم وظيفة مفتش بها (وكلتاهما لا تدرجان في ميزانية المصلحة على أنهما من الوظائف الهندسية)، كما أن المؤهل الذي يحمله (دبلوم الفنون التطبيقية نظام جديد) هو مؤهل فني متوسط يرشح لوظائف الدرجة السابعة وليس مؤهلاً عالياً يخول التعيين في الدرجة السادسة، هذا فضلاً عن أنه لم يحصل على لقب مهندس من نقابة المهن الهندسية - فإنه لا يحق له، والحالة هذه، أن يطالب ببدل التخصص؛ إذ لم تتوافر في شأنه الشروط التي شرطتها المادة الأولى من القانون رقم 67 لسنة 1950.


إجراءات الطعن

في 18 من سبتمبر سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر بجلسة 20 من يوليه سنة 1955 في الدعوى رقم 50 لسنة 2 م المرفوعة من السيد/ أحمد كمال حسن المنشاوي ضد وزارة المالية، القاضي "باستحقاق المدعي لصرف بدل تخصص بالتطبيق للقانون رقم 67 لسنة 1950 اعتباراً من أول فبراير سنة 1950 وألزمت المدعى عليها بالمصاريف". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين الحكم "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات".
وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة المالية في 26 من سبتمبر سنة 1955، وإلى السيد/ أحمد كمال حسن المنشاوي في 25 من أكتوبر سنة 1955، وقدم المدعي مذكرة بدفاعه. وعين لنظر الطعن جلسة 10 من ديسمبر سنة 1955 وفيها سمعت إيضاحات الطرفين، ثم أرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 50 لسنة 2 م ضد وزارة المالية طالباً "الحكم له بصرف بدل التفتيش الذي قطع عنه وبالتالي بدل التخصص الذي حل محل بدل التفتيش وذلك اعتباراً من أول فبراير سنة 1950 طبقاً للقانون رقم 67 لسنة 1950". وقال بياناً لدعواه إنه حصل على دبلوم الفنون التطبيقية سنة 1936، وعين بمصلحة الأملاك الأميرية سنة 1937، ثم أخذ يتدرج في الوظائف الهندسية الفنية وهو يتقاضى بدل تفتيش أسوة بزملائه، حتى قطع عنه هذا البدل في منتصف سنة 1949 عندما أسندت إليه وظيفة معاون أملاك ثم مفتش أملاك مساعد ثم مفتش أملاك، على أساس أن هذه الوظائف غير مخصصة في الميزانية لمهندسين. ونظراً لأن الشروط التي نص القانون رقم 67 لسنة 1950 على وجوب توافرها في المهندس لكي يستحق بدل التخصص متوافرة فيه، فإنه يطلب الحكم له بهذا البدل. وقد دفعت الحكومة الدعوى بأن المدعي لم تتوافر فيه تلك الشروط للأسباب الآتية:
أولاً: لأنه لا يحمل لقب "مهندس" طبقاً لأحكام قانون المهن الهندسية رقم 89 لسنة 1946.
وثانياً: لأنه لا يشغل بالفعل وظيفة من الوظائف المخصصة في الميزانية لمهندسين.
وثالثاً: لأنه لا يقوم بأعمال هندسية بحتة. وقد عقب المدعي على ذلك بمذكرة حاصلها أن المادة الأولى من القانون رقم 67 لسنة 1950 اشترطت لاستحقاق الموظف لبدل التخصص أن يكون "حاصلاً على لقب مهندس"، دون أن تشترط صدور هذا اللقب من نقابة المهن الهندسية. ولقد أصدر ديوان الموظفين كتابة الدوري رقم 81 لسنة 1953 وألحق به منشوراً تفسيرياً في 13 من يناير سنة 1954 ونص صراحة في الكتاب الدوري على أنه يكفي في الموظف "أن يكون حاصلاً على لقب مهندس سواء من نقابة المهن الهندسية أو بحكم الوظيفة التي يشغلها حسب وصفها بالميزانية"، كما ذكر في المنشور أن المقصود بالشرط الخاص بشغل وظيفة من الوظائف المخصصة في الميزانية للمهندسين هو "أي وظيفة أعمالها هندسية إذ أن عمل الوظيفة هو الذي يبين وصفها، وأن الوزارة المختصة هي التي تقرر ما إذا كانت الوظيفة أعمالها هندسية أم لا". ولما كانت أعمال الوظيفة التي يشغلها تعتبر أعمالاً هندسية - كما رأت ذلك مصلحة الأملاك في كتابها رقم 677 المؤرخ 5 من سبتمبر سنة 1950 المرسل إلى إدارة مستخدمي الحكومة - فإنه يستحق بدل التخصص وفقاً لأحكام المادة الأولى من القانون رقم 67 لسنة 1950. وقد أخذت المحكمة الإدارية بهذا النظر واستندت إليه في الحكم له "باستحقاقه لصرف بدل تخصص بالتطبيق للقانون رقم 67 لسنة 1950 اعتباراً من أول فبراير سنة 1950 مع إلزام المدعى عليها بالمصروفات". وقد طعن رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم للأسباب المبينة بصحيفة الطعن.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون رقم 67 لسنة 1950، ذلك أن المادة الأولى من هذا القانون تشترط لاستحقاق بدل التخصص توافر شرطين، أولهما: أن يكون المهندس حاصلاً على شهادة جامعية أو مؤهل عال معادل لها مما يؤهل للتعيين في الدرجة السادسة أو أن يكون حاصلاً على لقب مهندس من نقابة المهن الهندسية. وثانيهما: أن يكون المهندس مشتغلاً بأعمال هندسية بحتة. ولما كان المطعون عليه غير حاصل على شهادة جامعية أو ما يعادلها كما أنه لم يحصل على لقب مهندس من نقابة المهن الهندسية فإن أحد الشرطين المشار إليهما يكون متخلفاً بالنسبة إليه، ومن ثم لا يكون مستحقاً لبدل التخصص وفقاً لأحكام القانون سالف الذكر.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 67 لسنة 1950 بتقرير بدل تخصص للمهندسين تنص على أنه "اعتباراً من أول فبراير سنة 1950 يمنح بدل التخصص طبقاً للفئات التي أقرها مجلس الوزراء بتاريخ 3 يوليه سنة 1949 لجميع المهندسين المشتغلين بأعمال هندسية بحتة الحاصلين على شهادة جامعية أو ما يعادلها وهي ما تؤهل للتعيين في الدرجة السادسة أو الحاصلين على لقب مهندس....". وظاهر من هذا النص أن استحقاق بدل التخصص منوط بتوافر شرطين، أولهما: أن يكون المهندس مشتغلاً بأعمال هندسية بحتة. وثانيهما: أن يكون حاصلاً على شهادة جامعية أو ما يعادلها مما يؤهل للتعيين في الدرجة السادسة أو حاصلاً على لقب مهندس.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المطعون عليه أنه حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في شهر سبتمبر سنة 1930 وعلى شهادة إتمام الدراسة بالمدارس الصناعية في صناعة حفر الخشب (الأيمة) في شهر نوفمبر سنة 1933 وعلى دبلوم الفنون التطبيقية "قسم أشغال الحفر والزخرفة" نظام جديد سنة 1936، ثم عين ملاحظ مبان بمصلحة الأملاك سنة 1937 بأجر يومي مقداره 150 م، ثم أخذ يرقى في وظائف المصلحة حتى عين مساعد مفتش ثم مفتشاً بها، وكلتا هاتين الوظيفتين لا تدرجان في ميزانية المصلحة على أنهما من الوظائف الهندسية.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالمؤهل الذي يحمله المطعون عليه، وهو دبلوم الفنون التطبيقية نظام جديد، فإن المادة الرابعة من المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 بتعيين المؤهلات التي يعتمد عليها للتعيين في وظائف الدرجات التاسعة والثامنة والسابعة في الكادرين الفني المتوسط والكتابي، تقضي بأن "دبلوم الفنون التطبيقية"، سواء في نظامها القديم أو الجديد، تعتمد في الترشيح لوظائف الدرجة السابعة الفنية بالكادر الفني المتوسط، مما يقطع بأنها مؤهل فني متوسط وليست مؤهلاً عالياً مما يؤهل للتعيين في الدرجة السادسة، وفضلاً عن ذلك فإنه لم يحصل على لقب مهندس من نقابة المهن الهندسية وفقاً لأحكام القانون رقم 89 لسنة 1946 الخاص بنقابة المهن الهندسية - يؤيد هذا النظر ويؤكده ما جاء بالمناقشات البرلمانية والأعمال التحضيرية الأخرى للقانون رقم 67 لسنة 1950 بتقرير بدل تخصص للمهندسين؛ ذلك أن مشروع القانون عند تقديمه إلى البرلمان كان يقضي "بمنح بدل التخصص للمهندسين الحاصلين على شهادات جامعية أو ما يعادلها مما يؤهل للتعيين في الدرجة السادسة"، فرأت اللجنة المالية بمجلس النواب عند نظر المشروع بعد إحالته إليها أن يقصر "منح هذا البدل على المهندسين المشتغلين بأعمال هندسية بحتة الحاصلين على شهادات جامعية أو ما يعادها مما يؤهل للتعيين في الدرجة السادسة إذا كانوا حاصلين على لقب مهندس وفقاً لأحكام القانون رقم 89 لسنة 1946 الخاص بنقابة المهن الهندسية - ولكن مجلس النواب رأى الاجتزاء بأحد شرطين "أن يكون المهندس حاصلاً على مؤهل عال أو أن يكون حاصلاً على لقب مهندس" وذلك بدلاً من الجمع بينهما، مع الإبقاء على شرط الاشتغال بالأعمال الهندسية البحتة. وقد صدرت المادة الأولى من القانون على هذا الأساس.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن المطعون عليه لم تتوافر في شأنه الشروط التي شرطتها المادة الأولى من القانون رقم 67 لسنة 1950 المشار إليها لاستحقاق بدل التخصص، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى له بهذا البدل - مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون عليه بالمصروفات.