مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1955 إلى آخر يناير سنة 1956) - صـ 443

جلسة 21 من يناير سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

(54)
القضية رقم 45، 46 لسنة 2 القضائية

( أ ) وقف التنفيذ - ركناه - الاستعجال وجدية المطاعن الموجهة للقرار الإداري - كلاهما من الحدود القانونية التي تحد سلطة القضاء الإداري وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا - الحكم الصادر بوقف التنفيذ - حكم قطعي - جواز الطعن فيه استقلالاً أمام المحكمة الإدارية العليا.
(ب) وقف التنفيذ - القرار المطعون فيه من شأنه حرمان الطالب من أداء الامتحان لو كان له حق فيه - توافر ركن الاستعجال.
(ج) جامعة - القانون رقم 508 لسنة 1954 بإعادة تنظيم الجامعات المصرية - إبقاؤه على النظم المترتبة على القوانين السابقة والتي لم يتم إعادة تنظيمها بالطريقة المنصوص عليها فيه - مثال بالنسبة لامتحان الدور الثاني بكلية الطب.
1 - إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الحكم في وقف التنفيذ، وإن كان حكماً مؤقتاً، بمعنى أنه لا يقيد المحكمة عند نظر طلب الإلغاء ولها أن تعدل عنه، إلا أنه حكم قطعي له مقومات الأحكام وخصائصها ويجوز حجية الشيء المحكوم فيه في الخصوص الذي صدر فيه، طالما لم تتغير الظروف، وبهذه المثابة يجوز الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا استقلالاً، شأنه في ذلك شأن أي حكم انتهائي. كما جرى قضاؤها كذلك على أن سلطة وقف التنفيذ مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها، مردهما كلتاهما إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه استظهار مبدأ المشروعية وعدمها، فوجب على القضاء الإداري ألا يقف قراراً إدارياً إلا على ركنين، (الأول): قيام الاستعجال؛ بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها. (والثاني): أن يكون ادعاء الطالب في طلب وقف التنفيذ قائماً، بحسب الظاهر، على أسباب جدية. وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة محكمة القضاء الإداري وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
2 - متى كان من شأن تنفيذ القرار المطعون فيه حرمان المطعون عليهم من فرصة أداء الامتحان، لو كان لهم حق فيها، مما يتعذر معه تدارك النتيجة التي تترتب على ذلك، فإن ركن الاستعجال، والحالة هذه، يكون قائماً.
3 - إن المادة 100 من القانون رقم 508 لسنة 1954 بإعادة تنظيم الجامعات المصرية، وإن ألغت القوانين والمراسيم بقوانين السابقة التي نصت عليها وعددتها وكذلك كل نص آخر يخالف أحكامه، إلا أنها نصت في الوقت ذاته في الفقرة الأخيرة من تلك المادة على أنه "وتبقى القوانين والمراسيم التي صدرت بناء على القوانين المشار إليها في هذه المادة سارية حتى تنظم أحكامها بالطريقة المنصوص عليها في هذا القانون". وهذا النص واضح الدلالة على أن الشارع عني بألا يحدث فراغ أو اضطراب في سير الدراسة أو نظم الامتحانات فأبقى القوانين والمراسيم التي صدرت بناء على القوانين التي نص على إلغائها حتى تنظم أحكامها بالطريقة المنصوص عليها في هذا القانون. ومن هنا يبين أن التحدي بأن أداء امتحان الدور الثاني، على حسب النظام القديم، هو إحياء لنظام ألغي بمقتضى القانون الجديد - إن التحدي بذلك على إطلاقه في غير محله، والصحيح، بالتطبيق للفقرة المشار إليها، أن يبقى قائماً ونافذاً من النظم المترتبة على القوانين السابقة ما لم يتم إعادة تنظيمه بالطريقة المنصوص عليها في القانون الجديد. وغنى عن البيان أن النظام الجديد للامتحان مرتبط ارتباطاً جوهرياً بالنظام الجديد للدراسة خلال السنة الدراسية من حيث تقسيم الفصول وتقسيم المواد على فصلين، وبنظام الاختبارات من حيث تخصيص 20% من مجموع درجات الامتحان النهائي في كل مادة لما يحصل عليه الطالب في اختبار الفترات بالنسبة إلى طلاب السنة الثانية في العام الدراسي 1954/ 1955، مع أن الجامعة (كلية طب القاهرة) لم تنفذ ذلك تنفيذاً كاملاً لتعذره لأسباب علمية، ولذا لم تهيأ للطلبة، والحالة هذه، وسائل الدراسة والاختبارات على نحو يمكنهم من أداء الامتحان بحسب النظام الجديد، مما لا مندوحة معه من معاملتهم بالنظام القديم للامتحان، والسماح لهم بأن يمتحنوا في دور ثان أياً كان عدد المواد التي رسبوا فيها.


إجراءات الطعن

في 29 من ديسمبر سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة المفوضين عريضتي طعن في الحكمين الصادرين من محكمة القضاء الإداري (هيئة أولى) أحدهما في 22 من نوفمبر سنة 1955 في القضية رقم 4272 لسنة 9 القضائية قيد بجدول المحكمة الإدارية العليا برقم 45 لسنة 2 القضائية، والآخر في 20 من ديسمبر سنة 1955 في القضية رقم 590 لسنة 10 القضائية قيد برقم 46 لسنة 2 القضائية أمام المحكمة الإدارية العليا. وطلب، للأسباب التي استند إليها، إلغاء الحكمين المذكورين فيما قضيا به من وقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما، بحرمان المطعون عليهم من أداء الدور الثاني لطلبة كلية الطب بالقصر العيني. وأعلن الطعنان للمطعون عليه في الطعن الأول في أول يناير سنة 1956، وللسيد وزير التربية والتعليم ولمدير جامعة القاهرة في التاريخ ذاته، وأعلن الطعن الثاني للمطعون عليهم وللسيد وزير التربية والتعليم ولمدير الجامعة في أول يناير سنة 1956، وعين لنظر الطعنين جلسة 7 من يناير سنة 1956 وتأجلت لجلسة 14 منه. وبعد أن سمعت الدعوى على الوجه المبين بالمحضر أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين مرتبطان أحدهما بالآخر ارتباطاً أساسياً في المبدأ ترى المحكمة معه الفصل فيهما بحكم واحد.
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الحكم في وقف التنفيذ، وإن كان حكماً مؤقتاً، بمعنى أنه لا يقيد المحكمة عند نظر طلب الإلغاء ولها أن تعدل عنه، إلا أنه حكم قطعي له مقومات الأحكام وخصائصها، ويجوز حجية الشيء المحكوم فيه في الخصوص الذي صدر فيه، طالما لم تتغير الظروف، وبهذه المثابة يجوز الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا استقلالاً، شأنه في ذلك شأن أي حكم انتهائي، كما جرى قضاؤها كذلك على أن سلطة وقف التنفيذ مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها، مردهما كلتاهما إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار، على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه استظهار مبدأ المشروعية وعدمها، فوجب على القضاء الإداري ألا يقف قراراً إدارياً إلا على ركنين، (الأول): قيام الاستعجال؛ بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها. (والثاني): أن يكون ادعاء الطالب في طلب وقف التنفيذ قائماً، بحسب الظاهر، على أسباب جدية، وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة محكمة القضاء الإداري، وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن من شأن تنفيذ القرارين المطعون فيهما حرمان المطعون عليهم من فرصة أداء الامتحان، لو كان لهم حق فيها، مما يتعذر معه تدارك النتيجة التي تترتب على ذلك. فركن الاستعجال، والحالة هذه، قائم.
ومن حيث إن مثار هذه المنازعة، على حسب الظاهر وبالقدر اللازم للفصل في هذا الوجه المستعجل منها مع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء، تنحصر فيما إذا كان من حق المطعون عليهم، كما يقولون، أن يمتحنوا في دور ثان أياً كان عدد المواد التي رسبوا فيها، وذلك على مقتضى اللائحة القديمة، أم أن ليس لهم هذا الحق كما تقول الجامعة (كلية طب القاهرة)، ما داموا قد رسبوا في أكثر من مادة، وذلك طبقاً للائحة الجديدة؟
ومن حيث إن الحكمين المطعون فيهما قد أقاما قضاءهما على أن معاملة المطعون عليهم، وفقاً لنظام الامتحان المقرر في اللائحة الجديدة، تقتضي مبدئياً تطبيق النظام الجديد على دراسة المدعين خلال السنة الدراسية، في حين أنه لم يطبق أصلاً، بمقولة الجامعة إنه كان من العسير عليها، لأسباب علمية، تنفيذ الفصول الدراسية وتعذر تقسيم المواد على فصلين، كما تعذر تطبيق نظام الاختبارات فيما يتعلق بتخصيص 20% من مجموع درجات الامتحان النهائي في كل مادة لما يحصل عليه الطالب في اختبارات الفترات على طلاب السنة الثانية في العام 1954/ 1955، فلا مناص من تطبيق النظام القديم للامتحان في حقهم.
ومن حيث إن الطعن يقوم أساساً على أنه ليس للمطعون عليهم أي حق في نظام الدور الثاني في الامتحان الذي كان معمولاً به قبل صدور القانون رقم 508 لسنة 1954 بإعادة تنظيم الجامعات المصرية؛ لأن المادة 100 منه نصت على إلغاء القوانين السابقة المنظمة للجامعات، كما نصت على إلغاء كل نص يخالف أحكام هذا القانون. فلا يصح على هذا الوضع إحياء النظام القديم للدور الثاني في الامتحانات، حتى ولو صح أن كلية الطب لم تلتزم بعض أحكام النظام الجديد في الدراسة والاختبارات.
ومن حيث إن هذه المحكمة تؤيد الحكمين المطعون فيهما لأسبابهما، وتضيف إليها أن المادة 100 من القانون رقم 508 لسنة 1954، وإن ألغت القوانين والمراسيم بقوانين السابقة التي نصت عليها وعددتها، وكذلك كل نص آخر يخالف أحكامه، إلا أنها نصت في الوقت ذاته في الفقرة الأخيرة من تلك المادة على أنه "وتبقى القوانين والمراسيم التي صدرت بناء على القوانين المشار إليها في هذه المادة سارية حتى تنظم أحكامها بالطريقة المنصوص عليها في هذا القانون". وهذا النص واضح الدلالة على أن الشارع عنى بألا يحدث فراغ أو اضطراب في سير الدراسة أو نظم الامتحانات، فأبقى القوانين والمراسيم التي صدرت بناء على القوانين التي نص على إلغائها حتى تنظم أحكامها بالطريقة المنصوص عليها في هذا القانون. ومن هنا يبين أن التحدي بأن أداء امتحان الدور الثاني، على حسب النظام القديم، هو إحياء لنظام ألغي بمقتضى القانون الجديد - إن التحدي بذلك على إطلاقه في غير محله، والصحيح، بالتطبيق للفقرة المشار إليها، أن يبقى قائماً ونافذاً من النظم المترتبة على القوانين السابقة ما لم يتم إعادة تنظيمه بالطريقة المنصوص عليها في القانون الجديد. وغنى عن البيان، أن النظام الجديد للامتحان مرتبط ارتباطاً جوهرياً بالنظام الجديد للدراسة خلال السنة الدراسية، من حيث تقسيم الفصول وتقسيم المواد على فصلين، وبنظام الاختبارات من حيث تخصيص 20% من مجموع درجات الامتحان النهائي في كل مادة لما يحصل عليه الطالب في اختبار الفترات بالنسبة إلى طلاب السنة الثانية في العام الدراسي 1954/ 1955، مع أن الجامعة (كلية طب القاهرة) لم تنفذ ذلك تنفيذاً كاملاً لتعذره لأسباب علمية، كما تقول، ولذا لم يتهيأ للطلبة، والحالة هذه، وسائل الدراسة والاختبارات على نحو يمكنهم من أداء الامتحان بحسب النظام الجديد، مما لا مندوحة معه من معاملتهم بالنظام القديم للامتحان، والسماح لهم بأن يمتحنوا في دور ثان أياً كان عدد المواد التي رسبوا فيها.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون، متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بضم الطعن رقم 46 لسنة 2 القضائية للطعن رقم 45 لسنة 2 القضائية، وبقبول الطعنين شكلاً، وفي موضوعهما بالرفض.