أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 436

جلسة 27 من مارس سنة 1986

برياسة السيد المستشار: الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح وعوض جادو ومحمد نبيل رياض وصلاح عطية.

(89)
الطعن رقم 156 لسنة 56 القضائية

(1) مواد مخدرة. قانون "تفسيره". جريمة "أركانها". عقوبة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إدارة أو إعداد أو تهيئة المكان لتعاطي المخدرات في حكم الفقرة (د) من المادة 34 من القانون 182 لسنة 1960. إنما يكون بمقابل تقاضاه القائم عليه. مرتكبو هذه الجريمة يدخلون في عداد المتجرين بالمواد المخدرة.
جريمة تسهيل تعاطي المخدرات. بغير مقابل. عقوبتها أخف ويحكمها نص المادة 35 من القانون المذكور.
حكم الإدانة في جريمة إدارة وتهيئة مكان لتعاطي المخدرات. وجوب اشتماله على بيان إدارة المكان بمقابل يتقاضاه القائم عليه. وإلا كان قاصراً.
(2) تفتيش "التفتيش بدون إذن" "التفتيش الإداري". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". محال عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
متى يصبح المحل العام خاصاً يتمتع بحرمة المسكن؟
وجوب تحقق المحكمة من وقت حصول الضبط وما إذا كانت المقهى مفتوحة للجمهور أو مغلقة. للوقوف على صحة أو عدم صحة الدفع ببطلان القبض والتفتيش.
مثال في جريمة إعداد وإدارة وتهيئة مكان لتعاطي المخدرات.
1 - إن استقراء مواد القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها يفصح عن أن المشرع اختط خطة تهدف إلى التدرج في العقوبات تبعاً لخطورة الجريمة فنص في المادة 33 على عقوبة الإعدام لجريمة تصدير أو جلب جواهر مخدرة قبل الحصول على ترخيص بذلك وكذا إنتاج أو استخراج أو فصل أو صنع جوهر مخدر متى كان ذلك بقصد الاتجار وأعقب ذلك بالعقوبة في المادة 34 إلى الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة لجريمة أقل خطورة وهي الاتجار في المواد المخدرة وزراعة النباتات الواردة في الجدول رقم (5) المرفق بالقانون والاتجار فيها وكذا جريمة من رخص لهم في حيازة جواهر مخدرة لاستعمالها في أغراض معينة وتصرفوا فيها بأي صورة كانت في غير تلك الأغراض ثم ألحق بهذه الجرائم في الفقرة "د" من هذه المادة جريمة إدارة أو إعداد أو تهيئة مكان لتعاطي المخدرات وبعد ذلك عرضت المادة 35 لحالة تقديم جوهر مخدر للتعاطي بغير مقابل أو تسهيل تعاطيها وقدرت لها عقوبة أخف نوعاً وهي عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة - وهي المغايرة بين الفقرة "د" من المادة 34 وبين المادة 35 تدخل مرتكبي الجريمة الأولى في عداد المتجرين بالمواد المخدرة وتكشف عن أن إدارة أو إعداد أو تهيئة المكان في حكم الفقرة د من المادة 34 لتعاطي المخدرات إنما تكون بمقابل يتقاضاه القائم عليه، وهو ما يلزم عنه تخصيص مكان لتعاطي المخدرات، وهو الأمر المستفاد من منطق التأثيم في هذه الصورة من صور التسهيل للتعاطي بتغليظ العقاب على مرتكبها شأنهم في ذلك شأن المتجرين بالمواد المخدرة سواء بسواء، أما حيث يكون تسهيل تعاطي المخدرات بغير مقابل فتكون العقوبة الأخف المنصوص عليها في المادة 35 من القانون ذاته - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة إدارة وتهيئة مكان لتعاطي المخدرات وإذ كان الحكم بالإدانة في تلك الجريمة يجب لصحته أن يشتمل بذاته على بيان أن إدارة المكان بمقابل يتقاضاه القائم عليه حتى يمكن لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم وكان الحكم المطعون فيه - سواء في بيان واقعة الدعوى أو سرد أقوال الشاهد - قد خلا من ذكر هذا البيان فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يوجب نقضه والإحالة.
2 - لما كان من المقرر أن المحل العام يصبح خاصاً فيتمتع بحرمة المسكن في الأوقات التي يغلق فيها في وجه الجمهور - فإذا كان الثابت من الحكم أن الضابط شاهد مقهى الطاعن مضاءة في ساعة متأخرة من الليل فاقترب منها فشاهد دخاناً ينبعث منها يخالطه رائحة الحشيش فدخل المقهى فوجد الطاعن ممسكاً بنرجيلة نحاسية يمررها على الرواد - فإنه كان يقتضي على المحكمة أن تتحقق من وقت حصول الواقعة وما إذا كانت المقهى مفتوحة للجمهور أم مغلقة وكيفية دخول الضابط إليها وصولاً إلى التحقق من صحة أو عدم صحة الدفع من حيث الواقع والقانون معاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: (أولاً) حاز - وآخرون قضى ببراءتهم - بقصد التعاطي جوهراً مخدراً "حشيشاً" بدون تذكرة طبية وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. (ثانياً) أعد وأدار وهيأ مكاناً (مقهى) لتعاطي المخدرات. وأحالته إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 34/ د، 42/ 1، 47/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول المستبدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه خمسة آلاف جنيه والغلق وذلك عن التهمة الثانية وببراءته من التهمة الأولى. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إدارة وتهيئة مكان لتعاطي المخدرات قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك بأن الواقعة كما حصلها الحكم لا تشكل في صحيح القانون هذه الجريمة التي تتطلب أن يكون ذلك بمقابل يتقاضاه القائم عليه وهو ما قصر الحكم في ذكر بيانه ورد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش بما لا يصلح رداً. مما يعيبه ويوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "أنه بتاريخ 7/ 9/ 1981 أثناء مرور الرائد..... رئيس وحدة مباحث مركز كفر الشيخ بقرية سيدي غازي لتنفيذ إذن من النيابة العامة بتفتيش بعض الأشخاص لضبط ما يحوزونه ويحرزونه من أسلحة وذخائر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً شاهد مقهى المتهم..... ينبعث منها ضوءاً خافتاً في وقت متأخر من الليل فاقترب من الباب لاستطلاع الأمر فشاهد دخاناً ينبعث منها يخالطه رائحة احتراق الحشيش وبدخوله إليها وجد المتهم ممسكاً بنرجيلة نحاسية ويقوم بتمريرها على الرواد المتواجدين كما وجد منضدة خشبية عليها قطعة من الخشب مثبت على 23 حجر منها إحدى عشر حجراً يعلوها المعسل وقطعة من مادة الحشيش وأربعة أحجار أخرى بها أثار بقايا معسل محترق وثمانية فارعة فتحفظ على المضبوطات وضبط المتهم والمتواجدين بالمقهى وقت الضبط واتخذ حيالهم الإجراءات القانونية" وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال الرائد.... ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي. لما كان ذلك وكان استقراء مواد القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها يفصح عن أن المشرع اختط خطة تهدف إلى التدرج في العقوبات تبعاً لخطورة الجريمة فنص في المادة 33 على عقوبة الإعدام لجريمة تصدير أو جلب جواهر مخدرة قبل الحصول على ترخيص بذلك وكذا إنتاج أو استخراج أو فصل أو صنع جوهر مخدر متى كان ذلك بقصد الاتجار وأعقب ذلك بالعقوبة في المادة 34 إلى الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة لجريمة أقل خطورة وهي الاتجار في المواد المخدرة وزراعة النباتات الواردة في الجدول رقم (5) المرفق بالقانون والاتجار فيها وكذا جريمة من رخص لهم في حيازة جواهر مخدرة لاستعمالها في أغراض معينة وتصرفوا فيها بأي صورة كانت في غير تلك الأغراض ثم ألحق بهذه الجرائم في الفقرة "د" من هذه المادة جريمة إدارة أو إعداد أو تهيئة مكان لتعاطي المخدرات وبعد ذلك عرضت المادة 35 لحالة تقديم جوهر مخدر للتعاطي بغير مقابل أو تسهيل تعاطيها وقدرت لها عقوبة أخف نوعاً وهي عقوبة الأشغال المؤبدة - وهذه المغايرة بين الفقرة "د" من المادة 34 وبين المادة 35 تدخل مرتكبي الجريمة الأولى في عداد المتجرين بالمواد المخدرة وتكشف عن أن إدارة أو إعداد أو تهيئة المكان في حكم الفقرة د من المادة 34 لتعاطي المخدرات إنما تكون بمقابل يتقاضاه القائم عليه، وهو ما يلزم عنه تخصيص مكان لتعاطي المخدرات، وهو الأمر المستفاد من منطق التأثيم في هذه الصورة من صور التسهيل للتعاطي بتغليظ العقاب على مرتكبها شأنهم في ذلك شأن المتجرين بالمواد المخدرة سواء بسواء، أما حيث يكون تسهيل تعاطي المخدرات بغير مقابل فتكون العقوبة الأخف المنصوص عليها في المادة 35 من القانون ذاته - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة إدارة وتهيئة مكان لتعاطي المخدرات وإذ كان الحكم بالإدانة في تلك الجريمة يجب لصحته أن يشتمل بذاته على بيان أن إدارة المكان بمقابل يتقاضاه القائم عليه حتى يمكن لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم وكان الحكم المطعون فيه - سواء في بيان واقعة الدعوى أو سرد أقوال الشاهد - قد خلا من ذكر هذا البيان فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يوجب نقضه والإحالة. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه رد على دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش بأن "لرجال السلطة العامة في دوائر اختصاصاتهم دخول المحال العامة أو المفتوحة للجمهور لمراقبة القوانين واللوائح وهو إجراء إداري أكدته المادة 41 من القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة وأن لمأمور الضبط القضائي أن يضبط ما تدركه حواسه لأول وهلة من جرائم وهو ما توافر في هذه الدعوى لأن الرائد..... شاهد المقهى مضاء في وقت متأخر من الليل دخل إليه لاستطلاع الأمر بموجب حقه المخول قانوناً وشاهد الأول وهلة أن المقهى أعدت وهيأت لتعاطي المخدرات". في حين أنه من المقرر أن المحل العام يصبح خاصاً فيتمتع بحرمة المسكن في الأوقات التي يغلق فيها في وجه الجمهور - فإذا كان الثابت من الحكم أن الضابط شاهد مقهى الطاعن مضاءة في ساعة متأخرة من الليل فاقترب منها فشاهد دخاناً ينبعث منها يخالطه رائحة الحشيش فدخل المقهى فوجد الطاعن ممسكاً بنرجيلة نحاسية يمررها على الرواد - فإنه كان يقتضي على المحكمة أن تتحقق من وقت حصول الواقعة وما إذا كانت المقهى مفتوحة للجمهور أم مغلقة وكيفية دخول الضابط إليها وصولاً إلى التحقق من صحة أو عدم صحة الدفع من حيث الواقع والقانون معاً.