أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 747

جلسة 26 من مايو سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جرجس اسحق نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، أحمد مكي ومحمد وليد النصر.

(159)
الطعن رقم 1984 لسنة 53 القضائية

(1) تزوير "دعوى التزوير الأصلية" "الادعاء بالتزوير" - دعوى "وقف الدعوى" استئناف "وقف الاستئناف". قوة الأمر المقضي.
دعوى التزوير الأصلية والادعاء الفرعي بالتزوير. الالتجاء إلى كل منها - مناطه. قيام الخصومة في مرحلة الاستئناف وتوقف الفصل فيها على الفصل في الادعاء بالتزوير ضد آخرين ممن يفيدون من المحرر ولا يجوز اختصامهم لأول مرة في هذه المرحلة. مؤداه. وجوب الالتجاء إلى دعوى التزوير الأصلية مع وقف نظر الاستئناف حتى يفصل فيها بحكم تكون له قوة الأمر المقضي.
2 - بيع "دعوى صحة التعاقد".
دعوى صحة التعاقد. ماهيتها. إجابة المشتري إلى طلبه فيها شرطها أن يكون انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر في الدعوى ممكنين.
1 - لئن كانت المادة 59 من قانون الإثبات تنص على أنه "يجوز لمن يخشى الاحتجاج عليه بمحرر مزور أن يختصم من بيده ذلك المحرر ومن يفيدون منه - لسماع الحكم بتزويره، ويكون ذلك بدعوى أصلية ترفع بالأوضاع المعتادة "وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن الالتجاء إلى دعوى التزوير الأصلية طبقاً لهذا النص لا يكون إلا إذا لم يحصل بعد الاحتجاج بالورقة المدعى بتزويرها في نزاع قائم أمام القضاء، وأنه إذا احتج بهذه الورقة في نزاع مرفوع بشأنه دعوى "فإنه يتعين على من احتج عليه بتلك الورقة إن ادعى أنها مزورة أن تسلك طريق الادعاء الفرعي بالتزوير الذي رسمه قانون الإثبات في المواد من 49 إلى 58 منه إلا إذ لا يعدو هذا الادعاء أن يكون وجهاً من وجوه الدفاع في موضوع الدعوى تختص بتحقيقه والفصل فيه المحكمة المختصة بالفصل في هذا الموضوع دون غيرها "إلا أن مناط ذلك أن يكون سائر من يفيدون من المحرر مختصمين في هذه الدعوى أو يجوز اختصامهم فيها، فإذا كانت الخصومة قائمة في مرحلة الاستئناف، وكان الفصل فيها يتوقف على الفصل في الادعاء بالتزوير ضد آخرين ممن يفيدون من المحرر ولا يجوز اختصامهم لأول مرة في هذه المرحلة وجب الالتجاء إلى دعوى التزوير الأصلية ضد هؤلاء وأولئك، مع وقف نظر الاستئناف حتى يفصل في هذه المسألة الأولية بحكم تكون له قوة الأمر المقضي.
2 - المقصود بدعوى صحة التعاقد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية فلا يجاب المشتري إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية وتسجيل الحكم الذي يصدره له الدعوى ممكنين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى 7422 سنة 1978 مدني كلي جنوب القاهرة على الشركة الطاعنة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 8/ 6/ 1950 المتضمن بيعها له قطعة الأرض الفضاء المبينة بالعقد والصحيفة مقابل ثمن مدفوع قدره 11373.241 ج مع التسليم، وذلك قولاً منه بأن الشركة تقاعست عن الوفاء بالتزامها بنقل الملكية ولم تقيم بتسليمه الأرض المبيعة. ومحكمة أول درجة حكمت في 24/ 2/ 1979 بالطلبات. استأنفت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بالاستئناف 1797 سنة 96 ق القاهرة تأسيساً على أنها قامت بتجزئة تلك الأرض إلى ست قطع باعتها لآخرين، بعقود تم تسجيل خمسة منها وتقديم طلب لشهر التصرف السادس وذلك قبل رفع الدعوى، وأن هذه البيوع وتلك التجزئة تمت بناء على طلب وكيل عن المشتري (المطعون ضده) بموجب صورة رسمية من توكيل رسمي عام موثق برقم 27 سنة 1965 كفر الدوار. وبتاريخ 28/ 5/ 1979 اتخذ المطعون ضده إجراءات الادعاء بتزوير هذا التوكيل. ومحكمة الاستئناف حكمت في 27/ 12/ 1979 بندب خبير لتحقيق هذا الادعاء، وبعد أن قدم الخبير تقريره وثبت منه أن اسم المطعون ضده استبدل بطريق المحو باسم.... الموكلة في الصورة الرسمية للتوكيل المشار إليها - قضت في 17/ 4/ 1983 برد وبطلان هذه الصورة، وفي 15/ 6/ 1983 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة في هذين الحكمين والحكم السابق عليهما بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضده أقام دعوى أخرى برقم 3426 سنة 1979 مدني كلي جنوب القاهرة - عليها وعلى الذين تم التنازل لهم عن حقوق المطعون ضده ومن باعت لهم أرض النزاع بناء على التوكيل المدعى بتزويره - وطلب في تلك الدعوى الحكم بتزوير هذا التوكيل وبطلان عقود البيع التي بنيت عليه ومحو تسجيلاتها - ولم يفصل فيها بعد، كما تمسكت بعدم قبول الدعوى لخروج معظم الأرض المبيعة من ملكها بموجب العقود المشار إليها واستحالة تنفيذ التزامها بنقل الملكية للمطعون ضده تبعاً لذلك، وإذ رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وفصل في موضع الادعاء بالتزوير ثم في موضوع الاستئناف قبل الفصل في تلك الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كانت المادة 59 من قانون الإثبات تنص على أنه "يجوز لمن يخشى الاحتجاج عليه بمحرر مزور أن يختصم من بيده ذلك المحرر ومن يفيدون منه - لسماع الحكم بتزويره، ويكون ذلك بدعوى أصلية ترفع بالأوضاع المعتادة". وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الالتجاء إلى دعوى التزوير الأصلية طبقاً لهذا النص لا يكون إلا إذا لم يحصل بعد الاحتجاج بالورقة المدعى بتزويرها في نزاع قائم أمام القضاء، وأنه إذا احتج بهذه الورقة في نزاع مرفوع بشأنه دعوى فإنه يتعين على من احتج عليه بتلك الورقة إن ادعى أنها مزورة أن يسلك طريق الادعاء الفرعي بالتزوير الذي رسمه قانون الإثبات في المواد من 49 إلى 58 منه إذ لا يعدو هذا الادعاء أن يكون وجهاً من وجوه الدفاع في موضوع الدعوى تختص بتحقيقه والفصل فيه المحكمة المختصة بالفصل في هذا الموضوع دون غيرها، إلا أن مناط ذلك أن يكون سائر من يفيدون من المحرر مختصمين في هذه الدعوى أو يجوز اختصامهم فيها، فإذا كانت الخصومة قائمة في مرحلة الاستئناف، وكان الفصل فيها يتوقف على الفصل في الإدعاء بالتزوير ضد آخرين ممن يفيدون من المحرر ولا يجوز اختصامهم لأول مرة في هذه المرحلة وجب الالتجاء إلى دعوى التزوير الأصلية ضد هؤلاء وأولئك، مع وقف نظر الاستئناف حتى يفصل في هذه المسألة الأولية بحكم تكون له قوة الأمر المقضي، لما كان ذلك، وكان المقصود بدعوى صحة التعاقد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية، فلا يجاب المشتري إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية وتسجيل الحكم الذي يصدر له في الدعوى ممكنين، وكان الثابت من الأوراق أن الشركة الطاعنة تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضده أقام في 12/ 4/ 1979 الدعوى 3426 سنة 79 مدني كلي جنوب القاهرة وعليها وعلى من انتحل صفة الوكالة عنه في حوالة حقوقه إلى آخرين بموجب التوكيل المزور وعلى هؤلاء ومن بيعت لهم أرض النزاع بناء على هذا التوكيل، وطلب في تلك الدعوى الحكم بتزوير التوكيل وبطلان هذه البيوع ومحو تسجيلاتها، وقدمت الشركة صورة صحيفة تلك الدعوى، لما كان ما تقدم، وكان الفصل من محكمة الاستئناف في الطلب المطروح عليها بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر للمطعون ضده على أرض النزاع - أياً كان تاريخه - يتوقف على الفصل في الدعوى 3426 سنة 1979 مدني كلي جنوب القاهرة بما تضمنته من الادعاء بتزوير التوكيل المطعون عليه وما يترتب على ثبوت هذا التزوير أو انتفائه من انعدام أو انعقاد الحوالة التي تمت بناء عليه، وتخلف أو توافر ركن السبب في التصرفات التي بنيت عليها مما كان يستوجب وقف نظر الاستئناف حتى يفصل في هذه المسألة الأولية، وإذ كانت الأحكام المطعون فيها قد خالفت هذا النظر فإنها تكون قد خالف القانون بما يوجب نقضها دون حاجة لمناقشة باقي أسباب الطعن.