أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 445

جلسة أول إبريل سنة 1986

برياسة السيد المستشار: محمد عبد الرحيم نافع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمود البارودي ومحمد أحمد حسن ومحمود رضوان والسيد عبد المجيد العشري.

(91)
الطعن رقم 1742 لسنة 56 القضائية

(1) تزوير "تزوير في أوراق رسمية". محكمة النقض "سلطتها في نظر الطعن". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حق محكمة النقض أن تفصل في الطعن على ما تراه متفقاً وحقيقة العيب الذي شاب الحكم.
وصف الحكم المطعون فيه الطاعن مرة بأنه شريك في جريمة تزوير وأخرى بأنه فاعل أصلي. تناقض وتخاذل يعيب الحكم.
(2) تزوير "استعمال محرر مزور". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
مجرد التمسك بالورقة المزورة لا يكفي في ثبوت العلم بتزويرها ما دام الحكم لم يقم الدليل على مقارفة الطاعن للتزوير أو اشتراكه فيه.
1 - لما كان من المقرر أن لمحكمة النقض أن تفصل في الطعن على ما تراه متفقاً وحقيقية العيب الذي شاب الحكم متى اتسع له وجه الطعن، وكان هذا الذي أورده الحكم إذ يصف الطاعن تارة بأنه شريك في جريمة التزوير وتارة أخرى بأنه فاعل أصلي إنما يصم الحكم بالتناقض والتخاذل الذي ينبئ عن أن عناصر الواقعة لم تكن مستقرة في ذهن المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة مما يستحيل معه التعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى ويعجز - بالتالي - محكمة النقض عن أن تراقب صحة تطبيق القانون على حقيقة الواقعة، وهو ما يتسع له الطعن. ولا يشفع في ذلك أن العقوبة المقضى بها تدخل في الحدود المقررة لجريمة استعمال الأوراق المزورة التي دين بها الطاعن أيضاً إذ أن الطاعن ينازع - في أسباب الطعن - في الواقعة بأكملها.
2 - من المقرر أن مجرد التمسك بالورقة - المزورة لا يكفي في ثبوت العلم بتزويرها ما دام الحكم لم يقم الدليل على مقارفة الطاعن للتزوير أو اشتراكه فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: (أولاً): - اشترك مع آخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محررات رسمية هي الكشوف الرسمية الخمس (124 أموال) المضبوطة والمؤرخة 30 سبتمبر سنة 1980 والمنسوب صدورها لمأمورية الضرائب العقارية...... وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن اتفق معه على تزوير تلك الكشوف وساعده على ذلك بأن أمده بالبيانات المطلوب إثباتها بها على خلاف الحقيقة فقام ذلك المجهول بملئها ومهرها بتوقيعات نسبها زوراً إلى المختصين بتلك المأمورية وبصمها بخاتم مزور على تلك الجهة توصلاً لإثبات سداده للمبالغ المحجوز بها عليه ووقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة (ثانياً): - استعمل المحررات المزورة آنفة الذكر بأن قدمها لمحكمة..... الابتدائية تدليلاً على أنه قام بالوفاء بالمبالغ المحجوز من أجلها مع علمه بتزويرها. وأمرت بإحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 206/ 2 - 3، 211، 212، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن التهمتين.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمتي الاشتراك في تزوير في محررات رسمية واستعمالها مع علمه بتزويرها فقد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه دانه رغم أن التزوير مفضوح ظاهر بالعين المجردة فيخرج بالتالي عن نطاق التأثيم، كما أن الطاعن كان مقيد الحرية منذ فترة سابقة على تقديم محاميه المستندات المزورة إلى المحكمة ومن ثم فلا صلة له بجريمة الاستعمال. وفضلاً عن ذلك، فقد تمسك الطاعن بهذين الأمرين غير أن الحكم لم يعرض لهما إيراداً ورداً. وفي ذلك ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أنه أثناء محاكمة الطاعن أمام محكمة الجنح المستأنفة قدم المدافع عنه خمس مخالصات منسوب صدورها من مأمورية الضرائب العقارية غير أنه تبين أنها مزورة. وبعد أن ساق الحكم الأدلة التي صحت لدى المحكمة خلص إلى القول بأنه بالنظر إلى ما تبين من عدم إلمام الطاعن بالكتابة فإنه يكون قد ثبت لدى المحكمة اشتراكه في جريمة تزوير المخالصات، ثم عاد الحكم في موضع آخر منه يصف الطاعن بأنه فاعل أصلي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة النقض أن تفصل في الطعن على ما تراه متفقاً وحقيقية العيب الذي شاب الحكم متى اتسع له وجه الطعن، وكان هذا الذي أورده الحكم على الصورة المتقدمة إذ يصف الطاعن تارة بأنه شريك في جريمة التزوير وتارة أخرى بأنه فاعل أصلي إنما يصم الحكم بالتناقض والتخاذل الذي ينبئ عن أن عناصر الواقعة لم تكن مستقرة في ذهن المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة مما يستحيل معه التعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى ويعجز - بالتالي - محكمة النقض عن أن تراقب صحة تطبيق القانون على حقيقة الواقعة، وهو ما يتسع له الطعن. ولا يشفع في ذلك أن العقوبة المقضى بها تدخل في الحدود المقررة لجريمة استعمال الأوراق المزورة التي دين بها الطاعن أيضاً إذ أنه بالإضافة إلى أن الطاعن ينازع - في أسباب الطعن في الواقعة بأكملها، فإنه من المقرر أن مجرد التمسك بالورقة المزورة لا يكفي في ثبوت العلم بتزويرها ما دام الحكم لم يقم الدليل على مقارفة الطاعن للتزوير أو اشتراكه فيه. هذا فضلاً عن أن العوار الذي شاب الحكم، حسبما سلف، قد أصابه في ذاته بما لا تجد معه محكمة النقض مجالاً لتبين مدى سلامة الحكم من فساده. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة.