أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 453

جلسة 3 من إبريل سنة 1986

برياسة السيد المستشار: الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح وعوض جادو ومحمد نبيل رياض وصلاح عطية.

(93)
الطعن رقم 150 لسنة 56 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. عدم تقديمها".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) نيابة عامة. إعدام. نقض "ميعاده".
قبول عرض النيابة لقضايا الإعدام. ولو تجاوزت الميعاد المقرر في القانون. علة ذلك؟
وظيفة محكمة النقض بشأن الأحكام الصادرة حضورياً بالإعدام؟
(3) قتل عمد. قصد جنائي. سبق إصرار، محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
قصد القتل. أمر خفي. استخلاصه. موضوعي.
(4) قتل عمد. قصد جنائي. سبق إصرار. إثبات "بوجه عام".
البحث في توافر سبق الإصرار. موضوعي. ما دام سائغاً.
(5) قتل عمد "اقتران". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". عقوبة.
عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات. يكفي لتطبيقها. ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها. وقيام المصاحبة الزمنية بينهما.
المصاحبة الزمنية. مقتضاها؟ تقدير تحققها. موضوعي.
(6) عقوبة "تطبيقها". إعدام. إثبات "أوراق رسمية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ثبوت أن سن المتهم وقت ارتكاب الجريمة جاوز الثماني عشرة سنة ميلادية. يوجب الحكم عليه بالعقوبة المقررة بمواد الاتهام الخاصة بتلك الجرائم وليس بتلك المقررة بالمادة 15 من القانون 31 لسنة 1974.
(7) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "اعتراف". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير جائز.
(8) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
الأخذ بقول متهم. دليلاً على آخر. صحيح في القانون.
التعويل على اعتراف المتهم. في أي دور من أدوار التحقيق. ولو عدل عنه مرجعه إلى محكمة الموضوع.
(9) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقوبة. إعدام. قتل عمد. سرقة.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
(10) مسئولية جنائية "الإعفاء منها". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب طبقاً للمادة 48 عقوبات. ما لم يدفع به أمامها.
(11) مسئولية جنائية "الإعفاء منها". قتل عمد. قانون "تفسيره".
الاعتراف الذي يؤدي إلى الإعفاء من المسئولية وفق نص المادة 48 عقوبات. شرطه؟
مثال لانتفاء حق المتهم من الانتفاع بالإعفاء من العقوبة طبقاً للمادة 48 عقوبات.
1 - لما كان المحكوم عليه..... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكوناً معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - إن النيابة العامة ولئن كانت قد عرضت هذه القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون وطلبت إقرار الحكم إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، ذلك لأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحاً إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم حضورياً، وعلى أي الأحوال فإن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاً للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين - من تلقاء نفسها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من أخطاء أو عيوب سواء قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها أو لم تقدم، وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده. ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
3 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
4 - من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من اطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافى عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
5 - يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتمييزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع.
6 - لما كان الثابت من الاطلاع على البطاقة الشخصية للمحكوم عليه الأول...... المرفقة بالمفردات المضمومة أنه من مواليد الأول من يوليو سنة 1966 أي أن سنه قد جاوز الثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجرائم المسندة إليه بتاريخ 14 من سبتمبر سنة 1984. ومن ثم فإن العقوبات التي يحكم بها عليه هي المنصوص عليها بمواد الاتهام الخاصة بتلك الجرائم ومنها عقوبة الإعدام وليس العقوبات الواردة بالمادة 15 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث، وكان الحكم المعروض قد أوقع عليه عقوبة الإعدام المبينة بالمادة 234 عقوبات التي دانه بها مع باقي المواد الأخرى، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
7 - لما كان ما أثاره المحكوم عليه...... بمحضر الشرطة المؤرخ..... وبالمذكرة المقدمة منه بتاريخ..... والإقرار المنسوب إلى المحكوم عليه الثاني من أن اعتراف الأول كان وليد إكراه مادي وقع عليه من الثاني وأن الأخير هو الذي طعن المجني عليها الأولى بالمطواة بما تتناقض مع اعترافه، إنما هو أمر تال لصدور الحكم المعروض وغير موجه لقضائه ولا يتصل به، وكان المحكوم عليه الأول أو المدافع عنه لم يثر أيهما أمام محكمة الموضوع أي دفاع بشأن هذا الاعتراف، وعلى العكس فقد اعترف بمحضري جلسة المحاكمة المؤرخين.....، ...... - في حضور المدافع عنه - بارتكابه للجرائم المسندة إليه، ومن ثم فلا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحقق أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها، كما أن لها أن تعول في تكوين معتقدها على قول متهم آخر متى اطمأنت إليها وأن لها أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه.
9 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين المحكوم عليه الأول بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع أراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة العامة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه...
10 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها، فإذا لم يتمسك أمام المحكمة بقيام سبب من تلك الأسباب فلا يكون له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عن ذلك وليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض.
11 - من المقرر أنه يشترط في الاعتراف الذي يؤدي إلى إعفاء المتهم من العقوبة وفقاً لنص المادة 48 من قانون العقوبات أن يكون حاصلاً لدى جهة الحكم حتى تتحقق فائدته، فإذا حصل الاعتراف لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة فلا يمكن أن ينتج الإعفاء، وإذ كان الثابت بالحكم ومحضر الجلسة أن الطاعن أنكر الاتهام المسند إليه أمام المحكمة ولم يعترف به فإن الحكم لا يكون مخطئاً إذا لم يعمل في حقه الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 سالفة الذكر بالإضافة إلى ما تقدم فإن الفقرة الأخيرة من تلك المادة - لكي يستفيد الجناة من الإعفاء من العقاب - توجب المبادرة بإخبار الحكومة بوجود الاتفاق الجنائي وبمن اشتركوا فيه قبل وقوع أية جناية أو جنحة وقبل بحث وتفتيش الحكومة عن الجناة المشتركين في الاتفاق، فإذا حصل الإخبار بعد البحث والتفتيش تعين أن يوصل الإخبار فعلاً إلى ضبط الجناة الآخرين، وكان الثابت من مطالعة المفردات المضمومة أنه تم ضبط المتهم الأول..... بدون ثمة إخبار من جانب الطاعن، وأن إقرار الأخير بالجريمة بتحقيق النيابة حدث بعد ضبطه وبعد أن وقعت الجريمة ولم يكن من شأنه تمكين السلطات من التوصل فعلاً إلى ضبط المتهم الآخر. ومن ثم فلا محل لما قاله الطاعن من حقه في الانتفاع بالإعفاء المقرر في المادة 48 من قانون العقوبات لعدم توافر مسوغاته التي قررها القانون ويكون نعيه على الحكم في هذا الخصوص غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين أنهما: قتلا عمداً ومع سبق الإصرار.... بأن بيتا النية على قتلها وأعدا لذلك سلاحاً حاداً (مطواة قرن غزال) وقطعة من الحبال وتوجها إليها بمسكنهما وما إن ظفرا بها قام المتهم الثاني بالإمساك بها وكم فاها فشلت مقاومتها وتعدى عليها المتهم الأول بطعنها بالسلاح سالف الذكر وضربها بقطعة حديدية قاصدين من ذلك إزهاق روحها فحدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين أخريين هما أنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر. (أولاً): قتلا عمداً..... بأن قام المتهم الثاني بالإمساك به وشل مقاومته وكم فاه وتعدى عليه المتهم الأول بطعنه بالمطواة المنوه عنها بالجريمة الأولى عدة طعنات قاصدين من ذلك إزهاق روحه فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (ثانياً): سرقا القرط الذهبي ومبلغ النقود المبينة قدراً وقيمة بالتحقيقات المملوكة للمجني عليها الأولى وكان ذلك ليلاً حالة كون المتهم الأول يحمل سلاحاً ظاهراً (مطواة قرن غزال). وأحالتهما إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء إحالة أوراق المتهم الأول..... إلى فضيلة مفتي الجمهورية وحددت جلسة....... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت تلك المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 2، 3، 317/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32، 30 من ذات القانون والمادة 17 منه بالنسبة للمتهم الثاني. (أولاً): - بمعاقبة المتهم الأول بالإعدام شنقاً عما أسند إليه. (ثانياً): - بمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه ومصادرة الآلات المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ كما عرضت النيابة العامة القضية على هذه المحكمة بمذكرة مشفوعة برأيها وطلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المتهم الأول.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه...... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن النيابة العامة ولئن كانت قد عرضت هذه القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون وطلبت إقرار الحكم إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، ذلك لأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحاً إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم حضورياً، وعلى أي الأحوال فإن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاً للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين - من تلقاء نفسها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من أخطاء أو عيوب سواء قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها أو لم تقدم، وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده. ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "نظراً لحاجة المتهمين..... و..... إلى المال ورغبتهما في الحصول عليه وبدلاً من البحث عن طريق شريف يمكنهما من بلوغ مقصدهما فقد سلكا طريق الغواية والشر وبدأت محاور فكرهما تتلمس المال أنى يكون حتى ولو عن طريق الغدر والفتك بالأبرياء وسفك الدماء، فانعقد تفكيرهما واستقر رأيهما على ذلك وانتويا إزهاق روح المجني عليها...... خالة المتهم الأول المقيمة بمفردها بشارع الخضيري المتفرع من شارع البلدية ببلبيس والتي تستضيف معها الطفلين..... وشقيقته...... أولاد ابنتها، حتى يتمكنا من سرقة ما لديها من نقود أو مصاغ تتحلى به فبيتا النية على قتلها وعقدا العزم على ذلك في هدوء وروية وأعدا العدة لتنفيذ ما عقدا العزم عليه من إعداد أداة قاتلة تتمثل في آلة صلبة حادة "مطواة" ورسما خطة التنفيذ فسلم المتهم الأول..... المطواة في اليوم السابق على الحادث للمتهم الثاني..... لسنها حتى تحدث القتل على الفور، واتفقا على تنفيذ مخططهما الإجرامي مساء يوم الخميس السابق على يوم الحادث بعد العاشرة مساء حتى يكون الطفلان قد استغرقا في نومهما - وفي حوالي الساعة الثالثة والنصف فجر يوم الحادث..... توجه المتهم الأول إلى المتهم الثاني في مسكنه وأيقظه من نومه واصطحبه معه لتنفيذ ما عقدا العزم عليه وفي الطريق أخذ المتهم الأول المطواة بعد سنها من المتهم الثاني كما أعد المتهم الأول أيضاً حبلاً أحضره معه للاستعانة به في تنفيذ جريمتهما. وأثناء سيرهما في الطريق إلى حيث تقيم المجني عليها حذر المتهم الأول المتهم الثاني من لمس أي شيء بمسكن المجني عليها أو الإمساك به حتى لا يترك أثراً. وما أن وصلا مسكن المجني عليها حتى طرق المتهم الأول الباب ففتحت له المجني عليها ورحبت به وبضيفه وأكرمت وفادتهما وجهزت لهما مشروب الشاي وأثناء ذلك غافلها المتهم الثاني وأمسك بها لشل حركتها وفاجأها المتهم الأول بتسديد عدة طعنات لها بالمطواة التي أعدها لذلك وبعد أن سقطت على الأرض انهال عليها بقطعة من الحديد عثر عليها بمسكنها قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها في الحال وحولتها إلى جثة هامدة. وأثناء تنفيذهما لجريمتهما الشنعاء استيقظ الطفل البريء...... من نومه فلفت المتهم الثاني نظر المتهم الأول إلى وجوب التخلص من هذا الطفل خوفاً من افتضاح أمرهما على يديه، فناداه المتهم الأول وما أن أقبل عليه الطفل البريء حتى أجلسه بجواره على الكنبة وأسرع المتهم الثاني بالإمساك به وانهال عليه طعناً بالمطواة سالفة الذكر قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته في الحال. وبعد أن فرغ المتهمان من قتل المجني عليها وحفيدها قام المتهم الأول بالاستيلاء على قرط المجني عليها الذهبي من أذنيها بقطعة بواسطة المطواة كما استولى على كيس نقودها وفرا هاربين من مكان الحادث حاملين أدوات الجريمة والمسروقات حيث تم التخلص من المطواة بإلقائها في مجرى مياه وقطعة الحديد في بئر ساقية، وأسرعا إلى مسكن المتهم الأول حيث قاما بغسل ملابسهما مما علق بها من دماء المجني عليهما ولم يستطيعا التخلص من تلك المياه خوف افتضاح أمر جريمتهما بواسطة الجيران فبقيت كما هي - ثم توجها إلى فاقوس حيث تقيم شقيقة المتهم الأول وقام المتهم الأول بتسليم والدته القرط الذهبي وطلب منها بيعه بعد أن أخبرها بأنهما عثرا عليه، فباعته للمدعو........ الصائغ بفاقوس وسلمته الثمن وقد دلت تحريات المباحث على المتهمين هما مرتكبا الحادث وبمواجهتهما بما أسفرت عنه التحريات أقرا بارتكابهما للحادث وأرشدا عن مكان إخفائهما للأدوات التي استخدمت في ارتكاب الحادث حيث تم ضبطهما كما أرشدا عن المياه المتخلفة عن غسيل ملابسهما وتم ضبطهما كما أقرا بتسليم القرط المسروق لوالدة المتهم الأول بفاقوس لبيعه وتم ضبطه بإرشادها لدى المدعو...... أحد تجار المصوغات بفاقوس". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق المتهمين أدلة مستمدة من أقوال العقيد...... وكيل مباحث مديرية أمن الشرقية و..... و.... بتحقيقات النيابة العامة وما أقر به المتهمان بتلك التحقيقات وما اعترف به المتهم الأول بجلسة المحاكمة بتاريخ...... ومن ضبط الأدوات المستخدمة في ارتكاب الحادث ومن تصوير الصفة التشريحية لجثتي المجني عليهما، وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما تبين من الاطلاع على المفردات، وقد استظهر الحكم نية القتل في حق المحكوم عليهما وتوافر سبق الإصرار لديهما في قوله "..... أن المحكمة ترى أن نية القتل ثابتة في حق المتهمين ثبوتاً لا ريب فيه من معاناتهما من ضائقة مالية ورغبتهما الشديدة في الحصول على المال بقتل المجني عليها...... والاستيلاء على ما لديها من نقود وما تتحلى به من مصاغ وإعدادهما لذلك آلة صلبة حادة (مطواة) تم سنها مسبقاً لتحدث القتل في الحال ومن التوقيت الذي اختير لارتكاب الحادث ومفاجأتهما المجني عليها وتسديد العديد من الطعنات إلى مواضع متفرقة من جسدهما وفي مقتل فنفذ من الطعنات ثمانية إلى التجويف الصدري وسجل تقرير الصفة التشريحية خطورة تلك الإصابات وجسامتها وأنها في مقتل، ومواصلة التعدي عليها بقطعة من الحديد حتى فاضت روحها إلى بارئها. كما أن هذه النية ثابتة في حق المتهمين أيضاً بالنسبة لقتل المجني عليه...... حيث قررا التخلص منه والإجهاز عليه فور استيقاظه من النوم خوفاً من افتضاح أمرهما على يديه وذلك ثابت من إقرارهما بتحقيقات النيابة العامة ومن اعتراف المتهم الأول أمام المحكمة ومن تعدد الطعنات التي سددت إلى جسده وفي مقتل منه فنفذ معظمها إلى العنق والصدر والبطن وسجل تقرير الصفة التشريحية خطورة تلك الإصابات وجسامتها فأحدثت به الإصابات التي أودت بحياته في الحال. وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فثابت أيضاً من إقرار المتهمين بتحقيقات النيابة العامة واعتراف المتهم الأول بجلسة المحاكمة من أنهما فكرا وانتويا وخططا ودبرا وجهزا آلة صلبه حادة (مطواة) وقام المتهم الثاني بسنها قبل الحادث بيوم حتى تحدث القتل على الفور وتخيرا وقتاً متأخراً من الليل لمفاجأة المجني عليها وحتى لا تجد من تستغيث به وما أن ظفرا بالمجني عليها حتى أمسك بها المتهم الثاني وانهال عليها المتهم الأول طعناً بالمطواة..." كما دلل الحكم على توافر ظرف الاقتران الوارد في الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات بقوله: "وحيث إنه عن ظرف الاقتران فقد ثبت من التعاصر الزمني بين قتل المجني عليها..... وجناية قتل الطفل..... ثم خلص الحكم إلى إدانة المتهمين لارتكابهما جناية قتل المجني عليها الأولى...... عمداً مع سبق الإصرار مقترنة بجناية قتل المجني عليه الثاني...... عمداً وبقصد تسهيل ارتكاب جنحة سرقة نقود وحلي المجني عليها الأولى وأنزل عليهما العقاب بالمواد 230، 231، 234/ 2، 3، 317/ 1 من قانون العقوبات وبعد إعمال نص المادة 32 من ذلك القانون. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمر خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من اطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافى مع ذلك الاستنتاج. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدى المحكوم عليهما، وفي الكشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حقهما وقد ساق لإثباتهما قبلهما من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققهما قانوناً،. وكان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتمييزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به توافر ظرف الاقتران كما هو معرف به في المادة 234 من قانون العقوبات، وأورد الأدلة السائغة على توافره فذلك حسبه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على البطاقة الشخصية للمحكوم عليه الأول....... المرفقة بالمفردات المضمومة أنه من مواليد..... أي أن سنه قد جاوز الثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجرائم المسندة إليه بتاريخ...... ومن ثم فإن العقوبات التي يحكم بها عليه هي المنصوص عليها بمواد الاتهام الخاصة بتلك الجرائم ومنها عقوبة الإعدام وليس العقوبات الواردة بالمادة 15 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث، وكان الحكم المعروض قد أوقع عليه عقوبة الإعدام المبينة بالمادة 234 عقوبات التي دانه بها مع باقي المواد الأخرى، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً. لما كان ذلك، وكان ما أثاره المحكوم عليه...... بمحضر الشرطة المؤرخ 5/ 8/ 1985 وبالمذكرة المقدمة منه بتاريخ 26/ 3/ 1986 والإقرار المنسوب إلى المحكوم عليه الثاني من أن اعتراف الأول كان وليد إكراه مادي وقع عليه من الثاني وأن الأخير هو الذي طعن المجني عليها الأولى بالمطواة بما تتناقض مع اعترافه، إنما هو أمر تال لصدور الحكم المعروض وغير موجه لقضائه ولا يتصل به، وكان المحكوم عليه الأول أو المدافع عنه لم يثر أيهما أمام محكمة الموضوع أي دفاع بشأن هذا الاعتراف، وعلى العكس فقد اعترف بمحضري جلسة المحاكمة المؤرخين......، ...... في حضور المدافع عنه - بارتكابه للجرائم المسندة إليه، ومن ثم فلا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى اعتراف المحكوم عليهما بتحقيق النيابة، واعتراف المحكوم عليه الأول بجلسة المحاكمة فهذا يكفي لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحقق أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها، كما أن لها أن تعول في تكوين معتقدها على قول متهم آخر متى اطمأنت إليها وأن لها أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه. لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين المحكوم عليه الأول بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة العامة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول....
ومن حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني..... استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والمقترنة بجناية قتل وكان القصد منها ارتكاب جريمة سرقة فقد أخطأ في تطبيق القانون كما شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم لم يعمل في حق الطاعن حكم الإعفاء المقرر بالمادة 48 من قانون العقوبات على الرغم من أنه أبلغ السلطات عن وقوع الجريمة وأرشد عن الأدوات المستعملة في ارتكابها وعن المتهم الأول وقد أثار هذا الدفاع الجوهري بجلسة المحاكمة ومع ذلك فإن الحكم أغفله ولم يرد عليه إيجاباً أو سلباً، مما يعيبه بما يوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من مطالعة دفاع الطاعن بجلسة المحاكمة أنه لم يتمسك بإعفائه من العقاب عملاً بالمادة 48 من قانون العقوبات، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها، فإذا لم يتمسك أمام المحكمة بقيام سبب من تلك الأسباب فلا يكون له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عن ذلك وليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض، هذا فضلاً عن أنه يشترط في الاعتراف الذي يؤدي إلى إعفاء المتهم من العقوبة وفقاً لنص المادة 48 من قانون العقوبات أن يكون حاصلاً لدى جهة الحكم حتى تتحقق فائدته، فإذا حصل الاعتراف لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة فلا يمكن أن ينتج الإعفاء، وإذ كان الثابت بالحكم ومحضر الجلسة أن الطاعن أنكر الاتهام المسند إليه أمام المحكمة ولم يعترف به فإن الحكم لا يكون مخطئاً إذا لم يعمل في حقه الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 سالفة الذكر بالإضافة إلى ما تقدم فإن الفقرة الأخيرة من تلك المادة - لكي يستفيد الجناة من الإعفاء من العقاب - توجب المبادرة بإخبار الحكومة بوجود الاتفاق الجنائي وبمن اشتركوا فيه قبل وقوع أية جناية أو جنحة وقبل بحث وتفتيش الحكومة عن الجناة المشتركين في الاتفاق، فإذا حصل الإخبار بعد البحث والتفتيش تعين أن يوصل الإخبار فعلاً إلى ضبط الجناة الآخرين، وكان الثابت من مطالعة المفردات المضمومة أنه تم ضبط المتهم الأول...... بدون ثمة إخبار من جانب الطاعن، وإن إقرار الأخير بالجريمة بتحقيق النيابة حدث بعد ضبطه وبعد أن وقعت الجريمة ولم يكن من شأنه تمكين السلطات من التوصل فعلاً إلى ضبط المتهم الآخر. ومن ثم فلا محل لما قاله الطاعن من حقه في الانتفاع بالإعفاء المقرر في المادة 48 من قانون العقوبات لعدم توافر مسوغاته التي قررها القانون ويكون نعيه على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق، فإن طعنه يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.