أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 768

جلسة 4 من يونيه سنة 1987

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة، الحسيني الكناني، محمد فؤاد شرباش ومحمد محمد طيطه.

(163)
الطعن رقم 675 سنة 53 القضائية

(1) حكم "الطعن في الحكم". نقض "الأحكام غير الجائز الطعن فيها".
الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بصفتها محكمة الدرجة الأولى. عدم جواز الطعن فيها بطريق النقض.
(2) استيلاء. إصلاح زراعي.
واضع اليد على الأراضي الزراعية المستولى عليها بقراري رئيس الجمهورية بالقانونين رقمي 85، 127 سنة 1961، استمراره في وضع يده عليها وزراعتها مقابل سبعة أمثال الضريبة لحين تسليمها للإصلاح الزراعي. عدم لزوم ثبوت ذلك بالكتابة أو بعقد إيجار مودع بالجمعية التعاونية الزراعية لقبول المنازعات الناشئة عن هذه العلاقة.
(3) دعوى "الصفة في الدعوى" "بطلان الإجراءات". نقض "السبب الجديد".
بطلان الإجراءات لانعدام صفة أحد الخصوم. غير متعلق بالنظام العام. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(4) حكم "حجية الحكم".
حجية الحكم. مناطها. وحدة الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين. تغير أحد الخصوم أو كلاهما. أثره. انحصار الحجية.
(5) ملكية. تسجيل.
الملكية في المواد العقارية، عدم انتقالها سواء بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير إلا بالتسجيل.
(6) إيجار "إيجار ملك الغير".
الإيجار الصادر من غير المالك أو ممن ليس له حق التعامل في منفعته. صحيح بين طرفيه. عدم نفاذه في حق المالك إلا بإجازته.
(7) نقض "أسباب الطعن" "السبب المجهل".
عدم بيان الطاعن في صحيفة الطعن العيب الذي يعزوه للحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه. نعي مجهل غير مقبول.
1 - مقتضى نص المادتين 248، 249 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطعن بطريق النقض يقتصر على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف والأحكام الانتهائية أياً كانت المحكمة التي أصدرتها إذا أصدرت على خلاف حكم سابق، أما الأحكام التي تصدر من المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة الدرجة الأولى، فإنه لا يجوز الطعن فيها بطريق النقض، وإنما يكون الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف سواء بتأييدها أو بإلغائها أو بتعديلها.
2 - النص في المادة السادسة من قراري رئيس الجمهورية بالقانونين 127 سنة 1961، 85 سنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي، يدل على أن لواضع اليد على الأراضي الزراعية المستولى عليها طبقاً لأحكام هذين القرارين أن يستمر في وضع يده عليها ويكلف بزراعتها مقابل سبعة أمثال الضريبة المفروضة عليها إلى أن تتسلم هيئة الإصلاح الزراعي منه هذه الأطيان فعلاً، ولم يستلزم هذا أن تثبت تلك العلاقة بينهما بالكتابة أو أن يكون هناك عقد إيجار مودع بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة لقبول المنازعات الناشئة عن هذه العلاقة.
3 - بطلان الإجراءات المبني على انعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى لا شأن له وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة بالنظام العام وإذ كان الثابت أن الطاعن لم ينكر أمام محكمة الموضوع صفة المطعون ضدها الأولى كوارثة للمنتفع الأصلي بالأطيان محل النزاع بل أشار فحسب إلى أن أرملة المورث (المطعون ضدها الثانية) أحق منها في استئجار العين وحدها، ومن ثم فإن ما يثيره بهذا الوجه يكون سبباً جديداً ولا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط حجية الحكم الذي يتمسك به الخصم أن يكون صادراً بين ذات الخصوم أنفسهم مع إتحاد الموضوع والسبب في الدعويين، فلا تقوم هذه الحجية متى كان الخصمان في الدعوى الأولى قد تغير أحدهما أو كلاهما في الدعوى الثانية.
5 - مؤدى نص المادة التاسعة من القانون رقم 114 سنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري أن الملكية في المواد العقارية لا تنتقل سواء بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير إلا بالتسجيل ولا يكون للمتصرف إليه في الفترة من تاريخ التعاقد إلى وقت التسجيل سوى مجرد أمل في الملكية دون أي حق فيها.
6 - الإيجار الصادر من شخص لا يملك العين المؤجرة، وليس له حق التعامل في منفعته وإن وقع صحيحاً بين طرفيه إلا أنه لا ينفذ في حق مالكه إلا بإجازته له بحيث لا يجوز له أن يتعرض للمنتفع بالعين المبيعة بسند صادر من مالكها.
7 - المقرر وفقاً لنص المادة 253 من قانون المرافعات وجوب أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على الأسباب التي بني عليها، ولما كان بيان سبب الطعن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يتحقق إلا بالتعريف به تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منه كشفاً وافياً نافياً عنه الغموض والجهالة بحيث يبين منه العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه، وإذ لم يبين الطاعن في صحيفة الطعن ماهية الدفوع الجوهرية التي تمسك بها والتي أغفل الحكم المطعون فيه بحثها أورد عليها رداً خاطئاً ولم يكشف عن الطعون التي وجهها إلى تقرير الخبير وأثر كل ذلك في قضاء الحكم، ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون نعياً مجهلاً وغير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن والمطعون ضدهما الثانية والثالثة بصفته الدعوى رقم 362 سنة 1977 أمام محكمة شبين القناطر الجزئية، بطلب الحكم ببطلان عقد الإيجار المؤرخ 15/ 11/ 1973 المبرم بين الطاعن والمطعون ضدها الثانية واعتباره كأن لم يكن، وقالت بياناً لها أن والدها... كان يستأجر عشرة قراريط أرضاً زراعية من الإصلاح الزراعي ويقوم بالوفاء بالأجرة المستحقة عليه حتى وفاته، واستمر العقد لصالح ورثته بعد ذلك، إلا أن الطاعن تواطأ مع أرملة المورث (المطعون ضدها الثانية) وحرر لها بتاريخ 15/ 11/ 1973 عقد إيجار عن ذات الأطيان بدعوى شرائه لها، وإذ صدر هذا العقد من غير مالك دون موافقتها وبقصد الإضرار بها، فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 26/ 12/ 1977 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة بنها الابتدائية حيث قيدت برقم 159 سنة 1978 وبتاريخ 31/ 10/ 1978 ندبت المحكمة مكتب خبراء وزارة العدل لبيان واضع اليد على الأطيان محل النزاع وما إذا كان مورث المدعية منتفعاً بها من الإصلاح الزراعي، وبعد أن قدم تقريره أعادت المحكمة المأمورية إلى مكتب الخبراء لتحقيق ادعاء الطاعن بملكيته للأطيان محل النزاع وللانتقال إلى الجمعية الزراعية المختصة للاطلاع على عقد الإيجار المبرم بين المورث والإصلاح الزراعي، وبعد أن أودع الخبير ملخص تقريره، تمسك المطعون ضده الثالث أيضاً ببطلان عقد الإيجار موضوع النزاع لصدوره من غير مالك. وبتاريخ 26/ 1/ 1982 حكمت المحكمة ببطلان عقد الإيجار المؤرخ 15/ 11/ 1973 بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثالث بصفته. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 136 سنة 15 ق طنطا "مأمورية بنها". وبتاريخ 28/ 2/ 1983 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن دعوى المطعون ضدها الأولى أقيمت بطلب بطلان عقد إيجار أرض زراعية مما تختص المحكمة الجزئية نوعياً بنظره، وإذ فصلت فيه المحكمة الابتدائية رغم أنها غير مختصة فإن حكمها يكون معيباً بمخالفة قواعد الاختصاص النوعي بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن مقتضى نص المادتين 248، 249 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطعن بطريق النقض يقتصر على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف والأحكام الانتهائية أياً كانت المحكمة التي أصدرتها إذا صدرت على خلاف حكم سابق، أما الأحكام التي تصدر من المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة الدرجة الأولى، فإنه لا يجوز الطعن فيها بطريق النقض، وإنما يكون الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف سواء بتأييدها أو بإلغائها أو بتعديلها، لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر من محكمة شبين القناطر الجزئية بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة بنها الابتدائية لم يستأنفه الطاعن مع الحكم الصادر في الموضوع، فلا يجوز له التمسك من جديد أمام محكمة النقض بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى - أياً كان وجه الرأي فيه - لأن قوة الأمر المقضي تعلو على اعتبارات النظام العام.
وحيث إن حاصل النعي بالوجهين الثاني والخامس من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه دفع الدعوى بعدم قبولها لعدم وجود عقد إيجار مكتوب ومودع بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة يثبت زعم المطعون ضدها بأن مورثها كان يستأجر الأرض الزراعية محل النزاع من الإصلاح الزراعي، إلا أن الحكم رفض هذا الدفع بمقولة أن الورثة كانوا يقومون بسداد الأجرة للإصلاح للزراعي، هذا إلى أنه دفع الدعوى أيضاً بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة، إذ لم تثبت المدعية وراثتها وحلولها محل المستأجر السابق، إلا إن الحكم لم يعرض لهذا الدفع، مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي - في شقه الأول - في غير محله، ذلك أن النص في المادة السادسة من قراري رئيس الجمهورية بالقانونين 127 سنة 1961، 85 سنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي على أنه "تتولى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الاستيلاء على ما يجاوز الحد الأقصى الوارد في المادة الأولى من هذا القانون. ويتعين على واضع اليد على الأراضي المستولى عليها طبقاً لأحكام هذا القانون سواء أكان هو المستولى لديه أو غيره أن يستمر في وضع يده عليها ويعتبر مكلفاً بزراعتها مقابل سبعة أمثال الضريبة يدفعها سنوياً إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي اعتباراً من أول السنة الزراعية 1961/ 1962 حتى تتسلمها فعلاً الهيئة العامة للإصلاح الزراعي". يدل على أن لواضع اليد على الأراضي الزراعية المستولى عليها طبقاً لأحكام هذين القرارين أن يستمر في وضع يده عليها ويكلف بزراعتها مقابل سبعة أمثال الضريبة المفروضة عليها إلى أن تتسلم هيئة الإصلاح الزراعي منه هذه الأطيان فعلاً ولم يستلزم هذا النص أن تثبت تلك العلاقة بينهما بالكتابة أو أن يكون هناك عقد إيجار مودع بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة لقبول المنازعات الناشئة عن هذه العلاقة. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الأرض الزراعية محل النزاع آلت إلى الدولة عن طريق الاستيلاء عليها طبقاً للقرارين الجمهوريين سالفي الذكر، وأن وضع يد مورث المطعون ضدهما الأولين عليها كان قبل الاستيلاء عليها، ثم استمر بعد ذلك بعلم وموافقة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي صاحبة الصفة في إدارة هذه الأطيان، ثم تبعه ورثته الذين كانوا يقومون بسداد مقابل الانتفاع بها للهيئة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، والنعي في شقه الثاني غير مقبول، ذلك أن البطلان الإجراءات المبني على انعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى لا شأن له - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالنظام العام وإذ كان الثابت أن الطاعن لم ينكر أمام محكمة الموضوع صفة المطعون ضدها الأولى كوارثة للمنتفع الأصلي بالأطيان محل النزاع بل أشار فحسب إلى أن أرملة المورث (المطعون ضدها الثانية) أحق منها في استئجار العين وحدها، ومن ثم فإن ما يثيره بهذا الوجه يكون سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه دفع دعوى المطعون ضدها الأولى بورودها على غير محل إذ قضى لصالحه بحكم نهائي بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 15/ 11/ 1973 فلا يجوز أن يكون من بعد محلاً لإبطاله بدعوى أخرى.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط حجية الحكم الذي يتمسك به الخصم أن يكون صادراً بين ذات الخصوم أنفسهم مع إتحاد الموضوع والسبب في الدعويين، فلا تقوم هذه الحجية متى كان الخصمان في الدعوى الأولى قد تغير أحدهما أو كلاهما في الدعوى الثانية. لما كان ذلك، وكان الواقع المطروح في النزاع الماثل أن المطعون ضدها الأولى قد طلبت الحكم ببطلان عقد الإيجار المؤرخ 15/ 11/ 1973 المبرم بين الطاعن والمطعون ضدها الثانية لصدوره من غير مالك بقصد الإضرار بها، وهذا الطلب وبحسب التكييف القانوني الصحيح له يتضمن عدم سريان هذا العقد في حقها، وكان الحكم الصادر في الدعوى رقم 270 سنة 1976 مدني جزئي شبين القناطر بفسخ العقد سالف الذكر وبطرد المطعون ضدها الثانية لعدم سدادها الأجرة المستحقة قد صدر لصالح الطاعن ضد المطعون ضدها الثانية وحدها، ومن ثم فقد تخلف شرط اتحاد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين، بما لا يحول بين المطعون ضدها الأولى وبين طلب الحكم ببطلان ذلك العقد لصدوره من غير مالك إضراراً بحقوقها وهو ما تمسك به أيضاً المالك الحقيقي للأطيان - المطعون ضده الثالث - ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الرابع من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على أن عقد البيع الصادر له هو عقد عرفي لا ينقل الملكية ولا يخوله الحق في التأجير وقد علق الحكم حقه في التأجير على تسجيل هذا العقد مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى نص المادة التاسعة من القانون رقم 114 سنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري أن الملكية في المواد العقارية لا تنتقل سواء بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير إلا بالتسجيل ولا يكون للمتصرف إليه في الفترة من تاريخ التعاقد إلى وقت التسجيل سوى مجرد أمل في الملكية دون أي حق فيها وأن الإيجار الصادر من شخص لا يملك العين المؤجرة، وليس له حق التعامل في منفعته وأن وقع صحيحاً بين طرفيه إلا أنه لا ينفذ في حق مالكه إلا بإجازته له بحيث لا يجوز أن يتعرض للمنتفع بالعين المبيعة بسند صادر من مالكها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما أورده من أن "وحيث إن تقارير الخبير قد سجلت حقائق الدعوى بما لم يستطع المدعى عليه الأول (الطاعن) دفعها ومن ثم يكون الثابت من الأوراق أن أرض النزاع مملوكة حتى الآن للهيئة العامة للإصلاح الزراعي بطريق الاستيلاء عليها قانوناً، وحتى وضع يد ورثة المرحوم.... المستأجر الأصلي لها بإيجار رسمي ثابت بأوراق الدعوى ومستندات الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ومن ناحية أخرى فلما كان المدعى عليه الأول (الطاعن) وإن اشترى الأطيان من أخرى وهي لا زالت تحت يد الإصلاح الزراعي بطريق الاستيلاء عليها قبل مالكها الأصلي، ولم تنتقل إليه ملكية ومن ثم فإنه لا يعد مالكاً قانوناً... ومن ثم فإن الإيجار الصادر منه للمدعى عليها الثانية (المطعون ضدها الثانية) يكون إيجاراً صادراً من غير مالك... وإذ كان هذا العقد صحيحاً فيما بين المؤجر والمستأجر فإنه غير نافذ في حق المالك الحقيقي إذ لم يكن طرفاً فيه... وكانت هيئة الإصلاح الزراعي هي مالكة الأطيان المؤجرة وقد تمسكت في دفاعها ببطلان عقد الإيجار الصادر من المدعى عليه الأول وهو غير مالك وكان مؤدى ما تقدم أن عقد الإيجار المؤرخ 15/ 11/ 1973 وهو صادر من غير مالك غير نافذ في حق الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وكلاهما المدعية والهيئة لها مصلحة في إبطال هذا العقد... وتأسيساً على ما سلف يكون طلب المدعية وهيئة الإصلاح الزراعي معاً ببطلان عقد الإيجار المؤرخ 15/ 11/ 1973 في محله متعيناً إجابته. فإنه يكون قد أقام قضاءه على أسباب سائغة وبما يكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص وانتهى صحيحاً إلى أحقية الهيئة المطعون ضدها الثالثة والمطعون ضدها الأولى في التمسك بعدم نفاذ هذا العقد في حقهما وفق التكييف القانوني الصحيح لطلباتهما على ما سلف ذكره وهو ما يتساوى في نتيجته مع قضاء الحكم ببطلان هذا العقد، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم جاء قاصر البيان لإغفاله بحث كثير من الدفوع الجوهرية التي أبداها ورد على بعضها رداً خاطئاً وأقام قضاءه على ما ورد بتقرير الخبير رغم أنه مطعون عليه، وغير صحيح، مما يعيب الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول بما هو مقرر في المادة 253/ 2 من قانون المرافعات من وجوب أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على الأسباب التي بني عليها الطعن، ولما كان بيان سبب الطعن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يتحقق إلا بالتعريف به تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منه كشفاً وافياً نافياً عنه الغموض والجهالة بحيث يبين منه العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه، وإذ لم يبين الطاعن في صحيفة الطعن ماهية الدفوع الجوهرية التي تمسك بها والتي أغفل الحكم المطعون فيه بحثها أو رد عليها رداً خاطئاً ولم يكشف عن الطعون التي وجهها إلى تقرير الخبير وأثر كل ذلك في قضاء الحكم، ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون نعياً مجهلاً وغير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.