أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 474

جلسة 10 من إبريل سنة 1986

برياسة السيد المستشار: الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح ومحمد نبيل رياض وصلاح عطية وعبد اللطيف أبو النيل.

(96)
الطعن رقم 6208 لسنة 54 القضائية

(1) قانون "تفسيره" "تطبيقه".
وجوب التحرز في تفسير القوانين الجنائية. والتزام الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل.
صياغة النص في عبارات واضحة جلية. اعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع. عدم جواز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل.
(2) قضاة "رد القضاة". رد.
طلب الرد. ما يترتب على تقديمه؟
متى يجوز لرئيس المحكمة ندب قاض آخر. بدلاً من المطلوب رده؟
(3) اختصاص "الاختصاص المحلي". شيك بدون رصيد. دفوع "الدفع بعدم الاختصاص". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأماكن التي يتعين بها الاختصاص. قسائم متساوية. المادة 217 إجراءات.
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. مكان وقوعها. هو الذي حصل تسليم الشيك للمستفيد فيه.
(4) تزوير "الطعن بالتزوير". دعوى جنائية "وقف السير فيها" "نظرها والحكم فيها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطعن بالتزوير في ورقة مقدمه في الدعوى من وسائل الدفاع الموضوعي. خضوعه لتقرير المحكمة.
1 - من المقرر أنه يتعين عند تفسير النص عدم تحميل عباراته فوق ما تحتمل وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيرا صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك.
2 - أن نص المادة 162 مرافعات قد جرى على أن يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم فيه نهائيا ومع ذلك يجوز للمحكمة في حال الاستعجال وبناء على طلب الخصم الأخر ندب قاض بدلاً ممن طلب رده - كذلك يجوز طلب الندب إذا صدر الحكم الابتدائي برفض طلب الرد وطعن فيه بالاستئناف مما مؤداه أن المقصود بالمحكمة في هذا الصدد هو رئيسها الذي يتولى سلطة الأشراف والذي يدخل في سلطته التنظيمية سلطة ندب القضاة ولا يقصد بها القاضي الذي ينظر الدعوى إذ أن الندب لا يدخل في سلطته الإدارية أو التنظيمية ويؤكد هذا المعنى ما أوردته الفقرة الثانية من المادة 162 مرافعات إذ أن طلب الندب وصدور قرار به يصدر في غير ما دعوى منظوره.
3 - إن المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه "يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه" وهذه الأماكن قسائم متساوية في إيجاب اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ولا تفاضل بينها ويعتبر مكان وقوع جريمة أعطاء شيك بدون رصيد هو المكان الذي حصل تسليم الشيك للمستفيد فيه أو حرر فيه الشيك.
4 - من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لا تلتزم بإجابته فيجوز لها ألا تحقق بنفسها الطعن بالتزوير وإلا تحيله للنيابة العامة لتحقيقه وألا توقف الفصل في الدعوى إذا ما قدرت أن الطعن غير جدي وأن الدلائل عليه واهية.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح المنشية ضد الطاعن بوصف أنه: أعطى له شيكاً بدون رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه مع إلزامه أن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. عارض المحكوم عليه وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن استأنف. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً.
فطعن الأستاذ/ ... نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إصدار شيك بدون رصيد قد انطوى على مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه يترتب على طلب الرد وفقاً للمادة 162 مرافعات وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم فيه نهائياً وهو حكم آمر متعلق بالنظام العام وإن ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 162 مرافعات في حالة الاستعجال هو رخصة للمحكمة التي تنظر الدعوى وحق جوازي لها وحدها وقد طلب منها المدعي بالحق المدني ذلك بجلسة... إلا أنها لم تستجب لطلبه وقضت بوقف الدعوى وهو حكم قطعي لا يجوز إلغاؤه أو العدول عنه إلا بحكم ورئيس المحكمة الذي ندب دائرة أخرى أصدرت الحكم المطعون فيه ليس صاحب اختصاص بالنسبة لتعجيل الدعوى وليس له الحق في إصدار قرار بإحالة الدعوى إلى دائرة أخرى كما أن الطاعن دفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع على سند من المادة 217 من قانون الإجراءات حالة أن أوراق الدعوى لا تقطع بأن الشيك حرر في الإسكندرية هذا إلى أن الطاعن طلب أجلاً للطعن على الشيك بالتزوير إلا أن المحكمة رفضت طلبه دون أن تناقش جديته مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن البين من مطالعة محاضر الجلسات أنه بتاريخ.... قدم الحاضر عن المتهم طلب رد للمحكمة التي تنظر الدعوى وطلب الحاضر عن المدعي بالحق المدني إحالتها إلى دائرة أخرى فقررت المحكمة وقف الدعوى إلى أن يتم الحكم نهائياً في طلب الرد وعرض الأمر على السيد المستشار رئيس المحكمة لاتخاذ اللازم وبتاريخ.... أشر السيد المستشار رئيس المحكمة أنه بعد الاطلاع على الطلب المقدم من المدعي بالحق المدني تحدد جلسة... لنظر الدعوى أمام الدائرة السابعة عشرة - لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يتعين عند تفسير النص عدم تحميل عباراته فوق ما تحتمل وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيرا صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولما كان نص المادة 162 مرافعات قد جرى على أن يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم فيه نهائياً ومع ذلك يجوز للمحكمة في حال الاستعجال وبناء على طلب الخصم الأخر ندب قاضي بدلاً ممن طلب رده - كذلك يجوز طلب الندب إذا صدر الحكم الابتدائي برفض طلب الرد وطعن فيه بالاستئناف مما مؤداه أن المقصود بالمحكمة في هذا الصدد هو رئيسها الذي يتولى سلطة الأشراف والذي يدخل في سلطته التنظيمية سلطة ندب القضاة ولا يقصد بها القاضي الذي ينظر الدعوى إذ أن الندب لا يدخل في سلطته الإدارية أو التنظيمية ويؤكد هذا المعنى ما أوردته الفقرة الثانية من المادة 162 مرافعات إذ أن طلب الندب وصدور قرار به يصدر في غير ما دعوى منظوره. هذا فضلاً عن أن ما دفع به الطاعن في هذا الخصوص يفتقر إلى شرط المصلحة ذلك أن الغاية التي كان يتغياها من طلب الرد قد تحققت بنظر الدعوى أمام دائرة أخرى ويضحى منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه "يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه" وهذه الأماكن قسائم متساوية في إيجاب اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ولا تفاضل بينها ويعتبر مكان وقوع جريمة إعطاء شيك بدون رصيد هو المكان الذي حصل تسليم الشيك للمستفيد فيه أو حرر فيه الشيك وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى ورفضه على سند من القول أن واقعة تحرير الشيك وإصداره كانت بالإسكندرية وهو ما لم يجحده الطاعن أو يجادل بشأنه أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه فإن ما يثيره من قالة الخطأ في تطبيق القانون في هذا لا يكون له وجه. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لا تلتزم بإجابته فيجوز لها ألا تحقق بنفسها الطعن بالتزوير وإلا تحيله للنيابة العامة لتحقيقه وألا توقف الفصل في الدعوى إذا ما قدرت أن الطعن غير جدي وأن الدلائل عليه واهية. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن الطعن بالتزوير على الشيك موضوع الدعوى وذلك في قوله "أن ذلك الدفاع جاء مجرداً ولا يزيد عن كونه قولاً مرسلاً إذ لم يوضح ماهية التزوير في الشيك عصب الجريمة ثم أنه كان طوال مدة تداول هذه الدعوى بالجلسات قد استنفد لها كل السبل والطرق من الطعن في الأحكام ثم أين كان التزوير عندما تقدم بمذكرات وطلبات لقيامه بسداد قيمة الشيك الأمر الذي يتعين معه على المحكمة أن تطرح جانباً هذا الدفاع" وهو رد سليم وسائغ فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سليم. لما كان ما تقدم، كله فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.