أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 813

جلسة 11 من يونيه سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة، محمد حسن العفيفي، لطفي عبد العزيز وإبراهيم بركات.

(172)
الطعن رقم 1445 لسنة 54 القضائية

(1) شفعة.
الغرض من الشفعة. دفع الضرر. التحيل لإبطالها. ليس للمحاكم أن تقره.
(2، 3) شفعة. محكمة الموضوع. دعوى.
(2) محكمة الموضوع. استخلاصها - من أدلة الدعوى - أن المشتري جزأ الصفقة مشتراه لمنع الشفعة. سائغ ولا معقب عليها.
(3) سقوط الأخذ بالشفعة لانقضاء أربعة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع. شرطه. ألا يكون التسجيل بقصد التهرب من أحكام القانون.
(4) استئناف "الحكم فيه". حكم "تسبيبه".
محكمة الدرجة الثانية. غير ملزمة بالرد على أسباب الحكم الابتدائي الذي ألغته. متى أقامت قضاءها على أسباب تكفل حمله.
(5) حكم "تسبيبه".
تضمين الحكم ما يكفي لحمل قضائه. النعي عليه بالقصور. لا محل له.
1 - التحيل لإبطال الشفعة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مناقض للغرض المقصود منها لأن الشفعة شرعت لدفع الضرر فإذا ما أجيز التحيل لإبطالها وكان ذلك عوداً عن مقصود الشارع يلحق الضرر الذي قصد إبطاله، فكل تحايل لإبطال الشفعة لا يصح للمحاكم أن تقره بوجه من الوجوه.
2 - استخلاص المحكمة من ظروف الدعوى ووقائعها أن المشتري قد أراد بتجزئة الصفقة التي اشتراها المنع من الحق في الأخذ بالشفعة هو من أمور الموضوع التي يفصل فيها قاضي الدعوى دون معقب عليه.
3 - سقوط الحق في الأخذ بالشفعة إذا انقضت أربعة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع محله ألا يكون هناك تحايل بقصد التهرب من أحكام القانون.
4 - إذا ألغت محكمة الدرجة الثانية حكماً ابتدائياً فإنها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تكون ملزمة بالرد على أسبابه ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب تكفل حمل قضائها.
5 - متى كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الأسباب التي أوردها سائغة ومؤدية إلى حمل قضائه، فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثاني أقاما الدعوى رقم 274 سنة 79 مدني بورسعيد الابتدائية بطلب الحكم بأحقيتها في أخذ 7.5 ط من 24 ط في العقار المبين في الأوراق بالشفعة، وقالا في بيان ذلك أن المطعون ضدها الثالثة باعت هذه الحصة إلى الطاعنة ومورث المطعون ضده الرابع عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً عن كريمته... بموجب عقد مشهر برقم 371 سنة 1979 شهر عقاري بورسعيد بتاريخ 17/ 7/ 1979 مقابل ثمن مقداره 4000 ج، وإذ كانا يشاركان البائعة في ملكية العقار الكائنة فيه الحصة المباعة فقد أقاما الدعوى. تمسك مورث المطعون ضده الرابع بأنه عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً على كريمته السالف ذكرها وزوجته الطاعنة شركاء على الشيوع في العقار محل التداعي على سند أن المطعون ضدها الثالثة سبق أن باعت إليهم 12 سهم من قيراطاً من 24 ط في ذات العقار مقابل مبلغ 1000 جنيه بموجب عقد مشهر برقم 105 سنة 79 شهر عقاري بورسعيد بتاريخ 17/ 2/ 1979 فأقام المطعون ضدهما الأولان الدعوى رقم 176 سنة 1980 مدني بورسعيد الابتدائية بطلب الحكم بأحقيتها في أخذ تلك الحصة بالشفعة، وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين حكمت بتاريخ 28/ 3/ 82 في الدعوى رقم 176 سنة 1980 مدني بورسعيد الابتدائية بسقوط حق المطعون ضدهما الأول والثاني في الأخذ بالشفعة، وفي الدعوى 274 سنة 1979 مدني بورسعيد الابتدائية برفضها. استأنف المطعون ضدهما المذكوران هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية بالاستئناف رقم 166 سنة 23 ق (مأمورية بورسعيد) وبتاريخ 14/ 3/ 84 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون ضدهما الأولين في أخذ الحصة المبيعة موضوع الدعويين بالشفعة، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول أن المطعون ضدهما الأول والثاني لم يطلبا الأخذ بالشفعة في الحصة المبيعة بالعقد المشهر بتاريخ 17/ 2/ 79 إلا بعد انقضاء أربعة أشهر على تاريخ التسجيل فيسقط حقهما في الأخذ بالشفعة في هذا العقار ولا يجوز لهما الأخذ بالشفعة في العقد الثاني المشهر بتاريخ 17/ 7/ 79 لأنها ومورث المطعون ضده الرابع عن نفسه وبصفته قد أصبحوا بموجب العقد الأول شركاء على الشيوع في العقار محل النزاع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بالأحقية في الأخذ بالشفعة في العقدين بعد قبول الدفع المبدى من المطعون ضدهما الأولين بالتحايل لمنع الحق بالشفعة، فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن التحيل لإبطال الشفعة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مناقض للغرض المقصود منها لأن الشفعة شرعت لدفع الضرر فإذا ما أجيز التحايل لإبطالها كان ذلك عوداً عن مقصود الشارع يلحق الضرر الذي قصد إبطاله، فكل تحايل لإبطال الشفعة لا يصح للمحاكم أن تقره بوجه من الوجوه، كما وأن استخلاص المحكمة من ظروف الدعوى ووقائعها أن المشتري قد أراد بتجزئة الصفقة التي اشتراها المنع من الحق في الأخذ بالشفعة هو من أمور الموضوع التي يفصل فيها قاضي الموضوع دون معقب عليه، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه - بأحقية المطعون ضدهما الأولين - في أخذ الحصة المبيعة بالعقدين المشار إليهما بالشفعة على ما أورده بمدوناته من أن الثابت من مطالعة أوراق النزاع ومستنداته أن مورث الطاعنة المرحوم..... قام بتجزئة الصفقة محل عقدي البيع المشفوع فيها إلى جزئين فباع إلى نفسه وبصفته ولياً شرعيه على كريمته... وإلى زوجته (الطاعنة) بموجب توكيل من المالكة - (المطعون ضدها الثالثة) - 12 س من 8 ط (كامل المساحة التي تملكها الأخيرة في عقار النزاع) بعقد سجله بتاريخ 17/ 12/ 69 تحت رقم 105 سنة 79 شهر عقاري بورسعيد، ثم باع بذات الصفة إلى نفس المشترين باقي الصفقة ومقدارها 12 س، 7 ط في ذات العقار بعقد سجله بتاريخ 17/ 7/ 79 تحت رقم 371 سنة 79 شهر عقاري بورسعيد، واستخلص من ذلك توافر الاحتيال من جانب مورث الطاعنة بقصد منع المطعون ضدهما الأولين من أخذ الحصة المبيعة بالشفعة، متى كان ذلك، وكان سقوط الحق في الأخذ بالشفعة إذا انقضت أربعة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع محله ألا يكون هناك تحايل بقصد التهرب من أحكام القانون، فإن الحكم المطعون فيه بذلك لا يكون قد خالف القانون ويضحي النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم ألغى قضاء محكمة أول درجة دون أن يرد على أسبابه الجوهرية، ولم تبين محكمة الاستئناف النص القانوني الذي أسست عليه أن التحايل يوقف ميعاد سقوط الحق في الشفعة، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه إذا ألغت محكمة الدرجة الثانية حكماً ابتدائياً فإنها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تكون ملزمة بالرد على أسبابه ما دامت قد أقامت حكمها على أسباب تكفل حمل قضائها، لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الأسباب التي أوردها والسالف ذكرها - في الرد على السبب الأول - سائغة ومؤدية إلى حمل قضائه، فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.