مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 941

(98)
جلسة 3 من مارس سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ مصطفى الفاروق محمد الشامي والدكتور/ أحمد مدحت حسن علي وعويس عبد الوهاب عويس وأحمد أمين حسان محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1339 لسنة 32 القضائية

رسوم - رسوم محلية - كيفية تحديدها - قواعد تحصيلها. (أسواق عمومية).
قانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 ولائحته التنفيذية - قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 بشأن الموارد والرسوم المحلية - تفرض الرسوم المحلية بدائرة المجالس المحلية وفقاً للفئات والقواعد المبينة بالجداول المرفقة ويجوز لكل من المجالس المحلية تحديد بعض الفئات المبينة بالجداول المرفقة أو اتباع القواعد الواردة بها التي تتفق وظروفها المحلية السائدة بدائرة اختصاصه - صدور قرار محافظ الشرقية رقم 890 لسنة 1973 بشأن فرض الرسوم المحلية بدائرة محافظة الشرقية متضمناً فرض الرسوم المحلية في دائرة مجالس المدن والقرى بالمحافظة وفقاً للفئات والأوعية الموضحة بالجداول المرفقة بالقرار المشار إليه - مناط خضوع السوق للرسم هو أن يكون مرخصاً في إدارتها لفرد أو شركة وذلك دون اعتبار لملكية أرض السوق وما إذا كانت للدولة أو للأفراد - مؤدى ذلك: خضوع الأسواق للرسوم المحلية دون اعتبار لملكية الأرض - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 23/ 3/ 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين تقرير الطعن الماثل ضد........ في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 23/ 1/ 1986 في الدعوى رقم 385 لسنة 2 ق المقامة من المطعون ضده والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بعدم أحقية جهة الإدارة في استئداء مبلغ {2148.300 جنيهاً} قيمة الرسوم المحلية من المدعي عن سوق ههيا العمومي ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت المدعي وجهة الإدارة بالمصروفات مناصفة.
وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة به الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى رقم 385 لسنة 2 قضائية المقامة من المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 6/ 2/ 1991 إحالته إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 19/ 3/ 1991 حيث تدوول نظره بعد ذلك أمام هذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 17/ 12/ 1991 ثم قررت مد أجل النطق به لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبن من الأوراق في أنه بتاريخ 23/ 1/ 1979 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 405 لسنة 1979 بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة الزقازيق الابتدائية طلب في ختامها الحكم بعدم أحقية مجلس محلي مدينة ههيا في تحصيل المبالغ الموضحة بالصحيفة وإلغاء إجراءات المطالبة والتنفيذ وإيقاف إجراءات الحجز الموقعة عليه لحين الفصل في الدعوى مع إلزام المدعى عليها بصفتها بالمصروفات والأتعاب.
وذكر المدعي شرحاً لدعواه أنه استأجر سوق مدينة ههيا العمومي المملوك لمجلس المدينة، ولقد نظمت التزامات الطرفين بموجب عقد الإيجار المحرر بينه وبين المجلس المذكور الذي لا يتقاضى من المدعي المستأجر إلا الأجرة دون أي رسوم أخرى - غير أنه فوجئ بالمجلس ينذره بسداد الرسوم المحلية والتي لا تنطبق إلا على الأسواق المملوكة للأهالي فقط ولا تسري على الأسواق الحكومية لإعفائها من الرسوم طبقاً لحكم المادة 136 من اللائحة التنفيذية لقانون الحكم المحلي وطبقاً لأحكام القانون رقم 124 لسنة 1960 ولقرار المحافظ رقم 830 لسنة 1973 - وأضاف المدعي أن مجلس مدينة ههيا يصر على تحصيل مبلغ {2148.300 جنيهاً} قيمة رسوم محلية عن مساحة السوق بواقع {35 مليماً للمتر} في السنة، وذلك عن المدة من 31/ 5/ 1973 حتى30/ 6/ 1976، كما يصر المجلس على تحصيل مبلغ {591.848 جنيهاً} قيمة فروق عجز إيرادات السوق عن ذات المدة السابقة، وبالتالي تصبح جملة المبالغ المطالب بها {2740.148 جنيهاً} ومضى المدعي قائلاً إن هذه المبالغ غير مستحقة قانوناً - ولقد هدده المجلس المذكور بتوقيع الحجز الإداري وفاءً لها دون وجه حق وبغير سند من القانون - وأنهى المدعي دعواه بطلب الحكم له بالطلبات سالفة البيان.
وبجلسة 9/ 1/ 1980 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري المختصة بنظرها وأرجأت الفصل في المصروفات.
وتنفيذاً لذلك الحكم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة حيث قيدت بسجلاتها برقم 385 لسنة 2 قضائية وتدوولت أمامها على النحو الموضح بمحاضر جلساتها، وبجلسة 23/ 1/ 1986 حكمت بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بعدم أحقية جهة الإدارة في استئداء مبلغ {2148.300 جنيهاً} قيمة الرسوم المحلية من المدعي عن سوق ههيا العمومي - ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وألزمت المدعي وجهة الإدارة المصروفات مناصفة، وأقامت قضاءها على أنه بتطبيق قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 فإنه توجد رسوم محلية تفرض على الأسواق المرخص في إدارتها للأفراد والشركات بواقع {35 مليماً} عن كل متر مربع من مساحة السوق - أما الأسواق الحكومية التي تدار بموجب عقود التزام فلا تخضع لتلك الرسوم - يؤكد ذلك أن الجدول الثامن المرفق بالقرار المشار إليه أوضح أن الأسواق التي تخضع للرسوم المحلية هي المرخص في إدارتها للأفراد والشركات دون سواها من الأسواق الحكومية المملوكة للمجالس المحلية. ولما كان ما تقدم وكانت السوق محل النزاع مملوكة للمجلس المحلي ومؤجرة للمدعي بموجب عقد التزام - فإنها من ثم لا تخضع للرسوم المحلية الواردة بالجدول الثامن المرفق بقرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 وقرار محافظ الشرقية رقم 890 لسنة 1973 - وبالتالي تكون مطالبة المدعي بمبلغ {2184.300جنيهاً} كرسوم محلية نظير إدارته لهذه السوق قائمة على غير أساس من القانون مما يتعين معه الحكم بعدم أحقية جهة الإدارة في استئدائها.
ولم يرتض الطاعنان ما انتهت إليه المحكمة بقضائها السابق وأقاما الطعن الماثل تأسيساً على مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك لأن ما انتهت إليه المحكمة من التفرقة بين الأسواق الأهلية والأسواق الحكومية لا يقوم على أساس من القانون حيث يبين من الاطلاع على الجدول المرفق بالقرار الوزاري رقم 239 لسنة 1971 والذي صدر بالاستناد إليه قرار محافظ الشرقية رقم 890 لسنة 1973 أنه لم يفرق بين الأسواق الأهلية والأسواق الحكومية - فلقد ورد بالبند الرابع من الجدول الثامن الرسوم على الأسواق المرخص في إدارتها للأفراد أو الشركات دون أية تفرقة بين الأسواق الحكومية والأسواق الأهلية فكل منها لابد من الحصول على ترخيص لإدارتها من جانب الأفراد أو الشركات وبالتالي يخضع للرسوم سالفة الذكر - أما إذا أدارت الجهة الإدارية السوق المملوكة لها فلا تستحق عليها رسوم - وخلص الطاعنان إلى الطلبات المبينة بصدر هذا الحكم.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن محافظ الشرقية أصدر قراره رقم 518 لسنة 1973 في 26/ 6/ 1973 بمنح التزام سوق ههيا العمومي للسيد عبد الله أنور بمبلغ {2408 جنيه} سنوياً ولمدة ثلاث سنوات تبدأ من 10/ 7/ 1973 وتنتهي في 30/ 6/ 1976 وفقاً لأحكام القوانين واللوائح والقرارات وشروط مزايدة تأجير الأسواق الحكومية المعمول بها - وتنازل عبد الله أنور إلى جابر إبراهيم (المطعون ضده) عن التزام السوق بموجب تنازل موثق بالشهر العقاري ومؤرخ 1/ 7/ 1973 ووافقت جهة الإدارة على هذا التنازل - واستمر الأخير في إدارة السوق ودفع الأقساط المستحقة حتى 31/ 12/ 1975، ونظراً لتقاعسه في سداد الأقساط بعد هذا التاريخ فقد قامت جهة الإدارة بسحب الالتزام منه اعتباراً من 24/ 1/ 1976 وتولت إدارة السوق بمعرفتها ولقد نجم عن إدارتها للسوق في الفترة من 24/ 1/ 1976 حتى 30/ 6/ 1976 عجز في قيمة الإيرادات مقداره {591.848 جنيهاً} فقامت جهة الإدارة بمطالبة الملتزم بهذا المبلغ على أساس أنه يمثل الفرق بين قيمة الإيجار المستحق على الملتزم عن مدة الستة أشهر الأخيرة وبين الإيراد المحقق خلال هذه الفترة - بالإضافة إلى مبلغ {2148.300 جنيهاً} كرسوم محلية طوال مدة العقد.
ومن حيث إن قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 ينص في مادته الأولى على أن "تفرض الرسوم المحلية بدائرة المجالس المحلية وفقاً للفئات والقواعد المبينة بالجداول المرفقة ويجوز لكل من المجالس المحلية تحديد بعض الفئات المبينة بالجداول المرفقة أو اتباع القواعد الواردة بها والتي تتفق وظروفها المحلية السائدة بدائرة اختصاصه....."، وتطبيقاً لذلك صدر قرار محافظ الشرقية رقم 890 لسنة 1973 بشأن فرض الرسوم المحلية بدائرة محافظة الشرقية ونص في مادته الأولى على أن "تفرض الرسوم المحلية في دائرة مجالس المدن والقرى بالمحافظة وفقاً للفئات والأوعية الموضحة بالجداول المرفقة بقرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971".
ومن حيث إنه بمطالعة الجدول الثامن المرفق بقرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 - المشار إليه يبين أنه تضمن فرض رسم محلي على الأسواق المرخص في إدارتها للأفراد أو الشركات مقداره {35 مليماً} عن كل متر مربع من مساحة السوق - ويبدو من ذلك أن كل المناط في خضوع السوق للرسم هو أن يكون مرخصاً في إدارتها لفرد أو شركة، وذلك دون اعتبار لملكية أرض السوق وما إذا كانت للدولة أو للأفراد، إذ لم ترد بأحكام فرض الرسم إشارة أو دلالة تسمح بالاحتكام إلى هذا الاعتبار كمعيار أو شرط لفرض الرسم، ومن ثم فإنه يستحق على السوق أياً كان مالك أرضها طالما أنه مرخص في إدارتها لفرد أو شركة، ومهما تكن صيغة هذا الترخيص أو تكييفه، وبتطبيق ما تقدم على واقعات الطعن الماثل يبين أنه بموجب قرار محافظ الشرقية رقم 518 لسنة 1973 الصادر في 26/ 6/ 1973 تم منح التزام سوق ههيا العمومي للسيد....... الذي تنازل عنه إلى السيد...... (المطعون ضده) لمدة ثلاث سنوات وهذا الالتزام يشكل ترخيصاً لفرد في إدارة السوق وبالتالي فإنه يخضع لأحكام قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 ويستحق عليه رسم محلي مقداره {35 مليماً} عن كل متر مربع من مساحة السوق طوال مدة الالتزام - وليس صحيحاً ما ذهبت إليه المحكمة في قضائها المطعون عليه من عدم أحقية الجهة الإدارية في استئداء هذا الرسم استناداً إلى التفرقة التي أقامتها بين الأسواق الحكومية والأسواق الأهلية المملوكة للأفراد وقصر الرسوم المحلية على النوع الثاني فقط - ذلك لأن هذه التفرقة لا تقوم على سند من القانون - إذ وردت عبارات وألفاظ قرار وزير الإدارة المحلية مطلقة لا تحمل في طياتها هذه التفرقة، الأمر الذي يجعل ما انتهت إليه المحكمة في قضائها المطعون عليه مخالفاً حكم القانون.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم يكون الحكم المطعون مخالفاً حكم القانون جديراً بالإلغاء في هذا الخصوص مع إلزام المطعون ضده المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم أحقية جهة الإدارة في استئداء مبلغ {2184.300 جنيهاً} قيمة الرسوم المحلية من المدعي عن سوق ههيا العمومي وألزمت المطعون ضده المصروفات.