أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 852

جلسة 21 من يونيه سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ أحمد ضياء عبد الرازق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور علي فاضل حسن نائب رئيس المحكمة، طلعت أمين صادق، محمد عبد القادر، وعبد العال السمان.

(180)
الطعن رقم 2231 لسنة 52 القضائية

عمل "دعوى عمالية".
منازعة العامل صاحب العمل حول اقتطاع قيمة المنتجات التي ينسب إليه أنه تسبب بخطئه في فقدها. م 54 ق 91 لسنة 1959. حق العامل في اللجوء إلى القضاء مباشرة في هذا الشأن بالطرق المعتادة لرفع الدعوى.
يفصح نص المادة 54 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 عن أن المشرع رسم سبيلاً للفصل في الخلف الذي قد ينشأ بين العامل وصاحب العمل بشأن تطبيق حكم هذه المادة لكي يضع حداً للمنازعة في هذا الخصوص، لكنه لم يسلب حق العامل الأصيل في اللجوء إلى القضاء مباشرة، فلم يورد حظراً على حقه في التقاضي بالطرق المعتادة لرفع الدعوى ولم يجعل من الالتجاء إلى اللجنة المنصوص عليها بها إجراءاً مسبقاً قبل رفعها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 91 لسنة 1981 عمال كلي إسكندرية على الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها برد كافة المبالغ التي تستقطع من راتبه والكف عن استقطاع أية مبالغ منه مستقبلاً. وقال بياناً لذلك أنه يعمل لدى الشركة بوظيفة عامل إطفاء وبتاريخ 2/ 11/ 1980 أخطرته بأنها قررت خصم خمسة عشر يوماً من راتبه كجزاء تأديبي وتحمليه ثلث قيمة العجز في زيت بذرة القطن البالغ قيمتها 2209 جنيهاً وعشرة جنيهات مصاريف إدارية بمقولة أنه بتاريخ 10/ 5/ 1976 لم يقم بالتزاماته الجوهرية مما أدى إلى فقد كمية الزيت المذكورة ولما كان هذا القرار معدوماً ولا سند له من القانون لسقوط حق الشركة الطاعنة في توقيع الجزاء بالتقادم وعدم ثبوت إدانته فيما نسب إليه بعد أن قررت النيابة العامة في 20/ 4/ 1978 بألا وجه لإقامة الدعوى لعدم معرفة الفاعل فقد أقام دعواه بطلباته سالفة الذكر. قضت المحكمة برد ما استقطعته الطاعنة من راتب المطعون ضده تنفيذاً للقرار الصادر بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه والكف عن استقطاع أية مبالغ أخرى من المرتب تنفيذاً لذلك القرار. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالاستئناف رقم 60 لسنة 38 ق الإسكندرية وطعن المطعون ضده في ذات الحكم بالاستئناف رقم 65 لسنة 38 ق الإسكندرية - أمرت محكمة الاستئناف بضم الاستئنافين وبجلسة 8/ 6/ 1982 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن في جزاء خصم خمسة عشر يوماً من راتب المطعون ضده وببطلان تحميل الطاعنة له الثلث في قيمة الزيوت البالغ قيمته 2209 جنيه وإلزام الطاعنة بأن ترد له ما سبق أن اقتضته منه خصماً من تلك القيمة. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وبياناً لذلك تقول أن المشرع حدد في المادة 54 من القانون رقم 91 لسنة 1959 طريقاً للطعن في قرار الشركة بتحميل المطعون ضده بقيمة ما تسبب في فقده بالتظلم منه مباشرة إلى اللجنة الاستشارية المنصوص عليها في المادتين 111، 112 منه أو أمام المحكمة الجزئية حسب الأحوال والتي يكون حكمها نهائياً (قطعياً) وإذ لم يسلك المطعون ضده الطريق الذي رسمه القانون وقضى الحكم مع ذلك ببطلان قرار الطاعنة ورد ما تم استقطاعه من راتبه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المادة 54 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 قد نصت في الفقرات الثلاث الأولى منها على أنه "إذا تسبب عامل في فقد أو إتلاف أو تدمير جهاز أو آلات أو منتجات يملكها صاحب العمل أو كانت في عهدته وكان ذلك ناشئاً عن خطأ العامل وجب أن يتحمل المبلغ اللازم نظير ذلك - ولصاحب العمل يبدأ باقتطاع المبلغ المذكور من أجر العامل على ألا يزيد ما يقتطع لهذا الغرض على أجر خمسة أيام كل شهر - ويجوز للعامل أن يتظلم من تقدير صاحب العمل أمام المحكمة الجزئية إذا كان يعمل لدى صاحب عمل يستخدم أقل من خمسين عامل أو أمام اللجنة المشار إليها في المادتين 111، 112 حسب الأحوال ويكون قرار اللجنة في الحالة الثانية قابلاً للاستئناف خلال عشرة أيام من تاريخ صدوره أمام المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها محل العمل ويكون حكمها في الحالتين نهائياً (قطعياً)" ويفصح هذا النص على أن المشرع رسم سبيلاً للفصل في الخلف الذي قد ينشأ بين العامل وصاحب العمل بشأن تطبيق حكم هذه المادة لكي يضع حداً للمنازعة في هذا الخصوص، لكنه لم يسلب حق العامل الأصيل في اللجوء إلى القضاء مباشرة فلم يورد حظراً على حقه في التقاضي بالطرق المعتادة لرفع الدعوى ولم يجعل من الالتجاء إلى اللجنة المنصوص عليها بها إجراء مسبقاً قبل رفعها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق وبياناً لذلك تقول إن الحكم ذهب إلى عدم مسئولية المطعون ضده عن الحادث تأسيساً على أن كمية الزيت المفقود لم تكن في عهدته لا بصفته أميناً أو حارساً عليها ولا بأية صفة أخرى في حين أن الثابت أنه كان نائماً وقت الحادث مما يعد خروجاً على مقتضيات واجبه الوظيفي وقد تضاربت أقواله مع أقوال الحارس مما يؤكد مسئوليته.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة في بحث ما يقدم لها من الدلائل والمستندات والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها وفي استخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى بلا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغاً، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن عرض للتحقيق الإداري الذي أجرته الطاعنة ولتحقيقات النيابة العامة التي انتهت إلى أن إسناد الاتهام للمطعون ضده لم يتأيد بدليل وقيدت الواقعة جناية ضد مجهول استطرد وقال: "... ومن ثم لا يكون المستأنف - المطعون ضده - مسئولاً عن فقد كمية الزيت المذكورة لأنها لم تكن في عهدته لا بصفته أميناً أو حارساً عليها ولا بأية صفة أخرى وإنما هو مجرد عامل مطافي كل عهدته المسئول عنها هي أدوات الإطفاء الثابتة والمنقولة والتي يتسلمها من زميله عند استلام الوردية ويسلمها لزميله عند انتهاء الوردية ولا شأن له بما يدخل إلى مستودع الشركة من أشخاص وسيارات ليلاً أو نهاراً ولا بما هو موجود بهذا المستودع، لأن ذلك من اختصاص غيره من العاملين - فلا يمكن مساءلة المستأنف عليه بأدنى مسئولية عن فقد كمية الزيت المذكور وبالتالي يكون تحميله بجزء من قيمة هذا الزيت على غير مقتضى من القانون ولذلك يتعين بطلانه وبأن ترد الشركة المستأنفة للمستأنف عليه ما تكون قد استقطعته من مرتبه نظير تحميله بذلك الجزء من قيمة الزيت". وكان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه سائغاً ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها وله أصله الثابت في الأوراق فإن ما تسوقه الطاعنة بشأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.