أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 860

جلسة 25 من يونيه سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الحسيني الكناني، محمد فؤاد شرباش، محمد عبد البر حسين سالم ومحمد محمد طيطه.

(182)
الطعن رقم 1069 سنة 56 القضائية

(1) دعوى "الصفة في الدعوى". محكمة الموضوع.
استخلاص توافر الصفة في الدعوى. واقع يستقل به قاضي الموضوع. حسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة.
(2، 3) إيجار "إيجار الأماكن" "إقامة مبنى مكون من أكثر من ثلاث وحدات". قانون.
(2) التزام المستأجر بإخلاء العين المؤجرة أو توفير مكان ملائم لمالك العين في المبنى المكون من أكثر من ثلاث وحدات الذي يقيمه المستأجر. م 22/ 2 ق 136 لسنة 1981. التزام تخييري معقود للمستأجر وليس لمالك العين المؤجرة الخيار.
(3) خلو التشريع الاستئنافي من تنظيم حالة معينة. أثره. وجوب الرجوع إلى القواعد العامة في القانون المدني.
1 - استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها وهو ما يستقل به قاضي الموضوع وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.
2 - النص في المادة 22/ 2 من القانون رقم 136 سنة 1981، على أنه "إذا أقام المستأجر مبنى مملوكاً له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات في تاريخ لاحق لاستئجاره يكون بالخيار بين الاحتفاظ بمسكنه الذي يستأجره أو توفير مكان ملائم لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبنى الذي أقامه بما لا يجاوز مثلي الأجرة المستحقة له عن الوحدة التي يستأجرها منه". يدل على أن التزام المستأجر الناشئ عن هذا النص هو التزام تخييري بين محلين، الالتزام الأول هو إخلاء العين المؤجرة له، والالتزام الثاني هو توفير مكان ملائم لمالك العين المؤجرة في المبنى الذي أقامه المستأجر، والخيار بين تنفيذ أي من هذين الالتزامين معقود للمستأجر وهو المدين في الالتزام، ومتى كان مصدر الخيار هو نص في القانون الذي جعل الخيار للمدين، فإنه لا يجوز للدائن وهو مالك العين المؤجرة أن يختار بمشيئته تنفيذ أحد هذين الالتزامين دون الآخر وذلك وفقاً للأحكام العامة في القانون المدني.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه في حالة خلو التشريع الاستثنائي لإيجار الأماكن من تنظيم حالة معينة وجب الرجوع إلى القواعد العامة في القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 466 سنة 83 مدني كلي الجيزة على الطاعن للحكم بأن يوفر له سكناً ملائماً بالعقار المملوك له المبين بالصحيفة وتسليمه إليه، وقال بياناً لها أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 27/ 2/ 1941 يستأجر الطاعن من المالكة السابقة العين الموضحة بالصحيفة، وقد أقام الأخير مبنى مملوكاً من ست وحدات سكنية واحتفظ بمسكنه المؤجر إليه، ومن ثم يكون ملزماً بأن يوفر له المسكن الملائم بهذا العقار عملاً بنص المادة 22/ 2 من القانون رقم 136 سنة 1981، وبتاريخ 2/ 2/ 1984 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يوفر للمطعون ضده مكاناً ملائماً بالعقار المبين بالصحيفة وتسليمه إليه على ألا تجاوز أجرته مثلي الأجرة المستحقة عن الوحدة التي يستأجرها منه الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2492 سنة 101 ق القاهرة، وبتاريخ 5/ 2/ 1966 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أنه دفع أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة إذ أن سند المطعون ضده في دعواه هو عقد شرائه للعقار المؤرخ 14/ 8/ 1966 الذي ثبت تزويره في دعوى سابقة، فلا يجوز له طلب تسليم الشقة المؤجرة للطاعن كأثر من آثار هذا العقد، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض هذا الدفع بمقولة أن المطعون ضده يمتلك العقار محل العين المؤجرة بعقود مسجلة فإنه يكون قد غير من سبب الدعوى مما لا يحق لمحكمة الموضوع الأمر الذي يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا الطعن سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها وهو ما يستقل به قاضي الموضوع وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه بأن المطعون ضده يملك العقار الكائنة به العين المؤجرة إلى الطاعن بموجب عقود مسجلة، وكانت تلك العقود ليست محل نعي من جانب الطاعن، وكان المطعون ضده لم يطلب تسليمه العين المؤجر كأثر من آثار عقد البيع الابتدائي المؤرخ 14/ 8/ 66 حسبما يدعي الطاعن، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث من أسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن مفاد نص المادة 22/ 2 من القانون رقم 136 سنة 81 أن المستأجر له حق الخيار بين الاحتفاظ بالعين المؤجرة إليه أو توفير مكان ملائم بالمبنى الذي يقيمه للمؤجر، ويتعين على محكمة الموضوع تخيير المستأجر في تنفيذ أحد هذين الالتزامين ورغم أنه تمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف إلا أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضده بطلباته، الأمر الذي يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 22/ 2 من القانون رقم 136 سنة 1981 على أنه "إذ أقام المستأجر مبنى مملوكاً له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات في تاريخ لاحق لاستئجاره يكون بالخيار بين الاحتفاظ بمسكنه الذي يستأجره أو توفير مكان ملائم لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبنى الذي أقامه بما لا يجاوز مثلي الأجرة المستحقة له عن الوحدة التي يستأجرها منه". يدل على أن التزام المستأجر الناشئ عن هذا النص هو التزام تخييري بين محلين، الالتزام الأول هو إخلاء العين المؤجرة له، والالتزام الثاني هو توفير مكان ملائم لمالك العين المؤجرة في المبنى الذي أقامه المستأجر، والخيار بين تنفيذ أي من هذين الالتزامين معقود للمستأجر وهو المدين في الالتزام ومتى كان مصدر الخيار هو نص في القانون الذي جعل الخيار للمدين فإنه لا يجوز للدائن وهو مالك العين المؤجرة أن يختار بمشيئته تنفيذ أحد هذين الالتزامين دون الآخر وذلك وفقاً للأحكام العامة في القانون المدني، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه في حالة خلو التشريع الاستثنائي لإيجار الأماكن من تنظيم حالة معينة وجب الرجوع إلى القواعد العامة في القانون المدني، وقد نصت المادة 276/ 1 من هذا القانون على أنه "إذا كان الخيار للمدين وامتنع عن الاختيار أو تعدد المدينون ولم يتفقوا فما بينهم، جاز للدائن أن يطلب من القاضي تعيين أجل يختار فيه المدين أو يتفق فيه المدينون، فإذا لم يتم ذلك تولى القاضي بنفسه تعيين محل الالتزام". لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده قد قصر دعواه على طلب إلزام الطاعن بتوفير سكن ملائم له بالمبنى الذي أقامه، وكانت محكمة الموضوع قد قضت له بطلباته دون إتاحة الفرصة للطاعن في الاختيار بين الاحتفاظ بمسكنه المؤجر وتوفير مكان ملائم للمطعون ضده وفقاً للقواعد والإجراءات المشار إليها، والتفت الحكم المطعون فيه عن الرد على ما تمسك به الطاعن في هذا الشأن مع أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثاني من أسباب الطعن.