مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1030

(110)
جلسة 14 من مارس سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي عبد الله مليحي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب وعلي رضا عبد الرحمن رضا والطنطاوي محمد الطنطاوي - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 256 لسنة 34 القضائية

( أ ) قرار إداري - عيوبه - بطلانه - انعدامه - سحبه - تحصنه.
القرارات الإدارية التي تولد حقاً أو مركزاً شخصياً للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضي استقرار تلك الأوامر - بالنسبة للقرارات الفردية غير المشروعة فالقاعدة أنه يجب على جهة الإدارة تسحبها التزاماً منها بحكم القانون وتصحيحاً للأوضاع المخالفة له - دواعي المصلحة العامة تقتضي أنه إذا صدر قرار معيب من شأنه أن يولد حقاً فإن هذا القرار يجب أن يستقر عقب فترة معينة من الزمن بحيث يسري عليه ما يسري على القرار الصحيح الذي يصدر في الموضوع ذاته - اتفق على تحديد هذه الفترة بستين يوماً من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياساً على مدة الطعن القضائي - إذا انقضت هذه الفترة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار - كل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمراً مخالفاً للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله - ثمة استثناءات من موعد الستين يوماً هذه تتمثل فيما إذا كان القرار المعيب معدوماً أي لحقت به مخالفة جسيمة للقانون تجرده من صفته كتصرف قانوني وتنحدر به إلى مجرد الفعل المادي المنعدم الأثر قانوناً فلا تلحقه أية حصانة - للإدارة أن تسحب القرار المعدوم في أي وقت - أساس ذلك: القرار المعدوم لا يرتب حقاً - الأثر المترتب على ذلك: لا محل للقول بتحصنه بعدم السحب - للإدارة أن تتجاهل وجوده إلا أن اعتبارات المصلحة العامة تدعو إلى إزالته منعاً للشك الذي قد يترتب على وجوده ولها أن تفعل ذلك في أي وقت دون التقيد بمواعيد التحصن - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - تعيين - التعيين في غير أدنى الوظائف (قرار إداري).
المادة 15 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 قبل تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983.
المادة (1) من قرار لجنة شئون الخدمة المدنية رقم (1) لسنة 1980 بشأن التعيين في غير أدنى الوظائف.
الأصل في التعيين في الوظائف أن يكون في أدنى وظائف المجموعة النوعية - أجاز المشرع التعيين في غير أدنى هذه الوظائف من داخل الوحدة أو من خارجها بضوابط وشروط محددة: أولها: أن يكون التعيين في حدود 10% من عدد الوظائف الشاغرة في كل درجة من كل مجموعة نوعية من الوظائف على مدار السنة وذلك حتى لا يغلق باب الترقي أمام العاملين من الدرجات الأدنى - ثانيها: أن يتوافر في المرشح للتعيين من الخارج أو الداخل شرط التأهيل العلمي اللازم لشغل الوظيفة المراد التعيين عليها حسب بطاقة وصف هذه الوظيفة - ثالثها: أن تتوافر في المرشح مدة الخبرة العملية اللازم قضاؤها في وظائف الدرجات الأدنى من درجة الوظيفة المرشح لها وذلك بدءاً من درجة بداية التعيين وعلى أن تكون هذه المدة تالية دائماً على الحصول على المؤهل اللازم لشغل هذه الوظيفة - افتقاد المعينين للشرط الثالث يفقدهم شرطاً جوهرياً من شروط التعيين ويجعلهم غير قابلين لتلقي المركز القانوني الذي يحدثه في شأنهم قرار التعيين وهو عيب يبلغ درجة من الجسامة ينحدر به القرار إلى درجة العدم - الطريق أمام الإدارة للتدخل لسحب هذا القرار يكون مفتوحاً دون التقيد بمواعيد التحصن - أساس ذلك: لا محل للتمسك بقواعد تحصن القرارات الإدارية إذا ما ثبت أن العيب الذي شاب القرار جعله والعدم سواء - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 22/ 12/ 1987 أودع الأستاذ/ محمود الطوخي المحامي بصفته منتدباً عن الطاعنين بقرار الإعفاء من الرسوم الصادر في طلب الإعفاء رقم 172 لسنة 33 معافاة عليا بجلسة 11/ 11/ 1987 قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 256 لسنة 34 قضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة الجزاءات والترقيات في الدعوى رقم 1862 لسنة 39 قضائية بجلسة 23/ 4/ 1987 والقاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعين المصروفات، وطلب في ختام تقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بالطلبات الواردة بصحيفة الدعوى مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات عن الدرجتين.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه للأسباب المبينة في التقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار رقم 88 لسنة 1984 الصادر في 25/ 11/ 1984 فيما تضمنه من إلغاء القرارات أرقام 12، 59 لسنة 1982، 16، 32 لسنة 1983 الصادرة في 29/ 3/ 1982، 22/ 11/ 1982، 17/ 3/ 1983، 26/ 6/ 1983 بإعادة تعيين الطاعنين في وظائف المجموعة النوعية التخصصية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 23/ 4/ 1990 أصدرت الدائرة قرارها بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظره أمامها جلسة 3/ 6/ 1990 حيث تدوول الطعن بجلسات هذه المحكمة على النحو المثبت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة 14/ 3/ 1992 ومذكرات لمن يشاء خلال أسبوع، وفي هذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص من واقع أوراق الطعن والأوراق والمستندات المقدمة أنه بتاريخ 14/ 1/ 1985 أقام المدعون (الطاعنون) دعواهم طالبين في ختامها الحكم بإلغاء قرار مدير مركز معلومات القطاع العام بوزارة المالية رقم 88 لسنة 1984 الصادر في 25/ 11/ 1984 فيما تضمنه من إلغاء القرارات الصادرة بإعادة تعيينهم في وظائف المجموعة النوعية للوظائف التخصصية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعون شرحاً لدعواهم أنهم من العاملين بمركز معلومات القطاع العام التابع لوزارة المالية وكان أولهم بالدرجة الأولى الإدارية والباقون بالدرجة الثانية الكتابية، وأثر حصولهم على بكالوريوس المعهد العالي للدراسات التعاونية والتجارية تقدموا إلى إدارة المركز طالبين نقلهم من الوظائف الإدارية والكتابية إلى مجموعة الوظائف التخصصية باعتبارهم شاغلين فعلاً هذه الوظائف الأخيرة، وأصدرت إدارة المركز القرارات أرقام 12، 59 لسنة 1982، 16، 32 لسنة 1983 بإعادة تعيينهم بذات درجاتهم ومرتباتهم، وقد علموا أن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة اعترض على إعادة التعيين في غير أدنى درجات مجموعة الوظائف التخصصية لتخلف شرط قضاء مدة الخبرة بالمؤهل العالي باعتبارهم حاصلين على المؤهل العالي عام 1981 واستجابة لهذا الرأي وبعد قضاء مدة طويلة أصدر المركز القرار رقم 88 لسنة 1984 في 25/ 11/ 1984 متضمناً إلغاء القرارات المذكورة فيما تضمنتها من إعادة تعيينهم في وظائف المجموعة النوعية التخصصية ونقلهم إلى مجموعة الوظائف المكتبية فبادروا أثر علمهم بالقرار الساحب بالتظلم في 4/ 12/ 1984 وأقاموا دعواهم حيث صارت القرارات المسحوبة حصينة من الإلغاء وأصبحت مصدراً لمراكز قانونية استقرت لا يجوز المساس بها، ويكون القرار الساحب مخالفاً للقانون إلى حد الانعدام مما يفقده صفة القرار الإداري ويهبط به إلى مرتبة الانعدام.
وبجلسة 23/ 4/ 1987 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعين المصروفات، وأقامت قضاءها على أنه إذا كانت القرارات الباطلة المخالفة للقانون يجوز الرجوع فيها وسحبها بقصد إزالة آثار البطلان إلا أن ذلك يتم بشرط أن يكون خلال المدة المحددة لطلب الإلغاء، وأنه ليس بلازم أن يتم السحب كلياً أو جزئياً خلال المدة المقررة له، وإنما يكفي أن تكون إجراءات السحب قد بدأت خلال الميعاد المذكور، فيدخل القرار بذلك في طور الزعزعة وعدم الاستقرار ويظل كذلك طوال المدة التي يستمر فيها فحص الإدارة لشرعيته طالما ثبت أنها سلكت مسلكاً إيجابياً نحو التحقق من مطابقته أو عدم مطابقته للقانون إلى أن يتحدد موقفها نهائياً، ولما كانت القرارات الصادرة بإعادة تعيين المدعين وهي القرار رقم 12 لسنة 1982 صدر في 29/ 3/ 1982، والقرار رقم 59 لسنة 1982 صدر في 22/ 11/ 1982، والقرار رقم 16 لسنة 1983 على التوالي، وقد ناقض الجهاز المركزي للمحاسبات هذه القرارات بكتابة رقم 2551 في 14/ 11/ 1983 حيث قامت الجهة الإدارية باستطلاع رأي الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بكتابها رقم 637 بتاريخ 15/ 12/ 1983، ومن ثم تكون الجهة الإدارية قد بدأت في إجراءات السحب خلال الميعاد المقرر بعد ردود مناقضة للجهاز المركزي للمحاسبات المشار إليها وطلبت من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الرأي في هذا الشأن، فإن الجهة الإدارية تكون قد أفصحت عن إرادتها في التحقق من مطابقة تلك القرارات أو عدم مطابقتها للقوانين وأن تلك الإجراءات قد بدأت خلال الميعاد المقرر للسحب ويكون النعي عليه بأنه قد سحب قرارات تحصنت ضد السحب غير قائم على سند من القانون.
ويقوم الطعن على الحكم على أساس مخالفة القانون والخطأ في تأويله وتطبيقه وتتحصل أسباب الطعن في أن الحكم أخطأ في تحصيل الوقائع وما تبع ذلك من فساد الاستدلال إذ الثابت أن قرارات إعادة التعيين صدرت على التوالي في 29/ 3/ 1982، 22/ 11/ 1982، 17/ 3/ 1983، 26/ 6/ 1983 على التوالي وبذلك يكون قد انقضى منذ صدور كل منها ما يزيد على ستين يوماً قبل ظهور إرادة الإدارة في سحبها أو اتخاذ أي إجراء يستهدف ذلك مما يعني تحصنها فاعتراض الجهاز المركزي للمحاسبات على القرارات المشار إليها قد تم في 14/ 11/ 1983 وهو تاريخ لاحق على مرور أزيد من ستين يوماً على صدور آخر قرار، فضلاً عن ما يقوم به الجهاز من التفتيش الدوري المفاجئ لا تمنع سريان ميعاد مقرر قانوناً إذ يحتاج تقرير ذلك إلى نص خاص.
وأنه ومع التسليم جدلاً بأن مدة السحب والإلغاء قد انقطعت باعتراض الجهاز المركزي للمحاسبات في 14/ 11/ 1983 إلا أنه باستطلاع جهة الإدارة لرأي الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة في 15/ 12/ 1983 وإبداء الجهاز لرأيه في 5/ 2/ 1984 فإنه كان ينبغي على جهة الإدارة أن تنشط لواردات سحب هذه القرارات إلى إصدار قرارها بذلك خلال الستين يوماً التالية لوصول الكتاب المذكور إليها في 25/ 4/ 1984 حيث أنه انحسم لديها عدم مشروعية القرار، إلا أنها لم تصدر القرار الساحب رقم 88 لسنة 1984 إلا في 25/ 11/ 1984 أي بعد تحصن تلك القرارات، وعدم أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر واعتبار مدة السحب منفتحة أمام الإدارة بغير حدود مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه وتأويله تذهب بسلامة الحكم وتدعو إلى إلغائه.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل يتحدد فيما إذا كان العيب الذي شاب القرارات الصادرة بإعادة تعيين الطاعنين أرقام 12، 59 لسنة 1982، 16، 32 لسنة 1983 والتي صدر القرار رقم 88 لسنة 1984 متضمناً سحبها يؤدي إلى بطلان هذه القرارات ومن ثم يتم تحديد ما إذا كانت قد ورد السحب عليها بعد تحصنها من عدمه أم أن العيب الذي شابها أدى إلى انعدام هذه القرارات ومن ثم يكون الطريق إلى سحبها واعتبارها كأن لم تكن مفتوحاً من جانب الجهة الإدارية دون التقيد بمواعيد التحصن.
ومن حيث إن القاعدة المستقرة في قضاء هذه المحكمة جرت على أن القرارات الإدارية التي تولد حقاً أو مركزاً شخصياً للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضي استقرار تلك الأوامر، أما بالنسبة إلى القرارات الفردية غير المشروعة فالقاعدة عكس ذلك إذ يجب على جهة الإدارة أن تسحبها التزاماً منها بحكم القانون وتصحيحاً للأوضاع المخالفة له، إلا أن دواعي المصلحة العامة أيضاً تقتضي أنه إذا صدر قرار معيب من شأنه أن يولد حقاً فإن هذا القرار يجب أن يستقر عقب فترة معينة من الزمن بحيث يسري عليه ما يسري على القرار الصحيح الذي يصدر في الموضوع ذاته وقد اتفق على تحديد هذه الفترة بستين يوماً من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياساً على مدة الطعن القضائي بحيث إذا انقضت هذه الفترة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار، وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمراً مخالفاً للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله إلا أن ثمة استثناءات من موعد الستين يوماً هذه تتمثل فيما إذا كان القرار المعيب معدوماً أي لحقت به مخالفة جسيمة للقانون تجرده من صفته كتصرف قانوني وتنحدر به إلى مجرد الفعل المادي المنعدم الأثر قانوناً فلا تلحقه أية حصانة، ومن صور ذلك أن تكون المخالفة جسيمة بحيث تقطع كل علاقة بين القانون بمعناه الواسع وبين القرار الإداري، ذلك أن القرار الإداري يجب أن يستند باستمرار إلى قاعدة قانونية، فإذا انقطعت الصلة كلية بينه وبين القاعدة القانونية غدا عملاً مادياً صرفاً وفقد صفته الإدارية وما يترتب على هذه الصفة من أحكام فوقوع القرار الإداري في مخالفة موضوعية جسيمة تنحدر به إلى درجة الانعدام، ولا يكون المركز القانوني الذي أحدثه قابلاً للتنفيذ لافتقاده لعناصر وجوده من الناحية القانونية، وللإدارة أن تسحب القرار المعدوم في أي وقت، فالقرار المعدوم لا يرتب حقاً وبالتالي لا محل للقول بتحصنه لعدم السحب، وللإدارة أن تتجاهل وجوده إلا أن اعتبارات المصلحة العامة تدعو إلى إزالته منعاً للشك الذي يترتب على وجوده ولها أن تفعل ذلك في أي وقت دون التقيد بمواعيد التحصن.
ومن حيث إن المادة 15 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 (قبل تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983) باعتباره القانون الذي يحكم الواقعة محل الطعن تنص على أن "يكون التعيين ابتداءً في أدنى وظائف المجموعة النوعية الواردة في جدول وظائف الوحدة، ويجوز التعيين في غير هذه الوظائف سواء من داخل الوحدة أو من خارجها في حدود 10% من العدد المطلوب شغله من وظائف كل درجة وذلك طبقاً للقواعد والشروط التي تضعها لجنة شئون الخدمة المدنية وتعتبر الوظائف الشاغرة في كل درجة بالمجموعة النوعية وحدة واحدة على مدار السنة في تطبيق هذه النسبة، وتستثني من أحكام الفقرتين السابقتين الوظائف العليا".
وقد صدر تنفيذاً لهذا النص قرار لجنة شئون المدنية رقم (1) لسنة 1980 بشأن التعيين في غير أدنى الوظائف ورد النص في المادة (1) منه على أن "يكون التعيين في غير أدنى وظائف المجموعة النوعية سواء من داخل الوحدة أو من خارجها وفقاً للقواعد وبمراعاة توافر الشروط التالية:
1 - أن يكون التعيين في حدود 10% من عدد الوظائف الشاغرة في كل درجة من كل مجموعة نوعية من الوظائف على مدار السنة.
2 - أن تتوافر في المرشح للتعيين الشروط اللازمة لشغل الوظيفة من حيث نوع ومستوى التأهيل العلمي والخبرة طبقاً لجداول ترتيب وتوصيف الوظائف.
3 - ألا تقل مدة الخبرة العملية للمرشح عن مجموعة المدد المبينة اللازم قضاؤها في وظائف الدرجات الأدنى من الوظيفة المرشح لها وفقاً لكل مجموعة نوعية على حدة وبدءاً من درجة بداية التعيين.
ومفاد هذه النصوص أن الأصل في التعيين في الوظائف أن يكون في أدنى وظائف المجموعة النوعية، وأن المشرع أجاز التعيين في غير أدنى هذه الوظائف من داخل الوحدة أو من خارجها بضوابط وبشروط محددة أولها أن يكون التعيين في حدود 10% من عدد الوظائف الشاغرة في كل درجة من كل مجموعة نوعية من الوظائف على مدار السنة وذلك حتى لا يغلق باب الترقي أمام العاملين من الدرجات الأدنى. وثانيها أن يتوافر في المرشح للتعيين من الخارج أو الداخل شرط التأهيل العلمي اللازم لشغل الوظيفة المراد التعيين عليها حسب بطاقة وصف هذه الوظيفة.
وثالثها أن تتوافر في المرشح مدة الخبرة العملية اللازم قضاؤها في وظائف الدرجات الأدنى من درجة الوظيفة المرشح لها وذلك بدءاً من درجة بداية التعيين وعلى أن تكون هذه المدة تالية دائماً على الحصول على المؤهل اللازم لشغل الوظيفة.
ومن حيث إن الطاعنين كانوا شاغلين لوظائف مكتبية وإدارية بالدرجة الأولى والثانية، وإثر حصول أحدهم وهو....... على ليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية من كلية دار العلوم جامعة القاهرة دور أكتوبر 1982 وباقيهم على بكالوريوس المعهد العالي للدراسات التعاونية صدرت القرارات أرقام 12 لسنة 1982، 59 لسنة 1982، 16 لسنة 1983، 32 لسنة 1983 بإعادة تعيينهم على الوظائف الموضحة قرين كل منهم وبذات الدرجات التي كانوا يشغلونها وذلك دون مراعاة الشروط التي تطلبتها المادة 15 من القانون رقم 47 لسنة 1978 وقرار لجنة شئون الخدمة المدنية رقم 1 لسنة 1980 بشأن التعيين في غير أدنى الوظائف وعلى الأخص توافر شرط الخبرة العملية اللازمة في المعين في وظيفة أعلى من بداية درجة التعيين وهي ما تمثل مجموع المدد المبينة اللازم قضاؤها في وظائف الدرجات الأدنى من الوظيفة المعين عليها العامل وتقدر بثماني سنوات للتعيين في وظيفة من الدرجة الثانية وأربعة عشر عاماً في التعيين في وظيفة من الدرجة الأدنى وعلى أن تكون هذه المدد تالية للحصول على المؤهل العالي والمعاملة به في ذات المجموعة النوعية التي تنتمي الوظيفة المعين عليها إليها، وافتقاد المعينين لهذا الشرط يفقدهم شرطاً جوهرياً من شروط التعيين ويجعلهم غير قابلين لتلقي المركز القانوني الذي يحدثه في شأنهم قرار التعيين وهو عيب يبلغ درجة من الجسامة ينحدر به القرار إلى درجة العدم.
ومن حيث إنه من مقتضى ذلك ولازمه أن الطريق أمام الإدارة للتدخل لسحب هذا القرار يكون مفتوحاً دون التقيد بمواعيد التحصن حيث لا محل للتمسك بقواعد تحصن القرارات الإدارية إذا ما ثبت أن العيب الذي شاب القرار جعله والعدم سواء، وأن ذلك لا يثور إلا في حالة ما إذا كان العيب لم يصل بالقرار إلى حد الانعدام، وترتيباً على ذلك يكون القرار الإداري رقم 88 لسنة 1984 والمتضمن إلغاء القرارات أرقام 12، 59 لسنة 1982، 16، 32 لسنة 1983 فيما تضمنته من إعادة تعيين الطاعنين قد صدر صحيحاً لا يشوبه عيب ويكون الطعن قائم على أساس من القانون خليق بالرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون عليه - قد ذهب إلى هذه النتيجة - مع اختلاف في الأسباب المؤدية إليها على النحو الذي استظهرته هذه المحكمة، فإن الحكم يكون صحيحاً فيما انتهى إليه ويكون الطعن عليه لا سند له من القانون يتعين رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، مع إلزام الطاعنين المصروفات عن الدرجتين.