مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1039

(111)
جلسة 14 من مارس سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي عبد الله مليحي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب وعلي رضا عبد الرحمن رضا والطنطاوي محمد الطنطاوي - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3379 لسنة 34 القضائية

( أ ) دعوى - طرق الطعن في الأحكام - الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الحكم الصادر منها. (دعوى البطلان الأصلية). (مجلس الدولة).
المادة 30 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة.
أحكام المحكمة الإدارية العليا هي خاتمة المطاف فيما يعرض من أقضية على القضاء الإداري - نتيجة ذلك: لا يقبل الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن شأنها في ذلك شأن الأحكام الصادرة من محكمة النقض - المحكمة الإدارية العليا تختص بالفصل في طلب إلغاء الحكم الصادر منها إذا ما شابه عيب جسيم يسمح بإقامة دعوى بطلان أصلية - يجب أن يقف هذا الاستثناء عند الحالات التي تنطوي على عيب جسيم وتمثل إهدار للعدالة - حكمة نص المادة 30 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة هي تمكين ذوي الشأن بعد تمام تحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة على النحو الذي فصلته المواد 22 إلى 31 من القانون المشار إليه والشخوص بأنفسهم أو بوكلائهم أمام المحكمة للإدلاء بما لديهم من إيضاحات وتقديم ما قد يعن من بيانات وأوراق لاستيفاء الدعوى واستكمال عناصر الدفاع فيها ومتابعة سير إجراءاتها وما إلى ذلك مما يتصل بحق الدفاع ويرتبط بمصلحة جوهرية لذوي الشأن - يترتب على إغفال ذلك وقوع عيب شكلي في الإجراءات والإضرار بمصالح الخصم الذي وقع هذا الإغفال في حقه الأمر الذي يؤثر في الحكم ويترتب عليه بطلانه شكلاً - تطبيق.
(ب) دعوى - الحكم في الدعوى - بطلان الأحكام - ما لا يبطل الحكم.
إذا كانت مسودة الحكم قد أودعت في ذات الجلسة التي تم النطق بالحكم فيها وكان منطوق الحكم المدون على رول الجلسة المرافقة له هذه المسودة موقع عليها من الهيئة التي أصدرته وعلى وضع يستفاد منه أنه بني على ما ورد بها من أسباب فلا يتصور فصل منطوق الحكم على الأسباب الواردة بهذه المسودة - نتيجة ذلك: تكون التوقيعات المدونة على المنطوق على الوجه سالف البيان شاملة من الناحية القانونية الأسباب والمنطوق معاً وأن مجرد ورود المنطوق الموقع عليه على ورقة مستقلة لا يمكن أن يصم مثل هذا الحكم بالبطلان - تطبيق.
(ج) مجلس الدولة - أعضاؤه - تعيين - تحديد أقدمية من يعينون من خارج المجلس. المادة 85 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 قبل تعديلها بالقانون رقم 136 لسنة 1984.
تحديد أقدمية من يعينون من خارج المجلس من المسائل الخاضعة لسلطة مجلس الدولة التقديرية بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية بلا معقب عليه في هذا الخصوص ما دام أن قراره الصادر في هذا الشأن خلا من عيب إساءة استعمال السلطة [(1)] - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 25/ 9/ 1988 أودع الأستاذ/ محمد عبد المجيد الشاذلي المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الأستاذ/ ....... المستشار المساعد بمجلس الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3379 لسنة 34 ق وطلب القضاء ببطلان الحكم الصادر في الطعنين رقمي 1134 و1558 لسنة 28 ق عليا بجلسة 17/ 2/ 1985 وببطلان الحكم الصادر في الطعن رقم 1703 لسنة 30 ق بجلسة 30/ 11/ 1986 والحكم له مجدداً بأحقيته في طلباته الواردة بالطعون المذكورة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد حددت المحكمة جلسة 25/ 6/ 1989 لنظر الطعن حيث نظرته بهذه الجلسة وبالجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 1/ 2/ 1992 إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطاعن يطلب الحكم ببطلان حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 1134، 1558 لسنة 28 ق عليا الصادر بجلسة 17/ 12/ 1985 وببطلان الحكم الصادر في الطعن رقم 1703 لسنة 30 ق عليا الصادر بجلسة 30/ 11/ 1986 والقضاء مجدداً بأحقيته في طلباته الواردة بالطعون المذكورة، ومن حيث إن القانون لم يحدد ميعاداً معيناً لرفع دعوى البطلان الأصلية بالطعن بالبطلان في أحكام المحكمة الإدارية العليا لذلك يكون الطعن مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يتحصل فيما يأتي:
(أولاً) أن المحكمة قد نظرت الطعن رقم 1134 لسنة 28 ق عليا بجلسة 6/ 1/ 1985 فقط دون أن تخطر الطاعن بميعاد الجلسة المذكورة عملاً بالمادة (30) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 كما أن الثابت من مطالعة محضر الجلسة المذكورة أن المحكمة قررت ضم الطعن رقم 1558 لسنة 28 ق عليا إلى الطعن رقم 1134 لسنة 28 ق عليا ليصدر فيهما حكم واحد وحجزهما للحكم لجلسة 17/ 2/ 1985 الأمر الذي تكون معه المحكمة قد فصلت في الطعن رقم 1558 لسنة 28 قضائية عليا دون تحديد جلسة إذ أنه كان يتعين عليها وقد قررت ضم الطعن الأخير وبحسبانه طعناً مستقلاً لم تجر مرافعة بشأنه ودون أن تحدد جلسة أخرى للمرافعة في الطعنين معاً الأمر الذي لم يحدث وهو ما ينطوي على إخلال جسيم بضمانة جوهرية كفلها القانون ويضحى حكمها والحال كذلك باطلاً كما أن الطاعن لم يخطر بجلسة 5/ 10/ 1989 التي نظرت فيها المحكمة الطعن رقم 1703 لسنة 30 قضائية المشار إليه وقررت إصدار حكمها بجلسة 30/ 11/ 1986 دون مرافعة ومن ثم يكون الحكم المذكور باطلاً كذلك.
(ثانياً) أن الحكم الصادر في الطعنين رقمي 1134، 1558 لسنة 28 قضائية فيما قضى به من رفضهما قد أهدر حجية الحكم الصادر من ذات المحكمة لصالح ذات الطاعن في الطعن رقم 67 لسنة 27 ق بجلسة 3/ 4/ 1982 ذلك أنها في هذا الأخير كانت قد قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم تعيين الطاعن في وظيفة مندوب بمجلس الدولة وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم الصادر لصالح الطاعن، ومقتضى تنفيذه واحتراماً لحجية الشيء المحكوم فيه أن تنحصر السلطة التقديرية لجهة الإدارة في ترتيب أقدمية الطاعن في وظيفة مندوب بين زملائه الذين عينوا بالقرار المطعون فيه وفقاً للأسس التي استنتها لنفسها في ترتيبهم فيما بينهم وليس لها أن تجنح في تنفيذ الحكم بأن ترتبه بعيداً عن هؤلاء الزملاء وتحدد أقدميته تالياً لآخر المندوبين بمجلس الدولة وقتئذ وهو السيد/ ....... وذلك بالقرار الجمهوري رقم 367 لسنة 1982 (وهو القرار موضوع الطعن رقم 1558 لسنة 28 قضائية عليا) والثابت أن الحكم الصادر في الطعن المذكور ساير جهة الإدارة في تنفيذهما على النحو سالف الذكر يكون قد تناقض مع الحكم الصادر عن ذات المحكمة ولذات الطاعن ومهدداً لحجيته الأمر الذي يصمه بمخالفة جسيمة تنحدر به إلى الانعدام.
(ثالثاً) أن الحكم الصادر في الطعنين رقمي 1134، 1558 لسنة 28 قضائية عليا المطعون فيه فيما خلص إليه من أن استعمال الجهة الإدارية لسلطتها التقديرية في ترتيبها للأقدمية لا معقب عليها يكون فضلاً عن انطوائه على إهدار لحجية الحكم الصادر لصالح الطاعن في الطعن رقم 67 لسنة 27 قضائية فقد عدلت به المحكمة عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من المحكمة الإدارية العليا وإزاء ذلك كان يتعين عليها وعملاً بالمادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 أن تحيل الطعنين المشار إليهما إلى الهيئة المنصوص عليها بالمادة المذكورة لتصدر حكمها فيهما ومن ثم يكون الحكم في الطعنين رقمي 1134 لسنة 28 ق، 1558 لسنة 28 ق وقد صدر بغير هذه الإحالة باطلاً.
(رابعاً) أن الحكم الصادر في الطعن رقم 1703 لسنة 30 قضائية بجلسة 3/ 11/ 1986 المشار إليه قد أودعت مسودته منطوية على أسباب فقط وبدون منطوق يقع باطلاً لمخالفته المادة 177 من قانون المرافعات والثابت أن المنطوق تضمن رفض الطعن بينما الأسباب تدور حول عدم قيام مصلحة الطاعن في طعنه بما كان يتعين معه أن يكون المنطوق عدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة وليس رفض الطعن ومن ثم يكون المنطوق وهو مدون بالرول منفكاً عن المسودة المدون بها الأسباب.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن الطاعن يطلب الحكم ببطلان حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعنين رقمي 1134، 1558 لسنة 28 قضائية بجلسة 17/ 2/ 1985 وحكمها الصادر في الطعن رقم 1703 لسنة 30 قضائية بجلسة 3/ 11/ 1986 والقضاء له مجدداً بأحقيته في طلباته الواردة بالطعون المذكورة وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه ولئن كانت أحكام المحكمة الإدارية العليا هي على ما جرى به من قضاء هذه المحكمة خاتمة المطاف فيما يعرض من أقضية على القضاء الإداري ومن ثم لا يقبل الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن شأنها في ذلك شأن الأحكام الصادرة من محكمة النقض إلا أن المحكمة الإدارية العليا تختص بالفصل في طلب إلغاء الحكم الصادر منها إذا ما شابه عيب جسيم يسمح بإقامة دعوى بطلان أصلية ويجب أن يقف هذا الاستثناء عند الحالات التي تنطوي على عيب جسيم وتمثل إهدار للعدالة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بدعوى بطلان الحكم الصادر في الدعويين رقمي 1134 لسنة 28 ق، 1558 لسنة 28 ق فإن المادة (30) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة تنص على أن "يبلغ قلم الكتاب تاريخ الجلسة إلى ذوي الشأن ويكون ميعاد الحضور ثمانية أيام على الأقل ويجوز في حالة الضرورة نقصه إلى ثلاثة أيام"، وحكمة هذا النص واضحة وهي تمكين ذوي الشأن بعد تمام تحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة على النحو الذي فصلته المواد من 22 إلى 31 من القانون المشار إليه وهم الشخوص بأنفسهم أو بوكلائهم أمام المحكمة للإدلاء بما لديهم من إيضاحات وتقديم ما قد يعن من بيانات وأوراق لاستيفاء الدعوى واستكمال عناصر الدفاع فيها ومتابعة سير إجراءاتها وما إلى ذلك مما يتصل بحق الدفاع ويرتبط بمصلحة جوهرية لذوي الشأن ويترتب على إغفال ذلك وقوع عيب شكلي في الإجراءات والإضرار بمصالح الخصم الذي وقع هذا الإغفال في حقه الأمر الذي يؤثر في الحكم ويترتب عليه بطلانه شكلاً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 30/ 5/ 1982 أودع الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1134 لسنة 28 القضائية طلب فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 605 لسنة 1980 الصادر في 1/ 12/ 1980 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة نائب بمجلس الدولة بترتيب أقدمية سابق على السيد/ ........ وما يترتب على ذلك من آثار وبتاريخ 3/ 8/ 1982 أودع الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1558 لسنة 28 القضائية طلب فيها الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 605 لسنة 1980 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة نائب وما يترتب على ذلك من آثار وبإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 367 لسنة 1982 فيما تضمنه من عدم تعديل أقدميته في وظيفة مندوب بقرار رئيس الجمهورية رقم 416 لسنة 1980 ليكون سابقاً على السيد/ ....... وفي وظيفة نائب بقرار رئيس الجمهورية رقم 605 لسنة 1980 ليكون سابقاً على زميله المذكور وما يترتب على ذلك من آثار وبعد أن قامت هيئة مفوضي الدولة بتحضير هذين الطعنين أعدت فيهما تقريراً واحداً وقد عين لنظر الطعن رقم 1134 لسنة 28 القضائية جلسة 6/ 1/ 1985 وأخطر الطاعن بهذه الجلسة بالسجل رقم 10654 بتاريخ 13/ 11/ 1984 على محله المختار وهو مكتب محاميه الأستاذ غبريال إبراهيم، وبهذه الجلسة لم يحضر الطاعن أو أحداً عنه وقررت المحكمة ضم الطعن رقم 1558 لسنة 28 قضائية إلى الطعن رقم 1134 لسنة 28 قضائية ليصدر فيهما حكم واحد وحجزهما للحكم لجلسة 17/ 2/ 1985 وقد صدر الحكم في هذه الجلسة في الطعنين معاً ويبين مما تقدم أن الطاعن لم يخطر بتحديد جلسة لنظر الطعن رقم 1558 لسنة 28 قضائية الذي صدر فيه الحكم بالجلسة المذكورة وهو عيب شكلي في الإجراءات يبطلها لإخلاله بحق الطاعن في الدفاع يؤثر في الحكم الصادر في الطعنين رقمي 1134 لسنة 28 قضائية، 1558 لسنة 28 قضائية بجلسة 17/ 2/ 1985 ويستتبع الحكم ببطلانه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بدعوى بطلان الحكم الصادر في الدعوى رقم 1703 لسنة 30 قضائية فإن الطاعن يستند في دعواه إلى أن مسودة الحكم أودعت منطوية على أسباب فقط وبدون منطوق أو دون المنطوق على رول الجلسة المرافقة للمسودة وأن المنطوق قد تضمن رفض الطعن بينما كانت الأسباب تدور حول عدم قيام مصلحة للطاعن في طعنه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أنه إذا كانت مسودة الحكم قد أودعت في ذات الجلسة التي نطق بالحكم فيها وكان منطوق الحكم المدون على رول الجلسة المرافقة له هذه المسودة موقع عليه من الهيئة التي أصدرته وعلى وضع يستفاد منه أنه بني على ما ورد بها من أسباب فلا يتصور فصل منطوق الحكم عن الأسباب الواردة بهذه المسودة ومن ثم تكون التوقيعات المدونة على المنطوق على الوجه سالف البيان شاملة من الناحية القانونية الأسباب والمنطوق معاً وأن مجرد ورود المنطوق الموقع عليه على ورقة مستقلة لا يمكن أن يصم مثل هذا الحكم بالبطلان.
ومن حيث إنه باستقراء أسباب الحكم في الدعوى رقم 1703 لسنة 30 قضائية يبين أن الحكم قضى بأن مصلحة الطاعن ولئن بدت قائمة إلا أن أقدميته وقد استقرت بذي قبل تالية للمرقين بالقرار المطعون فيه فتكون دعواه على غير سند من القانون الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الطعن وقد ورد المنطوق منفصلاً عن مسودة الحكم ويقضي بالحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وقد تم التوقيع على المسودة وعلى رول الجلسة التي دون عليها المنطوق من أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم وليس ثمة تناقض بين ما ورد من أسباب بالحكم وبين منطوقه إذا أن كلاهما تضمن رفض العطن ولا وجه لما يدعيه الطاعن من أن أسباب الحكم تدور حول عدم قيام مصلحة الطاعن إذ أن هذه الأسباب قد أوضحت كما سبق القول بأنه وإن بدا واضحاً قيام مصلحة للطاعن في طعنه إلا أن المحكمة تقضي برفض طعنه وهو ما يتفق ويتطابق مع منطوق الحكم الذي ورد منفصلاً عن الأسباب ومن ثم لا يكون ثمة وجه للطعن بدعوى البطلان الأصلية على الحكم الصادر بجلسة 30/ 11/ 1986 في الطعن رقم 1703 لسنة 30 ق ويكون الطعن عليه بدعوى البطلان على غير أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن الطعنين رقمي 1134 لسنة 28 ق، 1558 لسنة 28 ق مهيئين للفصل فيهما.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن السيد/ ........ سبق أن أقام الطعن رقم 67 لسنة 27 قضائية أمام المحكمة الإدارية العليا بطلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 416 لسنة 1981 فيما تضمنه من تعيينه في وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة وبأحقيته في التعيين بوظيفة مندوب ضمن زملائه الذين عينوا بالمجلس بقرار رئيس الجمهورية سالف الذكر وفي الترتيب المستحق له وفقاً للقواعد التي استنها مجلس الدولة في هذا الشأن وبجلسة 3/ 4/ 1982 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم تعيين الطاعن في وظيفة مندوب بمجلس الدولة وما يترتب على ذلك من آثار وجاء في أسباب هذا الحكم أن قرار رئيس الجمهورية رقم 416 لسنة 1980 الصادر في 3/ 8/ 1980 قد خالف القانون فيما تضمنه من عدم تعيين المدعي في وظيفة مندوب بالمجلس اكتفاءً بتعيينه في وظيفة مندوب مساعد ارتكاناً على قرار غير ذي أثر صادر من المدعي ومن ثم يتعين الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 416 لسنة 1980 فيما تضمنه من عدم تعيين المدعي في وظيفة مندوب بمجلس الدولة ومن ثم يذهب المدعي في طعنه إلى أن هذا الحكم قد كشف عن مركزه في كونه أصبح معيناً في وظيفة مندوب اعتباراًً من 3/ 8/ 1980 تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 416 لسنة 1980 وينفتح أمامه ميعاد الطعن على قرار رئيس الجمهورية رقم 605 لسنة 1980 فيما تضمنه من عدم ترقيته إلى وظيفة نائب كما أن هذا الحكم وإن لم يفصل في مسألة ترتيب أقدمية الطاعن بين زملائه المعينين بالقرار سالف الذكر في وظيفة مندوب إلا أن الحكم أوضح في حيثياته أسبقيته على زملائه ومنهم السيد/ ....... وبناءً عليه تقدم الطاعن بتظلم لرئيس المجلس بتاريخ 14/ 4/ 1982 غير أنه لم يتلق ما يفيد إجابته إلى تظلمه وقد صدر بعد ذلك قرار رئيس الجمهورية رقم 367 لسنة 1982 بتعديل أقدمية المدعي في وظيفة مندوب ليكون تالياً للسيد/ ..... آخر المعينين في وظيفة مندوب بقرار رئيس الجمهورية رقم 416 لسنة 1980 ورد أقدميته في وظيفة نائب إلى 1/ 10/ 1981 تاريخ موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية على تعيين زملائه في هذه الوظيفة بقرار رئيس الجمهورية رقم 597 لسنة 1981 على أن يكون تالياً في ترتيب الأقدمية للسيد/ ........
ومن حيث إن مؤدى نص المادة 85 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 أن تحديد أقدمية من يعينون من خارج المجلس من المسائل الخاضعة لسلطة مجلس الدولة التقديرية بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية بلا معقب عليه في هذا الخصوص ما دام أن قراره الصادر في هذا الشأن خلا من عيب إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مجلس الدولة حدد أقدمية الطاعن في وظيفة مندوب باعتباره أخر المندوبين المعينين في هذه الوظيفة بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 605 لسنة 1980 وذلك إعمالا للسلطة التقديرية المخولة للمجلس وتنفيذاً لحكم الصادر لصالحه في الطعن رقم 67 لسنة 27 ق، ولم يتضمن هذا الحكم قضاء في مسألة ترتيب أقدمية الطاعن وبين زملائه المعينين بالقرار المذكور في وظيفة مندوب وليس في الأوراق ما يفيد أن مجلس الدولة قد أساء استعمال سلطة عندما حدد أقدمية الطاعن على هذا النحو لذلك يكون طلبه تعديل أقدميته في وظيفة مندوب ليكون سابقاً على زميله السيد/ ...... وإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 605 لسنة 1980 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة نائب بترتيب أقدمية سابقة على زميله المذكور على غير سند من أحكام القانون مما يتعين معه الحكم بقبول الطعنين رقمي 1134، 1558 لسنة 28 القضائية شكلاً ورفضهما موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الطعن ببطلان الحكم الصادر في الطعن رقم 1703 لسنة 30 قضائية وببطلان الحكم الصادر في الطعنين رقمي 1134، 1558 لسنة 28 قضائية وإلغائه وفي الموضوع بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً.


[(1)] يراجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 17/ 2/ 1985 في الطعنين رقمي 1134 و1558 لسنة 28 القضائية وحكمها الصادر بجلسة 7/ 7/ 1986 في الطعن رقم 3546 لسنة 29 القضائية وحكمها الصادر بجلسة 7/ 2/ 1988 في الطعن رقم 89 لسنة 32 القضائية.