أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 892

جلسة 30 من يونيه سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جرجس اسحق نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، السيد السنباطي وأحمد مكي.

(190)
الطعنان رقما 512، 531 لسنة 53 القضائية

(1) وكالة "تجاوز حدود الوكالة" "الوكالة الظاهرة" عقد "أثر العقد". حكم "تسبيبه".
التصرفات التي يعقدها الوكيل خارج حدود وكالته. الأصل عدم نفاذها في حق الأصيل إلا بإجازته. الغير الذي يتعاقد مع الوكيل. التزامه بالتحري عن صفة الوكيل وحدود الوكالة وانصراف أثرها إلى الأصيل. إسهام الأصيل بخطئه في خلق مظهر خارجي من شأنه إيهام الغير حسن النية باتساع الوكالة لهذه التصرفات. مؤداه. للغير الحق في التمسك بانصراف أثرها إلى الأصيل متى سلك في تعامله سلوكاً مألوفاً لا يشوبه خطأ غير مغتفر. (مثال).
(2) بيع "دعوى صحة التعاقد".
دعوى صحة التعاقد. اتساعها لبحث ملكية البائع للبيع كله أو بعضه - التزام المحكمة ببحث هذه الملكية. مناطه. أن تكون مثار منازعة أمامها بين الخصوم.
(3) شيوع تسجيل. قسمة. بيع.
تسجيل البيع الصادر من جميع الشركاء المشتاعين لجزء مفرز من العقار الشائع. أثره. نقل ملكية الجزء المبيع إلى المشتري مفرزاً دون توقف على إبرام عقد آخر بقسمة العقار أو بإفراز القدر المبيع.
1 - الأصل أن تصرفات الوكيل التي يعقدها خارج حدود الوكالة لا تكون نافذة في حق الأصيل إلا بإجازته وعلى الغير الذي يتعاقد مع الوكيل أن يتحرى صفته وحدودها ويتثبت من انصراف أثر تعاقده إلى الأصيل، فإذا قصر في ذلك تحمل تبعة تقصيره، إلا أنه إذا أسهم الأصيل بخطئه سلباً أو إيجاباً في خلق مظهر خارجي من شأنه أن يوهم الغير حسن النية ويجعله معذوراً في اعتقاده باتساع الوكالة لهذا التصرف فإن من حق الغير في هذه الحالة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يتمسك بانصراف أثر التصرف إلى الأصيل على أساس الوكالة الظاهرة، متى كان هذا الغير قد سلك في تعامله سلوكاً مألوفاً يشوبه خطأ غير مغتفر، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن المطعون ضده الثاني كان وكيلاً ظاهراً عن زوجته المطعون ضدها الأولى في إبرام عقدي البيع، واستخلص الحكم هذه الوكالة الظاهرة من قيام رابطة الزوجية بينهما ومظهر رب الأسرة وفقاً للعادات السائدة وبيعه هذه الشقق ضمن وحدات عمارة مخصصة للتمليك بالشروط السارية على باقي الوحدات، وقيامه بتسليم الشقق المبيعة إلى المشتري عقب البيع، وتوالى قبضه أقساط الثمن جميعها بإيصالات عديدة أصدرها بصفته وكيلاً عن زوجته وولياً طبيعياً على أولاده، وكل ذلك دون اعتراض من الزوجة منذ حدث التعاقد في عام 1974 حتى أقيمت الدعوى في عام 1978، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق ومؤدياً إلى ما انتهى إليه الحكم وكافياً لحمل قضائه في هذا الخصوص فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ولا شابه قصور في التسبيب.
2 - لئن كانت دعوى صحة التعاقد تتسع لبحث ملكية البائع للمبيع كله وبعضه حتى يتمكن المشتري عن طريق هذه الدعوى من تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل ملكية المبيع إليه، إلا أن مناط التزام محكمة الموضوع ببحث هذه الملكية أن تكون مثار منازعة أمامها بين الخصوم، فإذا لم يثر أحد منهم لديها نزاعاً في هذه الملكية فلا على المحكمة إذا لم تجد محلاً لبحثها.
3 - تسجيل البيع الصادر من جميع الشركاء المشتاعين لجزء مفرز من العقار الشائع يترتب عليه نقل ملكية الجزء المبيع مفرزاً إلى المشتري ولا يتوقف على إبرام عقد آخر بقسمة العقار أو بإفراز القدر المبيع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن في الطعن 551 لسنة 53 ق أقام الدعوى 7815 لسنة 1978 كلي جنوب القاهرة على المطعون ضدهما الأولين في هذا الطعن طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 4/ 7/ 1974، 2/ 10/ 1974 المتضمنين بيع المطعون ضده الثاني - بصفته وكيلاً عن زوجته المطعون ضدها الأولى وولياً طبيعياً على أولادهما القصر... و... و... إلى المرحوم...... الشقق الثلاث المبينة بالصحيفة وذلك لقاء ثمن قدره ستة عشر ألف جنيه لكل منها، وقال شرحاً لدعواه أنه بموجب هذين العقدين اشترى شقيقه الراحل هذه الشقق وتسليمها من المطعون ضده الثاني - بصفته تلك - وإذ توفى المشتري في 11/ 5/ 1978 عن ولده القاصر.... ورفض البائع إتمام إجراءات التسجيل فقد أقام الدعوى بصفته وصياً مختاراً على ذلك القاصر للحكم فيها بالطلبات السالفة، كما أقامت عليه الزوجة المطعون ضدها الأولى في هذا الطعن الدعوى 9106 لسنة 1978 كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بإخلاء تلك الشقق تأسيساً على أنها تمتلك أرض العقار الذي يشتمل عليها وذلك بعقد مسجل برقم 983 لسنة 1970 القاهرة وأنها لم توكل زوجها في بيعها وأن التوكيل الصادر منها لزوجها برقم 1054 لسنة 1971 توثيق الجيزة مقصور على أعمال الإدارة - ولا يشمل البيع. فأقام الطاعن الدعوى 9557 لسنة 1980 كلي جنوب القاهرة على المطعون ضدهم بطلب الحكم بصحة ونفاذ قسمة المهايأة التي تضمنها عقد الإيجار المؤرخ 2/ 6/ 1974. وقال بياناً لذلك أن هذا العقد صادر من الزوجين المطعون ضدهما الأولين إلى المطعون ضده الثالث ويتضمن إقرارهما بأن الزوجة تملك حصة قدرها الربع في العقار المشار إليه وأن الزوج يملك بصفته ولياً طبيعياً على أولاده سالفي الذكر باقي ذلك العقار، وأن الشقق موضوع النزاع تدخل في حصص هؤلاء الأولاد، وإذ كان نقل ملكية هذه الشقق تنفيذاً لعقدي البيع موضوع الدعوى الأولى يقتضي تسجيل عقد القسمة فقد أقام دعواه للحكم بصحة ونفاذ هذا العقد. ومحكمة أول درجة حكمت في الدعاوى الثلاث في 28/ 5/ 1981 بصحة ونفاذ عقدي البيع والقسمة وبرفض طلب الإخلاء. استأنفت الزوجة هذا الحكم بالاستئناف 5201 لسنة 98 ق القاهرة. وبتاريخ 9/ 1/ 1983 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من صحة ونفاذ عقد القسمة وتأييده فيما عدا ذلك. طعنت الزوجة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن 512 لسنة 53 ق. كما طعن فيه الوصي على القاصر بالطعن 551 لسنة 53 ق. وقدمت النيابة مذكرة في الطعن الأول أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه ومذكرة في الطعن الثاني ارتأت فيها رفضه. وعرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرهما معاً وفيها التزمت النيابة رأيها.
أولاً - الطعن 512 لسنة 53 ق:
حيث إن الطعن بني على سببين حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك أنه أقام قضاءه بصحة ونفاذ عقدي البيع على أن زوج الطاعنة كان وكيلاً ظاهراً عنها في إبرام هذين العقدين في حين أنهما غير نافذين في حقها لأن التوكيل الصادر منها لزوجها لا يفوضه في البيع وكان على المشتري وهو محام أن يتحقق من قيام هذه الوكالة وحدودها.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه وإن كان الأصل أن تصرفات الوكيل التي يعقدها خارج حدود الوكالة لا تكون نافذة في حق الأصيل إلا بإجازته وعلى الغير الذي يتعاقد مع الوكيل أن يتحرى صفته وحدودها ويتثبت من انصراف أثر تعاقده إلى الأصيل، فإذا قصر في ذلك تحمل تبعة تقصيره، إلا أنه إذا أسهم الأصيل بخطئه سلباً أو إيجاباً في خلق مظهر خارجي من شأنه أن يوهم الغير حسن النية - ويجعله معذوراً في اعتقاده - باتساع الوكالة لهذا التصرف فإن من حق الغير في هذه الحالة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يتمسك بانصراف أثر التصرف إلى الأصيل على أساس الوكالة الظاهرة متى كان هذا الغير قد سلك في تعامله سلوكاً مألوفاً لا يشوبه خطأ غير مغتفر، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن المطعون ضده الثاني كان وكيلاً ظاهراً عن زوجته المطعون ضدها الأولى في إبرام عقدي البيع، واستخلص الحكم هذه الوكالة الظاهرة من قيام رابطة الزوجية بينهما ومظهر رب الأسرة وفقاً للعادات السائدة، وبيعه هذه الشقق ضمن وحدات عمارة مخصصة للتمليك بالشروط السارية على باقي الوحدات، وقيامة بتسليم الشقق المبيعة إلى المشتري عقب البيع وتوالى قبضه أقساط الثمن جميعها بإيصالات عديدة أصدرها بصفته وكيلاً عن زوجته وولياً طبيعياً على أولاده وكل ذلك دون اعتراض من الزوجة منذ حدث التعاقد في عام 1974 حتى أقيمت الدعوى في عام 1978، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق ومؤدياً إلى ما انتهى إليه الحكم وكافياً لحمل قضائه في هذا الخصوص فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ولا شابه قصور في التسبيب ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه قضى بصحة ونفاذ عقدي البيع موضوع الدعوى دون أن يعرض لبحث ملكية بائعي الشقق محل النزاع.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه وإن كانت دعوى صحة التعاقد تتسع لبحث ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه حتى يتمكن المشتري عن طريق هذه الدعوى من تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل ملكية المبيع إليه إلا أن مناط التزام محكمة الموضوع ببحث هذه الملكية أن تكون مثار منازعة أمامها بين الخصوم، فإذا لم يثر أحد منهم لديها نزاعاً في هذه الملكية فلا على المحكمة إذا لم تجد محلاً لبحثها، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن ملكية البائعين للشقق موضوع الدعوى لم تكن محل منازعة أمام محكمة الموضوع فإن ما تثيره الطاعنة بهذا السبب يكون في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض هذا الطعن.
ثانياً - الطعن 551 لسنة 53 ق:
حيث إن حاصل سبب هذا الطعن أن الحكم أقام قضاءه برفض دعوى صحة ونفاذ عقد القسمة على تخلف شرط إعسار المدين أو زيادة إعساره في حين أنه يكفي لتحقق هذا الشرط في الدعوى غير المباشرة ألا يقوم المدين بتنفيذ التزامه بنقل ملكية العين المبيعة متى كانت لا تعد لها عين أخرى.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان تسجيل البيع الصادر من جميع الشركاء المشتاعين لجزء مفرز من العقار الشائع يترتب عليه نقل ملكية الجزء المبيع مفرزاً إلى المشتري ولا يتوقف على إبرام عقد آخر بقسمة العقار أو بإفراز القدر المبيع، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بصحة ونفاذ عقدي البيع موضوع الدعوى على أنهما صدرا من المطعون ضده الثاني بصفته وكيلاً ظاهراً عن زوجته المطعون ضدها الأولى وولياً طبيعياً على أولادهما... و... و...، وهم بإقرار الزوجين جميع ملاك العقار الشائع الذي يشتمل على الشقق المبيعة بهذين العقدين، وكان مؤدى ذلك أن تسجيل هذا الحكم يكفل للمشتري الحق في نقل ملكية هذه الشقق مفرزة بذاتها من جميع الملاك دون أن يتوقف ذلك على إبرام أية قسمة فيما بينهم، وهو ما تنعدم معه مصلحة الطاعن في رفع دعواه بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد القسمة المشار إليه، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن بهذا السبب - أياً كان وجه الرأي فيه - وفي تلك الدعوى ذاتها يكون غير منتج ومن ثم يتعين رفض الطعن.