أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 907

جلسة 25 من أكتوبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ أحمد ضياء عبد الرازق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طلعت أمين صادق، محمد عبد القادر سمير، حماد الشافعي وزكريا الشريف.

(193)
الطعن رقم 2165 لسنة 56 القضائية

(1 - 2) عمل "العاملون بالقطاع العام" ترقية. دعوى "المصلحة في الدعوى.
(1) ترقية العاملين بالقطاع العام. ماهيتها. الترقية الخاطئة لا تكسب أحد حقاً. جواز سحبها مهما طال الوقت عليها. علة ذلك.
(2) انتهاء الحكم المطعون فيه صحيحاً إلى عدم استحقاق الطاعن لوظيفة مدير إدارة قانونية. انعدام مصلحته فيما يثيره بشأن ترقية المطعون ضده الرابع لتلك الوظيفية.
(3) عمل "العاملون بالقطاع العام". إدارات قانونية. ترقية.
بدء تطبيق قواعد ترقية مديري وأعضاء الإدارات القانونية الخاضعة للقانون رقم 47 لسنة 1973 من تاريخ العمل بقرار وزير العدل رقم 781 لسنة 1978، مؤدى ذلك. خضوع الترقيات السابقة للقواعد والنظم الأخرى السارية وقت إجرائها.
1 - مؤدى نص المادة الثانية والمادة الثالثة من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن جدول التوصيف هو النظام الأساسي الذي ينظم شئون العاملين بالشركة، مما لازمه أن ترقية العامل لإحدى الوظائف الواردة به لا يكون إلا تطبيقاً لما تضمنه من قواعد آمرة ومقيدة تنعدم فيها السلطة التقديرية للشركة من حيث المنح والحرمان، فلا يعد قرارها منشئاً لمركز قانوني خاص، وإنما مجرد تنفيذ وتقرير للحق في الترقية الذي يستمده العامل من القانون مباشرة، ومن ثم يجوز للشركة سحبه في أي وقت متى استبان لها خطأه ومخالفته لما حدده من قبل جدول تعادل الوظائف من اشتراطات يجب توافرها فيمن يشغلها، إذ ليس هناك حق مكتسب في هذه الحالة يمتنع عليها المساس به.
2 - لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن بطلان نقل المطعون ضده الرابع إلى الشركة عام 1968 وترقياته التي تمت بعد ذلك بما في ذلك ترقيته بمقتضى القرار رقم... إلى وظيفة مدير إدارة الشئون القانونية طالما أن الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً إلى أنه غير مستحق لهذه الوظيفة.
3 - مفاد نص المادتين 14، 28 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها، والمادة السادسة من قرار وزير العدل رقم 781 لسنة 1978 بلائحة قواعد تعيين وترقية ونقل وندب وإعارة مديري وأعضاء الإدارات القانونية بالهيئات العامة وشركات القطاع العام والمعمول به من تاريخ نشره في 28/ 3/ 1978 - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن قواعد ترقية مديري وأعضاء الإدارات القانونية الخاضعة للقانون رقم 47 لسنة 1973 والواردة بنص المادة 14 منه لا تجد مجالاً للتطبيق إلا من تاريخ العمل بأحكام قرار وزير العدل المشار إليه باعتبار أن القواعد التي تضمنها هذا القرار هي قواعد متممه ولازمة لأعمال هذه المادة، مما مؤداه أن الترقيات التي تتم في الفترة السابقة على العمل بهذا القرار تظل خاضعة للقواعد والنظم الأخرى السارية وقت إجرائها أعمالاً لنص المادة 28 من القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 761 لسنة 1976 عمال كلي جنوب القاهرة على المطعون ضدهم الثلاث الأول بطلب الحكم أصلياً ببطلان وانعدام قرار الشركة المطعون ضدها الأولى رقم 99 لسنة 1976 بكامل أجزائه واعتباره كأن لم يكن هو وكافة ما ترتب عليه من آثار، واحتياطياً بعدم الاعتداد بما تضمنه هذا القرار من تخفيض وظيفته من مدير إدارة قانونية بالفئة الثانية إلى وظيفة مراقب فتوى وعقود بالفئة الثالثة، وتخفيض مرتبه وبدل التفرغ، وحرمانه من بدل الانتقال، واعتبار القرار كأن لم يكن وإلغاء ما ترتب عليه من آثار، وأحقيته في المعاملة مالياً ووظيفياً على أساس الوضع السابق، وفي الحالين إلزام المطعون ضدها الأولى أن تدفع له تعويضاً قدره 2000.00 ج، وقال بياناً لدعواه أنه بتاريخ 18/ 4/ 1974 نقل للعمل لدى المطعون ضدها الأولى التي أصدرت في 31/ 12/ 1974 القرار رقم 315 لسنة 1974 بترقيته إلى وظيفة مدير إدارة قانونية بالفئة الثانية، وأنه بموجب قرارها الصادر في 15/ 4/ 1976 برقم 99 لسنة 1976 - عادت وسحبت القرار بأثر رجعي من 31/ 12/ 1974 وقامت بترقية الأستاذ...... "المطعون ضده الرابع" بدلاً منه اعتباراً من هذا التاريخ الأخير بمقولة عدم استيفاء الطاعن مدة الخبرة المقررة لشغل الوظيفة التي رقي إليها، وإذ كان القرار الأخير قد صدر ممن لا يملكه ووقع باطلاً ومنعدماً، كما أن مركزه القانوني من حيث طريقة حساب مدة خبرته سبق وأن تحدد في الجهة التي نقل منها ولا يجوز المساس بترقيه كأثر من آثار هذا المركز، علاوة على ما لحقه من ضرر مادي وأدبي من جراء سحب قرار الترقية فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان طلب المطعون ضده الرابع قبول تدخله في الدعوى منضماً للمطعون ضدها الأولى، وبتاريخ 12/ 3/ 1977 قضت المحكمة بقبول التدخل وبندب خبير في الدعوى، وبعد أن قدم الخبير تقريره أضاف الطاعن إلى طلباته طلب الحكم من باب الاحتياط الكلي ببطلان وانعدام نقل الخصم المتدخل إلى المطعون ضدها الأولى وبطلان وانعدام ترقيات المذكور التالية للنقل ومنها ترقيته بالقرار رقم 99 لسنة 1976 وعدم الاعتداد بنقله وترقياته في حق الطاعن. عدل الخصم المتدخل طلباته، وقضت المحكمة في 17/ 2/ 1979 برفض الدعوى الأصلية وبعدم قبول الطلبات العارضة المقدمة من الخصم المتدخل. استأنف المطعون ضده الرابع هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 521 لسنة 96 ق. كما استأنفه الطاعن أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 530 لسنة 96 ق. وبتاريخ 23/ 12/ 1979 حكمت المحكمة بإثبات ترك الخصومة في الاستئناف رقم 521 لسنة 96 ق، وفي الاستئناف رقم 530 لسنة 96 ق بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 423 لسنة 50 ق. وبتاريخ 28/ 4/ 1985 نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة التي حكمت بتاريخ 11/ 5/ 1986 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرة وفيها التزمت النيابة رأيها.
حيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من ثلاثة أوجه ينعى الطاعن بالوجهين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على سند من أن مدة خبرته الفعلية في مجال العمل القانوني لم تبدأ إلا من تاريخ اعتباره نظيراً في 1/ 7/ 1962 ولا يتوافر به بالتالي أحد شروط شغل وظيفة مدير إدارة الشئون القانونية التي سحبت المطعون ضدها الأولى ترقيته إليها بمقتضى القرار رقم 99 لسنة 1976 وهو انقضاء أربعة عشر عاماً خبرة من تاريخ قيده بنقابة المحامين، في حين أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن بطاقة توصيف هذه الوظيفة الصادرة طبقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 61 لسنة 1971 لم تحدد ماهية الخبرة المطلوبة ولم تشترط انقضاء فترة زمنية بعد القيد بنقابة المحامين لشغلها وإنما أكتفت بمعرفة القوانين واللوائح والقدرة على الإشراف، هذا إلى أن الحكم قد اعتبر القرار رقم 99 لسنة 1976 شاملاً نقل المطعون ضده الرابع وترقيته إلى الوظيفة سالفة الذكر وخلص في قضائه إلى أن نقله وترقيته بهذا القرار قد تحصنا، مع أن الثابت في الأوراق أنه نقل إلى الشركة المطعون ضدها الأولى في عام 1968، كما أن هذا القرار الصادر بترقيته لا يتحصن إلا بمضي خمسة عشر عاماً على تاريخ صدوره وهو لا يزال مطعوناً عليه بالطعن الماثل وثبت من تقرير الخبير بطلان نقله وترقياته التي تمت بعد ذلك وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت المادة الثانية من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 تنص على أنه "يكون لكل مؤسسة أو وحدة اقتصادية جدول توصيف للوظائف والمرتبات يتضمن وصف كل وظيفة وتحديد واجباتها ومسئولياتها والاشتراطات اللازم توافرها فيمن يشغلها وترتيبها في داخل إحدى مستويات الجدول الملحق بهذا النظام" وتنص المادة الثالثة من هذا النظام على أنه "يشترط فيمن يعين عاملاً ما يأتي:... (7) أن يكون مستوفياً لمواصفات الوظيفة المطلوب شغلها وفقاً لجداول التوصيف..." فإن مؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن جدول التوصيف هو النظام الأساسي الذي ينظم شئون العاملين بالشركة، بما لازمه أن ترقية العامل لإحدى الوظائف الواردة به لا يكون إلا تطبيقاً لما تضمنه من قواعد آمره ومقيدة تنعدم فيها السلطة التقديرية للشركة من حيث المنح والحرمان، فلا يعد قرارها منشئاً لمركز قانوني خاص، وإنما مجرد تنفيذ وتقرير للحق في الترقية الذي يستمده العامل من القانون مباشرة، ومن ثم يجوز للشركة سحبه في أي وقت متى استبان لها خطأه ومخالفته لما حدده من قبل جدول تعادل الوظائف من اشتراطات يجب توافرها فيمن يشغلها إذ ليس هناك حق مكتسب في هذه الحالة يمتنع عليها المساس به، ولما كانت بطاقة توصيف وظيفة مدير إدارة الشئون القانونية تشترط لشغلها الحصول على ليسانس الحقوق وخبره أربعة عشر عاماً مع القيد في جدول المحامين المشتغلين فضلاً عن معرفة كبيرة بالقوانين واللوائح والتعليمات والنظم والأسس الفنية التي تحكم العمل وقدرة كبيرة على الإشراف والتوجيه والبحث والدراسة ولا يمكن أن تكون مدة الخبرة التي اشترطتها بطاقة التوصيف لشغل هذه الوظيفة إلا مدة خبرة فعلية في مجال العمل المنوط بشاغلها، أي في مجال العمل القانوني دون أي عمل آخر خلافه إذ هي وحدها التي تؤهله لممارسة اختصاصاتها ومسئولياتها، لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن الطاعن وإن كان قد حصل على شهادة التوجيهية عام 1953 وعين مدرساً بوزارة التربية والتعليم بهذا المؤهل اعتباراً من 18/ 10/ 1954 وظل يعمل في هذه الوظيفة رغم حصوله على ليسانس الحقوق دور يناير عام 1960 إلى أنه استقال وتم رفع اسمه اعتباراً من 1/ 5/ 1961 لأنه عين بتاريخ 30/ 4/ 1961 بمؤسسة الأبنية العامة التابعة لوزارة الإسكان على الدرجة السادسة الإدارية، إلا أن خبرته الفعلية في مجال العمل القانوني لم تبدأ إلا بعد أن تم تشكيل الإدارة القانونية بهذه المؤسسة وإلحاقه بها اعتباراً من 1/ 7/ 1962 وهو التاريخ الذي اعتدت به لجنة قبول المحامين بمحكمة استئناف القاهرة في اعتباره نظيراً. وإذ كان الطاعن لم يستكمل من هذا التاريخ وحتى 31/ 12/ 1974 تاريخ ترقيته إلى وظيفة مدير إدارة الشئون القانونية بالشركة المطعون ضدها الأولى مدة الأربعة عشر عاماً خبرة في مجال العمل القانوني التي اشترطتها بطاقة توصيف هذه الوظيفة فيمن يشغلها فإنه لا يكون مستحقاً للترقية إليها، ويكون قرار الشركة رقم 99 الصادر في 15/ 4/ 1976 بإلغاء هذه الترقية الخاطئة قائماً على سند من القانون وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في قضائه، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، لما كان ما تقدم وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن بطلان نقل المطعون ضده الرابع إلى الشركة عام 1968 وترقياته التي تمت بعد ذلك بما في ذلك ترقيته بمقتضى القرار رقم 99 لسنة 1976 إلى وظيفة مدير إدارة الشئون القانونية طالما أن الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً إلى أنه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أنه رقي إلى الفئة الثانية في وظيفة مدير إدارة الشئون القانونية وثبتت صلاحيته لشغل هذه الوظيفة من اللجنة المشكلة طبقاً لنص المادة 17 من القانون رقم 47 لسنة 1973، ومن ثم فإن هذه اللجنة تكون هي المختصة بكافة شئونه من تاريخ نفاذ هذا القانون في 1/ 7/ 1975 دون مجلس إدارة الشركة أو لجنة شئون العاملين بها عملاً بأحكام القانون رقم 61 لسنة 1971 ولما كانت الشركة المطعون ضدها الأولى قد أصدرت مع ذلك القرار رقم 99 لسنة 1976 بسحب ترقيته سالفة الذكر فإن هذا القرار يكون باطلاً لأنه صدر ممن لا يملك إصداره وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في قضائه وطبق على واقعة الدعوى أحكام القانون رقم 61 لسنة 1971 فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادتين 14، 28 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها، والمادة السادسة من قرار وزير العدل رقم 781 لسنة 1978 بلائحة قواعد تعيين وترقية ونقل وندب وإعارة مديري وأعضاء الإدارات القانونية بالهيئات العامة وشركات القطاع العام والمعمول به من تاريخ نشره في 28/ 3/ 1978 - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن قواعد ترقية مديري وأعضاء الإدارات القانونية الخاضعة للقانون رقم 97 لسنة 1973 والواردة بنص المادة 14 منه لا تجد مجالاً للتطبيق إلا من تاريخ العمل بأحكام قرار وزير العدل المشار إليه باعتبار أن القواعد التي تضمنها هذا القرار هي قواعد متممة ولازمة لأعمال هذه المادة، مما مؤداه أن الترقيات التي تتم في الفترة السابقة على العمل بهذا القرار تظل خاضعة للقواعد والنظم الأخرى السارية وقت إجرائها إعمالاً لنص المادة 28 من القانون، لما كان ذلك وكانت المطعون ضدها الأولى قد أصدرت القرار رقم 99 لسنة 1976 بإلغاء ترقية الطاعن إلى وظيفة مدير إدارة الشئون القانونية بها قبل تاريخ العمل بقرار وزير العدل سالف الذكر فإنه يخضع للأحكام العامة الواردة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام دون القانون رقم 47 لسنة 1973 الذي يتحدى به الطاعن، وإذ طبق الحكم المطعون فيه على واقعة الدعوى أحكام القانون رقم 61 لسنة 1971 سالف البيان فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.