مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1073

(116)
جلسة 17 من مارس سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ مصطفى الفاروق محمد الشامي ود/ أحمد مدحت حسن علي وعويس عبد الوهاب عويس وأحمد أمين حسان محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 983 لسنة 35 القضائية

( أ ) دعوى - تأديب - اختصاص المحاكم التأديبية - قرارات التحميل.
المادتان 10 و15 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 - اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية التي تقع من العاملين المدنيين بالمؤسسات العامة وما يتبعها من وحدات - المحاكم التأديبية هي صاحبة الولاية العامة في شئون التأديب ويشمل اختصاصها كل ما يتصل بالتأديب أو يتفرع عنه - أثر ذلك: أن ولايتها لا تقتصر على الطعون المباشرة في قرارات الجزاءات وإنما تمتد إلى الطلبات الأخرى المرتبطة - شرط ذلك: يكفي لانعقاد هذا الاختصاص للمحكمة التأديبية بنظر الدعوى بطلب الحكم ببطلان الخصم من مرتب العامل أن يكون هذا الخصم مستنداً إلى المخالفة التي ارتكبها ولو لم يصدر ضد العامل قرار بمجازاته عنها - يعتبر الخصم في هذه الحالة جزاءً تأديبياً غير مباشر طالما أنه يستند إلى المخالفة المنسوبة للعامل وليس إلى قاعدة من القواعد العامة المحددة لمستحقات الوظيفة - قرار التحميل ليس من الجزاءات التأديبية المقررة قانوناً لكنه يرتبط ارتباط الفرع بالأصل لقيامه على أساس المخالفة التأديبية المنسوبة للعامل وهو ذات الأساس الذي يقوم عليه قرار الجزاء عن هذه المخالفة فيما لو قدرت الجهة الإدارية إعمال سلطتها التأديبية قبل العامل عن المخالفة - أساس ذلك: قاضي الأصل هو قاضي الفرع - يتعين للمحكمة التأديبية الاختصاص بالفصل في مدى إلزام العامل بما تحملته جهة الإدارة من مبالغ بسبب هذه المخالفة يستوي في ذلك أن يكون طلب العامل قد قدم إلى المحكمة التأديبية مقترناً بطلب إلغاء الجزاء التأديبي أو قدم إليها على استقلال وبغض النظر عما إذا كان التحقيق مع العامل قد انتهى إلى توقيع جزاء تأديبي أو لم ينته إلى ذلك - تطبيق.
(ب) مسئولية - مسئولية أمناء المخازن وأرباب العهد - مناطها. (عامل بالقطاع العام).
يتعين للمساءلة الإدارية أن يكون قد وقع من العامل تصرف أو فعل ثابت لا وجه للتشكيك فيه بل بشكل محدد قاطع وإلا افتقدت المسئولية سندها - مسئولية صاحب العهدة عن العجز فيها منوطة بأن يكون له السيطرة الواقعية والفعلية عليها وأن ينفرد وحده بهذه السيطرة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 2/ 3/ 1989 أودع الأستاذ/ إسماعيل أبو النجا المحامي بصفته وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة شركة الإسكندرية للمجمعات الاستهلاكية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 983 لسنة 35 ق عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 31/ 12/ 1988 في الطعن رقم 133 لسنة 29 ق القاضي ببطلان خصم مبلغ 1398 جنيهاً من أجر السيدين..... و...... مع ما يترتب على ذلك من آثار ورد ما سبق خصمه من أجرهما استيفاء لهذا المبلغ.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً ووقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه، ورفض الدعوى المقامة من المطعون ضدهما مع إلزامهما المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهما.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه للأسباب المبينة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/ 10/ 1990 حيث قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 6/ 2/ 1991 وقد تدوول نظره أمامها على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، وبجلسة 29/ 10/ 1991 قررت حجزه للحكم بجلسة 22/ 12/ 1991 ثم مد أجل النطق به لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 31/ 12/ 1988 وطعن فيه بتاريخ 2/ 3/ 1989، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية، ومن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث الموضوع فإن عناصر المنازعة تخلص في أن المطعون ضدهما أقاما في 29/ 12/ 1971 الدعوى رقم 1145 لسنة71 عمال كلي أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طالبين الحكم بعدم أحقية شركة الإسكندرية للمجمعات الاستهلاكية الطاعنة في خصم أجر خمسة أيام من راتب كل منهما وفاء لمبلغ 1398 جنيهاً وإلزامها برد ما تم خصمه منهما مع إلزامها المصاريف.
وشرحا لدعواهما قال الطاعنان إن الشركة المطعون ضدها أصدرت في 24/ 4/ 1971 قراراً بخصم أجر خمسة أيام من راتب كل منهما شهرياً بزعم وجود عجز في عهدتهما قدره 1398 جنيهاً، ولما كان هذا الخصم لا أساس له من الصحة، فقد أقاما دعواهما للحكم لهما بما تقدم، وبجلسة 29/ 6/ 1972 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر النزاع وإحالة الدعوى إلى محكمة العمال الجزئية بالإسكندرية التي حكمت بدورها بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية التي حكمت بجلسة 31/ 12/ 1988 ببطلان ما خصم من الطاعنين تأسيساً على أن أياً منهما لم تكن له السيطرة وحده على عهدة البقالة بالمجمع الذي كانا يعملان به فقد كان ينفرد أحدهما أحياناً دون الآخر باستلام البضاعة والتصرف فيها، وكان يشترك أحياناً في ذلك رئيس المجمع أو كاتبه، وذلك لا يصدق على أي من الطاعنين أنه صاحب عهدة خلال فترة الجرد المعنية وبالتالي يكون قرار الشركة المطعون ضدها بتحميل الطاعنين بمبلغ 1398 جنيهاً قيمة عجز عهدة البقالة بمجمع رأس التين حيث كانا يعملان خلال فترة ظهور العجز والخصم من راتبهما بواقع أجر خمسة أيام شهرياً استيفاء لهذا المبلغ، قد جاء مفتقداً إلى السند الصحيح من الواقع أو القانون متعيناً الحكم ببطلانه ورد ما سبق خصمه.
وتؤسس الشركة الطاعنة طعنها على هذا الحكم إلى أنه مخالف للقانون مشوب بالخطأ في تفسيره للأسباب التالية:
1 - أخطأ الحكم المطعون فيه حين رفض دفع الشركة الطاعنة بعدم قبول دعوى المطعون ضدهما لرفعها بعد الأجل المحدد بقانون العاملين بالقطاع العام وقانون مجلس الدولة ذلك أن قرار الجزاء ضد المطعون ضدهما صدر في 24/ 4/ 1971 وأقام المذكوران دعواهما في 29/ 12/ 1971 أي بعد فوات المواعيد القانونية وبالتالي كان يتعين الحكم بعدم قبولها، كما أن الحكم المطعون فيه تجاهل أحكام القانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل في مواده أرقام 54، 111، 112 إذ أن تحميل المطعون ضدهما مناصفة قيمة العجز تم استناداً إلى المادة 54 من هذا القانون، ولم يطعن المذكوران على قرار الخصم أمام اللجنة المنصوص عليها بالمادتين 111 و112 من القانون المشار إليه ولذلك تكون دعواهما قائمة على غير أساس من القانون لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.
2 - أن الحكم المطعون فيه أخطأ عندما تصدى للفصل في موضوع الدعوى، إذ أن اختصاص المحاكم التأديبية بمجلس الدولة يقتصر بالنسبة للعاملين بالقطاع العام على الفصل في الدعوى التأديبية المبتدأة والطعن في القرارات التأديبية وغيرها من الطلبات المرتبطة، ولما كان طلب بطلان تحميل الطاعنين يرتبط ارتباطاً كلياً بطلب إلغاء قرار مجازاتهما بخصم خمسة أيام وهو ما لم يتم الطعن عليه خلال الميعاد القانوني ومن ثم لا يجوز للمحكمة التصدي لطلب بطلان الخصم خاصة إذا ما وضع في الاعتبار أن ذلك القرار لم يطعن عليه طبقاً للإجراءات القانونية.
3 - فساد الاستدلال والقصور في البيان، إذ أن التحقيقات التي أجرتها النيابة أثبتت أن هناك تلاعباً من جانبهما في العهد المسلمة إليهما، ومن ثم تتوافر في حقهما جريمة الاختلاس بمفهومها الإداري مما يتعين معه مؤاخذتهما تأديبياً، وبالإضافة إلى ذلك فإن المطعون ضدهما قررا في التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة والنيابة الإدارية أن العجز المنسوب إليهما يرجع إلى تلف البضاعة وفوارغ لم تدخل في الحساب، وأنهما يوقعان على محاضر الاستلام الخاصة بمواد البقالة ويشتركان معاً في عملية البيع واستلام البضاعة، ولما كان المطعون ضدهما لم يعترضا على النظام المعمول به، ولم يوجه أحدهما اتهاماً للآخر خلال فترة حدوث العجز موضوع المساءلة ومن ثم تكون جريمة الاختلاس قائمة في حقهما على هذا النحو وقدمت الشركة الطاعنة مذكرة بدفاعها.
ومن حيث إنه بالاطلاع على الأوراق يبين أنه في عام 1965 أبلغت شركة إسكندرية للمجمعات الاستهلاكية النيابة العامة أنه بجرد عهدة العاملين..... و...... من أصناف البقالة عن الفترة من 1/ 7/ 1963 إلى 30/ 12/ 1964 تبين وجود عجز بها قدره 1345.653 جنيهاً، كما تبين وجود عجز بعهدتهما عن الفترة من 1/ 7/ 1965 إلى 29/ 2/ 1966 قدره 212.906 جنيهاً إلا أن النيابة العامة رأت في 13/ 6/ 1971 أن الأوراق خالية من دليل يقطع بأن المتهمين قد اختلسا قدر العجز المنسوب إليهما، ولذلك انتهت إلى حفظ الأوراق إدارياً، فتم إبلاغ النيابة الإدارية التي ارتأت حفظ الموضوع لعدم ثبوت المخالفة المنسوبة للمذكورين في حقهما بحكم أنهما خلال الفترة المحددة للعجز ثبت غيابهما في أجازات لفترات طويلة كل على حدة، وأن أحدهما كان ينفرد أحياناً بالعمل دون الآخر، وبالتالي لا يمكن القطع بمن هو المسئول عن العجز فالمخالفة شائعة بينهما على وجه يصعب معه تحديد من منهما هو الذي ارتكب المخالفة فأصدرت الشركة الطاعنة قراراً في 24/ 4/ 1971 بخصم خمسة أيام من أجر كل من المطعون ضدهما شهرياً لحين سداد قيمة العجز المنسوب إليهما فأقام المطعون ضدهما الدعوى رقم 1145 لسنة 71 أمام محكمة العمال الكلية بالإسكندرية طالبين الحكم بعدم أحقية الشركة الطاعنة في إصدار قرار الخصم المشار إليه، فحكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر هذه الدعوى وإحالتها إلى محكمة العمال الجزئية التي حكمت بدورها بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها وإحالتها إلى المحكمة التأديبية بمجلس الدولة التي قضت بجلسة 31/ 12/ 1988 ببطلان خصم مبلغ 1398 جنيهاً من أجر المطعون ضدهما مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية:
..... (13) الطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام في الحدود المقررة قانوناً".
وتنص المادة 15 على أن "تختص المحاكم التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية التي تقع من:
أولاً: العاملين المدنيين..... بالمؤسسات العامة وما يتبعها من وحدات....".
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن المحاكم التأديبية هي صاحبة الولاية العامة في شئون التأديب وأن اختصاصها يشمل كل ما يتصل بالتأديب أو يتفرع عنه.
كما جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن المنازعة في الخصم من المرتب والحرمان منه لا تتقيد بالميعاد الذي نص عليه القانون لإلغاء قرارات الجزاءات التأديبية حتى ولو كانا مرتبطين بقرار جزاء ومتفرعين منه، إذ أن الخصم أو الحرمان ليسا من قرارات الجزاءات التي يخضع الطعن عليها لميعاد حدده القانون.
ومن حيث إن التكييف القانوني السليم للدعوى التي أقامها المطعون ضدهما أمام المحكمة العمالية وأحيلت إلى المحكمة التأديبية للاختصاص هي أنها رغم أن ظاهرها طعن على قرار جزاء بالخصم من المرتب إلا أن هذا الخصم شهري إلى أن يتم سداد العجز في العهدة المنسوب إليهما، وبالتالي لا يعد جزاءً تأديبياً مباشراً بالمعنى الصحيح بحسبان أنه لم يرد في القانون جزاء بخصم شهري من المرتب لحين سداد قيمة المخالفة وإنما جاء خصم من المرتب مرة واحدة عن المخالفة.
والتكييف السليم لدعوى المطعون ضدهما هي أنها دعوى بطلان ما تقرر بالنسبة لهما من خصم شهري من مرتبهما بما يعادل أجر خمسة أيام استيفاء لعجز، وهذه المنازعة لا تخضع للمواعيد القانونية لرفع دعوى الإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن دعوى المطعون ضدهما لا تتقيد بالمواعيد والإجراءات المقررة قانوناً، فإنه يكون قد أصاب الحقيقة ويكون ما تذهب إليه الشركة الطاعنة في هذا الصدد لا سند له من القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن المشرع قد خلع على المحاكم التأديبية الولاية العامة للفصل في مسائل تأديب العاملين وأن ولايتها هذه لا تقتصر على الطعون المباشرة في قرارات الجزاءات وإنما تمتد إلى الطلبات الأخرى المرتبطة وأنه يكفي لانعقاد الاختصاص للمحكمة التأديبية بنظر الدعوى بطلب الحكم ببطلان الخصم من مرتب العامل أن يكون هذا الخصم مستنداً إلى المخالفة التي ارتكبها ولو لم يصدر ضد العامل قرار بمجازاته عنها، إذ يعتبر الخصم في هذه الحالة جزاءً تأديبياً غير مباشر طالما أنه يستند إلى المخالفة المنسوبة إلى العامل، وليس إلى قاعدة من القواعد المنظمة العامة المحددة لمستحقاته الوظيفية، وتبعاً لذلك فإن إلزام العامل بقيمة ما تحملته جهة الإدارة من أعباء مالية بسبب تقصيره وإن لم يكن في ذاته من الجزاءات التأديبية المقررة قانوناً، إلا أنه يرتبط بها ارتباط الفرع بالأصل لقيامه على أساس المخالفة التأديبية المنسوبة إلى العامل وهو ذات الأساس الذي يقوم عليه قرار الجزاء من هذه المخالفة فيما لو قدرت الجهة الإدارية إعمال سلطتها التأديبية قبل العامل عن المخالفة وبهذه المثابة فإنه باعتبار أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع يتعين للمحكمة التأديبية الاختصاص بالفصل في مدى إلزام العامل بما تحملته جهة الإدارة من مبالغ بسبب هذه المخالفة يستوي في ذلك أن يكون طلب العامل قد قدم إلى المحكمة التأديبية مقترناً بطلب إلغاء الجزاء التأديبي أو قدم إليها على استقلال وبغض النظر عما إذا كان التحقيق مع العامل قد انتهى إلى توقيع جزاء تأديبي أو لم ينته إلى ذلك.
وبناء على ما تقدم يكون ما تذهب إليه الشركة الطاعنة من عدم اختصاص المحكمة التأديبية بموضوع الدعوى المقامة من المطعون ضدهما لا سند له من القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث الموضوع فإنه بالاطلاع على الأوراق خاصة تحقيقات النيابة التي حفظت التحقيق سواء النيابة العامة أو النيابة الإدارية يبين أن العمل قد جرى بمجمع رأس التين حيث كان يعمل المطعون ضدهما على أن يتولى أحد العاملين المذكورين أعمال استلام البضاعة في حالة غياب الآخر، وفي حالة وجودهما ينفرد أحدهما بتسليم البضاعة المباعة إلى العملاء، وقد قررت النيابة أن الأوراق خالية من دليل يقطع بأن المذكورين قد اختلسا قدر العجز المنسوب إليهما، وأن المسئولية شائعة بينهما، وقد بررا العجز بوجود تلف في البضاعة وفوارغ لم تدخل في الحساب، فضلاً على أنه ثبت خلال الفترة التي حدث بها العجز المنسوب لهما، فإن كلاً منهما قد تغيب عن العمل في إجازات عدة مرات ولفترات طويلة مما يحول دون الجزم بمن فيهما المسئول عن العجز، إذ كان الحاضر منهما ينفرد بالعمل وحده سواء بالاستلام أو بيع البضاعة وتسليمها.
ومن حيث إنه يتعين للمساءلة الإدارية أن يكون قد وقع من العامل تصرف أو فعل ثابت لا وجه للتشكيك فيه، بل بشكل محدد قاطع وإلا افتقدت المسئولية سندها، وهو ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا حيث قررت في العديد من أحكامها أن مسئولية صاحب العهدة عن العجز فيها، منوطة بأن يكون له السيطرة الكاملة الواقعية والفعلية عليها، وأن ينفرد وحده بهذه السيطرة، فإذا لم تتحقق فلا وجه لمساءلته عن أي عجز من العهدة وتحميله قيمتها.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم أن المطعون ضدهما لم تكن لأي منهما على حدة وبصفة انفرادية السيطرة على مواد البقالة في مجمع رأس التين بالإسكندرية خلال الفترة التي نسب فيها إليهما وجود عجز قدرته الشركة بمبلغ 1398 جنيهاً، ومن ثم فإنه لا وجه لتحميلهما قيمة هذا العجز ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى هذه النتيجة قد قام على سند صحيح من الواقع والقانون، بخلاف الطعن الماثل الذي يكون جديراً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.