أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 915

جلسة 26 من أكتوبر سنة 1987

برئاسة السيد/ المستشار د. عبد المنعم بركة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فؤاد بدر نائب رئيس المحكمة، كمال نافع، محمد مصباح ويحيى عارف.

(194)
الطعن رقم 2137 لسنة 50 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن" الإخلاء لإساءة الاستعمال.
إخلاء المستأجر لاستعماله العين بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة وتضر بمصلحة المؤجر. م 31/ جـ ق 49 لسنة 1977. وجوب إعذاره بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل نشوء المخالفة. بقاء الضرر رغم إزالة المخالفة. مؤداه. عدم عودة الحالة إلى ما كانت عليه.
النص في المادة 31/ جـ من القانون 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، يدل على أن المشرع أدخل تعديلاً جوهرياً على قوانين إيجار الأماكن السابقة والتي كانت تجعل للمؤجر حقاً في طلب إخلاء المستأجر من العين المؤجرة بمجرد ثبوت مخالفة المستأجر شروط العقد المعقولة ونشوء ضرر بسبب ذلك للمؤجر ومؤدى هذا التعديل أن يقوم الأخير بإعذار المستأجر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل نشوء المخالفة وذلك تنبيهاً للمستأجر عن ارتكابه مخالفة تضر بالمؤجر ليمكن له إزالتها وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل وقوعها ويتوقى بذلك الحكم بإخلائه من العين المؤجرة فإن استمر مصراً على المخالفة رغم إعذاره حق للمؤجر أن يطلب إخلاءه منها وإذ كانت تلك هي حكمة الشارع من النص على ضرورة الإعذار، وكان إعادة الحالة إلى ما كانت عليه تقتضي حتماً إزالة الضرر بأن يعود الأمر إلى سابق عهده قبل نشوء المخالفة وهو ما لا يتحقق إلا إذا رفع الضرر الذي أصاب المؤجر نتيجة ارتكابها والذي كان مبرراً لطلبه الحكم بإخلاء المستأجر من العين المؤجرة فإذا ظل الضرر قائماً كأثر للمخالفة فإن مفاد ذلك أن الحالة لم تعد إلى ما كانت عليه ولا يكون المستأجر بالتالي قد أذعن للإعذار الموجه إليه بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه إذ لا يتحقق غرض الشارع من الإعذار على ما سلف البيان مع استمرار الضرر الذي نشأ بنشأة المخالفة وما يزال بعد باقياً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 205 سنة 1978 مدني كلي قنا على المطعون ضدها بطلب الحكم بإخلائها من العين الموضحة بالصحيفة وتسليمها إليه خالية مما يشغلها وبإزالة الغرفة التي استحدثها بها خلال خمسة عشر يوماً وإلا قام بالإزالة على نفقتها الخاصة، وقال بياناً لذلك أن المطعون ضدها استحدثت بالشقة المؤجرة منه حجرة خامسة أقامتها بالطوب اللبن دون إذن منه وقبل الحصول على ترخيص بالبناء من الجهة المختصة فأدى ذلك إلى إصابة المبنى بأضرار جسيمة، ولما كان عقد الإيجار قد تضمن نصاً يحظر على المستأجر إحداث أي تغيير أو إنشاء أو هدم بالعين المؤجرة فقد أنذر المطعون ضدها بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه خلال خمسة عشر يوماً إلا أنها لم تمتثل فأقام الدعوى بطلباته السالفة، وبتاريخ 1/ 4/ 1979 م حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 30/ 12/ 1979 بإخلاء العين المؤجرة وبتسليمها خالية وبإزالة أجزاء مباني الغرفة المستحدثة المبينة بتقرير الخبير عدا الجدارين القبلي والشرقي خلال 15 يوماً من تاريخ إعلانها بالحكم، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 62 سنة 55 ق أسيوط (مأمورية قنا) وبتاريخ 18/ 11/ 1980 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسببين الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على أن المطعون ضدها لم تصر على المخالفة وإذ عنت للإنذار الموجه إليها بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه بإزالتها الغرفة التي أنشأتها بالعين المؤجرة في حين أن إزالة المخالفة لا يترتب عليه سقوط الحق في طلب الإخلاء إذا كان الضرر قد وقع فعلاً ولم يكن من شأن زوال المخالفة زواله وهو ما تمسك به الطاعن أمام محكمة الاستئناف ودلل عليه بتقرير لجنة المنشآت الآيلة للسقوط بمجلس مدينة قنا الذي فرض عليه تغيير السقف إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع رغم أنه دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان النص في المادة 31 من القانون 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرة والمستأجر على أنه "... لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية:... إذا استعمل المستأجر المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة والمتعارف عليها وتضر بمصلحة المؤجر أو استعمله في غير الأغراض المؤجر من أجلها، وذلك بعد إنذاره بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه". يدل على أن المشرع أدخل تعديلاً جوهرياً على قوانين إيجار الأماكن السابقة والتي كانت تجعل للمؤجر حقاً في طلب إخلاء المستأجر من العين المؤجرة بمجرد ثبوت مخالفة المستأجر شروط العقد المعقولة ونشوء ضرر بسبب ذلك للمؤجر ومؤدى هذا التعديل أن يقوم الأخير بإعذار المستأجر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل نشوء المخالفة وذلك تنبيهاً للمستأجر عن ارتكابه مخالفة تضر بالمؤجر فيمكن له إزالتها وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل وقوعها ويتوقى بذلك الحكم بإخلائه من العين المؤجرة فإن استمر مصراً على المخالفة رغم إعذاره حق للمؤجر أن يطلب إخلاءه منها، وإذ كانت تلك هي حكمة الشارع من النص على ضرورة الإعذار، وكان إعادة الحالة إلى ما كانت عليه تقتضي حتماً إزالة الضرر بأن يعود الأمر إلى سابق عهده قبل نشوء المخالفة وهو ما لا يتحقق إلا إذا رفع الضرر الذي أصاب المؤجر نتيجة ارتكابها والذي كان مبرراً لطلبه الحكم بإخلاء المستأجر من العين المؤجرة فإذا ظل الضرر قائماً كأثر للمخالفة فإن مفاد ذلك أن الحالة لم تعد بعد إلى ما كانت عليه ولا يكون المستأجر بالتالي قد أذعن للإعذار الموجه إليه بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه إذ لا يتحقق غرض الشارع من الإعذار على ما سلف البيان - مع استمرار الضرر الذي نشأ بنشأة المخالفة ولما يزل بعد باقياً، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بدفاع حاصله أن الضرر الذي أصاب العين المؤجرة باستحداث غرفة بها لا يزال قائماً رغم قيام المطعون ضدها بهدمها وقدم إثباتاً لدفاعه هذا قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط بمجلس مدينة قنا وبإلزامه بترميم السقف باستبدال العروق الحاملة له، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على أن "... الثابت من تقرير الخبير الهندسي المقدم أمام محكمة أول درجة أن الحجرة موضوع النزاع قد تم هدمها ولم يبق منها سوى جزء من الجدار الغربي والجدارين القبلي والشرقي، وأن الجدارين هما جداران تامان منذ إنشاء المنزل... ولما تقدم تكون المستأنفة (المطعون ضدها) غير مصرة على المخالفة وقد أذعنت للإنذار المرسل إليها من المستأنف عليه (الطاعن) ولا تكون الشروط التي نصت عليها المادة 31 (جـ) من القانون رقم 49 لسنة 1977 قد تحققت بكاملها." مما يكون الحكم المطعون فيه قد خالف النظر المتقدم اكتفاءً بمجرد القيام بإزالة البناء المستحدث دون أن يتثبت من زوال الضرر أو استمراره، وإذ كان هذا الدفاع الجوهري الذي أبداه الطاعن أمام محكمة الموضوع قد يتغير به - أن صح - وجه الرأي في الدعوى وكان الحكم المطعون فيه، هذا الدفاع فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والذي أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون ومن ثم يتعين نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.