أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 44 - صـ 334

جلسة 7 من إبريل سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ ناجي إسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان نائبي رئيس المحكمة وحسين الجيزاوي ومجدي أبو العلا.

(45)
الطعن رقم 11015 لسنة 61 القضائية

(1) مواد مخدرة. عقوبة "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". اتفاق جنائي. قانون "تفسيره".
مناط الإعفاء من العقاب المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 48 عقوبات المبادرة بالإخبار بوجود اتفاق جنائي وبمن اشتركوا فيه قبل وقوع أية جناية أو جنحة تنفيذاً للاتفاق الجنائي. حصوله بعد البحث والتفتيش يلزم أن يوصل فعلاً إلى ضبط الجناة الآخرين.
حالتا الإعفاء من العقاب المنصوص عليها بالمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات قوامهما: في الأولى المبادرة بالإخبار قبل علم السلطات بالجريمة، وفى الثانية أن يؤدي الإخبار إلى تمكين السلطات من ضبط الجناة.
(2) مواد مخدرة. عقوبة "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
الدفع بالإعفاء من العقاب إعمالاً للمادة 48 من القانون رقم 112 لسنة 1960. إطراح الحكم له استناداً إلى المادة 48 عقوبات دون بحث موجبات تطبيق النص الأول. خطأ في القانون.
1 - لما كان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - أنه أطرح الدفع بإعفاء الطاعنة من العقاب استناداً إلى نص المادة 48 من قانون العقوبات، وكانت هذه المادة بعد أن نصت في فقراتها الأولى والثانية والرابعة على جريمة الاتفاق الجنائي والعقوبات المقررة للفاعلين لها والمشاركين فيها والمحرضين عليها، نصت في فقرتها الأخيرة على أن "ويعفى من العقوبات المقررة في هذه المادة كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بوجود اتفاق جنائي وبمن اشتركوا فيه قبل وقوع أية جناية أو جنحة وقبل بحث وتفتيش الحكومة عن أولئك الجناة، فإذا حصل الإخبار بعد البحث والتفتيش تعين أن يوصل الإخبار فعلاً إلى ضبط الجناة الآخرين وكان مناط تطبيق هذه الفقرة الأخيرة هو المبادرة بالإخبار، وأن الإخبار الذي يجمع بين حالتي امتناع العقاب يتعين أن يكون سابقاً على وقوع أية جناية أو جنحة تنفيذاً للاتفاق الجنائي، وذلك على خلاف ما نصت عليه المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها التي قصد الدفاع الاستفادة من أصحابها - من أن "يعفى من العقوبات المقررة في المواد 33، 34، 35، كل من بادر من الجناة بإبلاغ السلطات العامة عن الجريمة قبل علمها بها، فإذا حصل الإبلاغ بعد علم السلطات العامة بالجريمة تعين أن يوصل الإبلاغ فعلاً إلى ضبط باقي الجناة"، ويبين من ذلك أن الشارع فرق بين حالتين للإعفاء في المادة 48 من القانون الأخير، تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة، واشترط في الحالة الأولى فضلاً عن المبادرة بالإخبار أن يصدر الإخبار قبل علم السلطات العامة بالجريمة، أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي لم تستلزم المبادرة بالإخبار بل اشترط القانون مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعنة جريمة الاتفاق الجنائي ولم يدنها بها، وإنما جاء قضاؤه محمولاً على إسناد جريمة جلب الجوهر المخدر إليها وإدانتها بها عملاً بنص المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960، وكان الثابت من مدوناته أن الطاعنة عقب ضبطها محرزة للجوهر المخدر الذي جلبته إلى داخل البلاد، قد أبلغت عن المتهمة الثالثة التي سلمتها ذلك المخدر بسوريا لتوصيله إلى المتهم الثاني، وقد كشفت عن شخصية ذلك المتهم ومحل إقامته ورقم هاتفه، وقد أدت تلك المعلومات برجال الشرطة إلى استئذان النيابة العامة لضبط المتهم الثاني، وأسفرت الإجراءات التي قام بها هؤلاء بناء على إذن النيابة ومساعدة الطاعنة عن ضبط المتهم الثاني وقت استلامه المخدر المضبوط من الطاعنة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في رده على الدفاع بإعفاء الطاعنة من العقاب، على موجب ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 48 من قانون العقوبات، دون أن تفطن المحكمة إلى مبنى ذلك الدفع ومرماه على النحو الذي آثاره الدفاع عن الطاعنة بمحضر جلسة المحاكمة، والوقائع التي تلت ضبط الطاعنة - وحصلها الحكم المطعون فيه في مدوناته - على السياق المتقدم - وأسفرت عن معرفة شخصية كل من المتهمين الثاني والثالثة، وضبط المتهم الثاني، بناء على ما أدلت به الطاعنة من معلومات بخصوص هذين المتهمين، مما حجبها عن تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الدفع بالإعفاء من العقاب، وبحث موجباته على هدى من نص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 ومدى توافر شروطه في حق الطاعنة - باعتباره النص القانوني الواجب التطبيق على الدفع بالإعفاء من العقاب في خصوصية هذه الدعوى - لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق خطئه في تطبيق القانون - معيباً بالقصور في التسبيب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)....... (طاعنة) (2)....... (3)....... بأنهم أولاً: تدخلوا في اتفاق جنائي بقصد ارتكاب جناية جلب مخدرات إلى داخل البلاد بدون تصريح بذلك من الجهة الإدارية المختصة بأن قامت المتهمة الثالثة بتسليم الشحنة المخدرة في دمشق للمتهمة الأولى لتقوم بتسليمها إلى المتهم الثاني بالإسكندرية لقاء جعل مادي وذلك على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: جلبوا جوهراً مخدراً (هيروين) إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية وذلك دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة. وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأولى والثاني وغيابياً للثالثة عملاً بالمواد 1، 2، 3، 23/ 1 - أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمة....... بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمها مائة ألف جنيه وبإلزامها بالتعويض الجمركي المقرر قانوناً عن التهمة الثانية ومصادرة المخدر المضبوط وبراءتها من التهمة الأولى، ثانياً: ببراءة المتهمين الثاني والثالثة مما أسند إليهما.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة جلب جوهر مخدر إلى داخل جمهورية مصر العربية دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم أطرح الدفع بإعفاء الطاعنة من العقاب طبقاً للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 تأسيساً على أن إخبارها عن المتهمين الآخرين كان تضليلاً وليس إرشاداً، في حين أن ما أدلت به الطاعنة من أقوال بشأنها قد أدى إلى ضبط المتهم الثاني، مما يؤكد صدق أقوالها في هذا الخصوص، وأن تقاعس رجال الضبط عن اتخاذ الإجراءات التي تكشف عن مساهمة المتهم الثاني في الجريمة ومسئوليته عنها، لا ينبئ عن عدم جدية أقوالها - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى، وأورد الأدلة على ثبوتها في حق الطاعنة، عرض للدفع بإعفاءها من العقاب، ورد عليه في قوله "وحيث إنه عما أثاره دفاع المتهمة من أنها أرشدت عن المتهمين الثاني والثالثة، فهو مردود، وذلك أنه من المقرر قانوناً وطبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 48 من قانون العقوبات أنها تتطلب وجوب المبادرة بإخبار الحكومة بوجود الاتفاق الجنائي ومن اشتركوا فيه قبل وقوع أي جناية أو جنحة، وإذن فمتى كان ما أدلت به المتهمة....... لا يعدو أن يكون أقوالاً معماة أبدتها بعد ضبطها ولم تكن من شأن تلك الأقوال التي أبدتها أن تكشف عمن اشتركوا في الاتفاق الجنائي، إذ أن ذلك يمثل تضليلاً وليس إرشاداً، ومن ثم فلا حق لها في الانتفاع من الإعفاء المقرر بتلك المادة، وأن المحكمة تلتفت عن ذلك كله لافتقاره إلى سند من أوراق الدعوى والتحقيقات التي تمت فيها عناصره، هذا فضلاً عن مجافاته لأدلة الثبوت التي بسطتها على الصراط المتقدم، وهي أدلة سديدة متساندة لا يشوبها شك في أن المتهمة المذكورة ارتكبت الجرم المسند إليها من جلبها لمخدر الهيروين فقط إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة...." لما كان ذلك، وكان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - أنه أطرح الدفع بإعفاء الطاعنة من العقاب استناداً إلى نص المادة 48 من قانون العقوبات، وكانت هذه المادة بعد أن نصت في فقراتها الأولى والثانية والثالثة والرابعة على جريمة الاتفاق الجنائي والعقوبات المقررة للفاعلين لها والمشاركين فيها والمحرضين عليها، نصت في فقرتها الأخيرة على أن "ويعفى من العقوبات المقررة في هذه المادة كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بوجود اتفاق جنائي وبمن اشتركوا فيه قبل وقوع أية جناية أو جنحة وقبل بحث وتفتيش الحكومة عن أولئك الجناة، فإذا حصل الإخبار بعد البحث والتفتيش تعين أن يوصل الإخبار فعلاً إلى ضبط الجناة الآخرين وكان مناط تطبيق هذه الفقرة الأخيرة هو المبادرة بالإخبار، وأن الإخبار الذي يجمع بين حالتي امتناع العقاب يتعين أن يكون سابقاً على وقوع أية جناية أو جنحة تنفيذاً للاتفاق الجنائي، وذلك على خلاف ما نصت عليه المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها التي قصد الدفاع الاستفادة من أصحابها - من أن "يعفى من العقوبات المقررة في المواد 33، 34، 35، كل من بادر من الجناة بإبلاغ السلطات العامة عن الجريمة قبل علمها بها، فإذا حصل الإبلاغ بعد علم السلطات العامة بالجريمة تعين أن يوصل الإبلاغ فعلاً إلى ضبط باقي الجناة"، ويبين من ذلك أن الشارع فرق بين حالتين للإعفاء في المادة 48 من القانون الأخير، تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة، واشترط في الحالة الأولى فضلاً عن المبادرة بالإخبار أن يصدر الإخبار قبل علم السلطات العامة بالجريمة، أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي لم تستلزم المبادرة بالإخبار بل اشترط القانون مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعنة جريمة الاتفاق الجنائي ولم يدنها بها، وإنما جاء قضاؤه محمولاً على إسناد جريمة جلب الجوهر المخدر إليها وإدانتها بها عملاً بنص المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960، وكان الثابت من مدوناته أن الطاعنة عقب ضبطها محرزة للجوهر المخدر الذي جلبته إلى داخل البلاد، قد أبلغت عن المتهمة الثالثة التي سلمتها ذلك المخدر بسوريا لتوصيله إلى المتهم الثاني، وقد كشفت عن شخصية ذلك المتهم ومحل إقامته ورقم هاتفه، وقد أدت تلك المعلومات برجال الشرطة إلى استئذان النيابة العامة لضبط المتهم الثاني، وأسفرت الإجراءات التي قام بها هؤلاء بناء على إذن النيابة ومساعدة الطاعنة عن ضبط المتهم الثاني وقت استلامه المخدر المضبوط من الطاعنة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في رده على الدفع بإعفاء الطاعنة من العقاب، على موجب ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 48 من قانون العقوبات، دون أن تفطن المحكمة إلى مبنى ذلك الدفع ومرماه على النحو الذي آثاره الدفاع عن الطاعنة بمحضر جلسة المحاكمة، والوقائع التي تلت ضبط الطاعنة - وحصلها الحكم المطعون فيه في مدوناته - على السياق المتقدم - وأسفرت عن معرفة شخصية كل من المتهمين الثاني والثالثة، وضبط المتهم الثاني، بناء على ما أدلت به الطاعنة من معلومات بخصوص هذين المتهمين، مما حجبها عن تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الدفع بالإعفاء من العقاب، وبحث موجباته على هدي من نص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 ومدى توافر شروطه في حق الطاعنة - باعتباره النص القانوني الواجب التطبيق على الدفع بالإعفاء من العقاب في خصوصية هذه الدعوى - لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق خطئه في تطبيق القانون - معيباً بالقصور في التسبيب الذي يوجب نقضه والإعادة.