مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1114

(121)
جلسة 21 من مارس سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد المنعم عبد العظيم جيره - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد مجدي محمد خليل وجودة عبد المقصود وأحمد إبراهيم عبد العزيز - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3389 لسنة 34 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - بطلان الأحكام - توقيع الحكم من عضو واحد في دائرة ثلاثية (مرافعات).
المادة 175 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - يجب أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم - مخالفة ذلك - بطلان الحكم - أساس ذلك: توقيع المسودة هو الدليل على أن القضاة الذين سمعوا المرافعة وتداولوا في الدعوى هم الذين أصدروا الحكم - توقيع المسودة من عضو واحد في دائرة ثلاثية يترتب عليه بطلان الحكم - البطلان في هذه الحالة لا يقبل التصحيح لانطوائه على إهدار الضمانات الجوهرية لذوي الشأن من المتقاضين - البطلان في هذه الحالة يتعلق بالنظام العام وتتحراه المحكمة بحكم وظيفتها وتقضي به من تلقاء نفسها دون حاجة إلى إبداء الدفع به - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 26/ 9/ 1988 أودع السيد الأستاذ سالم السيد داود المستشار بهيئة قضايا الدولة نائباً عن السيد الأستاذ المستشار وزير العدل والسيد الأستاذ المستشار مساعد وزير العدل لشئون المحاكم بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 868 لسنة 36 القضائية في القرار الصادر من مجلس التأديب بمحكمة الزقازيق الابتدائية بجلسة 31/ 8/ 1988 في الدعوى رقم 9 لسنة 1987، والذي قضى بمعاقبة........ بالخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة.
وطلب الطاعنان - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، فيما قضى به من توقيع عقوبة الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة، وتوقيع الجزاء المناسب على المطعون ضده.
وبعد إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق، قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة المطعون ضده بالخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة، وإعادة الدعوى التأديبية إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة الزقازيق الابتدائية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 13/ 11/ 1991، وبجلسة 22/ 1/ 1992 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره أمامها جلسة 8/ 3/ 1991، وفيها سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن، ثم قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدرت وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر الموضوع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن السيد الأستاذ المستشار رئيس محكمة الزقازيق الابتدائية أصدر قراراً في 21/ 7/ 1987 بإحالة.......... المحضر بمحكمة منيا القمح الجزئية إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة الزقازيق لما ثبت في حقه من تسلم الإعلانات الجنائية أرقام 22531، 22539، 22639، 22688، 22804، 22873، 22881، 22959، 23219، 23223، 235943، 33772، 33891 ولم يقم بإعلانها مما أدى إلى سقوط جلساتها ولم يردها.
وبجلسة 31/ 8/ 1988 قرر المجلس معاقبة........ بالخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة. وأقام المجلس قراره على أن الثابت من الأوراق أن......... المحضر بمحكمة منيا القمح قد تسلم الإعلانات الجنائية سالفة البيان، ولم يقم بإعلانها، كما أنه لم يقم بردها، الأمر الذي يشكل إخلالاً جسيماً بواجبات وظيفته.
ومن حيث إن الطعن يقوم على مخالفة القرار المطعون فيه للواقع والقانون، إذ قضى القرار بمعاقبة المطعون ضده بالخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة وهذا لا يتفق وواقع حال المطعون ضده، لأنه يشغل الدرجة الرابعة بمجموعة الوظائف المكتبية بالمحكمة، وما زال يشغلها، وهذه الوظيفة تعتبر أدنى وظائف المجموعة، الأمر الذي أصبح قرار الجزاء الصادر بمجازاته كأن لم يكن، لأن جزاء الخفض لم يصادف محلاً يمكن التنفيذ عليه.
ومن حيث إن القرار الصادر من مجلس التأديب يعد من حيث طبيعته أقرب إلى الأحكام منه إلى القرارات الإدارية، ولهذا سمح بالطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا مباشرة، وإذا كان الأمر كذلك فإنه يتعين على مجلس التأديب مراعاة الضمانات والإجراءات التي يستلزم القانون اتباعها من إصدار الأحكام القضائية.
ومن حيث إن المادة (175) من قانون المرافعات تنص على أنه (يجب على جميع الأحوال أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم وإلا كان الحكم باطلاً.
ومن حيث إنه لما كانت الحكمة من هذا النص هي توفير الضمانة للمتقاضين، لأن التوقيع هو الدليل على أن القضاة الذين سمعوا المرافعة وتداولوا في الدعوى هم الذين أصدروا الحكم، وعلى ذلك فإن توقيع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه من عضو واحد في دائرة ثلاثية يترتب عليه بطلان الحكم، والبطلان في هذه الحالة لا يقبل التصحيح لانطوائه على إهدار ضمانات جوهرية لذوي الشأن من المتقاضين، إذ إن توقيع الحكم هو الدليل الوحيد على صدوره من القضاة الذين سمعوا المرافعة وتداولوا فيها والذين من حق المتقاضي أن يعرفهم وبهذه المثابة يكون البطلان أمراً متعلقاً بالنظام العام، تتحراه المحكمة بحكم وظيفتها وتقضي به من تلقاء نفسها، دون حاجة إلى الدفع به.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مجلس التأديب الذي أصدر القرار المطعون فيه شكل من السيد الأستاذ...... رئيس المحكمة وعضوية كل من السيد الأستاذ...... وكيل النيابة والسيد...... كبير المحضرين، ومن ثم يتعين عليهم ليكون القرار سليماً أن يوقعوا جميعاً على مسودته المشتملة على أسبابه.
ومن حيث إنه يبين من القرار المطعون فيه أنه موقع من الأستاذ رئيس المحكمة فقط دون العضوين الآخرين، ومن ثم فإن هذا القرار يكون قد وقع باطلاً، مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
ومن حيث إنه وإن كان الأمر كذلك، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من إعادة محاكمة المطعون ضده على الوجه الصحيح الذي يتطلبه القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه.