مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1118

(122)
جلسة 21 من مارس سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي عبد الله مليحي - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد عبد اللطيف وعلي رضا عبد الرحمن والطنطاوي محمد الطنطاوي - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 11 لسنة 35 القضائية

( أ ) دعوى - الحكم في الدعوى - طرق الطعن في الأحكام - دعوى البطلان الأصلية. (مرافعات).
المادة 25 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، المادة 214 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968.
يجوز استثناء الطعن بدعوى البطلان الأصلية في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية في غير الحالات التي نص عليها القانون - يجب أن يقف الطعن على الحالات التي تنطوي على عيب جسيم وتمثل إهداراً للعدالة يفقد فيها الحكم وظيفته - تطبيق.
(ب) دعوى - الحكم في الدعوى - الطعن في الأحكام - أحكام الطعن بصفة عامة - إعلان عريضة الدعوى.
قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وقانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 قد التقيا عند اعتبار المحل المختار وهو مكتب المحامي رافع الدعوى هو المعتبر في حالة إخطار المدعي - الواضح من نص المادة 25 من قانون مجلس الدولة أن المشرع قد ذهب إلى أبعد من ذلك حيث اعتبر مكتب المحامي النائب عن ذوي الشأن في تقديم ملاحظاتهم محلاً مختاراً لهم بالرغم من عدم توقيعه على العريضة - نتيجة ذلك: قانون المرافعات إذ نص في المادة 214 على جواز إعلان الطعن إلى المطعون ضده في محله المختار إذا كان هو المدعي ولم يبين موطنه الأصلي فإن تطبيق هذا النص في المنازعة الإدارية لا يتعارض وطبيعتها - أساس ذلك: المنازعة الإدارية لا تختلف بالنسبة لمكان الإعلان عن غيرها من المنازعات الأخرى - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 9/ 10/ 1988 أودع الأستاذ منصف نجيب سليمان المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 11 لسنة 35 ق في الحكم الموضح بصدر هذا الحكم.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وببطلان هذا الحكم مع جميع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية ومالية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقد أعلنت صحيفة الطعن في مواجهة هيئة قضايا الدولة في 11/ 11/ 1988.
وقدم السيد الأستاذ مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) بجلسة 28/ 12/ 1986 في الطعنين رقمي 2328/ 2510 لسنة 29 ق عليا وبإحالة الطعنين إلى دائرة أخرى للفصل فيهما.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 14/ 5/ 1990 ثم توالى نظره إلى أن قررت الدائرة بجلسة 13/ 5/ 1991 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 2/ 6/ 1991 وفعلاً تم نظره أمام المحكمة بالجلسة المذكورة وتوالى نظره على النحو الموضح بمحضر الجلسة إلى أن قررت بجلسة 27/ 11/ 1991 النطق بالحكم بجلسة 7/ 12/ 1991 وفي تلك الجلسة قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 28/ 12/ 1991 لضم ملف الدعوى رقم 3819 لسنة 36 ق وبعد أن تم ضمه قررت المحكمة تأجيل النطق بالحكم لجلسة 8/ 2/ 1992 حيث تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطاعنين يطلبان الحكم ببطلان حكم المحكمة الإدارية العليا وقد خلا القانون من تحديد ميعاد معين لرفع دعوى البطلان الأصلية بالطعن في أحكام المحكمة الإدارية العليا ومن ثم تكون الدعوى مقبولة شكلاً إذ استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر الموضوع تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 17/ 6/ 1982 أقام الطاعنان وآخرون الدعوى رقم 3839 أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير التربية والتعليم ومحافظ الغربية طلبوا في ختامها الحكم بقبولها شكلاً وفي الموضوع باعتبار مؤهل معاهد المعلمين الخاصة (المعلمين الابتدائية سابقاً) مؤهلاً عالياً مع ما يترتب على ذلك من آثار وتسوية حالتهم على هذا الأساس مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وبجلسة 18/ 4/ 1983 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وبأحقية المدعين في تسوية حالتهم باعتبار مؤهلهم مؤهلاً عالياً مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
وبتاريخ 6/ 6/ 1983 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن رقم 2328 لسنة 29 ق. ع طالبة للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المدعين المصروفات.
وبتاريخ 19/ 6/ 1983 أودعت هيئة قضايا الدولة سكرتارية هذه المحكمة تقرير الطعن رقم 2510 لسنة 29 ق عليا طالبة الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء الحكم المشار إليه ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات وقد تم نظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 10/ 11/ 1986 ضم الطعن رقم 2510 لسنة 29 ق. ع إلى الطعن رقم 2328 لسنة 29 ق عليا ليصدر فيهما حكم واحد وإحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية وحددت لنظرهما أمامها جلسة 30/ 11/ 1986 ونظر الطعنان أمام المحكمة الإدارية العليا بالجلسة المشار إليها حيث قضت بجلسة 28/ 12/ 1986 بقبول الطعنين شكلاً وفي موضوعهما بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وألزمت المدعيين المصروفات مشيدة قضاءها على أن عناصر ومقومات اعتبار مؤهل المدعيين من بين المؤهلات العالية أو الجامعية في تطبيق القوانين أرقام 210 لسنة 1956، 371 لسنة 1953، 135 لسنة 1980، 112 لسنة 1981 وكذلك المرسوم الصادر في 6 أغسطس 1953 غير متوافرة سواء من حيث درجة بداية التعيين أو الماهية المقررة ومدة الدراسة التي يتعين قضاؤها للحصول عليه وبالتالي لا يجوز اعتبار هذا المؤهل مؤهلاً عالياً.
وتتحصل أسباب الطعن الماثل في أن الثابت أن هيئة قضايا الدولة قامت بإعلان طعنها في حكم محكمة القضاء الإداري للمدعيين في مواجهة الأستاذ محمد كامل الموجي المحامي ولم يتم تسليم هذه الإعلانات لسيادته وتم تسليمها بقسم الشرطة ومن ثم فإن إعلان عريضة الطعن المشار إليه للمدعيين يكون قد وقع باطلاً إذ كان يتعين أن يتم إعلان كل منهم على موطنه الأصلي المعلوم لمديرية التربية والتعليم بحكم وجود ملفات خدمتهم لديها ولم يكن من الجائز قانوناً إعلانهم في مواجهة محاميهم السابق أو في مواجهة جهة الإدارة وذلك عملاً بصريح الفقرة الأولى من المادة 214 من قانون المرافعات ولعلم المديرية بموطنهم الأصلي ولا ينال مما تقدم ما نصت عليه المادة 214 المشار إليها في فقرتها الأخيرة من أنه إذا كان المطعون ضده هو المدعي ولم يكن قد بين بعريضة دعواه موطنه الأصلي جاز إعلانه بعريضة الطعن في موطنه المختار المذكور بعريضة دعواه، ذلك أن هذا الحكم لا يجوز تطبيقه في مجال المنازعات الإدارية لعدم اتفاقه مع نص وروح قانون مجلس الدولة وطبيعة المنازعات الإدارية، ونظراً لعلم الجهات الإدارية بعناوين كل العاملين بها العلم التام النافي لإعمال الاستثناء المقرر بالفقرة الأخيرة من المادة 214 المشار إليها ومتى كان إعلان عريضة الطعن المشار إليه باطلاً ولم يخطر أي من المطعون ضدهم إخطاراً صحيحاً بالجلسات التي عقدت لنظره ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد صدر باطلاً وأنه لما كان من شأن تنفيذ الحكم المطعون فيه أن يصيبهما بأضرار يتعذر تداركها تتمثل في المساس بمركزهما الوظيفي الأمر الذي يحق معه لهما أن يطلبا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الموضوع.
ومن حيث إن الطعن يقوم في ضوء ما تقدم على بطلان الحكم المطعون فيه لعدم إعلان الطاعنين بعريضة الطعن وإخطارهم إخطاراً صحيحاً وذلك بمقر إقامة كل منهما وليس بمكتب المحامي.
ومن حيث إن المادة 3 من قانون إصدار قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تقضي بأن تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي.
وتقضي المادة 25 من قانون مجلس الدولة المشار إليه في فقرتها الرابعة بأن يعتبر مكتب المحامي الموقع على العريضة محلاً مختاراً للطالب كما يعتبر مكتب المحامي الذي ينوب عن ذوي الشأن في تقديم ملاحظاتهم محلاً مختاراً لهم كذلك إلا إذا عينوا محلاً مختاراً غيره.
وتنص المادة 214 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه يكون إعلان الطعن لشخص الخصم أو في موطنه ويجوز إعلانه في الموطن المختار المبين في ورقة إعلان الحكم.
وإذا كان المطعون ضده هو المدعي ولم يكن قد بين في صحيفة افتتاح الدعوى موطنه الأصلي جاز إعلانه بالطعن في موطنه المختار المبين في هذه الصحيفة.
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه إذا أجيز استثناء الطعن بدعوى بطلان أصلية في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية فإن هذا الاستثناء، في غير الحالات التي نص عليها القانون كما فعل في المادة 147 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 يجب أن يقف عند الحالات التي تنطوي على عيب جسيم وتمثل إهداراً للعدالة يفقد فيها الحكم وظيفته.
ومن حيث إن مفاد النصوص آنفة الذكر أن كلاً من قانون مجلس الدولة وقانون المرافعات قد التقيا عند اعتبار المحل المختار وهو مكتب المحامي رافع الدعوى هو المعتبر في حالة إخطار المدعي بل إن الواضح من نص المادة 25 من قانون المرافعات سالفة البيان أن المشرع قد ذهب إلى أبعد من ذلك حيث اعتبر مكتب المحامي النائب عن ذوي الشأن في تقديم ملاحظاتهم محلاً مختاراً من يوم توقيعه العريضة وترتيباً على ما تقدم فإن قانون المرافعات إذ نص في المادة 214 سالفة البيان على جواز إعلان الطعن إلى المطعون ضده في محله المختار إذا كان هو المدعي ولم يبين موطنه الأصلي فإن تطبيق هذا النص في المنازعة الإدارية لا يتعارض وطبيعتها كما ذكر الطاعنان بصحيفة طعنهما بالبطلان ذلك أن المنازعة الإدارية لا تختلف بالنسبة لمكان الإعلان عن غيرها من المنازعات الأخرى في ضوء ما سبق بيانه.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على الطعن الماثل وكان الثابت أن الطاعنين قد اتخذا مكتب الأستاذ محمد كامل الموجي المحامي محلاً مختاراً بعريضة الدعوى ولم يحددا محل إقامتهما الأصلي بعريضة الدعوى المشار إليها وبالتالي وإذْ كان الثابت أنه تم إعلانهما على موطنهما المختار، ومن ثم يكون الإعلان قد تم مطابقاً لحكم القانون ويكون طلبهما الحكم ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم الإعلان جديراً بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب وقف التنفيذ فإن المقرر أن الحكم في الموضوع يغني عن التصدي له.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.