أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 553

جلسة 15 من مايو سنة 1986

برياسة السيد المستشار: الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عوض جادو ومحمد نبيل رياض وعبد الوهاب الخياط وصلاح عطية.

(109)
الطعن رقم 1952 لسنة 56 القضائية

(1) حكم "بياناته" "بيانات التسبيب".
صياغة الأحكام. لم يرسم لها القانون شكلاً خاصاً.
(2) حكم "بيانات الديباجة" "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في بيان طلبات النيابة بديباجة الحكم. لا يعيبه.
(3) محضر الجلسة. إجراءات. "إجراءات المحاكمة". حكم "ما لا يعيبه".
بيان مواد الاتهام في محاضر الجلسات. غير واجب.
(4) محضر الجلسة. إجراءات. "إجراءات المحاكمة". حكم "إصداره" "التوقيع عليه" "بطلان".
عدم توقيع كاتب الجلسة على محضرها والحكم الصادر فيها. لا بطلان. كفاية توقيع رئيس الجلسة عليها.
(5) ضرب "أحدث عاهة مستديمة". رابطة السببية. مسئولية جنائية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
علاقة السببية في المواد الجنائية. علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، تقدير توافرها. موضوعي.
مثال.
(6) ضرب "أحدث عاهة". مسئولية جنائية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". رابطة السببية.
مسئولية المتهم. في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً. عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر. ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية.
(7) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي.
(8) ضرب "أحدث عاهة". جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العاهة المستديمة. ماهيتها؟
يكفي لتوافر العاهة المستديمة أن تكون العين سليمة قبل الإصابة وأصيبت بضعف يستحيل برؤه أو أن تكون منفعتها فقدت كلياً.
(9) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير أراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها موضوعي. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
(10) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". إثبات "بوجه عام".
متى لا يعيب الخطأ في الإسناد للحكم؟
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - من المقرر أن خطأ الحكم أو قصوره في بيان طلبات النيابة العامة بديباجته لا يعيبه لأنه خارج عن دائرة استدلاله.
3 - إن القانون لم يتضمن نصاً يوجب بيان مواد الاتهام في محاضر الجلسات ويكون الطعن بهذا السبب في غير محله.
4 - لما كان القانون لم يرتب البطلان على مجرد عدم توقيع كاتب الجلسة على محضرها والحكم، بل إنه يكون لهما قوامهما القانوني بتوقيع رئيس الجلسة عليهما.
لما كان ذلك، وكان الطاعن لا ينازع في أن النسخة الأصلية للحكم موقع عليها من رئيس الجلسة فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون له محل.
5 - لما كان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً. وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه ضرب المجني عليه بقبضة يده على عينه اليمنى فهشم زجاج نظارته وتناثرت بعض أجزائها إلى داخل عينه اليمنى فأحدث بها انفجاراً وجرحاً بالصلبة ونزيفاً بالشبكية ودلل على توافر رابطة السببية بين الفعل المسند للطاعن وإصابات المجني عليه بما أثبته التقريران الطبيان الابتدائي والشرعي من أن إصابات المجني عليه بالعين اليمنى - سالفة الذكر - قد تخلف لديه من جرائها ضعف بإبصارها يصل إلى 6/ 60 مما يعتبر عاهة مستديمة تقدر بنحو 30% ويمكن حدوثها من اللكم باليد على العين وتهشم النظارة ودخول زجاج إلى العين اليمنى، فإن في ذلك ما يحقق مسئوليته - في صحيح القانون - هذه النتيجة التي كان من واجبه أن يتوقع حصولها.
6 - إن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم تتدخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة.
7 - لما كان الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها بما يفيد إطراحها فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
8 - لما كان من المقرر أن العاهة المستديمة بحسب المستفاد من الأمثلة التي ضربتها المادة 240/ 1 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو وظيفته كلها أو بعضها بصفة مستديمة وكان يكفي لتوافر العاهة المستديمة - كما هي معرفة به في القانون - أن تكون العين سليمة قبل الإصابة وأن تكون قد أصيبت بضعف يستحيل برؤه أو أن تكون منفعتها قد فقدت فقداً كلياً حتى ولو لم يتيسر تحديد قوة الإبصار قبل الإصابة، وكانت المحكمة قد اطمأنت من واقع التقرير الطبي الشرعي وعناصر الإثبات التي أوردتها أن الإصابة التي أحدثها الطاعن بالمجني عليه قد خلفت له عاهة مستديمة هي ضعف إبصار العين يصل إلى 6/ 60، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من ضعف قوة إبصار هذه العين أصلاً لا يؤثر في قيام أركان الجريمة، ما دام أنه لم يدع في مرافعته أن تلك العين كان قوة إبصارها 6/ 60 من قبل الإصابة المنسوب إليه إحداثها مما يضحى منعاه في هذا الخصوص غير مقبول.
9 - لما كان من المقرر أن تقدير أراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني في أنه تخلف لدى المجني عليه من جراء إصابته عاهة مستديمة فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض.
10 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: ضرب.... بقبضة يده على عينه اليمنى فهشم زجاج نظارته وتناثرت بعض أجزائها إلى داخل عينه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي ضعف بإبصار هذه العين بنسبة 30% وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة
240/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد ذلك أن محاضر جلسات المحاكمة قد جاءت خلواً مما ورد بأمر الإحالة من تحديد تاريخ الواقعة مكانها ونص مادة العقاب التي تطلب النيابة العامة أخذ الطاعن بها وكذلك الحكم المطعون فيه وإن كاتب الجلسة لم يوقع بنهاية الحكم كما وأن الحكم المطعون فيه خلص إلى توافر رابطة السببية بين اعتداء الطاعن وإصابات المجني عليه رغم التغييرات التي نشأت من علاج لم تتبين سلامته ومن بقاء المجني عليه بعيداً عن العلاج مدة طويلة مما يقطع رابطة السببية، كما وأنه أغفل دفاع الطاعن بشيوع التهمة لعدم تحديد المجني عليه أياً من راكبي السيارة أحدث إصاباته، وأن المجني عليه كان يعاني من ضعف البصر وما اعتور التقرير الطبي من قصور إيراداً له ورداً عليه، بالإضافة إلى أن الطاعن لم تسمع أقواله بالتحقيقات ونسب الحكم له إنكاراً بها ولم يعول عليه، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال المجني عليه وما أورده التقريران الطبيان الابتدائي والشرعي وهي أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن خطأ الحكم أو قصوره في بيان طلبات النيابة العامة بديباجته لا يعيبه لأنه خارج عن دائرة استدلاله. كما وأن القانون لم يتضمن نصاً يوجب بيان مواد الاتهام في محاضر الجلسات ويكون الطعن بهذا السبب في غير محله. لما كان ذلك وكان القانون لم يرتب البطلان على مجرد عدم توقيع كاتب الجلسة على محضرها والحكم، بل إنه يكون لهما قوامهما القانوني بتوقيع رئيس الجلسة عليهما، لما كان ذلك، وكان الطاعن لا ينازع في أن النسخة الأصلية للحكم موقع عليها من رئيس الجلسة فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً. وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه ضرب المجني عليه بقبضة يده على عينه اليمنى فهشم زجاج نظارته وتناثرت بعض أجزائها إلى داخل عينه اليمنى فأحدث بها انفجاراً وجرحاً بالصلبة ونزيفاً بالشبكية ودلل على توافر رابطة السببية بين الفعل المسند للطاعن وإصابات المجني عليه بما أثبته التقريران الطبيان الابتدائي والشرعي من أن إصابات المجني عليه بالعين اليمنى - سالفة الذكر - قد تخلف لديه من جرائها ضعف بإبصارها يصل إلى 6/ 60 مما يعتبر عاهة مستديمة تقدر بنحو 30% ويمكن حدوثها من اللكم باليد على العين وتهشم النظارة ودخول زجاج إلى العين اليمنى، فإن في ذلك ما يحقق مسئوليته - في صحيح القانون - هذه النتيجة التي كان من واجبه أن يتوقع حصولها. لما هو مقرر من أن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم تتدخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة. ولا يجدي الطاعن ما يثيره عن الإهمال أو التراخي في علاج المجني عليه، لأنه فضلاً عن أنه لا يعدو القول المرسل الذي سبق بغير دليل - فإنه بفرض صحته - لا يقطع رابطة السببية ما لم يثبت أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية وهو ما لم يقل به الطاعن ولا سند له من الأوراق، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قويم. لما كان ذلك، وكان الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها بما يفيد إطراحها فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العاهة المستديمة بحسب المستفاد من الأمثلة التي ضربتها المادة 240/ 1 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو وظيفته كلها أو بعضها بصفة مستديمة وكان يكفي لتوافر العاهة المستديمة - كما هي معرفة به في القانون - أن تكون العين سليمة قبل الإصابة وأن تكون قد أصيبت بضعف يستحيل برؤه أو أن تكون منفعتها قد فقدت فقداً كلياً حتى ولو لم يتيسر تحديد قوة الإبصار قبل الإصابة، وكانت المحكمة قد اطمأنت من واقع التقرير الطبي الشرعي وعناصر الإثبات التي أوردتها أن الإصابة التي أحدثها الطاعن بالمجني عليه قد خلفت له عاهة مستديمة هي ضعف إبصار العين يصل إلى 6/ 60، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من ضعف قوة إبصار هذه العين أصلاً لا يؤثر في قيام أركان الجريمة، ما دام أنه لم يدع في مرافعته أن تلك العين كان قوة إبصارها 6/ 60 من قبل الإصابة المنسوب إليه إحداثها مما يضحى منعاه في هذا الخصوص غير مقبول، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير أراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني في أنه تخلف لدى المجني عليه من جراء إصابته عاهة مستديمة فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان الواضح من مساق الحكم أن المحكمة قد استخلصت الواقعة - حسبما اقتنعت بها - من أقوال المجني عليه ومن التقريرين الطبيين الابتدائي والشرعي ولم يكن لأقوال الطاعن أثر في اقتناعها وعقيدتها - فإن خطأ الحكم فيما قرره من أن الطاعن أنكر ما نسب إليه بالتحقيقات - بفرض حصوله - لا يؤثر على سلامة استدلاله، لما هو مقرر من أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.