أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 964

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1987

برياسة السيد/ المستشار محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، عبد الحميد سليمان، ومحمد بكر غالي.

(205)
الطعن رقم 1812 لسنة 56 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن" "امتداد العقود".
1 - التزم المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالشيء المؤجر. لا تثريب على المستأجر إن هو لم ينتفع به ما دام قائماً بتنفيذ التزاماته. قيام المستأجر بتأجير العين المؤجرة له من الباطن. لا يعد تخلياً منهياً لعقد إيجارها.
2 - إقامة الطاعنين مع مورثهم حال حياته بعين النزاع إقامة فعلية في أشهر الصيف وإقامة حكمية خلال فترة تأجيرها مفروشة للغير. لا يعد تخلياً منهم عن الإقامة بها. أثره. حقهم في الاستفادة من الامتداد القانوني لعقد إيجار مورثهم. م 29/ 1 ق 49 لسنة 1977.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان واجب المؤجر تمكين المستأجر من الانتفاع بالشيء المؤجر إلا أنه لا تثريب على المستأجر إن هو لم ينتفع به ما دام قائماً بتنفيذ التزاماته تجاه المؤجر وأن قيام المستأجر بتأجير العين المؤجرة له من الباطن يعتبر صورة من صور الانتفاع بالشيء المؤجر وليس في التأجير من الباطن أو عدم العودة إلى الإقامة الفعلية في العين المؤجرة إثر انتهائه ما يصح اعتباره تخلياً عنها منهياً لعقد إيجارها.
2 - إن ثبوت إقامة الطاعنين بالعين إقامة فعلية في أشهر الصيف مع المورث وإقامتهم بها حكماً خلال فترات تأجيرها مفروشة للغير لا يعد تخلياً منهم عن الإقامة فيها سواء قبل أو بعد وفاة المورث ومن ثم يحق لهم الاستفادة من حكم المادة 29/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير الأماكن فيما تقضي به من عدم انتهاء عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر متى بقى فيها زوجة أو أولاده الذين كانوا يقيمون معه حتى وفاته ومن ثم فإن طلب إخلاء شقة النزاع يكون ولا سند له من القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام الطاعنين الدعوى رقم 5090 سنة 1983 مدني كلي الإسكندرية طالباً الحكم بإخلائهم من الشقة المبينة بالصحيفة، وقال شرحاً لدعواه أن مورثهم استأجر منه شقة النزاع بعقد إيجار مؤرخ أول يناير سنة 1965 وكان يقوم بتأجيرها مفروشة مدة تزيد على عشر سنوات إلى أن توفى، وإذ كان ورثته (الطاعن) يقيمون بصفة دائمة بمدينة القاهرة ولم تكن لهم إقامة بالعين فقد أقام الدعوى، وبتاريخ 26/ 2/ 1984 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن الطاعنين يشغلون العين دون سند من القانون وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين قضت بتاريخ 21/ 4/ 1985 بإخلاء عين النزاع. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 395 لسنة 41 ق الإسكندرية وبتاريخ 17/ 11/ 1985 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون بأنه كانت لهم إقامة مستقرة مع مورثهم بالعين حتى تاريخ وفاته وأن تأجيرهم لها مفروشة كان بصفة عرضية، وبعد أن استمعت المحكمة إلى شهود الطرفين حكمت بتاريخ 15/ 4/ 1982 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من سببي الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم خلص إلى انتفاء حقهم في امتداد عقد إيجار شقة النزاع بعد وفاة المستأجر الأصلي في سنة 1982 تأسيساً على أنهم ومورثهم من قبل كانوا يقيمون بمدينة القاهرة ويؤجرونها مفروشة في حين أن هذا التأجير لا يفيد تخلي المستأجر أو ورثته عن الانتفاع بالعين كما أن انقطاعهم عن الإقامة بها فترات محددة لا ينفي حقهم في امتداد العقد بعد وفاة مورثهم خاصة وأن العين المؤجرة تقع بمدينة الإسكندرية وهي من المصايف التي لا تستلزم الإقامة الدائمة صيفاً وشتاءاً.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان من واجب المؤجر تمكين المستأجر من الانتفاع بالشيء المؤجر إلا أنه لا تثريب على المستأجر إن هو لم ينتفع به ما دام قائماً بتنفيذ التزاماته تجاه المؤجر وأن قيام المستأجر بتأجير العين المؤجرة له من الباطن يعتبر صورة من صور الانتفاع بالشيء المؤجر وليس في التأجير من الباطن أو عدم العودة إلى الإقامة الفعلية في العين المؤجرة أثر انتهائه ما يصح اعتباره تخلياً عنها منهياً لعقد إيجارها لما كان ذلك وكان دفاع الطاعنين قد قام أمام محكمة الموضوع على أنهم لم يتخلوا عن الإقامة بشقة النزاع واستمروا في الانتفاع بها حال حياة مورثهم وبعد وفاته بقضاء شهور الصيف بها أو بتأجيرها مفروشة وأنهم كانوا يقيمون معه إقامة دائمة بالعين إلى أن نقل للقاهرة في سنة 1971 وأن إقامتهم فيها بعد ذلك كانت موسمية ومتقطعة بحسب طبيعة مدينة الإسكندرية كمصيف، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالإخلاء على سند من عدم إقامة الطاعنين مع مورثهم إقامة مستقرة بعين النزاع وقت الوفاة حيث كانت مؤجرة مفروشة للغير ورتب الحكم على ذلك انتفاء حقهم في امتداد عقد إيجار شقة النزاع إليهم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث السبب الثاني من سببي الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه - ولما تقدم، وكان الثابت بإقرار المطعون ضده بصحيفة افتتاح الدعوى أن الطاعنين كانوا يقيمون مع مورثهم "المستأجر الأصلي" في سكنه بحي شبرا قبل وفاته - وكانت المحكمة تطمئن إلى ما شهد به شاهدا الطاعنين بجلسة التحقيق في 11/ 2/ 1986 من أنهم كانوا يقيمون مع مورثهم بشقة النزاع بالإسكندرية قبل انتقاله إلى القاهرة، وكانوا يترددون عليها بعد ذلك في موسم الصيف ثم كانت تؤجر للغير في بعض أشهر السنة مما مفاده ثبوت إقامتهم بالعين إقامة فعلية في أشهر الصيف مع المورث وإقامتهم بها حكماً خلال فترات تأجيرها مفروشة للغير مما لا يعد تخلياً عن الإقامة فيها سواء قبل أو بعد وفاة المورث ومن ثم يحق لهم الاستفادة من حكم المادة 29/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير الأماكن فيما تقضي به من عدم انتهاء عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر متى بقى فيها زوجة أو أولاده الذين كانوا يقيمون معه حتى وفاته ومن ثم فإن طلب إخلاء شقة النزاع يكون ولا سند له من القانون مما يتعين معه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.