أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 968

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وعبد العال السمان.

(206)
الطعن رقم 1479 لسنة 53 القضائية

(1) تحكيم. عقد. بطلان.
الاتفاق على التحكيم. اشتماله على منازعات لا يجوز فيها التحكيم. أثره. بطلان هذا الشق وحده ما لم يثبت مدعي البطلان أن هذا الشق لا ينفصل عن جملة الاتفاق.
(2) تحكيم. قضاة "رد القضاة". حكم "بطلان الحكم".
القواعد المقررة في رد القضاة أو عدم صلاحيتهم للحكم. أعمالها على المحكمين. اقتصاره على أسباب الرد أو عدم الصلاحية الواردة بتلك القواعد. وجوب رفع طلب الرد في الميعاد. الاستثناء. اكتشاف عدم الصلاحية بعد صدور الحكم. جواز إثارتها في دعوى بطلانه. م 503 مرافعات.
1 - لئن كان من غير الجائز التحكيم بصدد تحديد مسئولية الجاني عن الجريمة الجنائية وإلا عد باطلاً لمخالفته للنظام العام، إلا أنه إذا اشتمل الاتفاق على التحكيم بالقضاء في منازعات لا يجوز فيها، فإنه - شأنه في ذلك شأن سائر العقود - يصح بالنسبة إلى ما يجوز فيه التحكيم ويقتصر البطلان على الشق الباطل وحده ما لم يقدم من يدعي البطلان الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال لا ينفصل عن جملة التعاقد.
2 - النص في المادة 503 من قانون المرافعات على أنه "يطلب رد المحكم لنفس الأسباب التي يرد بها القاضي أو يعتبر بسببها غير صالح للحكم ويرفع طلب الرد إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر الدعوى في ميعاد خمسة أيام من يوم إخبار الخصم بتعيين المحكم "يدل على أن المشرع لا يحيل إلى القواعد المقررة في رد القضاة أو عدم صلاحيتهم للحكم إلا بالنسبة إلى الأسباب التي وردت في تلك القواعد، وأوجب رفع طلب رد الحكم خلال الميعاد الذي حدده سواء في الحالات التي يجوز فيها رده أو تلك التي يعتبر بسببها غير صالح للحكم، فيما عدا حالة عدم الصلاحية التي تنكشف بعد صدور الحكم المحكم فحينئذ يصح إثارتها في دعوى بطلان هذا الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 9183 سنة 81 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضدهم بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم رقم 4 لسنة 1981 والمذيل بالصيغة التنفيذية بالأمر الوقتي رقم 285 سنة 1981 واعتباره كأن لم يكن، وقالت بياناً لذلك أنها والمطعون ضدهم من الثاني للأخيرة اتفقوا على تحكيم المطعون ضده الأول ليفصل بحكم نهائي فيما يثر بينهم من المنازعات والقضايا المبينة بالصحيفة وقد أصدر الحكم حكمه في الموعد المحدد في المشارطة وأنه لما كانت مشارطة التحكيم باطلة بما يترتب عليه بطلان الحكم والأمر الوقتي بالصيغة التنفيذية فقد أقامت الدعوى ليحكم لها بطلباتها بتاريخ 11/ 5/ 1982 قضت المحكمة برفض الدعوى استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 14938 لسنة 99 ق طالبة إلغاءه والقضاء لها بطلباتها، بتاريخ 9/ 4/ 1983 قضت المحكمة بالتأييد. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، أودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول أنه ورد ضمن المسائل المتفق على التحكيم فيها بوثيقة التحكيم الجنحتين رقمي 2739 سنة 76، 6767 سنة 1975 جنح مصر القديمة في حين أنه لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز الصلح فيها وأن إيراد هاتين الجنحتين في المشارطة يبطلها ويبطل الحكم الصادر بناء عليها ولا يمنع من تحقق البطلان عدم فصل الحكم في المسألة المذكورة، وإذ أيد الحكم المطعون فيه حكم محكمة أول درجة الذي قضى برفض طلب بطلان حكم المحكم المبني على هذا السبب فإنه يكون قد جاء معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه وإن كان من غير الجائز التحكيم بصدد تحديد مسئولية الجاني عن الجريمة الجنائية وإلا عد باطلاً لمخالفته للنظام العام، إلا أنه إذا اشتمل الاتفاق على التحكيم بالقضاء في منازعات لا يجوز فيها فإنه - شأنه في ذلك شأن سائر العقود - يصح بالنسبة إلى ما يجوز فيه التحكيم ويقتضي البطلان على الشق الباطل وحده ما لم يقدم من يدعي البطلان الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال لا ينفصل عن جملة التعاقد. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة اقتصرت في تمسكها ببطلان عقد التحكيم محل النزاع على مجرد اشتماله بأن يعهد إلى المحكم تصفية النزاع في الجنحتين 3729 سنة 76، 6767 سنة 75 مصر القديمة دون أن تدعي بأن الشق المذكور لا ينفصل عن جملة التعاقد، فإن بطلان هذا الشرط لا يترتب عليه بطلان العقد كله، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور، وفي بيانها تقول أن وثيقة التحكيم قد تضمنت في البند التاسع منها النص على اتفاق الطرفين على تعلية المنزل الكائن بالروضة على أن تتم الرسومات وجميع الخطوات التنفيذية تحت إشراف المطعون ضده الأول - المحكم - وأن ذلك من شأنه أن يحقق له مصلحة ظاهرة في التحكيم بحصوله على مقابل لما يؤديه من عمل ويجعله غير صالح لأداء مهمته، وإن الطاعنة اتخذت من عدم الصلاحية هذه سبباً من أسباب طلبها بطلان حكم المحكم غير أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه انتهى إلى نفي وجود مصلحة للمحكم في التحكيم دون بيان سنده في ذلك فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة 503 من قانون المرافعات على أن "يطلب رد الحكم لنفس الأسباب التي يرد بها القاضي أو يعتبر بسببها غير صالح للحكم ويرفع الرد طلب إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر الدعوى في ميعاد خمسة أيام من يوم إخبار الخصم بتعيين المحكم" "يدل على أن المشرع لا يحيل إلى القواعد المقررة في رد القضاء أو عدم صلاحيتهم للحكم إلا بالنسبة إلى الأسباب التي وردت في تلك القواعد، وأوجب رفع طلب رد المحكم خلال الميعاد الذي حدده سواء في الحالات التي يجوز فيها رده أو تلك التي يعتبر بسببها غير صالح للحكم، وفيما عدا حالة عدم الصلاحية التي تنكشف بعد صدور حكم المحكم فحينئذ يصح إثارتها في دعوى بطلان هذا الحكم، لما كان ذلك وكان سبب عدم الصلاحية الذي تعزوه الطاعنة للمحكم بوجود مصلحة له في الدعوى لما تضمنته وثيقة التحكيم من إسناد الإشراف إليه على الرسامات وجميع الأعمال التنفيذية الخاصة بتعلية أحد المنازل موضوع هذا التحكيم، فإنه أمر لم يكن خافياً على الطاعنة - باعتبارها أحد أطراف تلك الوثيقة قبل أن يصدر المحكم حكمه المدعي ببطلانه مما كان يتعين معه أن تطلب رده بالإجراءات التي نص عليها القانون وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة لم تقدم لمحكمة الموضوع ما يدل على اتخاذها تلك الإجراءات فإنه لا يجوز لها التمسك بهذا السبب في مجال دعواها ببطلان حكم المحكم، ولما كان حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض طلب بطلان حكم المحكم المؤسس على هذا السبب فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، ولا يعيبه ما ورد بالأسباب من أخطاء قانونية إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب دون أن تنقضه ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف ببطلان حكم المحكم لخروجه عن مشارطة التحكيم بفصله في ملكية منزل الأسرة بعزبة...... دقهلية دون ورود تلك المسألة في مشارطة التحكيم ولقيامه ببيع الأراضي الزراعية البالغ مساحتها 12 س، 18 ط، 1 ف للمطعون ضده الثاني دون موافقة الطاعنة وأخواتها، ولأنه لم يفصل في النزاع حول الإقرار المنسوب لوالد الطرفين بتثبيت العلاقة الإيجارية مع المطعون ضده الثاني بخصوص الأرض الكائنة بحوض الجزيرة غير أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى أن الحكم لم يخرج عن المشارطة ولم يغفل الفصل في النزاع حول الإقرار سالف الذكر خلافاً للثابت في الأوراق مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الثابت بوثيقة التحكيم المرفقة بالأوراق أنها تضمنت النص على أن يعهد للمحكم بالفصل في المنازعات الخاصة بمنزل الأسرة بعزبة...... ومنها قضية صحة ونفاذ بيع عن الأرض الفضاء المحيطة به فإن الحكم المطعون فيه إذ عرض لهذا النزاع وحسمه في قضائه لا يكون قد خرج عن وثيقة التحكيم، كما أن الثابت من حكم المحكم المرفق بالأوراق أنه قد حسم النزاع بشأن إقرار المورث عن تأجير الأرض الواقعة بحوض الجزيرة للمطعون ضده الثاني وانتهى فيه إلى أن يتنازل المطعون ضده المذكور عن كافة حقوقه قبل بقية الأطراف، لما كان ذلك فإن انتهاء الحكم المطعون فيه إلى أن الحكم لم يخرج عن حدود وثيقة التحكيم ولم يغفل الفصل في المسألة المشار إليها لا يتضمن مخالفة الثابت بالأوراق ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن.