مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1244

(134)
جلسة 12 من إبريل سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمد زكي فرغلي وفريد نزيه تناغو وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3256 لسنة 36 القضائية

( أ ) ضرائب - إنشاء الضرائب والإعفاء منها.
المادة 119 من الدستور - إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون - لا يعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون - لا يجوز تكليف أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون - أساس ذلك: الضرائب العامة تخضع لمبدأ الشرعية القانونية - يتعين تحديد الأركان الأساسية للضرائب العامة سواء في إنشائها وفرضها أو في الإعفاء منها بأن ترد صراحة في قانون وليس في أداة تشريعية أخرى سواء في تحديد الوعاء الخاضع للضريبة وسعرها والممول الخاضع لها على نحو عام مجرد وعلى سبيل المساواة بالنسبة لجميع الممولين الخاضعين - لا يجوز التوسع أو القياس في تفسير القواعد القانونية التي تقرر الخضوع لضريبة معينة أو الإعفاء منها - تطبيق.
(ب) ضرائب - الضريبة العامة على الاستهلاك - شرط الخضوع لها.
المواد الثانية والثالثة والرابعة من القانون رقم 133 لسنة 1981 بشأن الضريبة على الاستهلاك - القرار الجمهوري رقم 350 لسنة 1986 بتعديل البند رقم 57 من الجدول المرافق للقانون - يخضع للضريبة على الاستهلاك كل منتج صناعي وكل مستورد لسلع خاضعة للضريبة - تخضع السلع المستوردة لها بمجرد تحقق الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية التي تستحق عليها - ضرورة تفسير النصوص على وجه لا يتوسع فيه يسمح بإضافة سلع لا يسمح بإخضاعها للنص القانوني المنشئ للضريبة - أثر ذلك: لا يسوغ تخصيص عموم النصوص القانونية بغير سند من عباراتها وعلى وجه لا يحتمله النص بما يسمح بإخراج بعض السلع التي يتناولها من الخضوع للضريبة - أساس ذلك: إنشاء الضريبة العامة وتحديد فئاتها محظور دستورياً إلا بنص في القانون وكذلك الإعفاء من أدائها محظور إلا في الأحوال المبينة في القانون - نتيجة ذلك: ضرورة تفسير النص الوارد في البند 57 من الجدول الملحق بالقانون رقم 133 لسنة 1981 على هذا الأساس - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 7/ 8/ 1990 أودع الأستاذ كامل فارس المحامي نيابة عن سامح عمرو المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 26/ 6/ 1990 في الدعوى رقم 5379 لسنة 43 ق فيما قضى به من قبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً مع إلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وأحقيته في وقف تنفيذ القرار المطعون عليه بفرض ضريبة استهلاك على النسج المغطاة بطبقة من اللدائن الصناعية موضوع التداعي والمستوردة لحساب الطاعن، وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأودع الأستاذ المستشار أحمد زكريا مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وأصلياً بإحالة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل لإعداد تقرير فني في نوعية المنتج محل التداعي، واحتياطياً بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/ 12/ 1990 حيث نظر الطعن بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى قررت الدائرة بجلسة 20/ 5/ 1991 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، وأمامها تم تداول الطعن ومناقشة أدلته التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر إصدار الحكم بجلسة 22/ 3/ 1992 وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 12/ 4/ 1992 لإتمام المداولة حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يتضح من الأوراق - في أنه بتاريخ 30/ 5/ 1989 قد أقام الطاعن الدعوى رقم 5379 لسنة 43 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من فرض ضريبة استهلاك على النسج المغطى بطبقة من اللدائن الصناعية المشربة والمبينة بعريضة دعواه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وذلك تأسيساً على أنه قد استورد رسالة من اللدائن الصناعية لزوم المصنوعات الجلدية وهي عبارة عن نسج مشربة ومغطاة من جانب واحد بمستحضرات السيلولوز أو مواد بلاستيكية صناعية وتم الاستيراد تحت بند 59/ 8 ب وذلك بتاريخ 29/ 4/ 1989 بالإقرار المسجل تحت رقم 921 جمرك بور سعيد وعند الإفراج عن الرسالة أخضعت الجمارك الأصناف المذكورة لضريبة الاستهلاك وقررت تحصيل مبلغ وقدره عشرة آلاف وثمانمائة وخمسة وخمسون جنيهاً وخمسة وعشرون مليماً ولما كان النسيج المستورد ليس نسيجاً عادياً فإنه لا يخضع لضريبة الاستهلاك إذ أنه يتكون من مادتين حامل ومحمول ويقلب فيه المحمول بما يخرجه من صفته كنسيج ولذلك فإنه يطلق عليه تقليد الجلد الصناعي وقد سبق أن وردت رسائل مماثلة ولم تخضع لضريبة الاستهلاك من نفس الصنف.
ومن حيث إنه بجلسة 26/ 6/ 1990 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى والقاضي بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي "الطاعن" المصروفات وأقامت قضاءها على ما تضمنه قرار رئيس الجمهورية رقم 350 لسنة 1986 الصادر بتعديل الجدول المرفق بقانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم 133 لسنة 1981. والذي نص في مادته الأولى على أن "يعدل الجدول المرفق بقانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم 133 لسنة 1981 وفقاً لما هو مبين بالكشف المرفق بالقرار (جدول السلع المرفق بالقرار المذكور يبين نصاً قرين البند 57 منه أقمشة نسيج سداه ولحمة أو سنارة).
وهي خيوط ألياف حيوانية 100% أو مخلوطة بألياف صناعية أو تركيبية أو نباتية (مهما كانت نسبة الخلط).
وأن الثابت من الأوراق أن السلعة التي قام المدعي باستيرادها عبارة عن نسج مشربة ومغطاة بمستحضرات السيلولوز والمواد البلاستيكية ومن ثم فإنها تندرج ضمن المسلسل رقم 57 من جدول السلع المشار إليه ولا وجه لما يثيره المدعي من أنه ليس نسيجاً عادياً إذ إن تعريف الصنف الوارد بالمسلسل رقم 57 من الجدول المشار إليه جاء عاماً بحيث يشمل هذا الصنف من الرسالة فضلاً عن أن الطرفين يسلمان بأن الصنف محل المنازعة يخضع للبند الجمركي رقم 59/ 8 ب الذي يشمل النسج المشربة أو المطلية أو منضدة بمستحضرات أو مشتقات سيلولوزية أو بلدائن صناعية دون تفرقة بين النسج المختلفة وكيفية التغطية أو التشريب، مما يجعل قرار إخضاعها لضريبة الاستهلاك قراراً سليماً مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: لأن هناك إلزاماً قانونياً بألا تفرض الضريبة إلا على السلع الواردة بالجدول ولا تملك المصلحة التوسع أو فرض الضريبة على سلع على سبيل التفسير أو التأويل أو التشبيه وإلا كان ذلك عملاً مخالفاً للقانون والدستور إذ لا ضريبة إلا بقانون.
ثانياً: إنه نتيجة لاختلاف وجهات النظر عند ورود هذه السلعة فقد اجتمعت لجنة مشكلة من ممثلين عن مصلحة الجمارك ومصلحة الضرائب على الاستهلاك وصدر قرار من رئيس المصلحتين موضحاً به ما يقابل كل مسلسل من ضريبة الاستهلاك ومؤدى هذه الجداول أن المسلسل 57 من جدول ضريبة الاستهلاك وهو الذي تطالب به مصلحة الضرائب على الاستهلاك، إنما يقابل البند الجمركي 58/ 8 وليس البند 59/ 8 كما قررت مصلحة الضرائب.
ثالثاً - إنه بالرجوع إلى شروح التعريفة الجمركية يبين أن المقابل لهذا المسلسل هو البند 58/ 8 ب وبالرجوع إلى البند المذكور يبين أنه يشتمل على "التل والتل الشبكي فيليه سنارة وهي أنسجة مصنوعة بصورة رئيسية من الحرير أو من القطن أو الكتان بينما أن ما تم استيراده بمعرفة الطاعن قد تم تحت البند 59/ 8 ب لا يمكن أن يكون هو الصنف الذي يخضع للمسلسل 57 من جدول ضريبة الاستهلاك.
رابعاً - أن الوصف القانوني للصنف يؤكد أنه يختلف تماماً عن الصنف الذي تم إخضاعه لضريبة الاستهلاك إذ أن الوصف طبقاً لنص البند 57 جاء لأقمشة نسج مجردة وغير مغطاة وكونها مخلوطة بألياف صناعية أو تركيبية يؤكد أنها تختلف تماماً عن الطبقة التي تغطي هذا النسيج وأن الطبقة المحمولة والغالبة على طبيعة السلعة تخرجها تماماً عن وصف النسج المجردة وعلى ذلك فإن ما ساقه الحكم المطعون فيه من أن التعريف الوارد قرين المسلسل 57 من الجدول جاء عاماً هو قول غير صحيح لاختلاف الخصائص والأوصاف لكلتا السلعتين.
ومن حيث إن المادة 119 من الدستور تنص على أن "إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون، ولا يعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون ولا يجوز تكليف أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون" ومن حيث إن مقتضى هذا النص الدستوري أن الضرائب العامة تخضع لمبدأ الشرعية القانونية بحيث يتعين أن يتم بقانون تحديد الأركان الأساسية للضرائب العامة سواء في إنشائها وفرضها أو في الإعفاء منها فيتعين أن يرد صراحة في قانون وليس في أداة تشريعية أو في تحديد الوعاء الخاضع للضريبة وسعرها والممول والخاضع لها على نحو عام ومجرد وعلى سبيل المساواة بالنسبة لجميع الممولين الخاضعين ولا يجوز التوسع أو القياس في تفسير القواعد القانونية التي تقرر الخضوع لضريبة معينة أو الإعفاء منها لما في ذلك من افتئات على مبدأ شرعية الضريبة بإدخال ممولين في مجال الخضوع لها أو إبعاد ممولين عن دائرة الخضوع للضريبة. وإعفائهم منها دون شمول نص القانون لحكمهم وهو ما يستقل به دستورياً المشرع ولا يملكه غير القانون.
واستناداً إلى هذه المبادئ الدستورية وفي ظلها صدر القانون رقم 133 لسنة 1981 بشأن الضريبة على الاستهلاك ونص في مادته الثانية على أن "تفرض الضريبة على السلع الواردة بالجدول المرافق لهذا القانون بالفئات الموضحة قرين كل منها ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية تعديل هذا الجدول على أن يعرض القرار على مجلس الشعب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدوره إذا كان المجلس قائماً أو في أول اجتماع له في حالة حل المجلس أو وقف جلساته" كما نص في مادته الثالثة على أن "تسري أحكام هذا القانون على كل منتج صناعي وعلى كل مستورد لسلعة خاضعة للضريبة" كما نصت المادة الرابعة من القانون المذكور على أن "..... أما السلع المستوردة الخاضعة لأحكام هذا القانون فتستحق ضريبة عليها بتحقق الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية وتحصل وفقاً للإجراءات المقررة للضريبة الجمركية....." وحدد الجدول المرافق للقانون المذكور السلع الخاضعة لأحكام ضريبة الاستهلاك والفئات المحددة قرين كل منها وأجاز تعديل هذا الجدول بقرار من رئيس الجمهورية طبقاً للضوابط والإجراءات المشار إليها في المادة الثانية وأصدر رئيس الجمهورية عدداً من القرارات بتعديل البنود الواردة في الجدول المرافق للقانون المذكور حتى صدر القرار الجمهوري رقم 350 لسنة 1986 بتعديل البند 57 منه فصار يجري نصه على الوجه الآتي "أقمشة نسيج سداه ولُحمته سنارة ( أ ) من خيوط ألياف حيوانية 100% أو مخلوطة بألياف صناعية أو تركيبية أو نباتية (مهما كانت نسبة الخلط) (ب) من خيوط ألياف نباتية 100% أو صناعية 100% أو تركيبية أو مخلوطة مهما كانت نسبة الخلط.
ومن حيث إنه بناءً على أحكام الدستور فإنه يتعين تفسير النصوص المتقدمة في القانون الخاص بضريبة الاستهلاك والقرار الجمهوري الصادر تنفيذاً له وحدود السلع الخاضعة للضريبة وهي تشمل كل منتج صناعي وكل مستورد لسلع خاضعة للضريبة وتخضع السلع المستوردة لها بمجرد تحقق الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية التي تستحق عليها ويتعين إعمالاً للمبادئ الدستورية المتصلة بمبدأ شرعية الضريبة أن تفسر النصوص على وجه لا يتوسع فيه بحيث يسمح بإضافة سلع لا يسمح بإخضاعها للنص القانوني المنشئ للضريبة ولا يسوغ تخصيصها عموم النصوص القانونية بغير سند من عباراتها وعلى وجه لا يحتمله النص بما يسمح بإخراج بعض السلع التي يتناولها من الخضوع للضريبة فإنشاء الضريبة العامة وتحديد فئاتها محظور دستورياً إلا بنص في القانون والإعفاء من أدائها محظور أيضاً إلا في الأحوال المبينة صراحة في القانون وفي هذا الإطار يتعين تفسير النص الوارد في البند 57 من الجدول الملحق بالقانون رقم 133 لسنة 1981 وحيث إنه قد ورد هذا النص بصيغة عامة تتسع لكل جمع غير محصور إلا بالأوصاف العامة للنص وهو كونه نسيجاً له سداه ولحمة أو سنارة وأن تكون سداه ولحمته قد تكونت من خيوط ألياف حيوانية أو نباتية أو صناعية أو تركيبية وسواء أكانت هذه الألياف من نوعية واحدة أو مخلوطة أو مركبة أياً كانت نسبة الخلط، ومن ثم تخضع للضريبة على الاستهلاك طبقاً للفقرة الواردة في البند 57 جميع السلع المستوردة التي تتكون أساساً من نسيج له سداه ولحمة أو سنارة أياً كانت نوعية الألياف المكونة لها وأياً كانت طريقة معاملتها أو معالجتها وتولى المشرع إلى هذا التحديد للنسيج بأوصافه العامة والمجردة باعتباره سداه ولحمة من خيوط أو ألياف مخلوط أو مركب من أية صورة..... إلخ دون أي استخدام للأسماء الصناعية أو التجارية لأنواع النسيج أو الأقمشة المختلفة في الأسواق لتعدد الوسائل والأساليب الفنية لمعاملة الأنسجة وسرعة تطورها وتعقدها على نحو تتغير معه أشكال هذه الأنسجة ووسائل صنعها وخلطها وتجهيزها للمستهلك وتعدد أنواعها وأسمائها الفنية أو التجارية في الأسواق بشكل ملحوظ وقابل للتغيير من وقت لآخر بسرعة يصعب على النصوص القانونية ملاحقتها بالتعديل والتغيير ومن ثم فقد حرص المذكور على وضع الوصف المجرد القانوني العام لما يخضع من هذا النسيج للضريبة الواردة في البند 57 من قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر بغض النظر عن المسميات التجارية أو الصناعية التي يطلقها عليها صانعوها أو مستوردوها فكل نسيج يتكون أساساً من خيوط سداه ولحمة ثم يطبع أو يلون أو يخلط بأي نوع من أنواع المواد أو الألوان أو اللدائن وفقاً للغرض الذي يصنع من أجله إلا أنه في النهاية يبقى نسيجاً أو قماشاً له عرض وطول ويستخدم بمعرفة باعتباره كذلك في إعداد مصنوعات أو أشياء عديدة أو تغطية أشياء أخرى وكسوتها على أي وجه من الوجوه العديدة التي لا تدخل تحت حصر والتي تلزم المستهلك النهائي وفقاً لحاجاته وعاداته الاستهلاكية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السلعة التي قام الطاعن باستيرادها والمتنازع على مدى خضوعها لضريبة الاستهلاك - قد استوردها بتاريخ 29/ 4/ 1989 بموجب الإقرار المسجل تحت رقم 921 جمرك بور سعيد تحت البند 59/ 8 ب وهي عبارة عن نسيج مشرب ومغطى بمستحضرات السليولوز أو مواد بلاستيكية صناعية وهو نسيج مشرب من جانب واحد بينما يظل الجاني الآخر نسيجاً واضحاً بالعين المجردة بدون تشريب أو مزج أو تغطية - على ما يبين من العينة المودعة بحافظة المستندات المقدمة من الطاعن مما يجعله خاضعاً لضريبة الاستهلاك طبقاً للبند 57 من الجدول الملحق بقانون الضريبة على الاستهلاك - المشار إليه الذي أخضع للضريبة كل نسيج مكون من سداه ولحمة أو سنارة أياً كانت نوعية الألياف المكون منها، ولا يكفي لإخراجه من نطاق السلع الخاضعة للضريبة المذكورة معالجة نوع من الأنسجة بتشريبه بأية مادة أو مستحضر كيميائي بقصد تغيير شكله أو لونه أو ملمسه، أو إعطائه قدراً من الليونة أو الصلابة، بقصد التأثير في سعره أو تجهيزه لاستعماله في منتج آخر، ما دامت السلعة تظل نسيجاً لم تزل صفاته الأساسية والجوهرية من حيث مكوناته وطبيعته باعتباره نسيجاً من سداه ولحمة أياً كانت المواد المضافة أو الطريقة التي أضيفت بها أو النسبة التي أضيفت إليها سواء تم الخلط في وجه واحد أو في الوجهين إذ العبرة بعموم اللفظ الذي استخدمه المشرع وقد حرص المشع في القانون المذكور والجداول الملحقة به على تحديد الوصف والتحديد الجوهري والأساسي للسلع التي استهدف إخضاعها للضريبة بغض النظر عن المسميات التجارية لها أو الأشكال والألوان والصور التي توجد عليها بالأسواق، ومن ثم فلا يوجد سند من القانون للقول بأن تشريب النسيج أو مزجه أو خلطه بأي مادة أخرى يكون سبباً في إفلاته من الضريبة المقررة قانوناً ما دام لم تتغير طبيعته ويخرج عن كونه قماشاً أو نسيجاً يستخدم في النهاية في الأغراض والغايات التي يستخدم فيها الأنسجة بأنواعها العديدة غير القابلة للحصر والأخذ بغير ذلك فضلاً عن مخالفته لعموم وصراحة النصوص يؤدي حتماً إلى إفلات جميع أنواع الأقمشة من الضريبة ما دامت تخضع بعد نسجها وفقاً لحاجات الاستهلاك لمعاملات مختلفة من المزج والتشريب بالخلط بالصباغة والطبع والنقش مما يغير من لونها وشكلها وقوامها وصلابتها ومدى شفافيتها ونفاذها للسوائل أو الضوء..... إلخ، الأمر الذي يخرج النص عن حقيقة معناه ويجعل الإفلات من الخضوع للضريبة أمراً ميسوراً بل محققاً، إذ يكفي لتحققه إضافة أية مادة كيميائية أو سليولوزية له بأية صورة سواء في الطبع أو القطعية أو التلوين..... إلخ، الأمر الذي يتعين معه تحديد نطاق النص بما تضمنه من عموم وتجريد فيشمل جميع السلع التي يحتويها لفظ عباراته وهي تشمل كل منتج أو سلعة تشكل نسيجاً مكوناً من سداه ولحمة أياً كانت الألياف المكونة له أو المواد المضافة إليه أو طريقة إضافتها أو خلطها به سواء في صورة خيوط أو ألياف أو طبقة من ناحية أو أكثر في مساحة منه أو في جميع مسطحه ما دام المنتج أو السلعة لا يفقد ذاتيته وطبيعته بهذه العمليات ولا يخرج عن كونه نسيجاً أو قماشاً يستخدم فيما يستخدم فيه النسيج والأنسجة من العديد الذي لا حصر له من الاستخدامات التطبيقية أو الاستهلاكية في أي مجال من المجالات فإن كل أنواع النسيج تخضع للضريبة المستحقة عليها طبقاً لقانون الضريبة على الاستهلاك رقم 133/ 1981 المشار إليه باعتبارها داخلة في الوعاء الخاضع لها ما دامت تنطوي تحت مدلول العبارة التي صاغها المشرع كجنس يشمل عديد أنواعها وهي (أقمشة نسيج سداه ولحمة سنارة).
ومن حيث إنه لا يسوغ للطاعن النعي على الحكم المطعون فيه بأن النسيج المستورد يخضع للبند الجمركي 59/ 8 ب الذي يختلف تماماً في الوصف والتحديد القانوني عما ورد في البند 57 من الجدول الملحق بقانون الضريبة على الاستهلاك إذ إن المصلحة تنفيذاً لأحكام لقانون والقرار الجمهوري المتعلق بضريبة الاستهلاك قد اعتبرت البند (59/ 8 ب) هو البند الجمركي السليم الذي تم تنفيذاً لنص المادة 57 من الجدول الملحق للقانون وقد تم الاستيراد للسلعة طبقاً للبند الجمركي المذكور ومن حيث إنه قد ورد في البند الذي اعتمدته المصلحة كمقابل للبند 57 المشار إليه عبارة "نسج مشربة أو مطلية أو منضدة بمستحضرات أو مشتقات سليولوزية أو باللدائن الصناعية" وهو ما ينطبق على هذه السلعة محل النزاع أنها نسيج مشرب باللدائن الصناعية مما يخضع وفقاً لقواعد التفسير القانوني السليم للبند الجمركي رقم (59/ 8 ب) المقابل للبند (57) من القرار الجمهوري رقم 350 لسنة 1986 والذي لا يفرق بين أصناف النسيج المختلفة وما إذا كانت الطبقة المغطاة بها طبقة حقيقية أو ثقيلة تجعل المحمول أقل من الحامل أو أثقل منه.
ومن حيث إنه بناء على ما سلف بيانه يكون الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى سلامة القرار المطعون فيه بإخضاع الصنف - محل النزاع - لضريبة الاستهلاك ضمن حكم البند 57 من الجدول الملحق بقانون الضريبة المشار إليه قد أصاب وجه الحق فيما انتهى إليه، ويكون الطعن عليه لمخالفته للقانون غير قائم على أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن وقد خسر الطعن فيلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.