أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 1000

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، محمد بكر غالي، وعزت عمران.

(212)
الطعن رقم 1046 لسنة 51 القضائية

(1) قانون "سريان القانون". إيجار "إيجار الأماكن".
قوانين إيجار الأماكن. سريان أحكامها على الأماكن وأجزائها المؤجرة المعدة للسكنى أو لغيرها الكائنة في المناطق المحددة بها عدا ما استثنى بنص خاص. إقامة هذه الأماكن دون ترخيص أو عدم استيفائها للشروط أو المواصفات لا يحول دون سريانها. علة ذلك.
(2) حكم "عيوب التدليل" "ما لا يعد قصوراً".
التفات الحكم عن دفاع عار عن دليله. لا عيب.
(3) دعوى "الطلبات في الدعوى". استئناف. إيجار "إيجار الأماكن".
قضاء محكمة أول درجة بإجابة الطلب الأصلي بطرد المطعون ضدهما. إلغاء محكمة الاستئناف هذا الحكم وتعرضها للطلب الاحتياطي بالإخلاء. خطأ. التزامها بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في الطلب الاحتياطي. م 234 مرافعات.
1 - أوضح المشرع بجلاء في كافة قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة أرقام 121 لسنة 1947، 52 لسنة 1969، 49 لسنة 1977 أن أحكامها تسري على الأماكن وأجزاء الأماكن المؤجرة المعدة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض الكائنة في عواصم المحافظات والبلاد المعتبرة مدناً وغيرها من الجهات التي يصدر بها قرار من الجهة المختصة وإذ ورد النص مطلقاً دون قيد فإنه يتعين إعمال حكمه على كافة الأماكن المؤجرة عدا ما استثنى بنص خاص وذلك بصرف النظر عن عدم استيفائها للشروط. والمواصفات اللازمة للترخيص بإقامتها وسواء صدر الترخيص ببنائها من الجهة المختصة أم لم يصدر ومن ثم فإن ما يتمسك به الطاعن من دفاع في هذا الخصوص لا يستند إلى أساس صحيح في القانون، ولا يعيب الحكم إغفال الرد عليه ما دامت النتيجة التي انتهى إليها موافقة للقانون.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا تثريب على الحكم إن هو التفت عن دفاع لم يقدم صاحب المصلحة الدليل عليه لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أنها جاءت خلواً مما يفيد تقديم الطاعن صورة رسمية من الحكم الجنائي المشار إليه بسبب النعي حتى يتسنى لمحكمة الموضوع التحقق من محله وسببه ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه إن هو أغفل الرد على هذا الدفاع العاري عن دليله ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
3 - مؤدى نص المادة 234 من قانون المرافعات أنه يتعين على المحكمة الاستئنافية إذا ألغت الحكم الصادر في الطلب الأصلي أن تعيد القضية إلى محكمة أول درجة لتفصل في الطلبات الاحتياطية، بحيث لا يجوز لها أن تتصدى للفصل فيها بدعوى أنها لا تستند إلى أساس من الواقع أو القانون وذلك لما يترتب على هذا التصدي من تفويت درجة من درجات التقاضي وهو من المبادئ الأساسية للنظام القضائي التي لا يجوز للمحكمة مخالفتها ولا يجوز للخصوم النزول عنها لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن أقام الدعوى للحكم أصلياً بطرد المطعون ضدهما من العقار محل النزاع للغصب باعتبار أن سندهما في وضع يدهما على العين هو عقدي إيجار غير نافدين في حقه لصدورهما ممن لا يملك التأجير وطلب احتياطياً الحكم بإخلاء العين بافتراض أن الإيجار صحيح ونافذ في حقه لإساءة استعمال المستأجرين لها وفقاً لحكم المادة 31/ ج من القانون رقم 49 لسنة 1977، مما مفاده أن كلاً من الطلبين مستقل عن الآخر في مضمونه وفي سنده من حيث الواقع أو القانون فالطلب الاحتياطي هو في حقيقته طلب بفسخ عقدي الإيجار بينما أن الطلب الأصلي يشتمل ضمناً على طلب عدم نفاذ الإيجار في حقه، ولا يغير من ذلك أن الأثر المترتب على الحكم في كل منهما هو طرد المطعون ضدهما من العين إذ العبرة هي بالتكييف الصحيح لطلبات الخصوم في الدعوى وإذ كانت محكمة أول درجة قد انتهت في قضائها إلى إجابة الطاعن إلى طلبه الأصلي باعتبار أن الإيجار صدر ممن لا يملكه ولم يقره الطاعن ويعد المطعون ضدهما غاصبين للعين، وأوردت في مدوناتها أنها ليست في حاجة إلى بحث الطلب الاحتياطي ما دامت قد انتهت إلى النتيجة المشار إليها، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن قضى بإلغاء الحكم المستأنف عرض للطلب الاحتياطي وفصل فيه على سند من أنه لا يجوز إعادته إلى محكمة أول درجة لعدم صلاحيته للفصل فيه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ فصل في الطلب الاحتياطي على غير مقتضى نص المادة 234 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم 3003 سنة 1979 مدني كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم أصلياً بطردهما من العقار محل النزاع وتسليمه إليه واحتياطياً بإخلائه، وقال بياناً لها أنه كان قد باع قطعة أرض مملوكة له إلى آخرين بموجب عقد بيع ابتدائي قضى نهائياً بفسخه لإخلالهما بشروط التعاقد، وكان المشتريان قد أقاما بناء وسط هذه الأرض عبارة عن ثلاث حجرات وصالة وملحقاتها قاما بتأجيره للمطعون ضدهما بالتواطؤ معهما للحيلولة دون تنفيذ الحكم الصادر بإزالة البناء، وإذ كانت هذه الإجارة صادرة ممن لا يملك حق التأجير، ومع افتراض صحة عقدي الإيجار فإن المطعون ضدهما قد أحدثا تلفيات بالعقار وقام بإنذارهما بإعادة الحال إلى ما كانت عليه، ومن ثم فإنه يحق له طلب طردهما بصفة أصلية من عين النزاع، لافتقار إقامتها فيها إلى السند القانوني، واحتياطياً إخلاء العقار لإساءة استعماله وفقاً لنص المادة 31/ جـ من القانون رقم 49 لسنة 1977 وبتاريخ 27/ 3/ 1980 ندبت المحكمة خبيراً لمعانية العقار وبيان ما به من تلفيات وسببها إن كان، وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 7/ 5/ 1981 بطرد المطعون ضدهما من الأعيان محل النزاع وتسليمها إلى الطاعن، استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 4037، 4253 سنة 98 ق القاهرة. وبتاريخ 28/ 2/ 1982 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى بطلبها الأصلي والاحتياطي، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم انطباق قانون إيجار الأماكن على مثل هذه المنشأة الصغيرة محل النزاع إذ أنها مقامة بصفة مؤقتة ولم تستوف الاشتراطات التي يتطلبها قانون المباني فضلاً عن أنها أقيمت بدون ترخيص، وإذ أقامها المشتريان السابقان للأرض بسوء نية وقد قضى بفسخ عقد شرائهما لها ومن ثم فقد آلت تلك المباني مستحقة الإزالة ويحق له إزالتها حتى تعود الحالة إلى ما كانت عليه قبل إبرام العقد، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري فإنه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المشرع أوضح بجلاء في كافة قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة أرقام 121 لسنة 1947، 52 لسنة 1969، 49 لسنة 1977 أن أحكامها تسري على الأماكن وأجزاء الأماكن المؤجرة المعدة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض الكائنة في عواصم المحافظات والبلاد المعتبرة مدناً وغيرها من الجهات التي يصدر بها قرار من الجهة المختصة، وإذ ورد النص مطلقاً دون قيد، فإنه يتعين إعمال حكمه على كافة الأماكن المؤجرة عدا ما استثنى بنص خاص وذلك بصرف النظر عن عدم استيفائها للشروط والمواصفات اللازمة للترخيص بإقامتها وسواء صدر الترخيص ببنائها من الجهة المختصة أم لم يصدر، ومن ثم فإن ما تمسك به الطاعن من دفاع في هذا الخصوص لا يستند إلى أساس صحيح في القانون، ولا يعيب الحكم إغفال الرد عليه ما دامت النتيجة التي انتهى إليها موافقة للقانون، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص صحيحاً إلى قيام علاقة إيجاريه بين الطرفين تخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن وذلك استناداً إلى عقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1966 الصادر من الطاعن للمطعون ضده الأول، وإلى عقدي الإيجار المؤرخين 14/ 6/ 1969 الصادرين للمطعون ضدهما من الحارس القضائي على العقار محل النزاع، فضلاً عن إيصالات الأجرة الصادرة من الطاعن باستلام الأجرة من المطعون ضده الثاني عن الشهور من إبريل حتى ديسمبر سنة 1976 ويناير سنة 1977، وإقراره في الدعوى رقم 1121 سنة 1978 مدني كلي جنوب القاهرة باستئجار المطعون ضدهما لهذا العقار، وكان هذا الذي أورده الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الرابع والخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بصدور حكم في الجنحة رقم 79 لسنة 1965 بلدية القاهرة بإزالة مباني النزاع وهو حكم عيني يسري في مواجهة الكافة، وأن الحكم برفض الإخلاء يتضمن تعطيلاً لحكم الإزالة الذي يعد هلاكاً للعقار محل النزاع مما يترتب عليه انقضاء العلاقة الإيجارية مع المطعون ضدهما، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا تثريب على الحكم إن هو التفت عن دفاع لم يقدم صاحب المصلحة الدليل عليه، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أنها جاءت خلواً مما يفيد تقديم الطاعن صورة رسمية من الحكم الجنائي المشار إليه بسبب النعي حتى يتسنى لمحكمة الموضوع التحقق من محله وسببه، ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه إن هو أغفل الرد على هذا الدفاع العاري عن دليله، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه كان يتعين عليه عند إلغائه حكم محكمة أول درجة في الطلب الأصلي أن يحيل إليها الطلب الاحتياطي للفصل فيه إعمالاً لمبدأ التقاضي على درجتين، وإذ فصل في هذا الطلب دون إحالة لمحكمة أول درجة فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وفقاً لنص المادة 234 من قانون المرافعات يتعين على المحكمة الاستئنافية إذا ألغت الحكم الصادر في الطلب الأصلي أن تعيد القضية إلى محكمة أول درجة لتفصل في الطلبات الاحتياطية، بحيث لا يجوز لها أن تتصدى للفصل فيها بدعوى أنها لا تستند إلى أساس من الواقع أو القانون، وذلك لما يترتب على هذا التصدي من تفويت درجة من درجات التقاضي وهو من المبادئ الأساسية للنظام القضائي التي لا يجوز للمحكمة مخالفتها ولا يجوز للخصوم النزول عنها، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن أقام الدعوى للحكم أصلياً بطرد المطعون ضدهما من العقار محل النزاع للغصب باعتبار أن سندهما في وضع يدهما على العين هو عقدي إيجار غير نافدين في حقه لصدورهما ممن لا يملك التأجير، وطلب احتياطياً الحكم بإخلاء العين - بافتراض أن الإيجار صحيح ونافذ في حقه - لإساءة استعمال المستأجرين لها وفقاً لحكم المادة 31/ جـ من القانون رقم 49 لسنة 1977، مما مفاده أن كلاً من الطلبين مستقل عن الآخر في مضمونه وفي سنده من حيث الواقع أو القانون فالطلب الاحتياطي هو في حقيقته طلب بفسخ عقدي الإيجار بينما أن الطلب الأصلي يشتمل ضمناً على طلب عدم نفاذ الإيجار في حقه، ولا يغير من ذلك أن الأثر المترتب على الحكم في كل منهما هو طرد المطعون ضدهما من العين، إذ العبرة هي بالتكييف الصحيح لطلبات الخصوم في الدعوى، وإذ كانت محكمة أول درجة قد انتهت في قضائها إلى إجابة الطاعن إلى طلبه الأصلي باعتبار أن الإيجار صدر ممن لا يملكه ولم يقره الطاعن ويعد المطعون ضدهما غاضبين للعين، وأوردت في مدوناتها أنها ليست في حاجة إلى بحث الطلب الاحتياطي ما دامت قد انتهت إلى النتيجة المشار إليها، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن قضى بإلغاء الحكم المستأنف عرض للطلب الاحتياطي وفصل فيه على سند من أنه لا يجوز إعادته إلى محكمة أول درجة لعدم صلاحيته للفصل فيه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ فصل في الطلب الاحتياطي على غير مقتضى نص المادة 234 من قانون المرافعات، مما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في خصوص ما قضى به في هذا الطلب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن والقضاء بإحالة الدعوى إلى محكمة أول للفصل فيه، التزاماً بحكم النص المشار إليه.